حمّل وزير خارجية الفاتيكان المثليين المسؤولية عن الاعتداءات الجنسية التي ارتكبها قساوسة ضد اطفال ما اثار ردود افعال غاضبة من منظمات المثليين. في وقت حاول الفاتيكان التقليل من شأن التهديد باستصدار مذكرة القاء قبض على البابا بتهمة ارتكاب جرائم ضد الانسانية حين يصل الى بريطانيا في ايلول/سبتمبر المقبل.

حمّل الساعد الأيمن لبابا الفاتيكان المثليين المسؤولية عن الاعتداءات الجنسية التي ارتكبها قساوسة ضد اطفال نافيا أي علاقة بين مرض معاشرة الأطفال وتحريم الزواج على القساوسة الكاثوليك.

وقال تارسيسيو برتوني وزير خارجية الفاتيكان خلال زيارة الى شيلي ان العديد من علماء النفس والتحليل النفسي اظهروا عدم وجود علاقة بين تحريم الزواج على القس الكاثوليكي وانحراف معاشرة الأطفال quot;ولكن قيل لي مؤخرا ان عدة محللين آخرين اظهروا وجود علاقة بين المثلية الجنسية والميل الى معاشرة الأطفال. هذا صحيح وهنا تكمن المشكلةquot;.

ردود أفعال غاضبة

اثارت تصريحات وزير خارجية الفاتيكان ردود افعال غاضبة من منظمات المثليين. ونقلت صحيفة التايمز عن رونالدو خيمينيز رئيس حركة دمج المثليين وحريتهم في شيلي نفيه وجود علاقة بين انحراف معاشرة الأطفال والمثلية. وقال انه سيكون على مؤسسة الكنيسة الكاثوليكية ان تعتذر عن هذا التشويه quot;وعن الموقف الخبيث لهذا السيد الفاتيكانيquot;. واضاف انه quot;لا برتوني ولا الفاتيكان لديهما السلطة الأخلاقية لإعطاء دروس في الجنسويةquot;.

وكالة اسوشيتد برس من جهتها نقلت عن خيمينيز نفيه وجود quot;دراسة محترمة تسند ادعاءات الكاردينالquot;.

واعلن بيتر تاتشيل الناشط من اجل حقوق المثليين والناطق باسم حملة الاحتجاج على البابا في بريطانيا ان الكاردينال برتوني quot;اتهم عمليا القساوسة المثليين بالمسؤولية عن فضيحة معاشرة الأطفالquot; واصفا الكاردينال بأنه مشوِّه مفضوح للحقيقة ومعاد للمثليين، وان quot;افتراءاته على المثليين تجلب الخزي والعار على الكنيسةquot;. واعتبر تاتشيل ان: quot;الفاتيكان يحاول صرف الانتباه عن الجرائم الجنسية لرجال الدين الكاثوليك باتهام المثليينquot;.

في ايطاليا اعربت منظمات المثليين عن سخطها على الكاردينال برتوني وقالت اكبر هذه المنظمات ان تصريحاته quot;مريعة ولامسؤولةquot;. واكد رئيس خدمة quot;غاينتquot; الاعلامية المثلية انه إذا كان كبار زعماء الكنيسة يشعرون مدفوعين الى ان ينحوا باللائمة على المثليين فان هذا quot;يعبر بشكل ساطع عن حالة اليأس في الفاتيكانquot;.


مؤامرة صهيونية

ولاحظت صحيفة التايمز ان الكاردينال برتوني اطلق تصريحاته بعدما تردد ان اسقفا كاثوليكيا آخر أشار الى وجود quot;مؤامرة صهيونية وراء مزاعم الاعتداء على اطفالquot;. وكان موقع كاثوليكي ايطالي نقل عن الأسقف الايطالي المتقاعد جياكومو بابيني شكواه من quot;هجوم صهيوني على الكنيسةquot;. ونُسب اليه القول في مقابلة ان اليهود هم quot;الأعداء الطبيعيونquot; للكاثوليكية. وقال quot;ان اليهود هم من الناحية التاريخية قَتَلة اللهquot;. وتابع المونسنيور بابيني مجادلا بأن هتلر استغل غضب الالمان على quot;تجاوزاتquot; اليهود الذين quot;خنقواquot; الاقتصاد الالماني في ثلاثينات القرن الماضي. ولكن المونسنيور بابيني (81 ) عاماـ نفى الإدلاء بمثل هذا التصريح فيما اصر الموقع الالكتروني على تقريره.

