تصاعدت وتيرة أعمال البناء الاستيطاني في الضفة الغربية والقدس في ظل تعثر مفاوضات السلام.


كشفت مؤسسات حقوقية ورسمية بأن الحكومة الإسرائيلية تسعى لخلق وقائع جديدة على الأرض تتمثل بإقامة مشاريع استيطانية متتابعة في الأراضي الفلسطينية في ظل تعثر المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي.
وذكرت تقارير صادرة عن هذه المؤسسات بأن إسرائيل صعدت من هجماتها على الفلسطينيين خلال الشهر الماضي كما سارعت إلى تنفيذ وإقامة العديد من المشاريع الإستيطانية المتتابعة بغية خلق وقائع جديدة وتحويلها إلى واقع.

وقال غسان دغلس مسؤول ملف الإستيطان في شمال الضفة الغربية في اتصال هاتفي مع quot;إيلافquot; إن التوسع الإستيطاني مازال على حاله في محافظة نابلس وشمال الضفة، بل ويزداد يوما بعد يوم في المستوطنات المقامة على أراضي المواطنين بالمحافظة.
وأشار إلى تنفيذ المستوطنين لمشاريع استيطانية جديدة تمثلت بتوسيع مستوطنة quot;رحاليمquot; المقامة على أراضي الساوية ويتما حيث تتواصل عمليات التجريف التي تقوم بها الآليات العسكرية الإسرائيلية، مؤكدا أيضا وجود عمليات توسعة على أراضي قرية جالود لتوسعة مستوطنة quot;عيليهquot;.

وأوضح وجود توسع استيطاني جديد وعمليات تجريف واسعة في مستوطنة quot;قدوميمquot; المقامة على أراضي محافظة قلقيلية، منوها في الوقت ذاته إلى أن الحكومة الإسرائيلية تسابق الزمن في سياساتها الإستيطانية بهدف خلق وقائع جديدة على الأرض لتحويلها إلى حقائق.
وبخصوص التوسع الإستيطاني في منطقة الأغوار شمال الضفة الغربية، أكد دغلس أن الحكومة الإسرائيلية تنتهج سياسة مبرمجة للسيطرة على الأغوار من خلال الضغط على المواطنين والمزارعين وهدم منازلهم وتشريدهم بغية تفريغها من سكانها والسيطرة عليها.

وقال quot;الأغوار لها طابع سياسي فهي منطقة حيوية وتمتاز بموقع استراتيجي وتسعى الحكومة الإسرائيلية للسيطرة عليها من خلال حملات متتابعة لفرض حقائق على أرض الواقعquot;.
ودعا دغلس إلى ضرورة تحقيق الوحدة الفلسطينية لمواجهة هذه التحديات، مشددا في الوقت ذاته على ضرورة إنهاء الإنقسام الحاصل والسير قدما حسب برنامج الرئيس محمود عباس، والعمل على تعزيز صمود المواطنين على أراضيهم في ظل الهجمة الإستيطانية المتسارعة.

وفي ما يتعلق بتصاعد الهجمات الإسرائيلية في شمال الضفة الغربية في الآونة الأخيرة، قال دغلس: quot;قامت الآليات العسكرية الإسرائيلية مؤخرا بعملية هدم واسعة لمنازل المواطنين وحظائر الماشية في خربة طانا الواقعة على بعد 7 كم إلى الجنوب من قرية بيت فوريك شرق مدينة نابلس بعد اقتحام المنطقة وإعلانها منطقة عسكرية مغلقةquot;.

وأكد دغلس أن القوات الإسرائيلية قامت وللمرة الثالثة بعملية الهدم لهذه المنازل والحظائر وهي مقامة منذ عشرات السنوات، موضحا أن عملية الهدم طالت سبعة عشر منزلا وبركسا وحظيرة زراعية لتربية الحيوانات وأزالت بالكامل خياما كان قد تبرع بها الصليب الأحمر الدولي للمواطنين القاطنين في المنطقة، كما جرفت بالكامل مدرسة تعليمية أساسية أنشأتها السلطة الفلسطينية لخدمة المواطنين، مضيفا أن quot;عملية الهدم هذه تعد الثانية التي تقوم بها قوات الإحتلال الإسرائيلي خلال أقل من عام ونصفquot;.
وردا على هذه الإعتداءات قال دغلس: quot;نقوم الآن بتقديم مساعدات طارئة عينية ومادية للمتضررين بالتعاون مع المؤسسات الرسمية والمنظمات الدولية، وسنعمل على تعزيز صمود المواطنين على أراضيهمquot;.

