على الرغم من إعلان نوري المالكي وتأكيده على إستقلالية الوزارات الأمنية وضرورة إستقدام شخصيات مستقلة لتبوء وزارتي الداخلية والدفاع إلا أن المعلومات الواردة من مكتبه تفيد انه تم ترشيح شخصيات تدين له بالولاء، في وقت تتواصل الاجتماعات في المنطقة الخضراء من اجل تسمية الوزراء وسط انباء تتحدث عن زيادة الحقائب الوزارية.


تعتبر وزارة الداخلية العراقية من أكثر الوزارات التي تشكل مصدر قلق لرئيس الوزراء نوري المالكي الذي يعتزم الإعلان عن تشكيل حكومة جديدة خلال الأسبوعين المقبلين، بعد ان كاد يتخلى عن هذه الوزارة للعرب السنة مقابل وزارة الدفاع عملا بنصيحة قادة عسكريين يوليهم ثقته المطلقة.

وابلغ مصدر عليم quot;ايلافquot; ان الاجتماعات تتواصل ليلا نهارا في المنطقة الخضراء من اجل تسمية الوزراء بعد ورود انباء تفيد بزيادة عدد الوزارات من 38 الى 40 وزارة تماشيا ورغبات الكتل السياسية الطامعة بالحصول على مزيد من الامتيازات والمناصب والمواقع والسلطة.

وقال المصدر إن الاتفاق على توزيع الوزارات السيادية وخصوصا وزارة الداخلية واجه صعوبات كبيرة بين اعضاء التحالف الوطني (الشيعي) لتعلق توزيع المناصب بتعهدات ووعود بنيل مناصب بذلها نوري المالكي لشركائه مقابل كسب تأييدهم . وقال quot; الوعود المبذولة كثيرة جدا وعدد المناصب يكاد يكون محددا لهذا لجأ نوري المالكي لاستحداث مناصب ووظائف كان قد وعد بمنحها وهو قد يعاني اليوم لإيجاد وسائل لتنفيذ تلك الوعود خصوصا مع وجود عشرات الشخصيات التي وعدها بالحصول على مناصب وهي تنتظر اليوم الإيفاء بوعوده وهو امر لن يكون يسيراquot;.

وزارة الداخلية لمن؟

وحتى الاسبوع الماضي لم يكن المالكي متحفظا لاحتفاظ التحالف الشيعي بوزارة الداخلية عملا بنصيحة قادة يوليهم ثقة واذنا صاغية . وقال المصدرquot; ان المالكي يخضع بشكل مباشر تارة وغير مباشر تارة أخرى لبعض من قادة عسكريين في ما يتعلق بأهمية الوزارات الأمنية من عدمهquot;. واضاف quot;يصغي نوري المالكي للفريق اول فاروق الاعرجي مدير مكتب القائد العام للقوات المسلحة واللواء طالب شغاتي الكناني مدير جهاز مكافحة الارهاب، وقد حاول اللواء فاروق الاعرجي إقناع رئيس الوزراء بعدم أهمية وزارة الداخلية قياسا لوزارة الدفاع وعمليات بغدادquot; . واوضح quot; تمكن فاروق الاعرجي من اقناع نوري المالكي بعدم أهمية الحصول على وزارة الداخلية قياسا بالحصول على وزارة الدفاع التي قد تشكل تهديدا بالانقلاب على نوري المالكيquot;. وتابع quot; بدا نوري المالكي مترددا وتم تدخل ابراهيم الجعفري رئيس التحالف الشيعي من اجل ان يتم حسم حصول التحالف الشيعي على وزارة الداخلية باعتبارها اخطر الوزارات والتي بمقدورها تشكيل تهديدا فعليا على الوضع العراقي ان لم يتم احتواؤهاquot;.

الصراع على وزارة الداخلية

وعلى الرغم من إعلان المالكي وتأكيده على استقلالية الوزارات الأمنية وضرورة استقدام شخصيات مستقلة لاستيزار وزارتي الداخلية والدفاع إلا أن المعلومات الواردة من مكتبه تفيد انه تم ترشيح شخصيات مثل عقيل الطريحي المفتش العام في وزارة الداخلية وعدنان الاسدي الوكيل الاقدم في الوزارة مع شخصيتين مقربتين وتدين بالولاء لمصالحها اولا للمالكي وطموحه ثانيا. وياتي الفريق اول فاروق الاعرجي مدير مكتب القائد العام للقوات المسلحة في مقدمة الشخصيات التي رشحها نوري المالكي لاستيزار وزارة الداخلية يليه اللواء طالب شغاتي الكناني مدير مكافحة جهاز الإرهاب . وطبقا للمصدر فان المشكلة التي قد تواجه الشخصيتين المذكورتين تاريخهما اذ تشير انباء الى ارتباطهما بحزب البعث حتى لحظة سقوط النظام السابق في 2003.

