تاريخ النشر: الأحد 28 نوفمبر - الساعة 7.30 غرينتش
آخر تحديث: الأحد 28 نوفمبر - الساعة17:30غرينتش


جمال مبارك يدلي بصوته

أعلن التلفزيون المصري الرسمي الأحد إغلاق صناديق الاقتراع بعد انتهاء الدور الاول للانتخابات التشريعية المصرية التي شهدت اعمال عنف وانتهاكات واسعة. واغلقت المكاتب في الموعد المحدد سلفا وهو 19:00 بالتوقيت المحلي (17:00 ت غ). وقال التلفزيون ان عمليات فرز الاصوات ستبدأ مع انتهاء عمليات التصويت.


محمد نعيم وصبري حسنين وأحمد عدلي وعماد أحمد من القاهرة، وكالات: اعلنت اللجنة العليا للانتخابات ان نتائج الدور الاول من الإنتخابات البرلمانية في مصر ستعلن الثلاثاء ولكن اللجان العامة في الدوائر ستعلن اولا بأول نتائج عمليات الفرز فيها. واكدت منظمات المجتمع المدني المصرية التي راقبت الانتخابات ان انتهاكات واسعة شابت عمليات الاقتراع.

وقال التحالف المصري لمراقبة الانتخابات الذي يضم 123 منظمة حقوقية مصرية ان quot;ظاهرة العنف برزت منذ اللحظات الاولى للعملية الانتخابيةquot;. واكد في تقرير اصدره ان quot;الانتخابات شهدت جملة من الانتهاكات والتجاوزات تمثلت في المبادرة باستخدام العنف والقوة منذ الساعات الاولى لبدء العملية الانتخابية وهو امر يهدد العملية الانتخابية ويجعل العنف هو سلاح الانتخاباتquot;.

واكد التقرير انه سجلت quot;حالات منع لمراقبي المجتمع المدني من دخول مكاتب الاقتراعquot;، كما اشار الى ان بعض المكاتب تم فيها quot;تسويد بطاقات الاقتراع لصالح مرشحي الحزب الوطنيquot;، اي ملء الصناديق ببطاقات اقتراع مزورة.

واعلنت السلطات حصول اربع حالات وفيات اكدت ان لا علاقة لها بالانتخابات. غير ان اسرة الشاب عمر سيد سيد (26 سنة) اكدت انه قتل بيد مجهولين ليل السبت الاحد طعنا بسكين اثناء قيامه بلصق لافتات دعائية لوالده سيد سيد محمد المرشح المستقل في دائرة المطرية (شمال شرق القاهرة).

وأعلنت اللجنة العليا للانتخابات في وقت سابق انها قررت quot;اعتبار الصناديق التي تضررت في محافظة البحيرة لاغيةquot;. وقالت اللجنة العليا في بيان انها قررت اعتبار الصناديق التي quot;تضررت في دائرة كفر الدوار بمحافظة البحيرة (جنوب الاسكندرية في دلتا النيل) لاغيةquot;.

واوضحت ان هذه الصناديق هي تلك quot;التي تم تحطيمها من قبل انصار مرشحين في اللجان ارقام 177 و178 و179، وتلك التي سرقت منها بطاقات اقتراع في اللجان ارقام 213، 214، 215، 216، 217 218 و219quot;. ولم توضح اللجنة ما اذا كان اعتبار هذه الصناديق لاغية يعني الغاء الانتخابات برمتها في الدائرة ام لا.

هذا وانسحب المرشح عن احد دوائر القاهرة النائب البرلماني حمدين صباحي وقال إن انسحابه من الانتخابات جاء بسبب عمليات التزوير التي شهدتها الانتخابات مؤكدا على أن عمليات التزوير تتم من خلال الضباط المسؤولين عن حفظ الأمن في الدائرة.