وكان وزير شؤون الإستيطان في الحكومة الفلسطينية ماهر غنيم قد قال ردا على الإعتداء الذي نفذته القوات الإسرائيلية في خربة طانا بمحافظة نابلس: quot; إن موقف الحكومة حول ما جرى في طانا وغيرها واضح ومحدد وهو 'أننا لن نتوقف عن البناء والتعميرquot;.
وأكد أن هذا الإعتداء يعد quot;تحديا كما أنه يمثل صراع إرادات quot;إرادة البقاء وتعزيز الصمود أمام إرادة الإحتلال والإستيطان وهو جوهر الصراعquot;.

وأكد وزير شؤون الإستيطان، أن الحكومة ستكون موجودة في طانا وفي أي مكان يتعرض للتدمير من قبل سلطات الإحتلال، مشيرا إلى أنه سيتم بناء ما تهدمه قوة الإحتلال. وقال: quot;نحن مصممون على التصدي لهذه الهجمة، وهذا موقف رسمي وشعبي، ولا يوجد خيار أخرquot;.

وفي بيان صادر عن محافظة نابلس تلقت quot;إيلافquot; نسخة منه، أكد محافظ نابلس جبرين البكري استنكاره لهذا السلوك العدواني، وقال إن quot;الحكومة ستقوم بتنفيذ ما يعزز صمود أهالي طانا بأسرع وقت ممكن، كما فعلت سابقاquot;.
كما استنكر الناطق الرسمي باسم المحافظة، إقدام القوات الإسرائيلية على هدم طانا الذي شمل المساكن والمدرسة وحظائر المواشي، والتي هدمت قبل ذلك مرتين، لافتا إلى أن إسرائيل تنتهج سياسة تدمير تجاه تجمعات المواطنين والفلاحين بهدف تشريدهم.

وناشد الناطق الرسمي لمحافظة نابلس المؤسسات الدولية والإنسانية والحكومية، لرفض هذا السلوك باعتباره يتنافى مع كافة المواثيق والمعاهدات الدولية التي تنص على حماية المدنيين وليس تشريدهم وإفقادهم الأمن الإجتماعي والإقتصادي.
تجدر الإشارة إلى أن مواطني خربة طانا يعيشون في هذه المنطقة منذ أربعينييات القرن المنصرم في كهوف صخرية قبل بناء عدد من غرف الطوب والبركسات لإيوائهم مع ماشيتهم حيث يعد الرعي مصدر الرزق والعمل الرئيس لسكانها.
وتقدر مساحة طانا بألفي دونم وتقع بالقرب منها مستوطنة quot;ماحورةquot; وهي مستوطنة زراعية، وقد استولت القوات الإسرائيلية على أكثر من عشرة ألاف دونم من أراضي بلدة بيت فوريك لصالح هذه المستوطنة.

الإنتهاكات الإسرائيلية خلال الشهر الماضي
وفي إطار الهجمات الإسرائيلية المتواصلة أفاد التقرير الشهري لدائرة العلاقات الدولية في منظمة التحرير الفلسطينية، بأن الجيش الإسرائيلي قتل ثلاثة مواطنين، واقتلع المستوطنون نحو أربعمئة شجرة زيتون، في وقت أقرت فيه السلطات الإسرائيلية ببناء 3135 وحدة استيطانية في مواقع مختلفة خلال تشرين الثاني الماضي.

