ملف: مصر تنتخب برلمانها

انقسم حزب الوفد المصري المعارض على نفسه بين مؤيد ومعارض لمقاطعة الجولة الثانية من الانتخابات البرلمانية، بينما أصر حزب التجمع على مواصلة المنافسة، في وقت دعا الحزب الناصري الى المقاطعة، ما خلع على الحزب الحاكم لقب quot;الحزب الاقوىquot;، لاسيما انه بات الحزب الوحيد الذي يخلو من الخلافات الداخلية.


تفاقمت اليوم أزمات الأحزاب المصرية الثلاثة الوفد، التجمع، والناصري بسبب نتائج الجولة الأولى من انتخابات مجلس الشعب التي جرت يوم الأحد، وسيطر الحزب الوطني فيها على غالبية مقاعد مجلس الشعب، بينما خرجت جماعة الاخوان المسلمين من المنافسة، فيما لم تحصد أحزاب المعارضة مجتمعة سوى مقاعد تُعد على أصابع اليد الواحدة من إجمالي أكثر من 215 مقعدا تم حسمها من الجولة الأولى.

تباين المواقف

وعقدت الأحزاب الثلاثة كل منها منفصلة، اجتماعات صباح اليوم في مقارها بحضور قياداتها، من أجل الخروج بموقف سواء بالمقاطعة أو المشاركة في جولة الإعادة التي تجري يوم الأحد المقبل، وذلك بعد ساعات من إعلان جماعة الأخوان المسلمين مقاطعة الانتخابات وهو القرار نفسه الذي أعلنه رئيس حزب الوفد قبل لقائه أعضاء الجمعية العمومية صباح اليوم.

وشهد حزب الوفد اليوم انقسامات بين أنصار المقاطعة والمشاركة في الانتخابات، حيث رغب عدد كبير من المرشحين الذين وصلوا إلى جولة الإعادة في استكمال مسيرتهم تجاه المقعد البرلماني، كما شهد الحزب مناوشات حيث حشد كل طرف مؤيده داخل مقر الحزب في حي الدقي في القاهرة ما أعاد إلى الأذهان ما شهدته الجمعية العمومية غير العادية التي عقدها الحزب وقررت المشاركة في الانتخابات خلال شهر أيلول/سبتمبر الماضي.

وجاء قرار الانسحاب من جولة الإعادة بعد اجتماع مطول للمكتب التنفيذي لحزب الوفد حيث استمر الاجتماع أكثر من 3 ساعات وسط هتافات من أنصار الرافضين والموافقين على القرار، ولم يتوان أي من الفريقين عن التمسك بوجهة نظره ، إذ تجاوز عدد الحضور في حزب الوفد أكثر من 500 شخص.

وشهد الاجتماع بحسب ما أكد حضور اللقاء لـ quot;إيلافquot; انقسام أعضاء المكتب التنفيذي، إذ أعلن رئيس الحزب التزامه بقرار الانسحاب نظرا لعمليات التزوير الموسعة التي شهدتها الانتخابات، مشددا على أن الانسحاب يعني الالتزام بمبادئ الحزب وهو القرار الذي توصل أعضاء المكتب التنفيذي له بعد المناقشات ولاسيما أنه لا يمكن عقد جمعية عمومية طارئة، حيث تنص اللائحة الداخلية للحزب على ضرورة أن يكون رئيس الحزب قد وجه الدعوة قبل 15 يوماً من تاريخ الانعقاد، ما يعني أن قرار الحزب بالمقاطعة اليوم قرار نهائي.

استمرار المشاركة

وفي سياق متصل قرر الدكتور رفعت السعيد رئيس حزب التجمع استمرار الحزب في المشاركة في جولة الإعادة المقبلة، مؤكدا مشاركة كافة مرشحيه الذين نجحوا في المرحلة الأولى والبالغ عددهم 6 في جولات الإعادة.

وجاء قرار السعيد عقب اجتماعه مع أمانة للحزب وسط حديث عن أن القرار تم اتخاذه بفارق صوتين فقط عن قرار المقاطعة والانسحاب، فيما تظاهر عدد من أمناء المحافظات أمام مقر الحزب في وسط القاهرة للإعلان عن رفضهم للقرار ولتصريحات الأمين العام للحزب التي سبقت الاجتماع، وأعلن فيها مشاركة الحزب في جولة الإعادة من الانتخابات.