وأكد على أن هناك عمليات تصويت جماعي يقوم بها عدد من مسؤولي الأمن في دائرته مشيرا إلى أن الأهالي رفضوا قرار انسحابه إلا أنه أصر في ظل عمليات التزوير الغير مسبوقة والاعتداء على مندوبيه وممثليه في الانتخابات.

هذا وقد أفادت الأنباء القادمة من مركزي الحامول والبرلس عن وقع اشتباكات بين أنصار حمدين في عدد من اللجان بسب منعهم من الدخول للإدلاء بأصواتهم في اللجان وإغلاق الباب أمامهم. وقد نفى أحمد عز أمين التنظيم بالحزب الوطني الحاكم بشده هذه المزاعم، مؤكدا أن هذا محض افتراء وكذب عار عن الصحة.

وأوضح عز أن الحزب منذ أكثر من شهر قرر الدفع بعضو البرلمان عصام عبد الفتاح على مقعد الفئات بدلا من مقعد العمال ليواجه صباحي لما يمتلكة الأول من قوة شعبية وتصويتية باعتباره من ابناء الحامول ويمتلك قووة تصويتية تتراوح ما بين 100 و120 ألف صوت انتخابي.

وقال إن حمدين صباحي اكتشف اتجاه التصويت بقوة تجاه عبد الفتاح فدأب هو وأنصاره على افتعال المشاكل والاشتبكات، وقام أنصاره بقطع الطريق الدولي باشعال اطارات السيارات.

وأكد أن مايحدث في دائرة (الحامول والبرلس) هي عملية انتخابية منضبطة تماما طوال اليوم، ولا صحة على الاطلاق، حول أي حديث عن تزوير أو تسويد أو تقفيل الصناديق لصالح الحزب الوطني كما يزعم الصباحي.

وعلمت إيلاف من مصدر في الاتحاد الأوروبي بالقاهرة أن عدد من ممثلي السفارات الأوروبية والسفارة الأميركية انتشروا منذ الصباح الباكر في عدد من المحافظات لمتابعة سير العملية الانتخابية من خلال رصد مجريات العملية الانتخابية من الخارج ، وتأكد الخبر بعد أن بث التليفزيون المصري زيارة ممثلين من السفارات الأوروبية إلى دائرة الساحل.

هذا ونفى المستشار سامح الكاشف المتحدث الرسمي باسم اللجنة العليا للانتخابات ما رددته بعض وسائل الإعلام وبعض المصادر من قيام اللجنة العليا الانتخابات بوقف الانتخابات في ثلاث دوائر محافظات في كفر الشيخ وبني سويف والبحيرة، مؤكدا أن ذلك الأمر متروك لرئيس اللجنة العامة عندما ترد صناديق الانتخابات إليه.

وحول موقف اللجنة من الأحكام القضائية التي صدرت مساء أمس ببطلان الانتخابات في بعض دوائر محافظات البحيرة، الإسكندرية، الجيزة، والسادس من أكتوبر، قال عمر إن اللجنة لم تتلق أية إخطارات بشأن هذه الأحكام، ووعد بتنفيذها فورا في حال تلقيه نسخة منها، كما وجدد تأكيده بأن اللجنة العليا ملتزمة بتنفيذ جميع الأحكام بشأن الانتخابات.

وكانت محكمة القضاء الإداري قد أصدرت أحكاماً بوقف الانتخابات في محافظة البحيرة بسبعة داوائر وهي : إدكو، رشيد، المحمودية، شبراخيت، الرحمانية، إيتاى البارود، والدلنجات. بسبب وما وصفته المحكمة بquot; تعنت الجهة الإدارية المختصة بتسلم أوراق المرشحين لمجلس الشعب في إدراج أسماء من حصلوا على أحكام قضائية واجبة النفاذ وامتناعها عن تنفيذ الحكم والاستشكال أمام محاكم غير مختصةquot;.

كما قضت أيضاً بوقف الانتخابات في دوائر: الهرم والعمرانية بمحافظة الجيزة، ودوائر: الحوامدية، مزغونة، أوسيم، كرداسة، والدائرة المخصصة بمقعد المرأة بمحافظه 6 أكتوبر، للسبب نفسه.

