تزايدت مؤخرًا عمليات الاغتيال في العراق حيث تشهد بغداد يوميًا بين 8 و10 عمليات وذلك مع انتشار استعمال كواتم الصوت التي أصبحت تصنّع محليًا باسعار زهيدة،هذا بالتزامن مع نقص الخبرة والتخصص الاستخباراتي لدى الاجهزة الأمنية.

بغداد: أثارت جريمة اغتيال 8 مواطنين في سوق شعبية في بغداد باستخدام كاتم الصوت قبل قرابة 3 أسابيع، الخوف الممزوج بالغضب من عجز الأجهزة الأمنية على توفير الحماية لمواطنيها. إذ اقتحمت عصابة مكونة من 13 شخصًا سوقًا شعبية في محلة شرق بغداد وقتلوا 8 مواطنين ولاذوا بالفرار بعد ان سرقوا كميات كبيرة من المصوغات الذهبية، دون ان تتمكن الأجهزة الأمنية من إلقاء القبض عليهم.

وتوالت في الأسبوع نفسه عمليات اغتيال طالت مواطنين وموظفين في المؤسسات الحكومية على حد سواء باستخدام سلاح كاتم للصوت.

وتحدث الاغتيالات بكاتم الصوت بطريقة مباغتة دون ان تثير الانتباه، حيث روى سالم ناعور بائع مواد غذائية في منطقة الشعب حادثة اغتيال 3 مواطنين مطلع هذا الأسبوع قائلا: quot;حدث الأمر بسرعة خاطفة، ترجل 3 رجال من سيارة حديثة، وشهروا مسدسات صوبوها نحو المارة بشكل عشوائي فسقط 3 منهم وكاد عدد القتلى ان يتزايد لولا انتباه صبي كان على مقربة من الجناة حيث شاهدهم وهم يشهرون أسلحتهم، فهم بالصراخ وقام بتنبيهنا وركضنا نحو محلاتنا وأخرجنا أسلحتنا وحدثت مواجهة بيننا وبينهم، ثم لاذوا بالفرار في سيارة سوداء كانت تنتظرهم عند ناصية الشارعquot;.

وفي الجرائم كلها التي يستخدم خلالها كاتم الصوت، ينجح الجناة بالفرار. حيث لا تخلوا الانباء اليومية من اغتيالات تطال ضحايا يسقطون صرعى فيما يفرّ الجناة.

وطبقًا لمصدر امني رفيع الشأن في وزارة الداخلية فان بغداد تشهد يوميا بين 8 و10 عمليات اغتيال بكاتم الصوت وتزيد تلك النسبة طبقا للتوتر السياسي والتدخلات الخارجية. وحسب المصدر فإن ظاهرة الاغتيالات التي ازدادت في الأسابيع الثلاثة الماضية تعتبر الأخطر والأكثر تطورًا وتعقيدًا.

واعترف المصدر ان ملاحقة الجناة والقاء القبض عليهم يمثل تحديًا شديدالصعوبة على الأجهزة الأمنية، خصوصا ان اقدم الجناة على تنفيذ جرائمهم بدقة وهذا ما يحدث في الغالب، إذ يوفر كاتم الصوت للجاني سهولة الهروب وصعوبة التعقب من قبل الأجهزة الأمنية. وتزداد درجة الصعوبة مع تزايد كفاية الجاني فكلما كان متقنًالاستخدام سلاحه في تنفيذ عمليته والفرار بسرعة من مكان الجريمة، كان إفلاته من العدالة أكثر سهولة وسرعة.

كلفة الكاتم من 5-10 ألاف دينار فقط
وحسب المصدر فإن الاطلاقة هي عبارة عن اندفاع مجموعة من الغازات بسرعة 300 من داخل اطلاقة السلاح ويصاحب طرد الغازات المحشورة داخل الاطلاقة صوتًا قويًّا ناجمًا عن طرد تلك الغازات الى الخارج، ويتم اللجوء الى استخدام كاتم الصوت لحبس الصوت الذي يرافق وينتج عن اندفاع الاطلاقة. ويتم عملها عادة بربط اسطوانة بحز موجود في المسدس او البندقية وظيفته استقبال الغازات المنطلقة من السلاح وامتصاص الصوت المرافق لاندفاع الاطلاقة.

إلا أن العصابات والميليشياتومجموعات الموت في العراق اهتدت لطريقة يتم فيها تصنيع كاتم الصوت محليا.

وتعتبر مدن الصدر، الشيخ عمر، اليرموك، والفلوجة من أهم المناطق القادرة على تصنيع الكاتم حيث يعمدون الى لحم اسطوانة يتناسب حجمها مع نوع وحجم السلاح بالسلاح المستخدم في الجريمة. وأصبح سائدًا استخدام كاتم الصوت في تنفيذ جرائم الاغتيالات الارهابية وذلك لسهولة تصنيعها إضافة لرخص تكلفة تصنيعها. اذ تقدر كلفة تصنيعها بين 5 و10 آلاف دينار فقط.