ودعا عدد من أعضاء الأمانات الفرعية في المحافظات للحزب إلى عقد اجتماع طارئ مساء اليوم لاتخاذ رد فعل على قرار الحزب الاستمرار في الانتخابات فيما أصدرت أمانة الاسكندرية والجيزة بيانات طالبت فيها رئيس الحزب بمقاطعة جولة الإعادة.

وفي بيان رسمي صادر عن الحزب اعتبر التجمع أن انتخابات مجلس الشعب الأخيرة هي الاسوأ في تاريخ مصر الحديث، بعدما شهدته من ظروف غير مسبوقة من البلطجة التي مارستها عناصر من الجهاز التنفيذي، مؤكدا أن اللجنة العليا للانتخابات كانت غائبة عما يحدث في الانتخابات من بلطجة وتقفيل للصناديق خلال عمليات الاقتراع.

وأكد البيان أن ما جرى الأحد الماضي من تجاوزات سيظل معلقاً في رقبة الحزب الحاكم، معتبرا أن أداء اللجنة العليا للانتخابات تحيطه علامات استفهام كثيرة، مطالبا بتغيير النظام الانتخابي بحيث تجرى الانتخابات على أساس القائمة النسبية في ظل شفافية كاملة، بالإضافة إلى وضع قانون جديد لتشكيل لجنة عليا تشرف على الانتخابات وتمتلك صلاحيات حقيقية وليست وهمية.

وفي سياق متصل دعا الحزب الناصري اليوم المواطنين إلى مقاطعة جولة الإعادة من الانتخابات مؤكدا ضرورة الإحجام عن المشاركة فيها وذلك بعد الاجتماع الذي عقد في مقر الحزب صباح اليوم.

انسحاب سياسي

من جهته قال الدكتور جهاد عودة أستاذ العلوم السياسية والقيادي البارز في الحزب الوطني الحاكم أن انسحاب حزب الوفد هو انسحاب سياسي وليس انسحابا من الانتخابات بشكل فعلي، مستشهدا بتصريحات رئيس اللجنة العليا للانتخابات في هذا الشأن.

وأوضح عودة في تصريحات خاصة لـ quot;إيلافquot; أن حزب الوفد اتخذ قرار المشاركة في الانتخابات بقرار من الجمعية العمومية للحزب، متسائلا كيف يمكن أن يتخذ قراراً بالمشاركة من قبل الجمعية العمومية ويتم العدول عنه بآلية أخرى؟

وأكد أن هذا القرار سيؤثر في استقرار حزب الوفد الداخلي، لافتا إلى أن الحزب الذي يعتبر من أعرق الأحزاب المصرية في الحياة السياسية ليس من عادته الانسحاب في الانتخابات مهما كانت الظروف، مشددا على أن الأحزاب المصرية بصفة عامة باستثناء الحزب الوطني تعاني عدم قدرتها على التخطيط بعيد المدى.

ولفت إلى أن الحزب الوطني بدأ الخطط بعيدة المدى منذ عام 2002 حين تم وضع استراتيجيات بدأ يجني ثمارها فيما بعد، معتبرا أن نجاح ممثلي الوطني من الجولة الأولى بهذا العدد الكبير هو نتيجة التحضير للانتخابات منذ أكثر من 3 سنوات، حيث اتعظ الحزب من خسارته عددا كبيرا من المقاعد في انتخابات عام 2000 وانتخابات عام 2005.

وكانت النتائج النهائية للجولة الأولى من انتخابات مجلس الشعب والتي أعلنت في ساعة متأخرة من مساء الثلاثاء قد أسفرت عن فوز الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم بـ 209 مقاعد فيما حصل حزب الوفد على مقعدين ومقعد لكل أحزاب التجمع والغد والعدالة بالإضافة إلى 7 مستقلين فيما لم تفز جماعة الأخوان بأي مقاعد وكان من المقرر أن يخوض 27 من أعضائها جولة الإعادة بجانب 9 مرشحين من الوفد و6 من التجمع ومرشح من حزب السلام بالإضافة إلى 140 مستقلا.