وقالت المحكمة في حيثيات حكمها إنها quot; قضت مسبقا بتسلم أوراق عدد من المواطنين كمرشحين لعضوية مجلس الشعب عن تلك الدوائر، إلا أن وزارة الداخلية واللجنة العليا للانتخابات وغيرها من الجهات الإدارية امتنعت عن تنفيذ تلك الأحكام، وهو الأمر الذي يؤكد أن قرار إجراء الانتخابات غدا في الدوائر السالف ذكرها مشوباً بعيب مخالفة القانون ويقضى بوقفهاquot;.

ملف خاص على quot;إيلافquot;
إنتخابات مصر النيابيّة لحظة بلحظة

وقال عبد الله سلام أستاذ القانون الدستوري بجامعة القاهرة إن امتناع الجهات الإدارية عن تنفيذ الحكام القضائية يستوجب وقف الانتخابات في الدوائر التي صدر بشأنها أحاكم قضائية لصالح بعض المرشحين ولم يتم تنفيذها، مشيراً إلي أن إصرار الجهات الإدارية على المضي في إجراء الانتخابات في تلك الدوائر يهدد ببطلان مجلس الشعب المقبل. وفي السياق ذاته، تلقي المجلس القومي لحقوق الإنسان 40 شكوى منذ بدء العملية الانتخابية و حتي الساعة العاشرة صباحا.

وتمثلت الانتهاكات في: منع المندوبين والناخبين من دخول اللجان الانتخابية، تأخر فتح اللجان وكذلك منع المراقبين من دخول اللجان الانتخابية، إذ بلغت نسبة منع الناخبين من إجمالي عدد الشكاوي 50%، و جاءت في المرتبة الثانية منع المندوبين من دخول اللجان بنسبة 30% من إجمالي الشكاوي و تأخر فتح اللجان ومنع المراقبين من دخول اللجان بنسبة 20% من إجمالي الشكاوى.وفي محافظة قنا، تم منع الناخبين من الدخول إلى مراكز الاقتراع وقيام الأمن باستخدام القوة، وذلك في لجان مدرسة خالد بن الوليد بالدائرة الرابعة قوص.وفي محافظة أسوان وقعت أعمال عنف وبلطجة لصالح مرشح حزب الوطني.

وكشف تقرير التحالف المصري لمراقبة الانتخابات عن وجود أسماء متوفين ضمن كشوف التصويت، الأمر الذي يتنافى مع التصريحات المتكررة لمسئولي وزارة الداخلية التي أكدوا فيها أنه تم تنقية الكشوف من المتوفين، وورد في التقرير quot;وفي مركز فارسكور بمحافظة دمياط، رصد مراقبو التحالف وجود أسماء لأشخاص متوفين ضمن الكشوف الانتخابية في اللجان من 57: 62 بمدرسة أولاد خلف الابتدائيةquot;.

وأشار التقرير إلى وجود انتهاكات تتمثل في تسويد بطاقات التصويت لصالح مرشحي الحزب الوطني، حيث ورد فيه quot;رصد مراقبو التحالف بمحافظة دمياط إخراج وكلاء المرشحين من اللجان ما عداً وكلاء مرشحي الحزب الوطني، وبعد عودة وكلاء المرشحين مرة أخرى فوجئوا بتسويد بطاقات الانتخابات لصالح مرشحي الحزب الوطنيquot;.

وصرح مصدر بالحزب الوطني لـ quot;إيلافquot; أن الساعات الأولى لعملية الاقتراع شهدت تعنت في بعض المحافظات من قبل أجهزة الأمن ورؤساء اللجان الانتخابية في التعامل مع مندوبي الحزب الوطني. وأوضح أنه في محافظة الفيوم شهدت كافة دوائر المحافظة تعنت واضح ضد تحرك الوطنى لحشد الناخبين للمشاركة فى العملية الإنتخابية اليوم.

