ملصقات انتخابيةفي عين كاوه
شهدت مناطق تواجد المسيحيين في العراق هجمات من مسلحين في الآونة الأخيرة أجبرت أعدادا منهم على الهجرة نحو مناطق أكثر أمنًا كأربيل ودهوك، حيث يتهم السكان المسيحيون وأحزابهم تنظيم القاعدة والمسلحين القريبين منه بالمسؤولية عن الهجمات التي قتلت عدداً منهم، خاصة في محافظة نينوى التي تشهد توترا قومياً بين العرب الذين يسيطرون على مجلس المحافظة والأكراد الذين يتهمون الحكومة المحلية بالاستحواذ على السلطة والسعي لضم مناطق يرون انها كردستانية خاصة في أطراف المحافظة.

عبد الرحمن الماجدي من عين كاوه (أربيل): زارت إيلاف مدينة عين كاوه القريبة من مدينة أربيل حيث يقطنها الكثير من المسيحيين. وتعتبر من الأحياء الراقية والآمنة في إقليم كردستان والعراق بشكل عام منذ سنوات، بسبب الخصوصية التي اكتسبتها هذه المدينة المسالمة، فتوجهت معظم البعثات الأوربية والأمم المتحدة لفتح مكاتب لها فيها.

فوفرت لها حكومة اقليم كردستان حماية خاصة لها. ساهمت باستمرار الاستقرار الأمني فيها حتى الان مع مغاردة الشرطة منها، فبدت كأنها منطقة متفق على تركها بعيدة عن الصراعات السياسية المسلحة منذ عام 1996 حيث شهدت دخول قوات الحرس الجمهوري التابع لنظام صدام حسين بعد أن كانت تضم مقر المؤتمر الوطني العراقي بزعامة أحمد الجلبي منذ بداية التسعينات من القرن الماضي فاعتقلت بعض عناصر المؤتمر وقتلت آخرين.

وهي مدينة كلدانية قديمة ورد اسمها في كتب تاريخية مختلفة منها كتاب ابن العبري (مختصر تاريخ البلدان). تقع في شمال غرب مدينة أربيل. وتبعد عنها بنحو أربعة كيلومترات. ويقدر عدد سكانها بـ 20000 نسمة؛ غالبيتهم العظمى ينتمون إلى الكنيسة الكلدانية الكاثوليكية. بالإضافة للآشوريين والسريان الذين يتوزعون خارج عين كاوه أيضا في دهوك ونينوى والسليمانية وكركوك وديالى وبغداد والبصرة ومناطق أخرى من أربيل التي كان لهم وجود فيها منذ مئات السنوات.

عامز حزيران القيادي في حزب بيت النهرين

شوارع عين كاوه النظيفة تغص اليوم بصور المرشحين من المكونات المسيحية السياسية الآشورية والكلدانية والسريانية التي تتنافس على خمس مقاعد برلمانية وفرتها الكوتا البرلمناية الخاصة بمقاعد الأقليات بعد أن طالب القادة المسيحيون بـ 15 مقعداً فحصلوا على خمسة فقط، يرون أنها لا تتناسب مع عددهم كأكبر الأقليات الدينية العراقية، وفق تأكيد القيادي في حزب بيت النهرين عامر حزيران خلال حديثه مع إيلاف في مكتب حزبه في عين كاوه.

ما يميز المسيحيين العراقيين إصرارهم على عدم الانجرار للعنف مهما حوصروا بمسلحين فغدوا في المعترك السياسي العراقي أشبه بأسماك زينة بين حيتان مفترسة، حسب تشبيه أحد ناشطيهم السياسيين. لكن اشتداد الهجمات المسلحة التي استهدفت، في محافظة نينوى مؤخراً، مسيحيين أجبرت بعض الأفراد منهم على العمل كحراس في بعض المناطق يتقاضون أجورهم من حكومة إقليم كردستان العراق، ليساهموا مع عملوا كحراس أو شرطة في حماية بعض البيوت في بعض المناطق. وفتحت لهم ولسواهم أبواب الإقليم لاستقبال أي عائلة مهجرة، وفق ماصرح به به لإيلاف رئيس ديوان رئاسة إقليم كردستان فؤاد حسين.

الوضع الأمني الهش الذي يعاني منه المسيحيون في الموصل جعل مواطني عين كاوه يلقون بالمسؤولية على الأحزاب المسيحية والحكومة العراقية لعدم توفيرها الآمن لمواطنيهم.

وبعض القادمين منهم من العاصمة بغداد نحو عين كاوه للاستقرار والعمل يصر على عدم الاشتراك في العملية الانتخابية مفضلاً ترك معترك الانتخابات للساسة يتصارعون فيه من أنصارهم حسب ما قاله صباح الذي أوضح لإيلاف أنه تعرض في لبغداد للخطف وإن احد إخوته مازال مخطوفاً دون أن يسعى أحد لإطلاقه. وهو يخشى حتى من التصريح باسمه الكامل تجنباً لأي طارئ في المستقبل فيما لو عاد لبغداد.

