تسعى النّيابة العامة السويدية لاستجواب مؤسِّس موقع ويكيليكس بتهمة تورّطه في ارتكاب جريمة اعتداء جنسي بحق سيدتين تحت بندquot;اغتصاب من النوع الثالثquot;وقد يواجه عقوبة السجن لأربع سنوات.


ربّما لم يكن يعلم جوليان أسانج، مؤسس موقع ويكيليكس، حين طلب مواعدة سيدتين سويديتين في آب/ أغسطس الماضي، أن القوانين السويدية التي تحمي السيدات في مقابلاتهن الجنسية تتضمن على التعريفات واسعة النطاق للاعتداءات الجنسية والاغتصاب.

ويواجه الاسترالي أسانج، المحتجز الآن في بريطانيا، طلب تسليم من جانب النيابة العامة السويدية التي ترغب في استجوابه بتهمة تورطه في ارتكاب جريمة اعتداء جنسي بحق هاتين السيدتين، وهي المزاعم التي ينفي أسانج حدوثها جملةً وتفصيلًا.

ونقلت اليوم في هذا السياق صحيفة النيويورك تايمز الأميركية عن كلايس بيرجستروم، وهو محام يمثل السيدتين، قوله :quot; إن كان يزعم أن الحقيقة والشفافية يقفان وراء ويكيليكس، فهو بحاجة لقبول نفس معايير الشفافية لنفسه ويأتي للإدلاء بشهادته. ولا تعتبر بالضرورة القوانين الجنائية السويدية المتعلقة بالجرائم الجنسية أشد صرامة بكثير من القوانين المطبقة في كثير من الدول الأوروبية الأخرىquot;.

لكن السيدات السويديات، تبعًا لما أوضحته الصحيفة، وهن مدعومات بوعي تام بحقوق المرأة وتاريخ حافل بالمناقشات العامة بشأن ويلات العنف الجنسي، ربما كُنَّ أكثر استعدادًا للاستعانة بالقانون من أجل مساعدتهن. ومضت الصحيفة تقول على صعيد متصل إن عدد جرائم الاغتصاب التي تحدث في السويد هو الأعلى إلى حد بعيد في الاتحاد الأوروبي، وذلك وفقًا للمرجع الأوروبي لإحصاءات الجريمة والعدالة الجنائية، الذي يُسجِّل 53 جريمة اعتداء لكل 100 ألف نسمة. في الوقت الذي تحل فيه بريطانيا في المرتبة الثانية بهذا التصنيف، بـ 24 جريمة لكل 100 ألف نسمة.

وتأكيدًا على انتشار وارتفاع معدل مثل هذه النوعية من الجرائم، قال ستيفن ليسينيسكي، الصحافي المخضرم في شؤون الجريمة لدى صحيفة داغينز نيهيتر اليومية السويدية، إنه يقضي ما بين ثلث إلى نصف وقته في الكتابة عن الجرائم الجنسية.

وفي هذا الصدد، قال خبراء قانونيون إن هذا لا يرجع على الأرجح إلى تزايد العنف الجنسي في السويد، وإنما نتيجة لتزايد عدد الجرائم التي تُسَلَّط عليها الأضواء. كما أوضح البعض أنه إذا ما كان تمكين المرأة ndash; اقتصاديًا، واجتماعيًا، وكذلك قانونيًا ndash; يحظى بنوعية مختلفة في السويد عما هو حاصل في غيرها من الدول، فهذا يرجع إلى كون الرجال أيضًا موجودون في خضم النقاش الدائر بشأن المساواة بين الجنسين.

وأشارت الصحيفة في هذا السياق إلى أن 85 % من الرجال السويديين يحصلون على إجازة ولادة، وأن رجال السياسة المحافظين يطلقون كذلك على أنفسهم مصطلح quot;القابلين بالمساواةquot;. وفي ظل المساواة التي تشهدها العلاقات بين الرجل والمرأة في العمل والمنزل بالسويد، مضت الصحيفة تقول إن بعض المحرمات التي ربما كانت تحمي مرتكبي الجرائم الجنسية قد اختفت الآن. وتابعت بلفتها إلى وجود محاولات تهدف الآن إلى زيادة تشديد القوانين الخاصة بالاعتداء الجنسي والاغتصاب في السويد.

واعتبر الفريق الداعي إلى تلك التشديدات أن تعريف الاغتصاب يجب أن يُطَوَّر بحيث يشتمل على المواقف التي لا تقول فيها المرأة صراحةً لا للجنس، وإنما تشير بوضوح إلى اعتراضها بطرق أخرى. ونقلت النيويورك تايمز في هذا الشأن عن بينغت هيسلبيرغ، المحامي الذي يحظى بخبرة واسعة في القضايا الجنسية، قوله :quot; نمزح أحيانًا نحن المحامون بأنه سيتعين عليك عما قريب أن تحصل على إذن خطي قبل أن تتمكن من ممارسة الجنس. وإذا لم يكن القانون الجنائي المطبق حاليًا في السويد أكثر صرامة بشأن الجرائم الجنسية عن القوانين المطبقة في غيرها من البلدان الأوروبية، فإن القوانين السويدية ربما تكون أكثر دقة، عن طريق تفريقها بين ثلاث فئات من الاغتصاب، وعلى نحو غير معتاد، استدعاء مفهوم quot;الإكراه غير المشروعquot;.
وأوضحت الصحيفة في هذا الجانب أن هناك نوعًا يعرف بـ quot;الاغتصاب العنيفquot;، الذي يشهد درجة عالية من العنف وتصل فيه العقوبة القصوى إلى الحبس لمدة 10 أعوام؛ في حين يوجد نوع آخر يطلق عليه quot;الاغتصاب النظامي أو الاعتياديquot; الذي ينطوي على بعض أعمال العنف وتصل فيه العقوبة القصوى إلى الحبس لمدة 6 أعوام؛ وهناك نوع ثالث يعرف بـ quot;الاغتصاب الأقل حدةquot;، وهو الاغتصاب الذي قد لا يحتوي على أعمال عنف لكن يفرض فيه الاتصال الجنسي على المرأة ضد إرادتها. وهو النوع الذي يشتبه المحققون السويديون فيأن جوليان أسانج قد تورط فيه، وهي الواقعة التي يعاقب عليها القانون بالحبس لمدة تصل إلى 4 أعوام.