إنتخابات مشحونة بالتوتّر

وبدأت صباح الاحد عمليات الاقتراع في الدور الاول للانتخابات التشريعية في مصر وسط اجواء مشحونة بالتوتر بين السلطة وجماعة الاخوان المسلمين. ويختار الناخبون اليوم 508 نائب في المجلس بينهم 64 امراة لولاية تمتد خمس سنوات، من بين 5064 مرشحا ضمنهم قرابة 800 مرشح من الحزب الوطني الحاكم و130 من جماعة الإخوان المسلمين غضافة غلى أكثر من 300 مرشح من أحزاب المعارضة الرئيسة وهي الوفد (ليبرالي) والتجمع (يساري) والناصري.

وفي ساعة مبكرة من صباح اليوم وفور فتح باب الانتخاب حرص قيادات الحزب الوطني على الإدلاء بأصواتهم في انتخابات مجلس الشعب حيث أدلى الرئيس حسني مبارك زعيم الحزب الوطني الديمقراطي وقرينته سوزان مبارك ونجله جمال مبارك الأمين العام المساعد للحزب وأمين السياسات بالحزب بصوتهم في دائرة مصر الجديدة ولم يصدر عن أي منهم تصريحات.

كما أدلى رئيس الوزراء المصري أحمد نظيف بصوته أمام لجنة المدرسة الإعدادية المشتركة بالحي السابع بمدينة 6 أكتوبر مؤكدا التزام الحكومة بالحياد الكامل والنزاهة والشفافية في انتخابات مجلس الشعب مشددا على أن الحكومة التزمت بعدم استخدام إمكاناتها من السيارات والمباني في الدعاية الانتخابية، وكذلك عدم استخدام دور العبادة في الدعاية.

وأوضح نظيف أن أجهزة الإعلام في الانتخابات اتسمت بالحيادية وإتاحة فرص متساوية لجميع المرشحين لعرض برامجهم، مشيرا إلى أن الحكومة هي حكومة الحزب الوطني وهي المعنية بتنفيذ البرنامج الانتخابي للرئيس مبارك متمنيا حصول الحزب الحاكم على الأغلبية في البرلمان الجديد.

وفي مدرسة الإتحاد القومي النموذجي بدائرة قصر النيل أدلى صفوت الشريف الأمين العام للحزب وقال الشريف إن الشعب المصري على مستوى المسؤولية خلال هذه الانتخابات التي تؤكد مسيرة الديمقراطية في الاهتمام بالبرلمان مشددا على أن الشعب لديه الوعي للاختيار الأمثل والاستقرار والآمال من أجل مستقبل أبنائه.

وفي السيدة زينب أدلي رئيس مجلس الشعب أحمد فتحي سرور بصوته فيما أدلى مفيد شهاب وزير الدولة للشئون القانونية والنيابية بصوته في محافظة الإسكندرية التي يتنافس على أحد مقاعدها وسط إشاعات تفيد بأن الحزب الوطني الحاكم ينوى إنجاح وزرائه المرشحين في الانتخابات من الجولة الأولى دون الانتظار لجولة الإعادة.

وتم نشر عشرات الآلاف من عناصر الأمن في محيط مكاتب الإقتراع في مختلف مناطق البلاد وتمركزت شاحنات لقوات مكافحة الشغب (الأمن المركزي) استعدادا لتحريك عناصرها للتدخل عند الضرورة، بحسب مصادر أمنية.

وعادة ما تكون نسبة الإمتناع عن التصويت في مصر مرتفعة إذ لا تساور الغالبية العظمي من ال82 مليون مصري أي شكوك في ان نتيجة الإنتخابات محسومة سلفا للحزب الوطني الحاكم. وبدا الإقبال ضعيفا جدا مع فتح مكاتب الإقتراع.

