فتاة تتناول النرجيلة في أحد مقاهي غزة
لجأت النساء في غزة اللواتي منعن من تناول النرجيلة في المقاهي والفنادق إلى تدخين السجائر في تلك الأماكن كون الحكومة المقالة التي تسيطر على قطاع غزة لم تمنع التدخين، إلا أن المقاهي تحاول منع النساء من التدخين خوفا من تعرض تلك الأماكن للإغلاق.

بعد أن فرضت الشرطة التابعة لحكومة حماس المقالة، في غزة قوانين على أصحاب الفنادق والمقاهي تقضي بمنع النساء من تدخين النرجيلة، لجأ عدد كبير من هؤلاء النسوة إلى تدخين السجائر، ولكن لم يكدن يلتقطن أنفاسهن حتى وجدن أن الكثير من المقاهي وخاصة الصغيرة منها تمنع تدخين النساء بمفردهن. quot;إيلافquot; كان لها حديثها الخاص مع فتيات تركن النرجيلة خوفاً من العقاب ولجأن إلى التدخين.


لائحة المحظورات
مها مهنا (23 عاماً) وهو اسم مستعار لإحدى الفتيات اللاتي اعتدن على الترفيه عن أنفسهن في مطاعم غزة، تقول:quot;كنا نجتمع في حلقة واحدة أنا وصديقاتي نتبادل الأفكار وحتى الأمنيات ولا يحلو ذلك إلا بنفس النرجيلة يُذهب عنا هم نهارناquot;.

وعَلى غير العادة عند دخولها المطعم المُفضل لديها كما تصفه طلب منها النادل إبراز هويتها الشخصية فسألته عن السبب فأجاب:quot;إجراءات اتخذناها من جديد في المطعمquot;، وأشار بإصبعه نحو قائمة المحظورات لديهم وطلب منها الاطلاع عليها.

وعن رأيها في القانون الذي فرضته الحكومة المقالة بمنع النرجيلة للنساء، أجابت:quot;لا أنكر أن هذا القرار حد من انتشار النرجيلة بشكل كبير فأصبحت كل من تريد أن تطلب النرجيلة في المطعم تأتي برفقة زوجها أو أخيها أو حتى أحد أقربائها وهذا بحد ذاته يضبط عملية الالتزام من قبل الفتياتquot;.

وأكدت الفتاة التي كانت ترتدي بنطالاً أسود وقَميصا أزرق عليه بعض المزركشات أن هذا القرار لم يحد من استخدام النرجيلة في المنازل أو عند الأصدقاء أو على شاطئ البحر، لافتةً إلى أن العديد من المطاعم الآن تطلب بطاقة هوية الفتاة وسنها للتأكد منها.

وأضافت:quot;القرار وحده أثار ضجة كبيرة وخوفا لدى أصحاب الفنادق وقلّل من نسبة الزائرين لهاquot;. وزادت:quot;عدد كبير منهم يخاف من الفترة الصباحية فالنرجيلة ممنوعة في هذا الوقت تحديداً، أما في المساء فطلب النرجيلة لا يكون إلا للفتيات فوق سن الـ21 بشرط أن يكون معها أحد أقاربها من الشباب أو تكون في جلسة عائليةquot;.

التزام بالقرار
نور عبد الله (26 عاماً) هي الأخرى لم يمنعها القرار من تدخين النرجيلة مع زوجها على شاطئ البحر إلا أنه حرمها من الذهاب للمطعم وحدها، تقول:quot;كثير من الأماكن الآن تخاف أن يحدث فيها كما حدث في منتجع الكريزي وتر بارك أو حتى إغلاق مطعم البيتشquot;، ذاكرةً أن أصحاب المطاعم ملتزمون كثيراً بالقرار ويهمهم المكان أكثر من الزبون نفسه.

وما لفت انتباه نور في الفترة الأخيرة أثناء جلوسها في مقهى quot;مزاجquot; في منطقة الرمال أنه يمنع التدخين للسيدات أيضاً، وقالت:quot;ما استغربت منه أنني وأثناء جلوسي وحدي أنتظر إحدى صديقاتي إذ بالنادل يسرع نحوي ويخبرني أن التدخين ممنوعquot;، مضيفة:quot;وفي المقابل جاءت فتاة أخرى مع رجل أجنبي وكانت تدخن ولكن لم يمنعهاquot;.

