الجاليات العراقيَّة تحلم بالتغيير
العراق... انتخابات مصيريَّة

في سياق متابعتها لملف انتخابات الجاليات العراقية استطلعت إيلاف آراء الجالية في إيران حيث قرر معظمهم مقاطعة الانتخابات لإنعدام ثقتهم بالأحزاب الشيعية، وعدم إطمئنانهم للأحزاب العلمانيّة.

قم، طهران: مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية في العراق، تشهد مدن إيرانية تسكنها جالية عراقية كبيرة مثل قم ويزد ودولت أباد المجاورة للعاصمة طهران، نشاطا ملحوظا لبعض الأحزاب الشيعية، في محاولة منها للحصول على أصوات الناخبين.

وتشكل الحسينيات والمراكز الدينية إضافة إلى مكاتب الأحزاب المقرات الرئيسة للدعاية الانتخابية، إلا أن أسبابا عدة حالت دوت تفاعل نسبة كبيرة من العراقيين المقيمين في إيران مع موضوع الانتخابات وفي مقدمتها ضعف أداء الحكومة العراقية والأحزاب الشيعية المتنفذة في حكومة نوري المالكي في حل مشاكل العراقيين في إيران، ومنها إعادة ممتلكاتهم التي صادرها النظام السابق بعد أن نفّذ ضدهم جريمة التهجير القسري.

وإذا كان العراقيون في إيران من أشد الناقمين على الشخصيات والتيارات التي تمثل البعثيين باعتبارهم الجهة التي نفذت تهجيرهم من وطنهم، إلا أن ذلك لم يعد يعني الإنحياز للأحزاب التي ترفع شعار معاداة البعثيين، عن هذه النقطة يوضح حسين 56 عاما من مدينة قم:

quot;الأحزاب الشيعية التي كانت تتخذ من إيران مركزا لها، هي أحزاب براغماتية قبل أن تكون مبدئية أو إسلامية، ماذا يعني التصدي للبعثيين إن لم يقترن بإنصاف ضحايا النظام السابق. النظام البعثي اضطهدنا ولاشك في ذلك، لكن الأحزاب الشيعية المتنفذة في الحكم لم تنصفنا ولم تنجز أي خطوة حقيقة لإعادتنا إلى الوطن أو مساعدتنا لاسترداد حقوقنا وليصل الى الحكم من يصل فنحن منشغلون بتوفير لقمة العيش لنا ولعوائلنا والتنافس على المناصب لايعنيناquot;.

يدفع حسين عربة نقل يدوية لنقل حقائب المسافرين من زوار مدينة قم، وهو واحد من المهجرين العراقيين الذين يعيشون في إيران منذ حوالى ثلاثين عاما.

مشاكل أساسية أخرى ترتبط بالتعليم والعمل والإقامة تدفع العراقيين في إيران لتجاهل الانتخابات، تقول أم علي وهي ربة بيت لإيلاف: quot;معاناتنا قديمة، الأحزاب الإسلامية العراقية في إيران، لم تهتم بنا في أي وقت من الأوقات، مع أنها طرحت نفسها قيمة علينا، لا توجد مدرسة أهلية أو حكومية عراقية لأبنائنا، وجميع الوثائق التي كنا نملكها وتحمل تصديق المجلس الأعلى لم يتم الاعتراف بها من قبل التيار الذي صادق عليها أثناء تواجده في إيران، لن أشارك في الانتخابات، المقاطعة هي التزام أخلاقيquot;.
التحسن الوحيد الذي طرأ على حياة العراقيين في إيران هو حصول نسبة منهم على الجنسية الإيرانية، في عهد الرئيس الإيراني أحمدي نجاد، وهو الأمر الذي جعلهم أكثر ابتعادا عن الانتخابات القادمة.

فالعراقيون في إيران سواء كانوا من المهجرين أو من المهاجرين عولوا كثيرا على قائمة الائتلاف الشيعي وصوتت لصالحها في العام 2005متيقنين أن وصول قائمة الائتلاف الى الحكم سوف يساهم بعودتهم إلى وطنهم واسترداد حقوقهم، لكن لا حكومة السيد المالكي ولا وزارة الهجرة والمهجرين ولا الائتلاف الشيعي اهتم بهم، ولولا المساعدات والتسهيلات التي قدمتها الحكومة الإيرانية للعراقيين المهجرين إلى إيران(خصوصا في عهد الرئيس الإيراني احمدي نجاد)، لكانت أوضاع هذه الشريحة العراقية في منتهى المأساوية.

في طريقي من مدينة قم الى طهران تحدثت مع سائق سيارة الأجرة وهو عراقي مهجر واستفسرت منه عن القائمة التي سوف يصوت لها فقال: quot;لن أدلي بصوتي لأي تيار أو قائمة، أكثر العراقيين من أقاربي والناس الذين أعرفهم يفضلون المقاطعة، فنحن لم نحصل على حقوقنا، والأحزاب الشيعية أهملت قضيتناquot;.

أما عقيل وهو بائع عطور في سوق طهران فيقول: كيف أنتخب أحزاب لم تعترف بقوميتي، أنا عراقي فارسي، وثمة صفقة سياسية جعلت جميع التيارات العراقية تطلق على المهجرين في إيران اسم الكرد الفيلية وهذا تزييف للواقع سوف نرد عليه بمقاطعة الانتخابات quot;.

ويكاد يتفق أغلب الذين حاورتهم إيلاف في مدينتي قم وطهران على أن مراكز الاقتراع سوف تشهد فتورا بسبب انعدام ثقة العراقيين في إيران بالأحزاب الشيعية، وعدم إطمئنانهم للأحزاب العلمانية.