وفي القاهرة، في مكتب الإقتراع الذي أقيم في مدرسة quot;الشهيد عبد المنعم رياض الإعداديةquot; للبنين في الدقي، كان هناك ناخب واحد عند بدء الإقتراع. وذكر وكالة الانباء الفرنسية عدم وجود عازل وكان من الممكن مشاهدة الناخب وهو يدلي بصوته بل وحتى معرفة لمن صوت.

وسارع مسؤول في اللجنة الإنتخابية إلى المطالبة بعدم التصوير داخل المدرسة. وقال مصطفى وهو سائق سيارة أجرة عمره ثلاثون عاما quot;سأصوت لحزب الوفد لأن مرشحه جيد، وعموما سأصوت لأي كان إلا الحزب الوطني، كفايةquot;، مؤكدا أنه سيصوت لاحقا.

وصرح محمد الموظف الأربعيني quot;أنا لن أصوت لأي كان لأنه لا فائدة من السياسيين، والإنتخابات ليست إلا مسرحيةquot;. وفي الاسكندرية، قال عمر محمود وهو بائع متجول إنه quot;لا يرى فائدة من الإقتراعquot; واضاف متسائلا quot; ما الذي سيتغير إذا شاركت في الإقتراع؟quot;.

الرئيس المصري يدلي بصوته في الانتخابات التشريعية
والبابا شنودة

في المقابل يشير عاصم نور الدين وهو موظف في شركة خاصة ومن أنصار الحزب الوطني، إلى الحبر على إبهامه ويقول quot;الإقتراع مهمquot;. وقالت وكالة الانباء الفرنسية إنه تم اعتقال مرشح جماعة الإخوان المسلمين أكرم الشاعر في بورسعيد في ساعة مبكرة من صباح اليوم وأطلق سراحه بعد قليل.

وأفاد المراسلون أنه تم منع مندوبي مرشحي جماعة الإخوان وأحزاب المعارضة من دخول العديد من اللجان في الإسماعيلية والسويس وبورسعيد (المدن الثلاثة الواقعة على قناة السويس) وكذلك في الشرقية (دلتا النيل). وأضافوا أن عشرات من مندوبي الإخوان وأحزاب المعارضة نظموا بعد فتح مكاتب الإقتراع بقليل تظاهرة أمام مديرية الأمن بمدينة السويس احتجاجا على عدم السماح لهم بدخول مكاتب الإقتراع.

وقال مصور صحافي إن رجال الأمن منعوه من أداء عمله في عدة مكاتب اقتراع وأمروه في كل مرة بمغادرة المكان رغم حصوله في أحد المكاتب على موافقة رئيس اللجنة الإنتخابية. وفي الإسكندرية منعت صحافية من وكالة فرانس برس من دخول أحد مكاتب الغقتراع وسمح لها بدخول مكتب آخر.

وتأتي الإنتخابات بعد حملة انتخابية شهدت توترا شديدا بين السلطات وجماعة الإخوان التي أكدت أنه تم اعتقال أكثر من ألف من أعضائها وأن مئات منهم ما زالوا قيد الإحتجاز.

وتركزت عناوين الصحف الصادرة صباح الاحد على الانتخابات. وكتبت صحيفة الاهرام الحكومية quot;الملايين ينتخبون اكبر برلمان في تاريخ مصرquot; فيما عنونت صحيفة المصري اليوم المستقلة quot;اليوم تكرم مصر او تهانquot;. اما صحيفة العربي الناطقة باسم الحزب الناصري فعنونت quot;الانتخابات الاسوأ في تاريخ مصرquot;.

ولم يخف الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم طوال الحملة الانتخابية سعيه الى تقليص تمثيل الاخوان المسلمين الذين حققوا انتصارا في الانتخابات السابقة عام 2005 اذ حصدوا 20% من مقاعد البرلمان. ويجمع المحللون على ان هذا الانتصار غير المسبوق للاخوان امكن تحقيقه بفضل تولي القضاء المصري ادارة الانتخابات ووجود quot;قاض لكل صندوقquot;.

