عكست طبيعة المشهد الانتخابي في الأردن واقعاً سلبياً لدى جمهور الناخبين، إذ بات الناخبون على قناعة بأن العشائرية وثقل المرشح الاجتماعي هو المعيار الأوحد لتحديد النتيجة، وزاد من سلبية الناخب تبني المرشحين لأبجديات بدائية في اجتذابه، عن طريق شعارات رنانة، اعتبرها الشارع الاردني، لا تخدم العمل السياسي بقدر خدمتها لرغبة المرشح في اقتناص مقعد البرلمان، بينما استوعب مرشحون آخرون استخفاف المواطنين بالشعارات، فنزلوا الى الشارع والتقوا الناخبين للترويج لانفسهم انتخابياً.


عمان: لم تحظَ شعارات المرشحين للانتخابات البرلمانية باهتمام المواطنين في الشارع الاردني خصوصا ان اختيار النائب في العقلية الاردنية محكوم بروابط العشائرية والمعرفة والعلاقات الشخصية، فليست كفاءة المرشح وحدها مفتاحاً لمدى إتقانه الدور السياسي أو الرقابي كنائب، إذ إن الصورة الراسخة لدى أطياف الشارع الأردني، وما يتعلق منها بالنائب، تنطوي على مدى قدرته على تزويد الناخبين في دائرته على الاقل بالخدمات.

وخلال جولة لرصد شعارات المرشحين المتناثرة على لافتاتهم الانتخابية في عمان والمحافظات القريبة، تحدث مواطنون لـ quot;إيلافquot; ان الشعارات مجرد كلمات رنانة، كما انهم يرون ان المرشحين غير موفقين حتى في كلمات الشعارات، اذ إنها مستهلكة، بل بعضها quot;عكس استخفافا بعقول الناخبين، خصوصا انها مكررة ولا تحاكي واقع الهم السياسي والاقتصادي والاجتماعي الاردني.

ومن الشعارات التي يطلقها حزب التيار الوطني على سبيل المثال quot;نعم لإعادة بناء الطبقة الوسطى، كلنا للاردن وكلنا لفلسطين، نعم لإلغاء امتحانات التوجيهي، لا لخصخصة أملاك الدولةquot;.

اما شعارات المرشحين المستقلين، فمنها على سبيل المثال quot;الاردن للجميع، والجميع للاردن، ليكن صوتك مدوياً، الوطن للجميعquot;. لكن هناك مرشحون لم يطرحوا شعارات واكتفوا بالنزول والتوجه الى جمهور الناخبين، وتبادل الأحاديث معهم، كنوع من التواصل واقناعم بالافكار مباشرة، والتخلي عن الشعارات الجامدة المطبوعة.

من خلال تلك المعطيات يفرض سؤال بديهي نفسه، هل ينتخب المواطن الاردني نائبه بناء على شعار؟

وبهذا الخصوص، يرى رجل الاعمال الاردني هيثم خوري في حديث لـ quot;إيلافquot;، ان اختيار المرشح يكون على اساس ثقتنا ومعرفتنا به وليس حسب شعاره، كما ان اختياري لنائب سيكون وفق تاريخه السياسي او الاجتماعي او الاقتصادي، وكفاءته، وquot;:ان يكون قريبا من مشاكلنا وواقعنا، اذ علينا ان لا نبالغ بسقف التوقعات من النواب ودورهم في المجلس القادمquot;.

فيما يعتبر المواطن الاردني محمود الخطيب ان شعارات المرشحين ما هي غير كلمات رنانة لا تحاكي هموم المواطن الاردني وظروفه الراهنة. ويعتقد ان اختيار الناخب الاردني للمرشح سيكون على اساس عشائري بحت، او لمن يدفع اكثر في صوته لعدم قناعته بالمشاركة او دور النائب.

في حين يقول مدير مركز quot;موسى الساكت الثقافيquot; ابراهيم الكلوب لـquot; ايلاف quot; ان شعارات المرشحين حبر على قماش، وان تحقيقها صعب المنال بل مستحيلquot;. مضيفا :quot;من يطرح شعار التغيير يقصد منه تغيير قريبه او منافسه، وليس التغيير الذي يخدم البلد والإصلاح السياسي بشكل عامquot;.

ويعتقد الكلوب ان الناخب الاردني عند صندوق الاقتراع ينتصر لاسم عشيرته، ومدى علاقته بالمرشح ويختار قريبه او صديقه، ووفقاً لقناعته تحدد تلك الاعتبارات اختيار النائب وليس شعاره او طرحه.

دور محدد للنائب

لكن وجهة نظر المحامية انتصار ابو زيد تشير الى انه من الافضل عدم طرح شعارات، لان دور النائب محدد، حيث يضع نفسه في قالب الخدمات، ويرفض التحرر منه. وتنتقد بدورها شعارات بعض المرشحين التي تدل على الاستخفاف بعقول الناخبين.

من جانبه، يعلق مدير مركز البحوث والدراسات الاجتماعية الاستاذ في الجامعة الاردنية موسي اشتيوي على المشهد الانتخابي الاردني بقوله quot;ان الشعارات المطروحة من قبل المرشحين لامعنى لها وهذا متوقع في ظل غياب الحياة الحزبية، خصوصاً في ظل غياب الفكر الاصلاحي السياسي ضد معظم المرشحين، الذين فقط يسعون للبحث عن وضعية اجتماعيةquot;.

ويشير الدكتور اشتيوي الى ان معظم الشعارات المطروحة للمرشحين مكررة وغير مقنعة. مؤكداً ان quot;معظم الدراسات الاجتماعية التي اجريت في الساحة الاردنية كشفت ان 5% من نسبة المشاركين في الانتخابات يضعون الشعار والبرنامج الانتخابي كعامل من مجموعة عوامل عند اختيار المرشحquot;.

واضاف quot;:لا تزال العشائرية واختيار نائب العشيرة هو المعيار الذي يحدد ثقل كل مرشح عند صندوق الانتخابات الاردنيquot;. وفي ظل غياب شعارات واقعية او مؤثرةفي اتجاهات الناخبين، فمن سيشارك من مليونين ونصف في انتخابات التاسع من تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل، لن يكون بناءً على قناعة سياسية أو كفاءة المرشح، وانما يؤكد الواقع انه سيكون على خلفية صوت العشيرة، لانه الاقوى حضوراً لدى جماهير الناخبين.