إقرأ أيضاً
أوباما يثمن الدور السعودي في تعقب الطردين
القاعدة تسعى لتكرار التجربة العراقيّة والأفغانيّة في اليمن

أنباء التهديدات تظغى على حرارة الانتخابات في الولايات المتحدة

القطرية تؤكد أن الطرد المفخخ من اليمن نقل عبرها

quot;نساء القاعدةquot; يكرسن التحول الجديد في النهج الإرهابي

تشكيك حقوقيّ يمني في مسؤولية الشابة المعتقلة

برزت السعودية كلاعب كبير في المعركة العالمية ضد الإرهاب والتطرف من خلال توفيرها المعلومات الأساسية التي أماطت اللثام عن قضية الطرود المفخخة المرسلة من اليمن إلى الولايات المتحدة. وأكدت واشنطن بصراحة أنه لولا معلومات الرياض لوجدت العبوات الناسفة طريقها إلى طائرات الشحن المتجهة إلى شيكاغو.


واشنطن: تؤكد القضية التي أُجهضت مؤخراً بالعثور على طردين مفخخين على متن طائرات متوجهة الى شيكاغو، أن تنظيم القاعدة ما زال مصمما على ضرب أهداف أميركية. وتعكس طريقة الكشف عن المؤامرة حقيقة لا تقل أهمية هي أن السعودية برزت بوصفها من أهم حلفاء واشنطن في الحرب على الإرهاب، ولاعباً كبيراً في المعركة العالمية ضد المتطرفين.

فقد وفرت السعودية المعلومات الأساسية التي أماطت اللثام عن المؤامرة، من نية المنفذين الى أرقام الطرود. ولولا المعلومة الحيوية التي قدمتها السعودية لتعرض الأميركيون إلى أشد الهجمات الإرهابية تدميراً على أرضهم منذ مأساة 11 ايلول- سبتمبر.

هذا ما يؤكده كلام جون برينان، وهو من كبار مستشاري الرئيس الأميركي باراك أوباما لشؤون الأمن الداخلي ومكافحة الإرهاب، بقوله إن الولايات المتحدة تشعر quot;بالإمتنانquot; للسعودية quot;على معونتها في تطوير معلومات ساعدت في تأكيد الخطر المحدق من اليمنquot;. ولاحظ مسؤولون أميركيون آخرون بصراحة أنه لولا المعلومات السعودية لوجدت العبوات الناسفة على الأرجح طريقها إلى طائرات الشحن المتجهة إلى شيكاغو، واحتمال تفجيرها في الجو.

يعيدنا هذا الدور الحيوي الذي قامت به السعودية في إنقاذ أرواح أميركية، إلى نقطة البداية، الى ما قبل عام على الذكرى السنوية العاشرة للإعتداء في 11 أيلول/سبتمبر. يومها كان 15 من الخاطفين الـ 19 الذين نفذوا الإعتداءات من مواطني السعودية، ولم يكن جهاز المملكة الأمني والاستخباراتي جاهزا بما فيه الكفاية للتعامل بفاعلية مع تنظيم القاعدة أو مد الإرهاب الجهادي المتصاعد، الذي كان يهدد المملكة بقدر ما يهدد الأميركيين.

منذ ذلك الوقت أعدت السعودية أحد أكثر برامج تأهيل quot;الجهاديينquot; في العالم الإسلامي مدعاة للإعجاب، وردت تنظيم القاعدة على أعقابه داخل حدودها، وقدمت موارد واسعة النطاق لتعطيل نشاط القاعدة في اليمن المجاور. كان ذلك عملا خطرا، خصوصاً أن العديد من عناصر الحرس الوطني السعودي والشرطة السعودية لقوا مصرعهم في هذه المعركة.