والغي الاشراف القضائي على الانتخابات بموجب تعديل دستوري ادخل في العام 2007 وقضى بان يتولى موظفون ادارة مكاتب الاقتراع بينما تشرف على العملية الانتخابية لجنة عليا للانتخابات تضم 11 عضوا سبعة منهم معينون من قبل مجلس الشورى (الغرفة الثانية للبرلمان) الذي يهيمن عليه الحزب الوطني الحاكم.

ووعد الرئيس حسني مبارك الذي يحكم البلاد منذ 29 عاما بانتخابات quot;نزيهة وحرةquot; غير ان العديد من منظمات الحقوق المدنية اعتبرت ان الانتخابات تظل بعيدة عن المعايير الديمقراطية. ولكن منظمات حقوقية ومحلية ودولية انتقدت الانتهاكات التي شهدتها الحملة الانتخابية.

واعتبرت منظمة هيومن رايتس ووتش المدافعة عن حقوق الانسان قبل ايام ان quot;القمع الحكومي يجعل من غير المرجح اطلاقا ان تجري انتخابات حرة ومنصفةquot;. وكانت الولايات المتحدة طالبت بلا جدوى بنشر مراقبين اجانب، وقالت انها عبرت للقادة المصريين عن quot;قلقهاquot; ازاء عمليات توقيف وترهيب استهدفت معارضين وناشطين. وينظم الدور الثاني للانتخابات في الخامس من كانون الاول/ديسمبر المقبل.

إلى ذلك، لهفت نيران التصريحات الانتخابية المصرية وجوه الناخبين، وباتت الجماهير في حيرة من امرها بين الانصات لتصريحات النخبة الرسمية، ممثلة في الحزب الحاكم والحكومة، وبين المناقضة لها التي جاءت على لسان المعارضة، وربما كان لانعدام الثقة الذي يهيمن على العلاقة بين الحكومة والشارع المصري بالغ الاثر في رجاحة كفة المعارضة.

توقعات المراقبين

وقبل ساعات من إجراء انتخابات الاحد في مصر، توقع المراقبون في القاهرة ان يواجه مرشحو الحزب الوطني الحاكم في الإنتخابات البرلمانية مواجهة شرسة، ربما لن تقتصر على حد منافسة المرشحين المستقلين والمعارضين فقط، وانما أقرانهم في الحزب أيضًا، الذين تم إستبعادهم من الترشح في انتخابات التجديد النصفي لمجلس الشورى، وهددوا بالوقوف ضد مرشح الحزب الوطني في دوائرهم، وخوض انتخابات مجلس الشعب المقبلة كمستقلين.

وتسود اعتقادات بين المستبعدين عن حدوث تزوير في نتائج المجمع الانتخابي وأن الهدف منها لن يكن إختيار الأفضل من حيث الشعبية و الجماهيرية كما قيل، وانما تم اختيار المرشحين بناء على تعليمات من الأمانة العامة بالقاهرة، وفقًا لما ذكر الدكتور محمد اسماعيل الدعدع عضو أمانة السياسات الذي تقدم باستقالته من الحزب مؤخرا على خلفية المجمع الانتخابي، موضحًا ان الحزب الوطني أصر على إختيار أسماء قديمة ومرفوضة جماهيريًا وعليها ملاحظات عديدة، quot;ما يؤكد عدم وجود نيه حقيقية من جانب الحزب في التغيير quot;، وفقًا لقوله.

على الرغم من ذلك، حاولت الدوائر الرسمية في القاهرة تبرير الموقف المصري الرافض لفرض رقابة على العملية الانتخابية، إذ اعتبر رئيس مجلس الشعب المنتهية ولايته الدكتور احمد فتحي سرور، ان الضغوط الاميركية التي تنادي بالاصلاح في مصر قد تقود الى تحول يفضي لدولة دينية، واضاف سرور: quot;ان اي ضغط اميركي يمكن ان يؤدي الى التحول من نظام يفصل بين الدين والدولة الى دولة دينيةquot;، في اشارة الى امكانية سيطرة جماعة الاخوان المسلمين على السلطة في البلاد.

