إيلاف تتابع الإنتخابات الأردنيّة لحظة بلحظة: ملف خاص
بعد يوم إنتخابي طويل شهد مشاجرات ومصادمات وسقوط قتيل
الأردن: برلمان quot;الوجوه الجديدةquot; ينتظر نون النسوة رسميًا

بعد إنقشاع غبار العملية الإنتخابية أمس في الأردن، فإن النتائج قد إنحسرت عن العديد من المفارقات والغرائب، وحالات الغضب الغريبة التي أمكن لـquot;إيلافquot; رصدها على مدى ساعات العملية الإنتخابية.


أقوى مفارقات إنتخاب برلمان أردني جديد، بعد انتخابات الثلاثاء، وإعلان النتائج شبه النهائية في ساعات الفجر الأولى اليوم، هو معرفة رئيس البرلمان الجديد حتى قبل أن تعقد أولى جلساته لانتخابه رسميا في الأول من الشهر المقبل، وهو الموعد المقرر بصفة مبدئية لإنعقاد أولى دورات البرلمان الجديد، إذ لا يظهر أن لرئيس الوزراء السابق فيصل الفايز الذي فاز أمس ممثلا للبادية الأردنية الوسطى أي منافس على المنصب البرلماني الأول في الأردن، وسط إنطباعات بأن الرجل تنتظره مهام برلمانية صعبة جدا، حيث تردد بأن مرجعيات أردنية هي التي طلبت من الفايز الإستقالة من مجلس الملك (الأعيان) قبل نحو شهرين، للتفرغ للإنتخابات، مع ضوء أخضر لدعمه رئيسا للبرلمان المقبل.

وعمليا يسترد الفايز مقعد والده الراحل رجل الدولة البارز، والشيخ القبلي عاكف الفايز وزير الدفاع الأردني السابق، الذي انتخب قبل عقود رئيسا لمجلس النواب الأردني، إلا أن الفايز الإبن الذي شغل لعقود مناصب تشريفية في القصر الملكي، ثم وزيرا للبلاط الملكي، ولاحقا رئيسا للحكومة، قد عمل في السنوات التي غادر خلالها مناصبه الرسمية على تأمين قاعدته العشائرية، وتنصيبه شيخا لقبيلة الفايز خلفا لوالده الراحل.

ومن المفارقات المرصودة في اليوم الإنتخابي الأردني فقد فاز بعضوية البرلمان الوزير الأسبق أيمن المجالي الشقيق الأكبر لمدير جهاز الأمن الداخلي اللواء حسين المجالي، وكلاهما نجلا رئيس وزراء الأردن السابق هزاع المجالي الذي قضى في حادثة اغتيال في عام 1960، حينما دست قوى متطرفة قنبلة في أحد أدراج مكتبه الخاص في رئاسة الحكومة.

في حين فاز مدير الأمن العام السابق مازن القاضي بأحد مقاعد البرلمان الجديد، بعد أن أجمعت عشيرته عليه ليكون ممثلها في البرلمان الجديد، علما بأن القاضي الذي غادر منصبه في شهر أيار(مايو) الماضي، في ضوء ملاحظات ملكية نقدية لأداء جهاز الأمن الداخلي، وتكاثر حوادث الصدام بين أفراد الأمن ومواطنين، والخشونة الزائدة لبعض العناصر الأمنية، هو إبن شقيق وزير الداخلية الحالي نايف القاضي، الذي أشرف على العملية الإنتخابية بحياد ونزاهة ووضوح، إذ أشرف القاضي من قبل أيضا كوزير للداخلية على تأمين سلامة وسلاسة إنتقال العرش من الملك الأردني الراحل حسين بن طلال الذي توفي عام 1999، الى نجله البكر الأمير وقتذاك عبدالله الثاني الذي إرتقى عرش المملكة الأردنية الهاشمية في ذلك الحين.

