بغداد عشية انتخابات 2010

توجه العراقيون الى صناديق الاقتراع في عموم البلاد صباح اليوم لاختيار شكل حكومتهم خلال السنوات الاربعة المقبلة، وسط ترقب اقليمي ودولي عما ستسفر عنه نتائجها في ظل مخاوف امنية من وقوع عمليات ارهابية مع تهديد تنظيم القاعدة بافشال الانتخابات وضرب مراكزها، حيث اغلقت البلاد اجواءها وحدودها البرية والبحرية واوقفت الحركة بين محافظاتها الثمانية عشر فيما يقوم حوالي مليون عسكري بمواجهة هذه التهديدات وحفظ أمن المشتركين في التصويت الذين يحق ل 18 مليون و600 الف عراقي المشاركة فيها.

لندن: في حين فتح 8 الاف مركز انتخابي في عموم العراق تضم 64 الف محطة انتخابية بمراقبة حوالي نصف مليون مراقب محلي وعربي واجنبي، فان الانتخابات التي تستمر 10 ساعات تجري وسط اهتمام اقليمي ودولي كبير. فبالنسبة الى دول الاقليم فأن الترقب على شكل الحكم دفع بها الى دعم هذا الائتلاف الانتخابي او ذاك.. وللولايات المتحدة ودول العالم الاخرى فان الانتخابي تدفع الى تطلع بتحقيق امن واستقرار يهيئان لاستكمال انسحاب القوات الاميركية من البلاد مع نهاية العام المقبل، كما توفير ظروف استثمارات ضخمة في بلد متعب انهكته الحروب والصراعات الداخلية.

وفي هذا الاطار اتهم وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري دول الجوار بمحاولة التأثير على نتائج الانتخابات، التي تعتبر اختبارا حاسما لخروج البلاد من سنوات من الحرب واعمال العنف الطائفية. واكد زيباري إن إيران والمملكة العربية السعودية وسوريا وتركيا والاردن والكويت كلها تدخلت بدرجات متفاوتة قبل ثاني انتخابات عامة يشهدها العراق منذ عام 2003. واضاف quot;هذه ليست مجرد انتخابات عراقية هذه انتخابات اقليمية يتابعها جيران العراق عن كثبquot;، واوضح ان quot;بعضهم يشارك بنشاط في دعم بعض الجماعات محبذين نتائج معينة.. و كل دول الجوار الست مشاركةquot; بتدخل شمل الدعم السياسي والمعنوي والفني والمالي لبعض الاحزاب.

واشار زيباري الى ان هذه الانتخابات مصيرية لان الانتخابات السابقة كانت لفترة مؤقتة بينما ستؤسس هذه لمؤسسات وكيانات الدولة وستشارك فيها جميع الأطياف والقوميات والمذاهب.

إجراءات أمنية مشددة
اغلق العراق عند منتصف الليلة الماضية أجواءه وحدوده البرية والبحرية وفرض حظرا على تجوال المركبات واغلق منافذ ومخارج محافظاته الثمانية عشر استعدادا للانتخابات، وتم فرض حظر لتجوال المركبات اعتبارا من الساعة العاشرة من مساء امس (7 غ) وحتى الساعة الخامسة (2 غ) من صباح الاثنين المقبل. كما تم غلق الحدود والمطارات اعتبارا من منتصف الليلة الماضية بالتوقيت المحلي (9 غ مساء) وحتى الساعة الخامسة من فجر يوم الاثنين.

وقال المتحدث باسم قيادة عمليات بغداد اللواء قاسم عطا ان هذه الاجراءات تهدف الى حماية المراكز الانتخابية والناخبين في يوم التصويت العام غدا، واضاف ان قيادة عمليات بغداد اخذت جميع الاحتياطات وكل الاحتمالات quot;اذ سيحاول اعداء العراق استخدام كل ما يستطيعون وما اتيحت لهم الفرصة لاستغلال أية ثغرة امنية quot;، واشار الى ان عمليات بغداد اكدت على قطاعاتها ضرورة التعامل بحزم وقوة مع كل من يحاول التأثير على امن الناخبين.

وقال ان quot;لدينا معلومات عن وجود مخططات تهدف لاجهاض العملية الانتخابية لكن يقظة اجهزتنا الامنية ستبطل جميع المخططات الارهابيةquot;، واضاف quot;ان اجهزتنا الامنية ستنجح بحماية العملية الانتخابية سواء كانت المراكز او الناخبين او المرشحين رغم وجود المحاولات للتأثير على هذه العمليةquot;، مشيرا الى وجود جهود تبذل من اجل زعزعة الأمن في يوم الاقتراع العام، ولم يستبعد عطا وجود دعم اقليمي للتأثيرعلى الانتخابات العراقية امنيا.