إجماع حزبي على الرفض

لا يختلف الامر كثيراً عند النظر الى تصريحات الدكتور علي الدين هلال، امين الاعلام وعضو هيئة مكتب الحزب الحاكم في مصر، إذ اعتبر ان الحزب الوطني الديمقراطي لم يرفض وحده الرقابة الدولية على الانتخابات، مؤكداً ان حزبي الوفد والتجمع المعارضين على وجه الخصوص الى جانب احزاب اخرى، يرفضون فرض تلك الرقابة، وقال: quot;الجميع يعتبر ان فرض الرقابة يعد تدخلاً في الشؤون الداخلية وانتقاصا للسيادة الوطنية لمصرquot;، واضاف: quot;عند المصريين هاجس تاريخي من التدخل الأجنبي، فعندما ndash; على سبيل المثال - تنتقد بعض الصحف لتلقيها تمويلا أميركيا، أو ينتقد ويهاجم أحد أعضاء هيئات التدريس في إحدى الجامعات لأنه تلقى منحا أو تمويلا أجنبيا لأبحاثه، على الرغم من أن هذه الأبحاث قد تكون في مجال الطب كالسرطان أو الكبد وهي أمور ليس لها علاقة بالتدخل الأجنبي. فمصر لديها عقدة في ثقافتها السياسية من التوجس من الأجنبي، حتى أن البعض يردد عبارات ينتقد فيها الدولة ويقول quot; يبيعون مصر للأجانبquot; على الإستثمار الأجنبي، واعتقادي أنهم أناس شرفاء وليس لهم مصالح، وذلك نتيجة إرث قديم نتيجة ما حدث بسبب قناة السويس والتدخل الأجنبي بسببها والإحتلال الأجنبي لهاquot;.

وتختلف ملامح نزاهة الصورة الانتخابية في مصر عند قراءة موقف المعارضة منها، إذ يرى المعارض رئيس حزب الغد، ومرشح الرئاسة المصرية السابق الدكتور ايمن نور ان الحديث عن أن المراقبة الدولية للإنتخابات سواء البرلمانية أو الرئاسية اعتداء على سيادة الدولة، مخالف للواقع والمنطق والعقل، لأن مصر نفسها تشارك في مراقبة الإنتخابات في الولايات المتحدة الأميركية وبعض الدول العربية والأوروبية. وأضاف نور في تصريحات خاصة لـ quot;إيلافquot;: quot;أود التوضيح أن فكرة المراقبة ليس مباشرة أو إدارة للإنتخابات، بل هي رصد ومشاهدة وإطلالة على ما يجري، وبالتالي فهي بعيدة تماماً عن التدخل في الشؤون الخاصة بالبلاد. والحديث عن المراقبة الداخلية لمنظمات المجتمع المدني المحلية ليس كافياً لإجراء إنتخابات تتسم بالشفافية، في ظل القيود التي يفرضها النظام عليها في الترخيص لها، والسماح لها بممارسة عملها، وتسهيل إصدار تقاريرها. هناك مثل شعبي يقول quot; اللي على راسه بطحة بيحسس عليهاquot;، ووفقاً لهذا المثل فإن النظام المصري على quot;رأسه بطحات كثيرةquot;، وليست لديه إرادة سياسية حقيقية في إجراء إنتخابات نزيهة، ولو كانت لديه النية لذلك، لبادر بدعوة المنظمات الدولية لمراقبتهاquot;.

