أخبار وأصداء quot;الثورة الثالثةquot; لـ ويكيليكس لحظة بلحظة في إيلاف

تاريخ النشر 10/12/2010 الساعة 7 صباحا / آخر تحديث 11/12/2010 الساعة 5 صباحا

اعتبر الأمير تركي الفيصل أن تسريب وثائق دبلوماسية على موقع ويكيليكس ألحق أضرارا فادحة بالولايات المتحدة الأميركية، لكنه أعرب عن اقتناعه بأن علاقة الرياض مع واشنطن لن تتأثر سلبا بتلك التسريبات، وقال quot;إننا تغلبنا على قضايا أخطر في السابقquot;.


لندن: اعتبر الأمير تركي الفيصل في مقابلة أجريت معه هذاالأسبوعأن الولايات المتحدة أُصيبت بأضرار سياسية خطيرة نتيجة نشر وثائق سرية على موقع ويكيليكس. وأشار إلى أن quot;مصداقية أميركا وأمانتها هما ضحية هذه التسريبات. وأن الآخرين، بمن فيهم المسؤولين، لن يتحدثوا بعد الآن بصراحة مع الدبلوماسيين الأميركيينquot;.

وطبقا لوثائق دبلوماسية حصل عليها موقع ويكيليس ونشرها، فإن السفير السعودي في واشنطن عادل الجبير نقل عن العاهل السعودي الملك عبد الله أنه نصح الولايات المتحدة بتعطيل برنامج إيران النووي quot;وقطع رأس الأفعىquot;.

ورأى الأمير تركي في حديثه للمجلة أن هذه الوثائق خليط من الإنتقائية وانعدام الدقة والسعي إلى تحقيق أجندات خاصة بهدف التضليل الإعلامي المباشر. لكنه أعرب عن اقتناعه بأن علاقة الرياض بواشنطن لن تتأثر سلباً بالتسريبات وقال quot;إننا تغلبنا على قضايا أخطر في السابقquot;.

كما أشار الأمير تركي الفيصل إلى أن السعودية لن تنسى الدعم الذي قدمته الولايات المتحدة حين قام صدام حسين بغزو الكويت عام 1990. وأضاف quot;أن أميركا هي البلد الوحيد الذي لديه القدرة على أن يقول لا للإسرائيليينquot;.

من جهة أخرى دعا الأمير تركي الولايات المتحدة إلى استئناف عملية البحث عن أسامة بن لادن التي توقفت بسبب حرب العراق، معتبراً أن quot;الولايات المتحدة والعالم لا يمكن أن يعلنا النصر إلا عند القضاء بطريقة أو أخرى على بن لادن. وحين يكون بمقدوركم إعلان النصر يصبح سحب قواتكم من أفغانستان شرعياًquot;.

وحول الملف الايراني، رأى الأمير تركي أنه لا يمكن الوثوق بطهران حين يتعلق الأمر ببرنامجها النووي. وقال إن السعودية quot;كانت تقول للإيرانيين دائماً، أن يكونوا أكثر تعقلاً بهذا الشأنquot; لكنه لفت إلى أن السعودية لن تسمح أبداً للإسرائيليين باستخدام أجواء المملكة (في حال نشوب حرب مع إيران أو ضدها)quot;.

كما نوه الأمير تركي الفيصل إلى أن التفاوض مع إيران يتطلب quot;تطبيق نظام للمكافآت ونظام للعقوبات، بما في ذلك عقوبات عسكرية للبلدان التي تنضمquot; إلى منطقة حرة لأسلحة الدمار الشامل. كما اقترح إقامة quot;مظلة نوويةquot; في الشرق الأوسط quot;بكفالة الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي. وقال إنه يمكن لهذه المظلة أن توفر حماية لإسرائيلquot;.

وهنا النص الكامل للمقابلة التي أجرتها مجلة شبيغل الألمانية مع الأمير تركي الفيصل:

صاحب السمو ، قبل أيام على نشر الوثائق السرية لوزارة الخارجية الأميركية اتصلت وزيرة الخارجية هيلاري كلنتون بأهم حلفاء أميركا لتحذيرهم. هل تلقيت اتصالا منها أيضا؟
كلا ، فأنا لستُ وزير خارجية.

ولكنك خدمت العربية السعودية ، أهم حلفاء واشنطن في العالم العربي ، سفيرا في الولايات المتحدة. والآن كُشفت تفاصيل دقيقة عن هذه الشراكة. ماذا ستكون تداعيات ذلك على علاقاتكم بالولايات المتحدة؟
إن مصداقية أميركا وأمانتها هما ضحية هذه التسريبات. فالآخرون ، بمن فيهم المسؤولون ، لن يتحدثوا بعد الآن بصراحة مع الدبلوماسيين الأميركيين.