تهويد القدس
وأوضح التقرير أن مدينة القدس شهدت خلال شهر تشرين الثاني الماضي تصعيدا خطيرا في سياسة الإستيطان واحتلال المنازل الفلسطينية، حيث أجبرت السلطات الإسرائيلية أفراد عائلة حامد بحي الشيخ جراح البالغ عددهم خمسة وأربعين مواطنا غالبيتهم من الأطفال، والخروج من أربع شقق تمتلكها لصالح الجماعات اليهودية المتطرفة.
وأضاف أن quot;جماعات يهودية متطرفة بمساندة السلطات الإسرائيلية، استولت على منزل علي قراعين بحي جبل المكبر في القدس المحتلة المكون من ثلاثة طوابق ويقطنه 22 فردا من العائلة، في وقت واصل فيه المستوطنون أعمال الترميم والبناء في عقار آل الداهودي في عقبة السرايا بالقدس المحتلةquot;.
وأوضح التقرير أن الآليات العسكرية الإسرائيلية هدمت معرشات زراعية وحظيرة خيل وجدارا استنادي خاصة بماهر محيسن من العيسوية في القدس المحتلة، بحجة عدم الترخيص.
وبين تقرير دائرة العلاقات الدولية أن الحكومة الإسرائيلية صادقت على رصد نحو ثلاثين مليون دولار لتهويد ساحة البراق ومحيطها بجوار المسجد الأقصى، فيما انتقلت 66 عائلة من المستوطنين للإستيطان في 66 شقة جديدة تم بناؤها في حي رأس العامود في القدس المحتلة.
وأشار إلى أن متطرفين يهود اعتدوا على محمد وليد مغربي من القدس المحتلة، خلال توجهه إلى مركز عمله في القدس الغربية، الأمر الذي استدعى نقله الى المستشفى بسبب تشوهات في الوجه نتيجة الإعتداء.
وأكد التقرير أن السلطات الإسرائيلية واصلت العمل في مشروع إقامة خط سكة حديدية للقطار الخفيف، الذي يخترق القدس المحتلة، خدمة للمستوطنين ويؤدي إلى الإستيلاء على أراض وعقارات فلسطينية.

التوسع الإستيطاني.. خطوات متسارعة
وأوضح التقرير الصادر عن دائرة العلاقات الدولية في منظمة التحرير الفلسطينية أن السلطات الإسرائيلية صعدت من عمليات البناء في المستوطنات، خاصة داخل وفي محيط القدس المحتلة، في خطوة استباقية لأي تجميد للإستيطان، حيث باشرت بأعمال البناء في 1260 وحدة استيطانية في المستوطنات المقامة فوق الأرض الفلسطينية المحتلة منذ انتهاء فترة تجميد الإستيطان، منها 56 وحدة استيطانية في مستوطنة quot;كرمي تسورquot; فوق أراضي بلدة بيت أمر في محافظة الخليل.
وذكر التقرير أن الحكومة الإسرائيلية أقرت بناء 625 وحدة استيطانية في مستوطنة quot;بسغات زئيفquot; فوق أراضي حزما وبيت حنينا في محافظة القدس، و130 وحدة استيطانية بين مستوطنة quot;غيلوquot; وبلدة بيت صفافا في القدس، و1320 وحدة في مستوطنة quot;هار حوماquot; المقامة على جبل أبو غنيم، ومستوطنة quot;راموتquot; في القدس المحتلة أيضا.

وفي سياق متصل أقرت تلك السلطات بناء 800 وحدة استيطانية في مستوطنة quot;أريئيلquot; شمالي مدينة سلفيت.
وأضاف التقرير أن المستوطنين استولوا بالقوة على مئتي دونم من أراضي منطقة عين الحلوة في الأغوار، بهدف توسيع مستوطنة quot;مسكيوتquot;، فيما شرع مستوطنون آخرون بتوسيع مستوطنة quot;عليه زهافquot; المقامة على أراضي بلدتي كفر الديك ودير بلوط في محافظة سلفيت، حيث جرفوا نحو مئة دونم، كما جرفت قوات الإحتلال خمسين دونما من أراضي قرية جالود بمحافظة نابلس بهدف توسيع مستوطنتي quot;شيلوquot; وquot;'شفوت راحيلquot;.

وبخصوص الإعتداءات على أشجار الزيتون حسب تقرير العلاقات الدولية في منظمة التحرير فقد أحرق المستوطنون ستة وثمانين دونما مزروعة بأشجار الزيتون في قرية سنيريا بمحافظة قلقيلية ما أدى إلى احتراق مئة وعشرين شجرة زيتون مثمرة، وأقدموا كذلك على قلع ثلاثين شجرة زيتون أخرى من قرية كفر قدوم في المحافظة ذاتها.
وبين التقرير أن المستوطنين أحرقوا مئة وخمسين شجرة زيتون مثمرة في قرية سالم قرب مدينة نابلس، وخمسين شجرة أخرى في أراضي بيت أمر في محافظة الخليل، وعشرة أشجار في أراضي قلقيلية، واثنين وأربعين شجرة في مناطق مختلفة.

