عبّر ممثلون عن أحزاب المعارضة المصرية المشاركة في الانتخابات لـ(إيلاف) عن توقعاتهم بحدوث عمليات تزوير واسعة النطاق ترافقها أعمال عنف بدأت ملامحها تتوضّح مع التضييق الذي فرضته السلطات الرسمية على المراقبين والمرشحين وسط أنباء عن استقدام ميليشيات لترويع الناخبين.


القاهرة: يدلي الناخبون المصريون بأصواتهم غداً الأحد، لاختيار 508 نواب في مجلس الشعب، منهم 64 مقعداً للمرأة، من بين 4686 مرشحاً ومرشحة، وسط وعود حكومية بإجراء انتخابات تتسم بالنزاهة، و توقعات من المعارضة والمجتمع المدني بحدوث تجاوزات وعنف وأعمال تزوير واسعة النطاق.

وبررت المعارضة مخاوفها بأن المؤشرات تؤكد أن النظام ليست لديه إرادة حقيقية، في إجراء انتخابات عامة شفافة، في ظل رفض المراقبة الدولية، وممارسة عملية تضييق إعلامي على الأصوات المعارضة والمستقلة، و التعسف في منح التصاريح اللازمة لمنظمات المجتمع المدني لمراقبة الانتخابات.
وما بين مخاوف المعارضة والرأي العام الدولي والمحلي من عمليات العنف والتزوير، وتأكيدات الحكومة أن الانتخابات ستتم بنزاهة، يظل الأمل قائماً لدى كثيرين في أن يكون الغد أقل عنفاً من ذي قبل، quot;وإن غداً لناظره قريبquot;.

تقول مارغريت عازر رئيسة لجنة الانتخابات في حزب الوفد المعارض لـquot;إيلافquot; إن المعطيات لا تبشر بالخير في ما يخص نزاهة الانتخابات، موضحة أن الحزب الوطني الحاكم والأجهزة الأمنية والإدارية تمارس التضييق على وسائل الإعلام خاصة المعارضة والمستقلة، و أغلقت العديد من المنابر الإعلامية الحرة ، التي كانت تمارس النقد للنظام الحاكم بقوة.

5064 مرشحا للانتخابات التشريعية المصرية
وكالات

وتابعت عازر: لم يتوقف الأمر عند حد التضييق على الإعلام، بل إن المرشحين المستقلين والمعارضين وأنصارهم يعانونمضايقات كثيرة ومتنوعة، سواء في ما يخص الدعاية، حيث تم منع المسيرات والمؤتمرات الجماهيرية، وواجهوا عراقيل في سبيل استخراج التوكيلات لمندوبهم لحضور عملية الاقتراع والفرز، ومحاولات شغلهم بالطعون على صفاتهم الانتخابية قبل عملية التصويت بفترة وجيزة، وهناك حالة الاحتقان الشديد لدى غالبية المرشحين باستثناء مرشحي الحزب الوطني الذين حصلوا على تسهيلات واسعة وغير محدودة في جميع مراحل العملية الانتخابية.

وتشير عازر إلى أن جميع المؤشرات تؤكد أن الانتخابات لن تكون هادئة ولن تجري بنزاهة كما يروج الحزب الحاكم، وناشدت النظام ضرورة السعي نحو إجراء انتخابات تتسم بنوع من الشفافية، حفاظاً على سمعة مصر أمام العالم الخارجي.

وكشف أبو العز الحريري نائب رئيس حزب التجمع لـquot;إيلافquot; عمّا وصفه بquot;تنظيم الحكومة لجيش ثالث للشرطة من (البلطجية) والمسجلين خطر، لاستخدامهم في إرهاب الناخبين الذين يُعتقد أنهم لن يصوتوا لصالح مرشحي الحزب الوطنيquot;، وأضاف: quot;عندما يتم استبعاد قضاة مشهود لهم بالنزاهة من الإشراف على عملية التصويت والفرز، فهذا يعني أننا مقدمون على مولد التزويرات العامة، وليس الانتخابات العامة، وأن غداً سيكون يوم التزوير الأصغر استعداداً ليوم التزوير الأكبر في العام المقبل حيث ستجري انتخابات رئاسة الجمهورية.

ويمضي الحريري قائلا: كما أن الكوتا سوف يتم الطعن فيها دستورياً، بما يعني أن مجلس الشعب القادم لن يستمر سوى بضعة أشهر، ويتم حله، ولكن بعد أن يتم تمرير عملية التوريث، على حد قوله.