ما الذي يعنيه ذلك لبلدك؟
تغلَّبنا على قضايا أصعب في السابق. في عام 1945 على سبيل المثال ، التقى جدي الملك عبد العزيز بالرئيس دي. روزفلت على متن المدمرة يو أس أس كوينسي. وحاول روزفلت أن يقنع الملك عبد العزيز بدعم تطلعات اليهود الذين كانوا يعانون في أوروبا والسماح لهم بالهجرة إلى فلسطين. جدي اعترض على ذلك. لماذا يعاني الفلسطينيون بسبب ما فعله النازيون؟ لذا اتفقا على ألا يتحرك روزفلت بشأن هذه القضية من دون التشاور مع أصدقائه العرب.
وبعد ذلك؟
كما اتضح ـ من وثائق سُربت لاحقا ـ كان لدى هاري ترومان سلف روزفلت، صديق في لعبة البوكر. اتصل به هذا الرجل وقال: quot;اسمع يا هاري ، عليك أن تفعل ذلك من أجل الأيام الخواليquot;.

فاعترفت الولايات المتحدة بإسرائيل دون إبلاغ السعوديين؟
كل الإلتزامات السابقة ذهبت أدراج الرياح. تأثرتْ المملكة بذلك بكل تأكيد وشعرتْ بالخيبة. ولكن كانت لدينا مصالح أخرى أيضا هي تطوير الثروة النفطية والنضال المناهض للإستعمار ضد البريطانيين والفرنسيين والتهديد الشيوع الآتي. لذا واصلنا بالطبع علاقاتنا مع الولايات المتحدة والمجاهرة في الوقت نفسه بمعارضتنا حين تسنح المناسبة.

وهذا ما نتوقعه بعد ما كشفت تسريبات ويكيليكس عنهأيضا؟ معارضة علنية ولكن مع استمرار العلاقات؟
علاقاتنا علاقات قوية ، استراتيجية. وسوف تستمر. ومن الأمثلة على مساعدة أميركا لنا ، الغزو العراقي للكويت. كان جنودها مستعدين للقتال والموت. ونحن لن ننسى ذلك. كما أن الولايات المتحدة هي البلد الوحيد الذي لديه القدرة على أن يقول لا للإسرائيليين. أميركا هي اللاعب الوحيد في الساحة. الأوروبيون يجلسون على عجيزتهم ويقولون: أميركا اذهبي أولا ونحن من ورائك. الأوروبيون لن يدافعوا عن حقوقنا في فلسطين أو لبنان ، ولا الروس سيدافعون عنها أو الأمم المتحدة. أميركا ، نعم. ومن هنا تأتيأهمية علاقاتنا الإستراتيجية مع أميركا.


نعلم الآن من البرقيات الدبلوماسية الاميركية أن لدى إسرائيل والعربية السعودية مصلحة مشتركة أساسية واحدة هي منع إيران من امتلاك قنبلة نووية. وتبين البرقيات أن قيادتكم على أعلى المستويات لا تثق بالإيرانيين في القضية النووية؟
وينبغي ألا نثق. كنا دائما نقول للإيرانيين أن يكونوا أكثر تعقلا في هذا الشأن. ولكن إذا كنتَ تريد أن تلعب إسرائيل وتركيا والعربية السعودية مع إيران ، فلا بد أن يكون اللعب متكافئا. وينبغي ان يكون هناك نظام للمكافآت ونظام للعقوبات ، بما فيها العقوبات العسكرية ، بحق البلدان التي تنضم إلى quot;منطقة حرة لأسلحة الدمار الشاملquot; في الشرق الأوسط. يضاف إلى ذلك ، ينبغي أن تكون هناك مظلة نووية بكفالة الدول الخمسة دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي. ويمكن أن توفر هذه المظلة النووية حماية لإسرائيل.

بحسب الوثائق المنشورة ، فإن الملك عبد الله طلب من الأميركيين انهاء برنامج إيران النووي وquot;قطع رأس الأفعىquot;؟
إن وثائق ويكيليكس خليط من الإنتقائية وانعدام الدقة والسعي إلى تحقيق أجندات خاصة والتضليل الإعلامي المباشر.

أليس صحيحا أنه إذا شنت إسرائيل هجوما على منشآت إيران النووية فإن العربية السعودية ستفتح مجالها الجوي لإسرائيل؟
أعرف هذه الشائعات. وغالبيتها تأتي من إسرائيل.

هناك اشخاص في العربية السعودية لديهم التفكير نفسه؟.
ربما مواطنون اعتياديون. لقد تعاملتُ مع هذه القضايا طيلة حياتي وأقول لكم إن العربية السعودية لن توافق أبدا على السماح لإسرائيل بمهاجمة أي بلد في المنطقة مهما فعل هذا البلد.