ويعتبر عدنان الاسدي الوكيل الأقدم لوزارة الداخلية الشخصية الثالثة التي تم طرحها لاستيزار وزارة الداخلية لكنه يحظى بدعم اقل من قبل المالكي برغم انه تمكن من التعامل مع ملفات مقلقة ومثيرة للمتاعب مثل ملف الضباط الكبار الذين تزيد أعدادهم على 5000 ضابط في وزارتي الداخلية الشرطة الاتحادية والدفاع والمخابرات و يعتقد انهم مازالوا يدينون للنظام السابق ولحزب البعث ويمتلك هؤلاء الضباط المقدرة على تغيير الوضع العراقي او إثارة قلق رئيس الحكومة الجديدة على اقل تقدير.

يضاف الى لذلك ملف ما يسمى بضباط الدمج وهو البرنامج الذي تم استحداثه في وزارتي الداخلية والدفاع كوسيلة ترضية للاحزاب والقوى السياسية وشخصيات نافذة حيث تم منح وتوزيع رتب عسكرية كبيرة على ميليشيات الأحزاب من اجل دمجها وتأهيلها في الأجهزة الأمنية، وتكمن مشكلة الضباط الجدد في عدم حصول غالبيتهم العظمى على مؤهلات علمية او اكاديمية عسكرية.

الصراع في وزارة الداخلية

وكان المالكي قد اقدم على تشكيل عمليات بغداد التي تم استحداثها بناء على أوامر شخصية منه للسيطرة على وزارتي الداخلية والدفاع والحد من نفوذهما خصوصا وان الوزارتين تكادان تأتمران اليوم فعليا بأوامر عمليات بغداد إضافة لتوكل عمليات بغداد بتوفير الحماية للمالكي نفسه والذي يرى ان عمليات بغداد المرتبطة ارتباطا مباشرا به والخاضعة لأوامره امتلكت اليد الطولى بتنفيذ ما رغب تنفيذه طوال الأربع سنوات الماضية حتى تمكن من بسط نفوذه على وزارتي الداخلية والدفاع من خلال تهميشهما بشكل او بآخر وإناطة المسؤولية الأمنية والسلطة الفعلية في اتخاذ القرارات بعمليات بغداد ومكتب القائد العام للقوات المسلحة وهو امر ظلت وزارة الداخلية تشكو منه على امل ان تعود لامتلاك القرار الأمني مما شكل ضغوطات كبيرة على نوري المالكي.

وشهدت بغداد وبدرجات عالية تنفيذ هجمات إرهابية أسقطت آلافا من الضحايا وقال المحلل السياسي مشرق السنجري لايلاف بهذا الشان ان الحكومة العراقية لم تتمكن بعد من بسط سيطرتها على الوضع الامني بدليل انها لم تتمكن طوال السنوات الماضية من درء الهجمات الإرهابية الشديدة او الخفيفة منها . وأضافquot; كان رئيس الحكومة يحمل الضباط البعثيين او اولئك الذين يدينون بالولاء للنظام السابق مسؤولية الهجمات الإرهابية و الخروقات الأمنية فبعد كل هجوم إرهابي تتوالى التعليقات الحكومية وتعليقات المسؤولين ضد البعثيين والتكفيرينquot;.

وتابع السنجريquot; ان الحديث عن استقلالية الوزراء لا وجود له وهو حديث فارغ وبعيد عن المصداقية حيث تسيطر الاحزاب على كل شي في العراق ومن هنا فان مسؤولية رئيس الحكومة الجديدة ستكون شاقة خصوصا ان استمر باتباع السياسة ذاتها التي اتبعها طوال الأربع أعوام الماضية فرغم انه ينادي باستقلالية الوزراء الأمنيين لكن وزيري الداخلية والدفاع كانا ينتميان لحزبين مختلفين اذ يترأس وزير الداخلية جواد البولاني رئاسة الحزب الدستوري فيما انضم عبد القادر العبيدي وزير الدفاع لحزب دولة القانون وهو حزب المالكي نفسهquot;.

سيناريو عمل الداخلية مستقبلا

وطبقا للمحلل السياسي السنجري فان المالكي قد يكون قد تعلم شيئا من ولايته الاولى بخصوص التعامل مع وزارة الداخلية التي ترتبط ارتباطا مباشرا بالواقع العراقي حيث شهدت اروقة مكتب رئيس الوزراء ومكتب الوزير الخاص في وزارة الداخلية صدامات كبيرة بين المالكي ووزير داخليته . وكانت تقارير رسمية (أميركية-عراقية) قد تحدثت عن تقييمات تفصيلية موثقة لأداء الوزارات والأجهزة الأمنية العراقية تمت الإشارة فيها الى أن العراق يعاني من التلكؤ في عدد من القضايا الأمنية الأساسية وكشفت عن تدخلات مسؤولي مكتب رئيس الوزراء لما أسمته التقارير quot;سرقة سلطاتquot; الدفاع والداخلية من وزيريها.

ويؤكد السنجري بهذا الشأن quot; قد يحتاج المالكي لوزير داخلية يدين بالولاء له لكنه يحتاج بشكل اكبر لوزير يمتلك صلات جيدة باعضاء مجلس النواب مع امتلاكه لخبرة ودراية من داخل الوزارة نفسها ويجيد التعامل مع القضايا والملفات العالقة والخطيرة في وزارة الداخلية والتي بمقدورها تفجير الوضع الأمني متى ما شاءت مع الأخذ بالاعتبار بقاء وزارة الداخلية كرأس حربة تقلق رئيس الوزراءquot;.