صحيفة الغارديان قالت ان تصريحات الكاردينال برتوني في شيلي ربما كانت ناجمة في بعض اسبابها عن تجدد الدعوات في اميركا اللاتينية ومناطق اخرى الى تخلي الكنيسة عن حكمها بتحريم الزواج على القساوسة الكاثوليك. واشارت الصحيفة الى ان اوسكار ارياس رئيس كوستاريكا حث الفاتيكان الاسبوع الماضي على quot;تصويب الخطأquot;. كما تتعرض الكنيسة الى ضغوط في الارجنتين والمكسيك وبلدان أخرى في اميركا اللاتينية تجاهلت أوامرها ضد منح حقوق مدنية الى الزواج المثلي. وقالت الصحيفة ان العاصمة الشيلية سانتياغو لم تكن المكان المناسب لتصريحات الكاردينال برتوني لأن واحدة من اكبر فضائح الاعتداء الجنسي على الأطفال تتعلق بقس ضاجع فتاة قاصرة في سانتياغو. ورغم الشكاوى العديدة أبقت الكنيسة الأب خوسيه اندريس اغويري في منصبه مستمرا بالخدمة في العديد من مدارس البنات الكاثوليكية في العاصمة الشيلية.

وفيما كانت الزوبعة تكتسب زخما متزايدا بشأن دور زعماء الكنيسة في التستر على الاعتداءات الجنسية كُتبت عبارات بذيئة بحروف كبيرة على البيت الذي ولد فيه البابا بنديكت السادس عشر في مدينة ماركتل آم إن الالمانية.

وفي مالطا حيث من المقرر ان يصل البابا في نهاية الاسبوع لُطخت اعلانات دعائية عن زيارته بصور تتعلق بالاعتداءت الجنسية على اطفال.

وكان الفاتيكان حاول النأي بنفسه عن هذه الفضائح ولكن اتهامات جديدة في المانيا القت على عتبته. وجاء في تقرير اعده فريق مستقل بتكليف من الكنيسة الكاثوليكية في ولاية بافاريا ان أكثر من 100 تلميذ quot;تعرضوا الى تعذيب سادي والى الاعتداء الجنسي ايضاquot; في المدرسة الداخلية التابعة لدير ايتال على امتداد عقود حتى عام 1990.
وكان البابا بنديكت كبير اساقفة ميونيخ وفرايزنغ حيث يوجد دير ايتال خلال الفترة الواقعة بين 1977 و1982. ويوجه التقرير الذي نُشر يوم الثلاثاء اتهامات الى 15 كاهنا وثلاثة معلمين اعتياديين دون ان يذكر اسماءهم أو اسماء ضحاياهم لأسباب قانونية.

وتهدد الفضائح الجنسية بأن تلقي بظلالها على زيارة البابا الى مالطا في نهاية الاسبوع الحالي. ومن المقر ان يزور هذا العام قبرص والبرتغال وبريطانيا.

الدعوى البريطانية


في غضون ذلك حاول الفاتيكان التقليل من شأن التهديد باستصدار مذكرة القاء قبض على البابا بتهمة ارتكاب جرائم ضد الانسانية حين يصل الى بريطانيا في ايلول/سبتمبر المقبل. ويدرس المحاميان جيفري روبرتسون ومارك ستيفنز امكانية التقدم بطلب الى الادعاء العام للشروع باجراءات الملاحقة الجنائية ضد البابا أو رفع دعوى باسمهما أو احالته على المحكمة الجزائية الدولية. ويشكك المحاميان في تمتع الفاتيكان بصفة الدولة ذات السيادة وتمتع البابا بالحصانة الدبلوماسية ضد مثل هذه الملاحقة.

كبير المتحدثين باسم البابا الأب فدريكو لامباردي قال ان فكرة اصدار مذكرة القاء قبض على بنديكت السادس عشر فكرة اصيلة وغريبة ومن الواضح انها موجهة الى الرأي العام quot;لكني اعتقد ان عليهما ان يبحثا عن شيء أكثر جدية وملموسية قبل ان نستطيع الردquot;.