توني جورج

لكن بائع صاحب البقالية في الشارع الرئيس بعين كاوه توني جورج يرآ ان خير من يمثله هو رئيس الوزراء الأسبق إياد علاوي الذي قال أنه سيصوت له بسبب تجاهل الساسة المسيحيون للاهتمام بمشاكل الشعب المسيحي في العراقي، حسب تعبيره.

ويصر سرمد على أن البقاء في عين كاوه أفضل من العودة الخطرة للعاصمة بغداد التي تركها قبل ثلاث سنوات حيث quot;لا عمل ولا أمل ولا أمن، فلماذا أعود؟quot; أما مشاركته بالانتخابات فلم يحسمها بعدد لأي قائمة مفضلا انتظار يوم الانتخابات ليقرر وقتها.

أنصار الأحزاب المسيحية موزعون بين ثلاث مكونات رئيسة هي الآشوريون والكلدان والسريان. ويشاركون في الانتخابات ضمن خمس مكونات سياسية بينها ائتلاف واحد هو ائتلاف عشتار الديمقراطي يضم حزب بيت النهرين الديمقراطي والحزب الوطني الآشوري والمنبر الديمقراطي الكلداني، إضافة إلى قائمة الرافدين وقائمة اور الوطنية وقائمة مجلس الشعب الاشوري الكلداني السرياني وقائمة المجلس القومي الكلداني.

ويتنافسون على خمسة مقاعد مخصصة للمكون المسيحي في خمس محافظات هي اربيل ودهوك وبغداد وكركوك والموصل ضمن قائمة واحدة لعموم العراق. ويغلب على معظم الأحزاب المسيحية أنها أحزاب علمانية أقرب للقومية منها للدينية.

ويأمل قادة هذه الأحزاب في تغير الخارطة السياسية العراقية في الانتخابات المقبلة ليتخلص العراقيون من التعريفات الطائفية والدينية والقومية ليبقى التعارف الوطني فقط. وهي أماني قد تكون بعيدة المنال نظرا للواقع العراقي الهش سياسيا، والواقف على مفترق طرق ستحدد اتجاه مستقبل البلاد أفضلها التوافق السياسي الذي يتخوف أن يتحول لتوافق طائفي كما كان في السنوات الماضية.

عضو المكتب السياسي لحزب بيت النهرين الديمقراطي عامر حزيران يقول إن المكونات المسيحية ومعها الشخصيات لمستقلة المتنافسة على الكوتل المسيحية متفقة على اللقاء بعد إعلان نتائج الانتخابات للتوصل لصيغة موحدة تحدد التحالفات الخاصة بهم.

وفيما يخص عمليات القتل التي يتعرض لها مسيحيو الموصل يبين حزيران أن المسؤولية تقع على عاتق الحكومة العراقية أولا والحكومة المحلية في الموصل ثانياً. حيث يتنازعان فرض السيطرة المنية على المدينة بقسميها الأيسر والأيمن للنهر.

ويحمل القيادي المسيحي تنظيم القاعدة مسوؤلية هذه الهجمات التي تستغل الخلاف بين السلطات السياسية في نينوى خاصة بين المحافظ والأحزاب الكردية التي لم تدخل مجلس المحافظة وفشلت كل الوساطات للجمع بينهما ضمن صيغة توافقية لحكم المدينة.

ويضيف حزيران أن هناك اجندة لدى هذه الجماعات المتشددة دينيا لتفريغ الموصل أولا من المسيحيين ثم اليزيديين ثم الأكراد وهكذا لمناطق أخرى. موضحاً أنهم بدأوا باستهداف المكونات الدينية (مسيحيين ويزيديين). تمهيداً لتهجيرهم خارج العراق.

وقال أن اليومين الماضيين شهدا توزيع منشورات في المناطق المسيحية ف الموصل واطرافها تطالب المسيحيين فيها بتغيير ديانتهم. ونفى حزيران تلقي الأحزاب المسيحية أموالا من دول خارجية. مضيفاً أن هناك تبرعات تصلهم من مسيحيي الخارج في أميركا وأوربا إضافة لحصة من ميزانية إقليم كردستان مخصصة لجميع الأحزاب المجازة في الإقليم.

واستبعد وجود أي دعم من قبل الكنيسة سواء في عين كاوه، التي تتوزعها عدة كنائس كبيرة، أو خارجها لأي حزب مسيحي، مستطردا بان هناك رجال دين حزبيون كما في حزبه حزب بيت النهرين الديمقراطي حيث يضم قساً ضمن صفوفه، موضحاً أن هذا القس سيصوت بالتأكيد للحزب الذي ينتمي له. وكذلك الأمر بالنسبة لبقية الأحزاب.