في هذه الأثناء نجا نائب وزير الداخلية الأمير محمد بن نايف الذي يحظى باحترام واسع والذي أشاد كثير من المسؤولين الغربيين بعمله في مكافحة القاعدة، من محاولة اغتيال بعدما انفجرت عبوة الانتحاري الناسفة قبل الأوان.

الملك السعودي والإصلاح

لكن بالاضافة الى العمل الاستخباراتي الشاق الذي يُعد العمود الفقري للحرب على الارهاب أو المكونات الصلبة بلغة الكومبيوتر، يعكف الملك عبد الله بن عبد العزيز ذو التوجه الاصلاحي، بهدوء على تغيير الأفكار أو quot;البرمجياتquot;، داخل المملكة وفي العالم الإسلامي الأوسع الذي أوجد لفترة طويلة بيئة تشجع على التطرف. وسيكون هذا التحول quot;البرمجيquot; أشد أهمية على المدى البعيد من المعارك الاستخباراتية على جبهة quot;المكونات الصلبةquot;.

لقد أعاد الملك توجيه نظام التعليم السعودي بعيدا عن مظاهر الغلو الديني التي كانت في الماضي، وأحاط برعايته مؤتمرات عالمية للحوار بين الأديان بمشاركة يهود ومسيحيين، وجاهر على نحو دراماتيكي بوقوفه ضد quot;الإنحرافquot; الديني الذي يصنع إرهابيين. واتسم عهده خلال السنوات الخمس الماضية باتجاهات جديدة نحو الانفتاح في الإعلام والمجتمع المدني وحقوق المرأة.

كما كانت المبادرات التي ارتبطت باسم الملك، من مؤتمرات الحوار الداخلية والدولية مرورا بإنشاء جامعات جديدة للنساء، إلى افتتاح جامعة الملك عبد الله للعلوم والتكنولوجيا في وقت سابق من هذا العام، كلها تتمحور حول موضوعات التسامح والحوار والتعليم. وإذا كان صحيحا أن طموحات الملك السامية كثيرا ما لا يقابلها ما يرتقي إلى مستواها من حقائق على الأرض، فلا ريب في أن أهدافه وأفعاله قادت سفينة الدولة السعودية الكبيرة في اتجاه جديد.

لا يتوقف نفوذ الملك السعودي عند حدود مملكته، فإن السعودية بوصفها بلد الحرمين الشريفين، في مكة والمدينة، ومهد الاسلام، تمارس نفوذاً واسعاً في عموم العالم الإسلامي وتتبوأ موقعاً فريداً في آراء مسلمي العالم.

وقد كانت السعودية لفترة طويلة تتهرب من مسؤوليتها في بناء عالم إسلامي أكثر اعتدالاً، أو كانت تدعم نشاط عناصر راديكالية خارج حدودها في اطار استراتيجياتها الجيوسياسية. وتغير ذلك في عهد الملك عبد الله، فإن عاهلاً سعودياً يصافح حاخاماً في مؤتمر للحوار، ويدفع سائر الدول العربية الأخرى الى عقد صلح مع إسرائيل، كما يصفه الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز بأنه quot;قائد متميزquot;، هو بكل تأكيد ملك سعودي من نمط جديد.

في حين ان أنباء التعاون الاستخباراتي الذي تبديه السعودية ينال ثناء صانعي السياسة الأميركيين، فإن علينا أن ندرك أيضا عملية تحويل الأفكار أو quot;البرمجياتquot; التي يقودها الملك عبد الله داخل حدود مملكته وأبعد منها. فإن هذه السياسات أيضا ستمضي بعيدا نحو الحفاظ على سلامتنا ضد آفة الارهاب.

* الدكتور أس. روب سوبهاني، مؤلف كتابين عن الشرق الأوسط.

* نُشرت هذه المقالة في صحيفة quot;ذي هيلquot; الصادرة في واشنطن، وهي الصحيفة الأولى لمراقبي الكونغرس الأميركي وهي واسعة الانتشار بين أعضاء الكونغرس.