وقد اعلنت قيادة شرطة الانبار الليلة الماضية احباط هجوم انتحاري بواسطة شاحنة مفخخة كانت تستهدف احد المراكز الانتخابية شرق مدينة الرمادي غرب بغداد.

مخاوف أمنية
وتأتي هذه الاجراءات وسط مخاوف امنية بعرقلة سير الانتخابات بعد ان شهد يوم التصويت الخاص الخميس الماضي عمليات تفجير لمراكز انتخابية ادت الى مقتل واصابة 60 عراقيا، والليلة الماضية قال مصدر في الشرطة ان معلومات استخباراتية دقيقة وردت عن وجود جماعات مسلحة تقوم بتفخيخ شاحنة تستهدف احد المراكز الانتخابية في منطقة الحبانية شرق مدينة الرمادي، واضاف انه تم على الفور تحركت دوريات من الشرطة الى مكان الحادث حيث القي القبض على خمسة مسلحين وبحوزتهم شاحنة مفخخة لاستهداف احد المراكز الانتخابية في المنطقة اليوم، واشار الى ان التحقيق جار مع المسلحين الخمسة لمعرفة ما اذا كانت هناك عجلات اخرى مفخخة لاستهداف مراكز انتخابية اخرى في المنطقة.

Employees of Iraq's Independent High Electoral Commission ...
الجاليات العراقيَّة تحلم بالتغيير

العراق... انتخابات مصيريَّة

كما عثرت القوات الامنية في ابو غريب امس على العديد من المنشورات والأقراص المدمجة التي تحذر من المشاركة في الانتخابات، وقام مجهولون بالقاء المئات من المنشورات والأقراص المدمجة في مناطق الحمدانية وأبو منصير وخان ضاري والنصر والسلام التي تهدد من مغبة المشاركة في الانتخابات، وهي تحمل اسم دولة العراق الإسلامية الامر الذي خلق اجواء امنية متوترة.

وكان تنظيم القاعدة في العراق قد اعلن امس فرض quot;حظر التجولquot; الاحد في جميع انحاء البلاد لمنع اجراء الانتخابات، كما افاد موقع quot;سايتquot; الاميركي لرصد المواقع الاسلامية. وذكر الموقع ان رسالة لتنظيم القاعدة نشرت على موقع اسلامي على الانترنت تقول ان quot;دولة العراق الاسلامية تعلن حظر التجول يوم الانتخابات من السادسة صباحا حتى السادسة مساء في جميع انحاء العراق وخاصة في المناطق السنيةquot;، واضافت quot;لسلامة شعبنا يجب على كل من يعلم بهذا الامر ان يبلغ من لا يعلم حتى يتزود بما يحتاج اليه خلال فترة حظر التجولquot;. وحذرت دولة العراق الاسلامية، فرع القاعدة في البلاد، من يخرق حظر التجول هذا بانه quot;يعرض نفسه للاسف لغضب الله ولكل صنوف اسلحة المجاهدينquot;.

ويشارك حوالي مليون شرطي وجندي وعنصر استخباري في حماية امن الانتخابات العراقية من خلال نصف مليون شرطي وافراد 14 فرقة عسكرية من الجيش العراقي يبلغ تعدادهم حوالي 400 الفا، اضافة الى مئات من عناصر الاستخبارات في محافظات العراق الثمانية عشر لحماية 18 مليون و600 الف مواطن يحق لهم التصويت، اضافة الى عشرات الالاف من المرشحين والمراقبين والاعلاميين.

وتم تشكيل اكثر من طوق امني حول مراكز الانتخابات الاول من قبل الشرطة والثاني من قبل الجيش العراقي فيما انتشرت عناصر استخباراتية حول المراكز الامنية وداخلها لحماية الانتخابات من التزوير، اما عمل عناصر الاستخبارات فيهدف الى رصد تحركات الارهابيين ومراقبة العاملين في المراكز للحيلولة دون تزوير العملية الانتخابية.

ومن جهتها اتخذت وزارة الداخلية في حكومة اقليم كردستان عدة اجراءات وتدابير امنية لتعزيز الاجواء الامنية خلال عمليات الاقتراع اليوم.

وقال فائق توفيق وكيل وزارة الداخلية في حكومة الاقليم ان الوزارة اتخذت الاجراءات اللازمة لمواجهة اية حالات استثنائية قد تحصل بين الكيانات السياسية المشاركة في العملية الانتخابية، كما نقلت عنه وكالة الانباء الوطنية العراقية، مضيفا ان الوزارة نشرت وحداتها العسكرية واجهزتها الامنية داخل المدن وخارجها ووضعت اجهزة الشرطة والآسايش والمرور في حالة تأهب لمواجهة اية احتمالات.