هدم المنازل .. عقوبة جماعية
وأفاد تقرير دائرة العلاقات الدولية في منظمة التحرير أن السلطات الإسرائيلية هدمت مغسلة سيارات في حي بيت حنينا بالقدس المحتلة، بحجة عدم الترخيص، وهدمت منزل رائد العيساوي البالغة مساحته 140 مترا مربعا في بلدة العيسوية بالقدس بحجة البناء دون ترخيص، وهدمت منزلا للشقيقين إياد ومحمد العمور في خربة الديرات ببلدة يطا جنوب الخليل، تبلغ مساحته 250 مترا مربعا ويقطنه 25 فرداً، ودمرت أربع حظائر للمواشي وبركسين للسكن في منطقة أبو العجاج في محافظة أريحا والأغوار، فيما دمرت الطائرات الإسرائيلية الحربية منزل محمد علاء الشرف، المكون من طابقين في قرية وادي السلقا، وسط قطاع غزة، كما أصيب منزل رقية أبو مصطفى بأضرار.
وأشار التقرير إلى إصدار السلطات الإسرائيلية اثنين وثلاثين أمر هدم وتوقيف بناء، منها خمسة وعشرون أمر هدم في الأغوار وسلفيت، بحجة عدم الحصول على تراخيص للبناء، وخمسة أوامر أخرى لمواطنين من سلوان في القدس المحتلة، وأمرين لمواطنين من قرية النبي صالح في محافظة رام الله بهدم منزليهما المقامين منذ أربعين عاما، بهدف إقامة جدار الضم والتوسع العنصري.
كما وجهت السلطات الإسرائيلية أوامر لترحيل عشرات العائلات من عرب الرشايدة والزايد في منطقة النويعمة شمال مدينة أريحا، وهددهم بهدم بيوتهم وبركسات مواشيهم، حيث يسكنون المنطقة منذ عقود مضت، بهدف الإستيلاء على نبع العوجا.

الإعتقالات والأسرى
وتبعا لمعطيات تقرير دائرة العلاقات الدولية في منظمة التحرير فقد اعتقلت السلطات الإسرائيلية خلال تشرين الثاني الماضي 212 فلسطينيا في مختلف المحافظات الفلسطينية، بينهم 29 طفلا وسيدة، فيما اعتدت على الأسيرة صمود حسن كراجة من صفا في محافظة رام الله، في سجن الرملة.
وفي إطار متصل، أضرب الأسيران جمال أبو الهيجا وعاهد أبو غلمة عن الطعام احتجاجا على منع سلطات السجون الطفلة ساجدة أبو الهيجا من زيارة والدها في السجن.

انتهاك الحق في الحياة
وتبعا للتقرير فقد قتل محمد جمال النمنم (27عاماً) من مخيم الشاطئ في غزة، وأصيب أربعة آخرون نتيجة تعرض السيارة التي كانوا يستقلونها لقصف صاروخي إسرائيلي.
وقتل إسلام صالح عبد الحميد ياسين (55 عاماً) وشقيقه محمد (19 عاماً)، نتيجة إطلاق صاروخ من طائرة إسرائيلية على السيارة التي كانا يستقلانها في غزة، فيما أصيب 71 مواطنا برصاص وهجمات القوات الإسرائيلية في مناطق مختلفة من الأراضي الفلسطينية المحتلة.

وكان تقرير المكتب الوطني للدفاع عن الأرض الأسبوعي أشار إلى وجود تسارع كبير في إقامة المشاريع والأنشطة الاستيطانية في مختلف أنحاء الضفة الغربية بهدف خلق وقائع جديدة على الأرض.
وكشف التقرير أن الحكومة الإسرائيلية تسير بخطى مدروسة لتغيير الواقع وخلق وقائع جديدة لتحويلها إلى حقائق ضاربة بعرض الحائط القانون الدولي ومتحدية المجتمع الدولي من خلال المصادقة على إقامة وتنفيذ العديد من المشاريع الإستيطانية في القدس المحتلة.
ورصد التقرير طبيعة الإعتداءات الإسرائيلية التي وقعت خلال الأسبوع المنصرم وتمثلت بإقامة مشاريع وأنشطة استيطانية واعتداءات على الأراضي تمثلت بالتجريف واقتلاع أشجار الزيتون وتنفيذ سياسة هدم المنازل وكذلك ملاحقة المشاركين في المسيرات السلمية المناهضة للجدار والإستيطان ما أدى إلى إصابة العشرات منهم بجروح مختلفة وحالات اختناق.