يؤكد خبراء جزائريون حاورتهم quot;إيلافquot;، أنّ الهجوم الالكتروني الأخير على إيران ليس تقليدياً، ويعدّد أربعة خبراء جملة من الشواهد التي تثبت صلة المهاجمة الالكترونية بمخططات دول وليس نزوات أفراد، ما يشكّل مؤشراً لحرب قادمة على نطاق واسع، تجد الجزائر نفسها مهددة فيه.

يشدّد الأستاذ يونس قرّار الخبير في المعلوماتية، على أنّ ما تعرضت له إيران مؤخرا هو هجوم الكتروني غير تقليدي يتعدى ما يقوم به عادة قراصنة النت أو من يُطلق عليهم quot;الهاكرزquot;، ويشرح قرّار أنّه لا يمكن تبسيط الهجوم الأخير ضمن معركة بين تقنيين، يريدون من خلالها تحدي بعضهم بعضا، بل هي خطوة وقفت ورائها دولة معيّنة من أجل تحطيم النظام المعلوماتي لدولة أخرى ومحاولة سرقة المعلومات التي بحوزتها، ومحوها من مصدرها الأصلي.

في الحالة الإيرانية، يذهب قرّار إلى التأكيد على كون البرامج المعلوماتية المتصلة بالنشاط النووي لطهران، ليس متاحا على شبكة النت، لذا يترصد مهندسو الهجمة المعلومات الخاصة بالشركة المشرفة، ويسعون لمعرفة خبايا المهندسين المتحكمين، من خلال مهاجمتهم أجهزتهم، ويمكن بشيء من التهاون أن ينجح المهاجمون في بلوغ الهدف، كأن يجنح أحد المهندسين إلى استخدام هاتف أو كمبيوتر غير مؤمّن، للاطلاع على المعلومات، حينها يستطيع المهاجمون الولوج، من خلال فايروس مثل quot;ستاكسنتquot; وهو برنامج صغير يقتحم الجهاز المستهدف ويقوم بالتخريب.

ويتفق الخبير قرّار مع quot;مراد بشريquot; في كون الهجمات الالكترونية التي تقودها الدول، يُنتقى لها نخبة المتخصصين، والأمر ينطلق على ما تفعله الولايات المتحدة الأمريكية منذ هجمات الحادي عشر سبتمبر، من خلال تصنيعها برامج لا تستجيب للمستعمل المعني بل لمستعملين عن بعد، مثل برنامج quot;حصان طروادةquot; وهو برنامج يعمل داخل جهازك، لكنه يشتغل لصالح غيرك، ويمكن للواقف وراء حصان طروادة أن يطلع على أي رسالة ويطلّع على أدق أسرار صاحبها.

ويشير قرّار إلى ما حصل من اختراقات لبرامج الكترونية صُممت لأغراض حسنة بيد أنّه جرى تحويرها، على غرار نظام التعليم عن بعد، ولا يخفي قرّار أنّ ثمة معطيات تؤكد التأثير المتنامي لواشنطن على شركات المعلوماتية داخل أراضيها وتوظيفها لأغراض معروفة.

حرب الكترونية عالمية: سيناريو مُرجّح الحدوث

يبدي الأستاذ قرّار يقينا بكون حربا عالمية ثالثة عنوانها الأكبر quot;الصدام الالكترونيquot; أمرا محتمل الحدوث، ويبرر أحد عرّابي المعلوماتية في الجزائر، توقعه بكون كل شيئ في الكون صار مرتبطا بشبكة المعلوماتية، إلى حد تحولّت معها الكرة الأرضية إلى قرية مصغرّة.

ويلفت قرّار إلى أنّ جميع مناحي الحياة من بنوك واتصالات ومرافق مجتمعية، فضلا عن سائر الهياكل الخدماتية والمؤسسات، صارت موصولة بالمعلوماتية، وحتما فإنّ تعطل أجهزة الكمبيوتر في بلد ما، ينتج عنه تعطلاّ شاملا لحركيته، فما بالك بهجوم الكتروني كاسح يستهدف تخريبا شاملا للمنظومة المعلوماتية، والحرب الالكترونية لها صلة بمدى استعمال هذه الوسائل.

