فتحت مراكز الإقتراع أبوابها في السودان صباح الأحد حيث تنظم أول انتخابات تعددية منذ نحو ربع قرن لاختيار الرئيس والمجلس الوطني ومجالس الولايات في عموم البلاد، في حين ينتخب الجنوبيون كذلك رئيس حكومتهم ومجلسهم التشريعي.

الخرطوم: إنطلقت العملية الانتخابية التعددية في السودان وتم فتح صناديق الاقتراع للناخبين صباح اليوم الأحد في وقت حذر فيه نشطاء من مخالفات واسعة النطاق تهدد بأن تشوب انتخابات كان من المأمول أن تمنح السودان شرعيّة ديمقراطيّة جديدة وتساعده على انهاء عقود من الصراع.

وبدأ موظفون في مدرسة حي العمارات في وسط الخرطوم بازالة الاغلفة عن صناديق الاقتراع وعن رزم بطاقات الاقتراع في حين تجمع عدد كبير من الناخبين امام المركز بانتظار السماح لهم بالدخول.

وفتحت مراكز الاقتراع كذلك في جنوب السودان ووصل المرشح لرئاسة حكومة الجنوب زعيم الحركة الشعبية لتحرير السودان سالفا كير الى مركز الاقتراع في وسط مدينة جوبا ليكون اول من يدلي بصوته.

وادلى زعيم الحركة الشعبية لتحرير السودان سالفا كير المرشح لرئاسة حكومة الجنوب بصوته في وسط مدينة جوبا. وكان سالفا كير اول من ادلى بصوته في مركز الاقتراع القريب من مكتبه في عاصمة الجنوب المتمتع بحكم شبه ذاتي منذ التوقيع على اتفاق السلام مع الشمال في 2005.

وأدلى الرئيس السوداني عمر البشير بصوته ظهر الاحد في مدرسة في وسط الخرطوم. وحيا الرئيس السوداني الذي كان يرتدي الجلابية التقليدية وعمامة بيضاء الحشد بقوله quot;الله اكبرquot; رافعا يده ليظهر اصبعه الملطخ بالحبر لدى خروجه من مركز اقتراع مدرسة سان فرنسيس القريب من مسكنه ومن مقر رئاسة الجيش والامن. وسار حشد من انصار البشير خلفه واحاطوا بسيارته وهم يهتفون quot;الله اكبرquot;.

واستغرقت عملية الاقتراع بعض الوقت حيث يتعين على ناخبي الجنوب ان يملأوا 12 بطاقة اقتراع لاختيار الرئيس السوداني ونواب المجلس الوطني السوداني وحكام الولايات الجنوبية ومجالس الولايات،اضافة الى رئيس حكومة جنوب السودان ومجلسه التشريعي. وخرج سالفا كير من مركز الاقتراع رافعا اصبعه الملطخ بالحبر، وهو يرتدي قبعته الشهيرة ويحمل عصاه.

بدء عملية الإقتراع في السودان

ويتنافس سالفا كير مع لام اكول زعيم الحركة الشعبية-التغيير الديمقراطي. وتفتح مراكز الاقتراع ابوابها من الثامنة صباحا وحتى الساعة 18:00 (5:00 الى 15:00 ت غ) وتستمر عملية الاقتراع طيلة ايام الاحد والاثنين والثلاثاء، ويتوقع ان تعلن النتائج يوم الاحد المقبل.

ويبلغ عدد الناخبين 16 مليونًا سيدلون باصواتهم في 10750 مركزًا ومحطة اقتراع في ولايات البلاد الخمس والعشرين والتي تخضع ثلاث منها، هي ولايات اقليم دارفور المضطرب في الغرب، لقانون الطوارئ.

ويقاطع عدد من احزاب المعارضة الرئيسة هذه الانتخابات التعددية الاولى منذ 1986، كما اعلنت الحركة الشعبية المسيطرة في الجنوب مقاطعتها للانتخابات في شمال البلاد. وتشكل هذه الانتخابات تمهيدا لاستفتاء من المقرر تنظيمه مطلع 2011 حول تقرير مصير جنوب السودان. وتعتبر الانتخابات السودانية الاكثر تعقيدا في العالم، حيث يتعين على الناخبين في الشمال ان يحددوا خياراتهم في ثماني بطاقات اقتراع، في حين يبلغ عددها 12 بطاقة في الجنوب.