أما أقوى غرائب الإنتخابات البرلمانية الأخيرة في الأردن فقد تمثل في قنص نائب سابق لمقعد برلماني في البرلمان الجديد، دون أن يخطر بعد بهذا الفوز، كونه يرقد في غيبوبة من النوع المتقدم منذ نحو شهر، بعد إصابته بجلطة دماغية، إذ لم تتحسن حالته الصحية كثيرا منذ الإصابة، وسط إنطباعات بأن انتخاب المرشح راشد البرايسة الدعجة وهو أسير حالته الصحية، قد جاء كنوع من التكريم من الأصدقاء والمعارف بسبب خدماته السابقة حين أختير نائبا في أكثر من برلمان منذ انتخابات عام 1993.

وفي حال عجز أي نائب، أو وفاته فإن قانون الإنتخابات الأردني الموقت، يفرض إجراء إنتخابات تكميلية خلال مدة لا تزيد عن ثلاثة أشهر منذ إبلاغ البرلمان بشغور أحد المقاعد البرلمانية، علما أن الإنتخابات تجري وفقا للقانون في الدائرة الإنتخابية ذاتها التي انتخب فيها أساسا النائب العاجز أو المتوفى، ولا يحق إلا للناخبين المسجلين في تلك الدائرة الإنتخابية إنتخاب العضو البديل، أما إذا أبلغت الحكومة البرلمان بتعذر إجراء الإنتخابات التكميلية فإن البرلمان يتولى إنتخاب العضو البديل من الدائرة الإنتخابية ذاتها، عبر المفاضلة بين عدة مرشحين يعلنون رغبتهم لشغل العضو الشاغر.

ومن الغرائب المرصودة أيضا فإن هو قنص مرشحا لمقعد برلماني بعد شهر من توقيع صحيفة قضائية يطلب خلالها الحجر على والده الثري، وإيداع والدته أحد مراكز المسنين، منفقا مبالغ طائلة جدا على حملته الدعائية المكثفة، في ظل تسريبات بأن هذا المرشح قد أوقفته السلطات الأمنية قبل يومين من الإنتخابات بتهمة المال السياسي، والإشتراك في مساع لشراء أصوات في الدائرة الإنتخابية، إلا أنه أخلي سبيله لعدم كفاية الأدلة ضده.

ومن أقوى الغرائب أيضا إهتداء مرشح أردني لطريق الفوز بمقعد برلماني بعد أربع محاولات فاشلة منذ العام 1989، إذ اعتبر فوزه بعدد ضئيل من الأصوات مقارنة مع عدد الأصوات المرتفعة في المنطقة، بأنه معجزة إنتخابية في كل الأحوال، وأنه أحد مفاجآت العملية الإنتخابية في الأردن.

ومن الغرائب أيضا الفوز الكثيف للمرشحين الشباب في معظم الدوائر الإنتخابية، إذ استطاع الشباب في بعض الدوائر الإطاحة بأسماء شخصيات سياسية أردنية مخضرمة في العمل البرلماني، وكان ينظر الى عودتها للبرلمان الجديد بأنها مسألة مفروغ منها، إذ يتردد بأن لأجهزة الحكومية قد نجحت في تحييد الآلاف من الشباب الأردني عن المقاطعة السياسية للإنتخابات، إذ ذهبت أصوات الآلاف منهم الى المرشحين الشباب، الذين لوحظ أنهم يخوضون الإنتخابات بعيدا عن اللافتات العشائرية.

أما أحدث صرعات الغضب التي نفذها أنصار لمرشحين خسروا الإنتخابات فقد تمثلت في ضبط الأجهزة الأمنية لشخص حمل سلاحا رشاشا محاولا إقتحام مركز إنتخابي، وتهديد العاملين فيه بتغيير النتيجة التي لم تكن لصالح مرشحه المفضل، فيما حاول شخص آخر سرقة صندوق للإقتراع من إحدى الدوائر لحرمان مرشح ينافس مرشحه من الحصول على أصوات في مركز إنتخابي يعتبر معقل المرشح المنافس.

وخلال اليوم الإنتخابي الطويل فقد وقعت العديد من الحوادث الدامية في مختلف المناطق الأردنية، تسببت أحدها بسقوط قتيل في جنوب الأردن، وذلك على خلفيات انتخابية أعقبت مناوشات ومشادات تطورت للأسوأ، إلا أن أجهزة الأمن الأردنية قامت بمحاصرتها، منعا لتوسع تداعياتها.