الزواج المبكر في اليمن أمام القضاء مجدّدًا... بتهمة القتل

صنعاء: لا تزال قضية زواج القاصرات في اليمن تتفاعل خصوصًا بعد وفاة الطفلة الهام نتيجة العنف الجنسي الذي مارسه زوجها بحقها ليلة دخلتها، ناهيك عن الترتيبات الحاليّة لمقاضاة عدد من المتوّرطين في قضية وفاة هذه القاصر.

إيلاف وفي إستفتائها الاسبوع وضعت القضية بين ايدي القراء وطرحت عليهم سؤالاً حول الطرف الملام في وفاة إلهام. من الملام الأول في وفاة (الطفلة - الزوجة) اليمنية؟quot; وتوزّعت الخيارات بين الدين والقوانين والزوج والاهل... وعدم ممانعة تزويج القاصرات.

13714 قارئًا صوّتوا والأغلبية ألقت باللوم على عامل الدين (5765 صوتًا) اي ما نسبته 42.4% من القراء اعتبروا ان الدين هو الملام الأوّل في وفاة الهام.

في مقابل (5092 صوتًا) اي ما نسبته 37.13% اعتبروا أنّ الاهل هم الملامون، يليه القانون (1784 صوتًا ) أي ما نسبته 13.1%.

اما الزوج فقد اعتبر سببًا لوفاة الفتاة بـ 649 صوتًا اي ما نسبته 4.73 صوتًا في حين صوّت 424 شخصًا أي ما نسبته 3.09% لخيار عدم ممانعة زواج القاصرات.

النتائج تعكس جزء من الصورة الواقعية في اليمن على الأقل حيث لا يزال الناس يتّكئون على الدين في كل تعاملات حياتهم، خصوصًا مع وجود عدد هائل من الدعاة والعلماء وفي ظل انتشار الدعاية في هذا المجال بشكل واسع على خلاف وسائل الإعلام العادية، من خلال السيطرة على منابر المساجد.

وحسب النتائج، فإن الأهل يلامون ثانيًا وذلك لكون الأهل يذهبون إلى بعد الدين حتى وإن كان بعض الدعاة على خطأ لكن الناس لا يقدمون على التشكيك بكلامهم، لا وبل احيانًا يقومون بتقديسهم في ظل أمية واسعة في هذا البلد. إيلاف من جهتها ناقشت الاحتمالات مع المعنيين لترى وجهة نظرهم ولتقف على تفسيراتهم وتبريراتهم.

تحريم ما أحل الله

يقول البرلماني الشيخ محمد الحزمي الذي يعد من ابرز المعارضين لتحديد سن الزواج والذي يقود اعضاء البرلماني المناهضين لتحديد سنّ الزواج لـ quot;إيلافquot;، إن قصّة إلهام quot; كذبةquot; بحيث اتضح انها تبلغ الثامنة عشر من عمرها _ وذلك وفقًا لما يقوله الحزمي. كما يؤكد ان منظمة quot; سياج quot; لحماية الطفولة ايدت هذه المعلومة وكذلك النيابة، ويصف المسألة بـأنّها quot;زوبعة كاذبة وكذبة ابريلquot;، بالنسبة إلى المنظمات التي تثير مثل هذه القضايا.

وفي ما يتعلق بالوضع الجسدي والصحي لتزوج القاصرات ، يقول الجزمي ان الاطباء مختلفون حول فكرة الزواج المبكر ، فمنهم من يؤيده ومنهم من لا يؤيده طبيًا. ويشير إلى ان التشريع لا يعتمد على هذه الاراء، فالمشرّعون يأخذون في الاعتبار عددًا من الاراء كما انهم يدرسون المصلحة العامة في المسألة. ويؤكد أن هناك ضوابط وضعت لحماية quot;الصغيراتquot; وأنّ المادة ستناقش في مجلس النواب كما ان هناك ضوابط وعقوبات لحماية quot;الصغيراتquot; المتزوجات. ويردف موضحًا المقصود بالصغيرات أي الفتاة غير البالغة، وليس وفقًا لمفهوم الغرب والاوروبيين أي التي تبلغ الثامنة عشر من عمرها.

أما عن مبررات معارضة قانون تحديد سن الزواج يقول الحزمي لـ quot;إيلافquot; إن مبررهم الأول هو أخلاقي، معتبرًا أن quot;منع الشباب من الزواج المبكر يعني توجههم الى الفساد الاخلاقي، فالغرب لا يعاني من مشكلة تحديد سن الزواج لأن المعاشرة الجنسية لديهم امر مباح وحق من الحقوق الشخصية، أما في مجتمعنا فهو كارثة أخلاقيةquot;.

ويضيف ان المبرر الاخر هو quot;تأمين الجريمةquot;، ويوضح quot;إذا قمت بتحديد أنّ فلانًا إن كان يبلغ السابعة عشر من عمره فإنه ما زال قاصرًا وغير مسؤول قانونيًّا فحينها لن يحاسب، بمعنى ان الجرية لن تخضع للقانون، سيكون طفلاً وسنؤمن له ارتكاب الجريمة ولن يعاقب عليهاquot;.

وتابع الحزمي وهو خطيب جمعة وداعية ومؤلف كتيب بعنوان quot;اتفاقية السيداو وعولمة الإنحلال: إن 65 % من الزيجات تتم في سن مبكر حسب تقارير الحكومة ومنع هذا الأمر سيسبب خللاً اجتماعيًا.

