يحظر القانون المصري استخدام دور العبادة في الدعاية الإنتخابية، إلا أن هناك منافسة حامية بين الحزب الوطني وأحزاب المعارضة وجماعة الإخوان المسلمين والمستقلين على استغلال المساجد والكنائس في مخاطبة الجماهير، ولم يعد الأمر مقتصراً على مرشحي جماعة الإخوان فقط، كما كان في السابق.


رغم أن قانون مباشرة الحقوق السياسية ينص على شطب أي مرشح يستخدم شعارات أو رموزا دينية أو يقوم بأنشطة دعاية انتخابية لها مرجعية دينية أو ذات طابع ديني أو على أساس التفرقة بسبب الجنس أو الأصل، إلا أن هذا القانون لم يتم تطبيقه على أي من المرشحين المتنافسين للفوز بمقاعد برلمان مصر لعام 2010.

كما بدا واضحاً أن الوزراء المرشحين لإنتخابات مجلس الشعب هم الأكثر استخداماً للمساجد والكنائس على حد سواء في تدشين حملاتهم الإنتخابية ومخاطبة المواطنين. فقد أطلق سامح فهمي وزير البترول حملته الإنتخابية من داخل مسجد جمال الدين الأفغاني في حي مصر الجديدة الراقي، حيث أدى صلاة الجمعة بين المواطنين، ثم عقد لقاءً جماهيرياً إنتخابياً معهم في قاعة ملحقة بالمسجد.

فيما اعتلى المهندس سيد مشعل وزير الإنتاج الحربي منبر مسجد في مدينة حلوان، وأعلن للناس عن خوضه الإنتخابات، وبدأ كلامه بحديث للرسول محمد صلى الله عليه وسلم quot;إن لله عباداً إختصهم لقضاء حوائج الناسquot;، في إشارة إلى أنه واحد ممن إختصهم الله لقضاء حوائج عباده في الأرض.

وكرر علي المصيلحي وزير التضامن الإجتماعي السيناريو نفسه، حيث أدى صلاة الجمعة في أحد مساجد دائرة أبو كبير في محافظة الشرقية، والتقى المواطنين بعد الصلاة، وحثهم على انتخابه، واستخدم مكبرات الصوت في المساجد أكثر من مرة للإعلان عن تواجده في الدائرة، فخرج الناس للقائه.

وللكنائس دورها

أطلق مفيد شهاب وزير المجالس النيابية والشؤون القانونية حملته الإنتخابية من كنيسة مارجرجس في منطقة محرم بك في الإسكندرية، بحضور وكيل البابوية القسّ رويس مرقص، وعدد من الأساقفة، وأعضاء المجلس المالي، وقال شهاب: quot;راودتني على مدار الفترات الأخيرة رغبة جامحة في أن أجمع بين الحسنيين بأن أكون وزيراً في الحكومة ونائباً منتخباً في البرلمانquot;.

ثم تحدث عن متانة العلاقة بين المسلمين والمسيحيين في مصر. ورد وكيل البطريركية منشدا شعراً في مدح الوزير قال فيه: quot;عم محرم بك إشراق وابتسام سرها النائب الكريم الهمام.. منبر البرلمان سيصير فخوراً حين يأتيه نائب مقدام.. سيفوز في الانتخابات وزير كريم هو مفيد شهاب بلا تعليق ولا كلامquot;.

كما سار اللواء عبد السلام المحجوب وزير التنمية المحلية على خطى زميله الوزير شهاب، حيث بدأ تحركاته الإنتخابية من داخل كنيسة مارمينا في الإسكندرية وفي حضور الوكيل البابوي وعدد من الكهنة وأعضاء المجلس، وذلك في محاولة من جانبه لخطب ود الأقباط، وضمان أصواتهم، حيث أكد أن الأقباط في مصر جزء من نسيج الوطن الواحد، وليسوا أقلية، ولم ينس الإشارة إلى أنه يرتبط بعلاقات متينة مع البابا شنودة الثالث.

ورد الوكيل البابوي معلناً تأييد ومباركة الكنيسة ترشيح الوزير في الإنتخابات، بل وأعلن تأييدها ومباركتها ترشيح الوزير مفيد شهاب أيضاَ، مبرراً ذلك بأنهما quot;صمام أمان للحفاظ على الوحدة الوطنية في مصرquot;.

ولم يفت المحجوب إعلان حملته من المسجد أيضاً، حيث توجه إلى مسجد الهداية في منطقة بوكلي، وأدى صلاة الجمعة، والتف المصلون حوله معلنين تأييدهم له، بعدما نثر عليهم وعوده. وفي أول ظهور جماهيري له منذ نحو ثماني سنوات عندما زار الداعية الإسلامي الشهير عمرو خالد جمعية خيرية تابعة للمحجوب، وألقى فيها محاضرة مطولة، وهو ما أثار غضب بعض مؤيدي الداعية المثير للجدل، خاصة أن أنصار المحجوب استغلوا المحاضرة لتوزيع منشورات الدعاية الإنتخابية على الحاضرين.

المعارضة تستفيد أيضاً

لم يفت المعارضة الإستفادة من دور العبادة في مخاطبة الجماهير ومباركة رجال الدين، وكان لافتاً زيارة منى مكرم عبيد المرشحة عن مقعد الكوتا عن حزب الوفد المعارض، وعمرو الشواربي مرشح الوفد أيضاً، عدة كنائس في منطقة قليوب، ضمن حملتهما الإنتخابية، وبارك القسّ مرقص أسقف شبرا الخيمة ترشيح عبيد قائلاً: quot;ربنا يوفقك وربنا يتدخل ويخليك تبقي عضو وممثلة لينا في البرلمانquot;.

رصد المخالفات

من جانبها، إنتقدت منظمات المجتمع المدني التي تتولى مراقبة الإنتخابات تلك الظاهرة، ورصد مراقبوها الكثير من المخالفات في المحافظات، ووفقاً لتقرير صادر عن الجمعية المصرية لدعم التطور الديمقراطي فإن باهر عادل السقعان مرشح حزب الوفد في دائرة طلخا استخدم كنيسة مار جرجس بطلخا ضمن حملته الدعائية، وحث المتواجدين فيها على انتخابه.

كما فعل طلعت مطاوع مرشح الحزب الوطني الحاكم الأمر نفسه، ولكن من داخل مسجد الدهايمة في محافظة الدقهلية. ويضيف التقرير أن المرشحين تنافسوا في إستخدام الشعارات الدينية والآيات القرآنية، وتعليق لافتاتهم على جدران المساجد. فضلاً عن إصرار مرشحي جماعة الإخوان المسلمين على استخدام شعار quot;الإسلام هو الحلquot;.