من جانبه، يشير عبد العزيز دردوري المدير العام لشركة أمن الشبكات المعلوماتية، إلى قناعته بكون القادم الكترونيا سيكون أفدح، لا سيما وأنّ جرائم الأنترنت باتت أكثر رواجا، وتطال الهيئات الحكومية، وسائر المؤسسات المالية. ويحيل دردوري على تكاثر هجمات حجب الخدمة، أو ما تُعرف بـ Denial of Service Attacks.

ويقرّ دردوري بكون بلاده ليست مؤمنّة ضدّ الهجمات الالكترونية، خصوصا في ظلّ تأخرها على صعيد تكنولوجيا صناعة البرمجيات، وعدم تحكمها بما يسمى quot;الهاردويرquot; وquot;السوفتويرquot;، فيما يبدي مراد بشيري الخبير في المعلوماتية، جزعا، خصوصا مع تمكّن إسرائيل من اختراق العديد من الأنظمة.

ولا يجد بشيري حرجا من الإقرار بسهولة اختراق الجزائر إلكترونيا، خصوصا مع النظام المعلوماتي الذي تتكئ عليه سائر المؤسسات والهيئات في الجزائر أميركيّ محض وليس محلي التصميم، ما يشرّع الباب واسعا أمام المحاذير، على غرار ما يفعله برنامج quot;وينداوز 7quot; الذي يتمكنّ مهندسوه من الإطلاع على ما تفعله دون أن يدرك المستعمل شيئا.

وبشأن سبل مواجهة، يركّز خبراء جزائريون متخصصون في مكافحة الجرائم الإلكترونية، على أنّه من الممكن من خلال توفير نظم وقائية الكشف المبكر عن حالات القرصنة ومعرفة مصادرها، طالما أنّ استباق الهجمات الإلكترونية وتطوير مواجهتها بفعالية صار أمرا حتميا، في ظلّ بلوغ الهجمات حدود الثلاثة آلاف كل شهر.

وفي هذا الصدد، يشير الأستاذ حميد بصالح وهو الوزير السابق للبريد وتكنولوجيات الإعلام والاتصال في الجزائر، إلى ضرورة تعزيز حماية أكبر من مخاطر الاختراق والتخريب المتواصل للمواقع الإلكترونية والحواسيب وسرقة المعلومات المحمية، فضلا عن أرقام البطاقات الائتمانية المتعلقة بالهيئات الحكومية والشركات الخاصة، إضافة إلى حتمية التزود بالوسائل اللازمة لمعرفة مرتكبي الهجمات وتسليط العقوبات اللازمة ضدهم، مع استحداث نظام للوقاية والحماية من جرائم الأنترنت، عقب سلسلة الهجمات الاختراقية لجملة من المواقع المحلية التي شكّلت هدفا لقراصنة النت.

بالمقابل، يعتقد الخبيرquot;الهادي كلكالي أنّ الجزائر لا تزال من الدول المتخلفة عن ركب تكنولوجيا الإنترنيت سواءا تعلق الأمر من حيث سرعة أداء الشبكة العنكبوتية أو من جانب مدى وعي الجماهير بأهمية الإنترنيت في الحياة اليومية، ما يجعلها في منأى عن أي تداعيات بحسبه. وينتقد كلكالي القيود التي تفرضها السلطات الجزائرية على الأنترنت في الجزائر، وعدم توافرها على تكنولوجيا علمية متطورة، في ظل الاعتماد على سياسات تقليدية.

وفي حال قيام أي حرب إلكترونية في المستقبل القريب، يتصور كلكالي أنّ الجزائر ستغدو مخيّرة بين أمرين، أولاهما: أن لا تأبه، وثانيهما أن تغلق كل الآفاق وبالتالي تكرّس حالة الانغلاق العلمي حفاظا على مصالح إستراتيجية معينة تخص السلطة القائمة.