ويؤمن استخدام كاتم الصوت في تنفيذ الجريمة الحماية لمستخدمه، لانه لا يثير أي شبهات او جلبة على العكس من استخدام الاسلحة العادية التي تحتوي على جلبة كبيرة، من شأنها ان تعمل على توتر الجاني وجلب انتباه المجني عليهم. ويشهد جانب الرصافة من بغداد عمليات إرهابية تفوق تلك التي تحدث في جانب الكرخ.

ولفت المصدر الى ان العراق يعاني بشدة من غياب المهنية والخبرة والتخصص ألاستخباراتي، إضافة الى فشل الحكومة في بناء جهاز امني استخباراتي متكامل طوال الأعوام الماضية. وهو أمر مكن المجموعات الإرهابية من النجاح في تنفيذ عملياتها. ويعتبر الحصول على المعلومات الاستخبارية خطوة أساسية لمكافحة الإرهاب والجرائم الجنائية لكن المحاصصة السياسية والطائفية، وغياب التوجه الوطني انعكس على أداء الأجهزة الأمنية وتسبب بفشل في أداء المهمات وذلك لخضوع أجهزة أمنية مثل المخابرات ووزارة الأمن الوطني وحتى وزارة الداخلية الى إدارات سياسية تابعة لجهات حزبية وليست مهنية.

الجرائم اسبابها سياسية
ويعتبر ارتفاع معدل الجريمة في العراق عمومًا وبغداد خصوصًا، قياسيًا، مقارنة بدول عربية وأخرى مجاورة. ويعزو المصدر أسباب ذلك الى غياب المهنية في المؤسسات الأمنية إضافة إلى الإخفاق في بناء نظام امني متقن، ولمحدودية الصلاحيات التي تمتلكها الأجهزة الأمنية قياسًا لتلك الدول.

فعلى سبيل المثال ليس بمقدور الأجهزة الأمنية المختصة اعتقال المشتبه بهم كخطوة استباقية الا بوجود أمر قضائي ومضبطة تحري. وهو أمر بإمكانه فتح المجال واسعًا أمام المشتبه فيهم لتنفيذ الجريمة وشل القدرة على منعها، لكن لارتفاع معدل الجريمة الإرهابية أسبابا أخرى وهي أسباب سياسية مباشرة، حيث شهد العراق طوال السنوات السبع الماضية ارتفاعًا شديدًا في الجريمة الإرهابية لأسباب سياسية بحتة حيث تنعكس الصراعات السياسية بشكل عنيف ومباشر على مدن مثل بغداد ومدن العراق الغربية كصلاح الدين والانبار والموصل وبعض المدن الجنوبية، حيث تنعكس هذه الصراعات السياسية بين الأحزاب النافذة، وتلك التي في السلطة ومجلس النواب على المدن المذكورة.

واعترف المصدر الأمني بوجود تصميم من جهات خارجية لتصعيد العنف وقال بهذا الصدد: quot;هناك دفع شديد باتجاه تصعيد الاغتيالات، وهذا الدفع مصدره دول مجاورة إذ لدينا ملفات تؤكد ضلوعها بالتصعيد والدفع بغرض زيادة معدلات الجرائم الإرهابية، خصوصًا أن كل الدول المجاورة، العربية والإقليمية، تتخذ من العراق ساحة لخدمة مصالحها مدعياً أن الأردن وسوريا وإيران والسعودية وتركيا وغيرها من أهم الدول التي يمكن لمس تواجدها في الساحة العراقية.

إحصائيات
وفي مقارنة لمعدل الجرائم بين عامي 2008 و2009، وحسب بيان تلقت quot;إيلافquot; نسخة، فقد بلغت جرائم القتل 1898 جريمة في عام 2008، وانخفضت الى 761 جريمة قتل في عام 2009. أما حالات الخطف فقد بلغت 730 حالة خطف في عام 2008، وبلغت 310 جريمة خطف في عام 2009.

وطبقا لتقارير وزارة الداخلية فان بغداد شهدت في الأسابيع الأخيرة هجمات مكثفة اغتالت يوميا عشرات من ضباط ومنتسبين في الوزارات الأمنية ومواطنين ومن المتوقع ان تشهد الجريمة الإرهابية ارتفاعا كبيرا مع اقتراب موعد إجراء الانتخابات التشريعية في 7 آذار 2010 وهو أمر يؤرق العراقيين ويثير الخوف والغضب في نفوس البغداديين على وجه الخصوص الذين أصبحوا يلزمون منازلهم بحلول الساعة الثامنة مساء.