لماذا لا تستخدمون خوفكم المشترك من القنبلة الإيرانية لاتخاذ مبادرات باتجاه إسرائيل؟
لماذا؟ في عام 1981 اقترحت العربية السعودية القبول بحدود 1967 في إطار مشروع الملك فهد. ولكن إسرائيل اجتاحت لبنان. وفي عام 2002 عبأ ولي العهد وقتذاك الأمير عبد الله العالم العربي كله وراء مشروع للسلام، باسم مبادرة عبد الله. فماذا فعلت إسرائيل؟ لا شيء.

لدى شخصيات مثلكم ومثل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مخاوف واحدة إزاء القنبلة الإيرانية. أنتما تنتميان تقريبا إلى جيل واحد ، وكلاكما درستما في الولايات المتحدة. لماذا لا تتحادثان مع احدكما الآخر؟
نتنياهو يستثمر الملف الإيراني ، وهو يستخدم تهديد طهران لتعبئة الرأي العام الاسرائيلي والعالمي. وبالمناسبة فإن الرئيس الإيراني محمود احمدي نجاد يفعل الشيء نفسه. إذ ليست هناك قضية أخرى ينال فيها التأييد مثل التأييد الذي يحظى به في شأن الملف النووي. إنهما مثل ديكين يتقاتلان على فرخة واحدة.

لماذا لا تُقدْمون على هذه المخاطرة من أجل السلام؟ لماذا لا تدعون نتنياهو إلى الرياض؟
لا أعتقد أن علينا أن نفعل ذلك. سيتهمنا شعبنا بالرضوخ للضغط الإسرائيلي. وستنال المستوطنات الإسرائيلية التي أُسميها مستعمرات ، شرعية إذا تحادثنا مع إسرائيل ، أينما يكون ذلك.

لماذا لا يلقى موقفكم قبول الولايات المتحدة ، حليفتكم وحليفة إسرائيل الرئيسة؟
عمل الإسرائيليون بمثابرة أكبر وبطريقة أذكى مما عملنا نحن لاختراق عملية صنع القرار في أميركا. وأياً يكن ما يريدونه يستطيعون أن يجدوا بسهولة 300 عضو في الكونغرس يؤيد مقترحهم. نحن ليس لدينا مثل هؤلاء المتحدثين أو الناطقين باسمنا.

لا يمكنكم أن تنحوا باللائمة على الإسرائيليين عن هذا الموقف؟
مطلقا. ولهذا السبب هزمنا الاسرائيليون ، سواء في أميركا أو في أوروبا. إنهم ببساطة كانوا أذكى.

قبل ثلاثة أسابيع ساعدت الإستخبارات السعودية في منع هجوم إرهابي على اوروبا أو اميركا. وأبلغتم المسؤولين الالمان بوجود طرود مريبة قادمة من اليمن. ولأول مرة منذ 11 أيلول/سبتمبر 2001 حظيت العربية السعودية بعناوين إيجابية في صحف العالم ارتباطا بمنع الإرهاب؟

حدث تغير أساسي في العمل الإستخباراتي والمعلوماتي. حين كنتُ في الغستخبارات كانت القاعدة المتَّبعة: إذا أعطيتَ معلومة ، نحرص نحن الجانبين على ألا يعرف أحد بها. وهكذا كنا نحمي مصادرنا. حدث تغير بسبب توفر المعلومات على نحو متزايد. فاليوم أستطيع ان أفتح غوغل وأجد أشياء كان عليَّ في السابق أن أرسل مئات العناصر للحصول عليها.

القسم الثاني: لماذا تتفاوض طالبان أصلا؟
التقيتَ شخصيا أسامة بن لادن خمس مرات ، آخرها في صيف 1990. لو كنتَ مسؤولا عن العمليات اليوم أين ستبحث عنه؟
المسألة في غاية السهولة. إنه في المنطقة الحدودية بين أفغانستان وباكستان. في الأيام الأولى بعد 11 أيلول/سبتمبر كانت أميركا تبحث عنه من جبل إلى آخر ، من قرية إلى أخرى ، ومن مغارة إلى أخرى. ولكنها فجأة توقفت عن البحث لأنها سحبت عناصرها من أفغانستان إلى العراق. إننا بحاجة إلى حملة أخرى للبحث عنه ، بقيادة الولايات المتحدة ولكن بمشاركة بلدان لديها مصلحة في تسوية حساباتها مع ابن لادن. ليس العربية السعودية وحدها بل روسيا والصين والهند وباكستان ومصر وسبانيا وأندونيسيا.