ويقول مراقبون ان البشير ربما كان يجد منافسة شرسة اذا خاض زعيمًا الحزبين السباق الانتخابي. ومنذ الخميس الماضي غادر المئات العاصمة السودانية الخرطوم الى مناطقهم الاصلية في الارياف والمدن المجاورة بسبب شائعات بأن ايام الاقتراع الثلاثة ستكون عطلة سيفرض فيها حظر للسفر بين المدن والولايات ما دفع مجلس الوزراء السوداني لاصدار بيان اكد فيه ان ايام الاحد والاثنين والثلاثاء ايام عمل عادية كما نفى والي ولاية الخرطوم عبدالرحمن الخضر وجود أي اتجاه لفرض حظر على السفر.

السودان يستعد لانتخابات تاريخيّة وتشديد إجراءات الامن

هذا وبدأ حزب المؤتمر الوطني أمس السبت الترتيب لعمليات نقل وترحيل الناخبين لمراكز الاقتراع من منازلهم ليضمن تحقيق النصاب القانوني للاقتراع بعدما اعلنت مفوضية الانتخابات ان النسبة التي يمكن ان تجعل الانتخابات ناجحة هي 70 في المئة من اجمالي عدد الناخبين المسجلين في القوائم الانتخابية وعددهم 5ر16 مليون ناخب سيدلون باصواتهم في 13 ألف مركز لاختيار رئيس للبلاد من بين ثمانية مرشحين بعد انسحاب أربعة ورئيس لحكومة الجنوب وحاكم الولايات ال25 بجانب نواب البرلمانات في مستوياتها الاربعة القومية والاقليمية للجنوب والولائية والمحلية ويتنافس عليها 13850 مرشحًا لشغل 1831 مقعدًا برلمانيًا ومنصبًا تنفيذيًا.

وفضلاً عن المخاوف من عدم حرص الكثيرين على الذهاب الى مراكز الاقتراع، فإن هناك تحديات أخرى تواجه عملية الاقتراع بينها أن الناخبين السودانيين يفتقرون الى الخبرة في انتخابات وصفها الخبراء بأنها الاكثر تعقيدًا على الاطلاق لأنها تشمل ثلاثة أنظمة مختلفة للتصويت. فالانتخابات تجري وفق النظام المختلط الذي يجمع بين quot;الأغلبية المطلقةquot; وquot;الأغلبية النسبيةquot; وquot;القائمة النسبيةquot; ويصوت فيها سكان الشمال على ثماني بطاقات انتخابية وفي الجنوب على 12 بطاقة للاختيار بين قوائم تصل عدد الخيارات في بعضها الى 72 حزبًا اضافة الى المستقلين.

ويرى المراقبون أن هذا التعدد الكبير في مستويات الانتخابات وأنظمتها لم يكن مسبوقا في تاريخ السودان وان جيلا كاملا من السودانيين يشارك في الانتخابات لأول مرة في حياته بسبب غيابها لمدة 24 عامًا فضلاً عن ان الزمن المحدد للاقتراع لن يكون كافيًا بالشكل المطلوب بعد ان قامت مفوضية الانتخابات بتقليص عدد مراكز الاقتراع. وبشأن الترتيبات الفنية فقد أكملت مفوضية الانتخابات توزيع المستلزمات الانتخابية على كافة مراكز الاقتراع

رجل سوداني يدلي بصوته في مركز إقتراعي في الخرطوم

وقال المتحدث الرسمي باسم المفوضية عبدالله احمد عبدالله لوكالة الأنباء الكويتية أمس السبت quot;اننا نؤكد للجميع اليوم (السبت) اننا اكملنا كافة الترتيبات وفق الخطوط الموضوعة والسودان كله بات مستعدًا لاجراء انتخابات جيدةquot;. وقالت بعثة الامم المتحدة انها عملت مع المفوضية على نقل مواد الانتخابات الى معظم المناطق النائية التي يصعب الوصول اليها باستخدام طائرات مروحية. ووصلت الخرطوم 10 بعثات مراقبة دولية واقليمية تتكون من حوالي 854 مراقبًا بجانب 700 اعلامي وصحافي اجنبي، فضلاً عن وجود الرئيس الاميركي السابق جيمي كارتر والمبعوث الاميركي الخاص للسودان سكوت غريشن منذ ايام بالخرطوم لمتابعة الانتخابات حتى اعلان نتائجها النهائية.