من جهته، قال الدكتور محمد جودة المتحدث الرسمي باسم الكتلة البرلمانية لجماعة الإخوان المسلمين، لـquot;إيلافquot; إن: quot;النظام أعد العدة لتزوير الانتخابات، حيث نظمت الشرطة صفوف مجموعات كبيرة من (البلطجية) لإرهاب أنصار المرشحين غير المنتمين إلى الحزب الوطني ومنعهم من دخول اللجان، وشنت المباحث العامة وجهاز أمن الدولة موجات اعتقالات بين أنصار مرشحي جماعة الإخوان، و المعارضة، ويجري وضع قائمة بأسماء مجموعة أخرى من المؤيدين لهم، لتلفيق تهم جنائية لهم أثناء اليوم الانتخابي، وبذلك يتم إرباكهم و لفت أنظارهم عن مهمة مراقبة عمليات التصويت والفرز.

وأشار جودة إلى أنّ محسن راضي النائب في البرلمان عن حركة الإخوان والمرشح حالياً دخل في اعتصام مفتوح مع 70 آخرين من مرشحي الجماعة، احتجاجا على عدم منح أنصارهم التوكيلات اللازمة من أجل متابعة الانتخابات ومراقبتها.

وحول توقعاته لمدى تأثير مراقبة منظمات المجتمع المدني في الحد من التجاوزات، قال جودة إن الجهاز الأمني مارس كافة أشكال التضييق على تلك المنظمات، وتعسفا في منحها التصاريح الخاصة بالمراقبة، حيث أكتفي بمنح تصريح لأربعة مراقبين فقط في محافظة القليوبية، رغم أنها تضم ما يزيد على خمسمائة لجنة اقتراع.

لكنه لم يفقد الأمل، قائلاً: أملنا في ربنا كبير في أن تجري الانتخابات بجزء ولو ضئيل من النزاهةquot;.

إلى ذلك، شككت منظمات المجتمع المدني في نوايا الحكومة تنظيم الانتخابات بنزاهة، أو السماح لها بممارسة عملها في المراقبة، ووفقاً لتقرير صادر عن المركز المصري لحقوق الإنسان فإن quot;الحكومة تلاعبت بعملية رقابة المجتمع المدني على الانتخابات من خلال الإصرار على متابعة العملية الانتخابية عن بعد، وليس مراقبتها داخل اللجان، والاكتفاء فقط بمتابعة ما يحدث في الخارج من خلال إضافة كلمة quot;متابعة quot; وليس quot;مراقبةquot; على بطاقة هوية المراقبين، وهو ما يعني عملياً عدم التمكن من القيام بالمراقبة الفعلية، خاصة وأن اللجنة العامة للانتخابات تحظر على المراقب توجيه أي أسئلة إلى رئيس اللجنة الرئيسة. ما يعد مؤشراً على تنصل الحكومة من وعودها بنزاهة الانتخابات، بل وإيذانا بالتزوير.

ورصدت اللجنة المستقلة لمراقبة الانتخابات ـ وهي ائتلاف يضم في عضويته 40 جمعية ومؤسسة أهلية ومركزاً حقوقياً برئاسة مركز ابن خلدون للدراسات الديمقراطيةـ تمتع مرشحي الحزب الوطني بكل إمكانيات أجهزة الدولة والمؤسسات العامة والأبنية الحكومية والمدارس، وفي الوقت نفسه، حرمان مرشحي المعارضة والمستقلين من الاستفادة منها، بل وتعرضهم للمضايقات والملاحقات من قبل شرطة المرافق وسلطات الحكم المحلي، و مورست ضدهم كل أنواع الضغوط والتي حالت دون قدرتهم على التواصل مع جماهيرهم في دوائرهم.

أما الشبكة الأوروبية المتوسطية لحقوق الإنسان فقد أعربت عن quot;بالغ قلقها بشأنمرحلة تحضير الانتخابات البرلمانيةquot;، وأضافت في تقرير لها quot;إن المؤشرات الأولية التي رصدتها الشبكة والمعلومات التي حصلت عليها من المنظمات المصرية، تؤكد أنالحكومة المصرية فرضت قيوداً شديدة وغير مبررة على المعارضة السياسية وحرية الرأي والتعبير والتجمع السلميّ، و رفضت الرقابة الدولية، وحرمت منظمات المجتمع المدني من حق المراقبة على الانتخابات، واعتبرت أنّ دورها يقتصر على المتابعة فقط. الأمر الذي يدعو للقلق بشأن نزاهة الانتخاباتquot;، على حدّ تعبير التقرير.