أما دينيًّا فرأى الحزمي إن تحديد سن الزواج معناه تحريم ما أحله الله، ومن يطالبون به يسعون للحصول على رضى الغرب. ورأى أنّ الأمر quot;ليس سوى قضية تثيرها المنظمات الاجتماعية التي تريد أن تقول للغرب إنها أنجزت شيئًا من أجل استلام الدولارات ويقومون باثارة القضايا وتضخميها، ويكذبون بأسماء الدول والعلماء ويعتمدون الكذب لكي يمرروا قضاياهمquot;.
سياج تنفي
ايلاف حملت ما قاله الشيخ الحزمي الى منظمة سياج التي نفت تأكيدها ان الهام تبلغ الثامنة عشر من عمرها. وقال مصدر في المنظمة إن سياج لم تتدخل في الموضوع منذ البداية، وان كانت لديهم النية لرفع دعوى قضائية لكن وبما ان احدى المنظمات quot;الصديقة quot; بادرت الى ذلك، تراجعت سياج كي تترك الامور بين أيدي تلك المنظمة.

ليست قنبلة فضيحة

من جانبه يقول المحامي والناشط الحقوقي غازي السامعي لـ quot;إيلافquot; إن قوانين الأحوال الشخصية تعد إحدى أهم القوانين نظرًا لارتباطها المباشر بالأسرة وتنظيم العلاقة الأسرية، ومسألة تحديد سن الزواج تعد من المسائل المهمّة التي يفترض بالقانون أن يحدّدها ويحسم امرها.

واضاف أن quot;معظم القوانين العربية حددت سنًّا معيّنة لتزويج الفتاة، وهذا الأمر من الضروريات خصصوصًا في ظل ثقافة اجتماعية ترى بأن الأنثى قنبلة فضيحة قد تنفجر في أي لحظة وتلطخ شرف العائلة وسمعتها، وبالتالي فإنّ تزويجها بشكل مبكر يُبطل فتيل هذه القنبلة لتظل القبيلة والعائلة في مأمن على الشرف والسمعةquot;.

وتابع: quot;هناك تيار معين يسعى جاهدًا لحدوث تراجع مخيف على مختلف الأصعدة وخاصة في ما يتعلق بالجانب التشريعيquot;، مشيرًا إلى أن الغرابة هي quot;أن نجد فريقًا من البرلمانيين يقف بكل قواه ضد مشروع تحديد سن الزواج من باب الدفاع عن الدين وعن أخلاقيات المجتمع ونسي أو حاول التناسي بأن الزواج هو أمن واستقرار، والهدف الأول والأخير هو إنشاء الأسرة وتكوينها والحفاظ عليها، فعقد الزواج هو عقد مصلحة قائم على المودة والرحمة، فأين المصلحة من زواج طفلة؟؟quot;.

وتساءل: quot;هل الحفاظ على حياة إنسان من موت أو عاهة مستديمة أولى من وجهة نظرهم أم إشباع رغبة جنسية يمكن إشباعها عن طريق الزواج من امرأة ناضجة ؟؟؟ ثم والاهم من هذا وذاك أليس درء المفاسد مقدمًا على جلب المصالح؟ فكيف ذلك والحال تتعلق بأرواح طفلات بريئات!!! وأين نحن من وصية الرسول استوصوا بالنساء خيرًا، ورفقًا بالقوارير، هل الرفق بهن أن نزوّجهن وهنّ طفلات!quot;

ورأى المحامي السامعي أن quot;مسألة تحديد سن آمن للزواج صار من الضروريات التي ينبغي القيام بها خاصة مع تزايد حالات الوفاة نتيجة الزواج المبكر وحالات المرض والعاهات المستديمةquot;، معتقدًا أن quot;الحفاظ على أرواح الصغيرات من الإلقاء بهن في التهلكة مسألة دينية ووطنية ينبغي أن يضطلع بها مجلس النواب الموقر من خلال نص تشريعي يحدد سن امن للزواجquot;.

الأهل: لم نعلم بهذا

وحول تجربة تزويج الفتاة قاصرًا يقول quot;رشادquot; وهو مدرس في إحدى الثانويات الريفية إنه زوج ابنته وهي في الـ 13 من العمر وحين حملت تم إسعافها بعد أشهر قليلة وخسرت الجنين، موردًا أنهم لم يشكوا للحظة أن يكون الأمر متعلقًا بسنها أو بنيتها. وأضاف: أحرجتنا طبيبة النساء التي عالجتها وأهانتنا كيف قمنا بتزويجها بهذا السن، وهددتنا بأنها قد لا تستطيع الحمل مرة أخرى، ولم نكن نعلم بأن الأمر قد يصل إلى هذا الحدquot;.

وحول ما إذا كانت ابنته لديه الآن وهل سيزوجها في هذا السن مرة أخرى قال إنه لن يفعل ذلك. من جانبه يقول quot;منيرquot; وهو منتسب إلى المؤسسة العسكرية وزوج تلك الفتاة إنه أخذ كلام الناس على محمل الجد وتزوج بتلك الفتاة وهي صغيرة دون أن يدرك الجوانب الخطرة المصاحبة لهذا الزواج.

أضاف: كنت أعتقد أن الأمر كله سواء وأنها ستحمل وستتحمل كل شيء، وقد عانيت معها في المستشفيات وكذلك في المعيشة لأنها لا تفهم كثيرًا من أمور الزواج، وأنا مضطر حاليًّا للصبر عليها لأنها لا تفهم الكثير من الأمور المنزليةquot;. وقال: زوجتي طيبة ولا أستطيع أن أتركها مع ذلك أنا أحتمل وأصبر كثيرًا، لأنها ليست راشدة كي أتفاهم معها كزوجة ناضجة، والآن أحاول أن أؤخر مسألة الحمل حتى لا يحدث لها ما حدث سابقًاquot;.