وعلى صعيد الاوضاع الامنية لم ترد تقارير عن وقوع أعمال عنف مرتبطة مباشرة بالانتخابات حيث تسيطر الحكومة على حركات التمرد الرئيسية في دارفور من خلال المحادثات أو المواجهة. وفي هذا الخصوص اصدر الجيش السوداني بيانًا شديد اللهجة اعلن فيه انه سيقوم بردع عنيف لأي مجموعة مسلحة تحاول اعتراض العملية الانتخابية بأي شكل من الاشكال كما قامت الشرطة السودانية بنشر اكثر من 100 الف جندي لتأمين عملية التصويت. وبثت اللجنة العليا لتأمين الانتخابات اليوم تطمينات مؤكدة لكل قطاعات المجتمع السوداني تفيد باحكام السلطات لقبضتها في كافة ربوع البلاد طيلة فترة الاقتراع تأمينا للعملية الانتخابية حتى يؤدي المواطن السوداني حقه الدستوري في أجواء آمنة.

وقال رئيس لجنة تأمين الانتخابات اللواء أحمد امام التهامي في بيان ان هناك ضعافا للنفوس أطلقوا شائعات في عدد من الولايات مفادها امكانية حدوث انفراط في العقد الأمني لكي يقوم المواطنون بمغادرة المدن أو شراء المواد التموينية لتخزينها طيلة فترة الاقتراع.وأضاف quot;اننا نحذرهم وسنحاسب كل من يثبت تورطه في اطلاق شائعات سالبة تدخل التوجس أو الريبة لدى قطاعات الرأي العام السوداني المقبلة على الاقتراع في الانتخاباتquot;.

من جانبهم يري كثير من المراقبين ان السودان يشهد حاليًا حراكًا متسارعًا ومتصارعًا تتداخل أطرافه ابتعادًا واقترابًا، وتغيب فيه المرجعيات الوطنية وتدخل فيه القبلية والاثنية والجهوية مع وفرة في السلاح وسعة في التدريب وطاقة على التدمير يغذيها قدر غير قليل من الاحتقان السياسي وحضور كثيف لقوى دولية واقليمية وشجار لا ينطفئ أواره بين من يفترض فيهم أن يكونوا أهل الحل والعقد من قادة القوى السياسية. ويشيرون الى ان هذه العوامل ربما دفعت باتجاه توتر أمني خاصة مع اندلاع ازمات وخلافات عميقة داخل أحزاب المعارضة الرئيسة والحركة الشعبية بسبب المواقف المتعارضة بين قادتها وقواعدها بشأن المشاركة في الانتخابات.

ولم تتضمن خطابات السياسيين المعارضين وخاصة المنسحبين من الانتخابات أي اصوات تهدئة باستثناء زعيم حزب الامة رئيس الوزراء السابق الصادق المهدي الذي كان اخر المنسحبين من الانتخابات حينما اعلن ان حزبه مستعد للتعامل مع الفائزين في الانتخابات بغية بسط الامن والاستقرار في البلاد وخاصة في اقليم دارفور.بيد ان بقية المنضمين تحت لواء تحالف المعارضة شنوا هجومًا غير مسبوق على الامم المتحدة ومركز كارتر الذي يراقب الانتخابات منذ فترة طويلة واتهموهما بالتواطؤ مع حزب البشير في تزوير الانتخابات كما هددوا بأنهم يملكون خيارات اخرى لم يخوضوا في تفاصيلها. وقال زعيم حزب الامة الاصلاحي المعارض مبارك المهدي في مؤتمر صحافي الليلة الماضية ان الامم المتحدة ومركز كارتر احجما عن التحدث عن عمليات تزوير قال انها حدثت على مستوى السجل الانتخابي وطباعة بطاقات الاقتراع.

وقال انهم قرروا مقاطعة هذه الانتخابات لأنها غير شرعية وتعتبر محاولة اعادة المؤتمر الوطني في ثوب ديمقراطي حتى لا تمنحه الشرعية. وأضاف مبارك المهدي أن من قرروا خوض الانتخابات من أحزاب quot;جوباquot; قرروا المضي قدمًا في مواصلة فضح المؤتمر الوطني وألاعيبه حتى النهاية وأنهم متفقون معهم حول الحل السلمي في دارفور وتنفيذ اتفاق السلام الشامل.