مراقبون دوليون
اما بالنسبة لمراقبة عمليات الاقتراع في عموم العراق فقد اعتمدت مفوضية الانتخابات 494 الفا و577 مراقبا محليا ودوليا ووكيل كيان سياسي. وقد بلغ عدد وكلاء الكيانات السياسية المعتمدين 393 الفا و661 وكيلا يمثلون 550 كيانا سياسيا.. فيما بلغ عدد المراقبين المحليين 99 الفا و469 مراقبا يمثلون 395 منظمة مراقبة محلية اضافة الى 1447مراقبا دوليا يمثلون 35 منظمة مراقبة دولية. فيما بلغ عدد الاعلاميين المحليين الذين سيغطون العملية الانتخابية 1200 اعلامي عراقي و800 اعلامي اجنبي لتغطية الانتخاباتquot;.

ويشير استطلاع للرأي أجراه quot;مركز الشرق للدراسات والبحوثquot; في جميع محافظات البلاد الثمانية عشر الى ان نسبة المشاركة في الاقتراع ستتراوح بين 67% إلى 72% من مجموع أعداد الناخبين البالغ 18 مليون و600 الفا. وكانت نسبة المشاركة في انتخابات مجالس المحافظات التي جرت في كانون الثاني (يناير) من العام الماضي قد بلغت 51% قياسا بالتجارب الانتخابية الماضية في وقت رجح فيه مراقبون أن تشهد هذه الانتخابات أيضا عزوفا عن التوجه إلى مراكز الاقتراع.

القادة وقدموا وعودا.. والحملة الانتخبية كلفت نصف مليار دولار
وقبيل ساعات من بدء الانتخابات توجه القادة العراقيون الى مواطنيهم الليلة الماضية بخطابات اتصفت بتبادل اتهامات الى جانب وعود بمكافحة الارهاب والفساد المالي واطلاق دعوات لوقف الاعتقالات واجراء انتخابات نزيهة شفافة ودعوا المواطنين الى المشاركة في الاقتراع بكثافة من اجل احداث التغيير الذي يتطلعون اليه.

واعتبر الرئيس العراقي جلال طالباني ان الانتخابات ستكفل تسريع بناء مؤسسات الدولة وسيغدو أداة هامة في مكافحة آفة الفساد الإداري والمالي وتأكيد المساواة التامة بين المواطنين على اختلاف انتماءاتهم القومية والدينية والمذهبية. بينما شدد نائب الرئيس عاد عبد المهدي على ضرورة انبثاق وحكومة تستطيع ان تواجه الارهاب والتخريب وتمنع الاوضاع من العودة الى الماضي المظلم والبعث الصدامي والدفاع عن الثوابت الدينية والوطنية.

اما زعيم القائمة العراقية اياد علاوي فقد عبر عن امله في ان تجري الانتخابات بشكل سليم وان يتم السماح للعراقيين بالابدلاء باصواتهم بحرية وان يختاروا من يشاؤون وقال quot;هناك محاولات من الحكومة لاستهداف القوى السياسية الوطنية من خلال الاعتقالات والتسقيط السياسي.

ومن جهته هاجم المالكي علاوي ونائب الرئيس طارق الهاشمي وقال انهما بدءا حملتهما الانتخابية من خارج الحدود في اشارة الى جولتهما الاخيرة الى عدد من الدول العربية، وعبر عن رغبته بان تكون الحكومة القادمة هي حكومة اغلبية سياسية وان لا تكون وفق المحاصصة.
اما نائب الرئيس طارق الهاشمي فقد اكد ان التغيير اصبح واجبا وطنيا ومهمة اخلاقية قبل ان تكون سياسية خصوصا بعد مضي سبع سنوات مما اسماه بالالم والماسي والضعف الواضح في اداء الحكومة.

ويشارك في الانتخابات 18 مليون و600 الف ناخب في 18 محافظة عراقية ومليون و 600 الف في 16 دولة أجنبية، ويتنافس فيها 6172 مرشحاً بينهم 1803 نساء يمثلون 165 كياناً ينتمون الى 12 ائتلافاً سياسياً للتنافس على 325 مقعداً.برلمانيا.

وتشير تقارير الى ان نحو خمسة ملايين ملصق دعائي وزعت ورفعت في أنحاء العراق خلال الحملات الدعائية التي استمرت 22 يوما وانتهت صباح امس قبل 24 ساعة من بدء الاقتراع. كما تم طبع مليوني كراسة صدرت بخمس لغات اضافة الى الإعلانات في الصحف والقنوات التلفزيونية الارضية والفضائية والاذاعات المحلية والعربية والتعاقد مع شركات الهاتف النقال لإرسال رسائل قصيرة، في اضخم واوسع حملة انتخابية في تاريخ العراق انفق عليها حوالي نصف مليار دولار.