ألا تستطيع العربية السعودية أن تنهض بذلك بمفردها؟
لا قدراتنا ولا قدرات أميركا ولا قدرات أي بلد وحده كافية لمثل هذه الحملة. وإذا توفرت الإرادة للقبض عليه يمكن العثور عليه كما عُثرعلى صدام في نهاية المطاف. ولكن هذا التصميم غائب. وكان الرئيس باراك أوباما تعهد خلال حملته الانتخابية بإعادة التركيز على البحث عن الإرهابيين. ولكن الجنرال ديفيد بترايوس يتوقع الآن إلحاق الهزيمة بطالبان لاستجلابها إلى طاولة المفاوضات. ولم يعد أحد يتحدث عن بن لادن. وهذا هو الخلل الذي أصاب الحملة.

ما هو التأثير الذي سيحدثه القبض على ابن لادن؟
لن يكون بمقدور الولايات المتحدة والعالم إعلان النصر إلا بالقضاء على ابن لادن بطريقة أو أخرى. وحين يكون بمقدوركم إعلان النصر يصبح سحب قواتكم من أفغانستان شرعياً.

ولكن حلف شمالي الأطلسي قرر مؤخرا الإنسحاب بحلول عام 2014؟
إذاً ، لماذا تتفاوض طالبان أصلا؟ كل ما عليهم أن يفعلوه هو الإنتظار.

كنتَ رئيس مديرية الاستخبارات العامة في العربية السعودية لمدة 24 عاما قبل التنحي في 31 آب/اغسطس 2001. وبعد 11 يوما على وجه الدقة سدَّد تنظيم القاعدة ضربته في نيويورك وواشنطن. هل تلوم نفسك لعدم منع الهجمات؟
ليس أنا وحدي بل العالم كله ينبغي أن يأسف لأنه لم يفعل المزيد للقبض على هؤلاء الأشخاص. كان خطأنا التعامل مع هذا النوع الجديد من المنظمات الإرهابية كما تعاملنا مع منظمات سابقة مثل بادر ماينهوف أو الألوية الحمراء. كنا لا نتبادل المعلومات إلا ثنائيا ولم نعتمد المقاربة الجماعية كما فعلنا في حالة العبوات اليمينة مؤخرا. وهذا كله رغم صدور بوادر تحذير بحلول ايار/مايو 2001 من جميع الأطراف بأن شيئا ما سيحدث. ولكن حتى داخل الولايات المتحدة ، لم يكن مكتب التحقيقات الفيدرالي ووكالة المخابرات المركزية يتبادلان معلوماتهما. فلم نفعل ما يكفي بطبيعة الحال.

أين كنتَ يوم 11 أيلول/سبتمبر 2001؟
كنتُ في جدة. كان الملك فهد يقيم مأدبة عشاء للرئيس السوداني عمر حسن البشير. وقال لي أحد الأمراء يجلس قريبا مني إنه تلقى لتوه رسالة نصية مؤداها أن طائرة ضربت أحد البرجين التوأمين. في البداية فكرتُ أن الأمر قد يكون حادثا. ولكن عندما ضربت الطائرة الثانية أردتُ بالطبع أن أصل إلى البيت لمشاهدة شبكة سي أن أن.

هل توصلتَ على الفور إلى علاقة ابن لادن ، إلى وجود صلة بالعربية السعودية؟
كلا. كنتُ ميالا وقتذاك إلى القول بأن من الجائز أن يكون للهجوم تفرعات بلقانية. فكرتُ في البوسنة ، في كوسوفو ، والتدخل الأميركي هناك.

لكنهم كانوا شبابكم بدلا من ذلك؟
حين أعلن الأميركيون أسماءهم ، انتابني إحساس غريزي بالتسليم بذلك كحقيقة. لم يكن لدي سبب للشك في صدق ذلك التقرير. فأنا لستُ شكوكيا. ولم أشك قط بأن ابن لادن هو المسؤول ، ولا كانت العملية شديدة التعقيد على شخص مثل ابن لادن. ولكن أن تقول quot;شبابكمquot;؟ كان هؤلاء الأشخاص سعوديين لكنهم تدربوا خارج البلد. كانت حياتهم داخل المملكة بلا أحداث تُذكر نسبيا. اثنان منهم كانا معلمين ، وآخر عاطلا. كما قلتُ من قبل: تنظيم القاعدة خرج من مرتفعات افغانستان وليس من صحاري العربية السعودية.

مع ذلك ، إن بلدكم هو الأوثق ارتباطا الآن بتنظيم القاعدة؟
إنه عبء سيثقل كاهلنا إلى الأبد. وسيكون قضية ذنب وأسف لما تبقى من حياتنا ، إن لم يكن لأطفالنا وأحفادنا.
شبيغل ـ صاحب السمو ، شكرا جزيلا على هذه المقابلة.