لغة الارقام

الى ذلك يتضح من خلال لغة الارقام حقائق أخرى، إذ تجاوز إجمالي عدد المرشحين والمرشحات المسجلين للانتخابات البرلمانية المصرية 4000 مرشح ومرشحة يتنافسون على 508 مقعد منتخب لمجلس الشعب. من بين هؤلاء، نجحت أكثر من 378 مرشحة في التسجيل ويتنافس معظمهن على مقاعد الكوتا النسائية (64 مقعد). من بين هؤلاء أيضا، يزيد عدد المرشحين المنتمين لأحزاب سياسية مسجلة قليلا عن 1330 بينما يزيد عدد المستقلين عن 2720. باستثناء المرشحين المستقلين المنتمين لجماعة الإخوان المسلمين، وكذلك أولئك الخارجين عن طوع الحزب الوطني الديموقراطي بعد استبعادهم كمرشحين للحزب وترشحهم كمستقلين، يقترب عدد المستقلين غير المنتمين بالفعل لأي تيار سياسي من 3800 مرشح ومرشحة.

وللحزب الوطني الديموقراطي 763 مرشح في الانتخابات، وهو ما يعني أن للحزب أكثر من مرشح على المقعد الانتخابي الواحد. من بين مرشحي الوطني في الانتخابات 69 مرشحة، وهو ما يشكل تطورا إيجابيا في ما يخص دور وتمثيل المرأة بالحزب مقارنة بالانتخابات الماضية. خرج عن طوع الحزب الوطني وتقدموا كمرشحين مستقلين ما يقرب من 145 من أعضائه. أما في ما يخص أحزاب المعارضة الكبيرة نسبيا، فلحزب الوفد 168 مرشح في الانتخابات، بينهم 23 مرشحة. لحزب التجمع 66 مرشحا، بينهم 8 مرشحات. للحزب العربي الناصري 31 مرشحا، بينهم 6 مرشحات، وللجناح المنشق عن أيمن نور بحزب الغد 20 مرشحا، ضمنهم 5 مرشحات. أما جماعة الإخوان المسلمين، فرغبت في تسجيل ترشح 135 من أعضائها وانتهت إلى تسجيل ما يزيد قليلا عن 100 مرشحا، وهو ما يعني أن ربع مرشحي الجماعة تم استبعادهم. للجماعة 5 مرشحات، يشكلن، وعلى الرغم من التحسن داخل الجماعة إذا ما قورن عدد 5 بمرشحة واحدة في 2005، النسبة الأقل لترشح المرأة عن الأحزاب والحركات السياسية.

وفي مقابل التغير الإيجابي الذي رتبته الكوتا النسائية لجهة ترشح المرأة في الانتخابات، مازال ترشح المواطنين المصريين الأقباط يتسم بالمحدودية الشديدة ولا يرقى إلى تمثيل النسبة الفعلية لوجود الاقباط في المجتمع المصري. فالحزب الوطني وبين ما يقرب من 800 مرشح لم يسجل سوى 10 مرشحين أقباط، بينما رشح حزب الوفد 5 أقباط وحزب التجمع 3 والجناح المنشق لحزب الغد 4. أما الحزب العربي الناصري فقد امتنع تماما عن ترشيح أي قبطي. والحقيقة أن مثل هذه الأرقام، وأمام وجود قبطي في المجتمع المصري يتجاوز نسبة 10% من السكان، تفرض على كل المهتمين بتماسك نسيجنا الوطني وبحياة عامة لا يغيب عنها الأقباط سرعة التحرك ودون خطوط حمراء مسبقة (كأن يقول البعض لا للكوتا القبطية) للحيلولة دون استمرار هذا التهميش الخطير.

ووقعت أعمال عنف في عملية التصويت للإنتخابات وإطلاق قنابل مسيلة للدموع، فضلاً على حدوث تجاوزات تتمثل في منع الناخبين ومندوبي المرشحين من دخول اللجان باستثناء أنصار مرشحي الحزب الوطني الحاكم، فيما صدرت مجموعة من الأحكام القضائية بإيقاف الإنتخابات في عدد من الدوائر مما يهدد ببطلان إجراء الإنتخابات ككل، بسبب عدم تنفيذ تلك الأحكام.