وأشارت إلى أن بعض المقاهي الصغيرة الموجودة في منطقة الرمال خاصةً تمنع تدخين الفتيات الصغيرات دون وجود مرافق معهن، واستطردت:quot;فكرة منع التدخين حديثة فالخوف يفرض قوانين جديدة من أصحاب المطاعم على الزبائنquot;.

وتعتقد أن الشرطة فرضت تعميما على كل الأماكن خاصة الموجودة في الرمال لأن الأغلب منهم طالبات في الجامعة وصغيرات في السن.

حرية شخصية
أما غادة عبد العال (21 عاماً) فتعتبر أن التدخين وتدخين النرجيلة حرية شخصية لدى الفتاة لا يجب فرض سيطرة عليها، وقالت:quot;هذه القرارات لن تؤثر في عادات الناس حتى يغيّر الإنسان شيئا تعود عليه يجب أن يغير قراره ويكون نابعا من نفسه وبإرادته الذاتيةquot;.

وأضافت الفتاة بعد أن أخرجت علبة السجائر من حقيبتها:quot;أنا مثلاً كفتاة أقلعت عن شرب النرجيلة بسبب الخوف لكن في المقابل عوضت ذلك بالتدخينquot;، مستدركة:quot;أن تعوض بشيء أسوأ هذا في حد ذاته رد فعل سلبي للقرارquot;.

وتشعر بالاستياء نحو ما لجأت إليه الفتيات صديقاتها بالتدخين عوضاً من النرجيلة لتقول:quot;أكثر ما يحزنني بصراحة حال الفتيات، لو أن القرار فعلاً أحدث تغييراً فيهم لما اعترضنا، لكنهم بذلك يسيئون لأنفسهم أكثر فهذه نتيجة سلبيةquot;.

وقالت:quot;لماذا لا تمنع الشرطة الشباب تحت سن ال18 من شرب النرجيلة وهم يعرفون أن ذلك أكبر خطأquot;، مستشهدة بالآية الكريمة في دعوتها للشرطة بفعل الصواب :quot;إنك لا تَهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاءquot;.

وبيّنت أن هناك العديد من الأمور أهم من منع الفتيات من تدخين النرجيلة في المطاعم أو المقاهي، متسائلة:quot;لماذا لا تهتم الشرطة مثلاً بارتفاع الأسعار والبطالة وضياع الشبابquot;.

وطالبت الشرطة بالحد من القوانين التي تفرضها وتعمل على خنق الشعب أكثر من الاهتمام بمصالحه، مؤكدةً أن الدين دين يسر وليس عسرا لذلك عليهم ألا يخلطوا الدين بالحكومة والسياسة.

يشار إلى أن نسبة المدخنات سواء للنرجيلة أو السجائر في غزة ليست مرتفعة مقارنة مع الدول المحيطة، وهي تقتصر على بعض المطاعم والمقاهي في مناطق غزة الراقية ومعظم من يرتاد هذه الأماكن هم من الطبقة الميسورة أو الأجانب المقيمين أو المتواجدين في غزة.

في الأماكن العامة
وزارة الداخلية في غزة أكدت أن القانون تحدث عن منع النرجيلة في الأماكن العامة والمفتوحة فقط، موضحةً أن القرار منذ البداية لم يكن له أي علاقة بالمطاعم أو حتى الفنادق.

وقال الناطق باسمها إيهاب الغصين لـ إيلاف، إن القرار جاء بناءً على أن هناك عادات وتقاليد تلزم الشعب الفلسطيني يجب الحفاظ عليها، لافتاً إلى أن ما حدث في منتجع كريزي وتر لا علاقة له بالقرارات المفروضة على الأماكن العامة.

وأضاف:quot;هذه الجريمة مستنكرة والتحقيقات جارية فيها وسيتم كشف الفاعلين في أقرب وقتquot;، ذاكراً أن القوانين التي تفرضها الحكومة معروفة وواضحة ولا يوجد هناك قرارات جديدة سواء بمنع النرجيلة أو التدخين في المطاعم، وشدد على أن القرارات التي تفرضها الداخلية لها علاقة بالعادات والتقاليد لذا منعنا النساء من شربها في الأماكن العامة.

ووجد قرار الحكومة المقالة قبولا واسعا في الشارع الفلسطيني في غزة، مع وجود بعض المعترضين عليه، وهم قلة وفقا لما تؤكد وزارة الداخلية، مشيرة إلى أن المجتمع الفلسطيني في غزة يعتبر محافظا ويرفض بعض المظاهر الدخيلة عليه مثل تدخين السجائر والنرجيلة وغير ذلك من السلوكيات.