تجري المناظرة التلفزيونيّة الأخيرة بين زعماء الاحزاب البريطانية الثلاثة قبل الانتخابات البريطانية، وسيهيمن عليها إحتمال عدم فوز أي من هذه الأحزاب بالأكثرية في البرلمان المقبل، فيما يحاول رئيس الوزراء غوردن براون كسب الناخبين.

لندن: ستتمحور فكرة مناظرة الأخيرة قبل الإنتخابات البريطانية الخميس على الاقتصاد التي يقول مراقبون انها ستكون في مصلحة رئيس الوزراء وزعيم حزب العمال غوردون براون الذي شغل منصب وزير المالية لمدة عشر سنوات في ظل حكومة توني بلير وحصل على الاشادة لأدائه في مساعي انقاذ البنوك.

هذا ويواجه غوردون براون أزمة انتخابية بعد أن تم تسجيله دون علمه عبر مايكرفون لاسلكي وهو يصف أحدى الناخبات quot;بالمتعصبةquot;. وتعتبر هذه الحادثة ضربة لشعبية براون قبل أيام من الانتخابات العامة.

وجاء تعليق براون بعد دقائق معدودة بعد أن وجهت جيليان دوفي وهو سيدة متقاعدة تبلغ 65 عامًا نقدًا لسياساته في معالجة الدين العام وتلك المتعلقة بالهجرة. وأظهر تسجيل صوتي التقطه مايكروفون لاسلكي جوردون براون وهو يوجه نقدًا حادًّا للسيدة التي قالت أنها دأبت على التصويت لحزب العمال في السابق واصفًا إياها بالمتعصبة.

وبثت كافة وسائل الإعلام البريطانية التسجيل الصوتي ما اضطر رئيس الوزراء إلى تقديم اعتذاره على هذه الكلمات وزيارة منزل السيدة للاعتذار لها بشكل شخصي عن التصريح الذي مثل ضربة كبيرة لشعبيته قبل أيام من الانتخابات العامة المقررة في 6 مايو/ آيار.

وبدلاً من التركيز على اقناع الناخبين بامكانية تخفيض العجز القياسي في الميزانية البريطانية، اضطر براون زعيم حزب العمال، وديفيد كاميرون زعيم المحافظين، الى اعادة تركيز حملتيهما على مواجهة نيك كليغ زعيم حزب الديموقراطيين الاحرار.

وبزغ نجم كليغ فجأة في الحملة الانتخابية التي يمكن ان تغير مشهد الساحة السياسية البريطانية ليتحول الى نظام ثلاثي الاحزاب قد يتمخض عن اول برلمان منذ 36 عامًا لا يتمتع فيه اي حزب بالاكثرية المطلقة. وتظهر استطلاعات الرأي ان حزب الديمقراطيين الاحرار يمكن ان يحصل على حصة من الاصوات الى جانب الحزبين الكبيرين قد تؤدي الى عدم فوز اي منهما باغلبية كبيرة، مما يحتم تشكيل حكومة ائتلاف.

وتشير بعض الاستطلاعات الى ان الديمقراطيين الاحرار يمكن ان يحصلوا حتى على ثاني اكبر عدد من الاصوات، على الرغم من أنه واستنادًا الى النظام الانتخابي البريطاني الحالي، فمن المؤكد انهم سيحتلون المرتبة الثالثة من حيث عدد الاصوات.

ويعود السبب في بزوغ نجم كليغ الى ادائه القوي في اول مناظرتين تلفزيونيتين. وعندما سئل غوردن براون عن سبب تالق كليغ، قال ان ذلك يعود الى انه quot;مناظر جيدquot;. ويتعرض كليغ حاليًا الى ضغوط متزايدة للكشف عن خططه في حال اصبح توازن السلطة بين يديه بعد انتخابات السادس من ايار/مايو.

وقد تحوّل حزب المحافظين ضد كليغ خشية ان يساعد على الابقاء على حزب العمال في السلطة من خلال موافقته على تقاسم السلطة معه. اما المرحلة التالية في هجوم حزب المحافظين خلال المناظرة التي ستعرض على شاشة البي بي سي، فيرجح ان تركز على السياسات الاقتصادية لحزب الديموقراطيين الاحرار.

ولم تخرج بريطانيا من اسوأ ركود تعاني منه في تاريخها الا في نهاية العام الماضي، الا انها تعاني من عجز عام هائل. واظهرت اخر ارقام النمو هشاشة الانتعاش الاقتصادي حيث لم يرتفع اجمالي الناتج المحلي سوى بنسبة 0.2% في الربع الاول من العام، وهي نسبة ادنى من المتوقع.

ويقول حزب العمال ان وعود المحافظين بتوفير مبلغ ستة مليارات جنيه استرليني (6.9 مليار يورو) في العام 2010 سيحرم الاقتصاد من المال في الوقت الذي يجب فيه دعم النمو. وقد لقيت الخطط التي وضعتها الاحزاب الثلاثة لزيادة الضرائب وخفض الانفاق العام بهدف خفض العجز العام، انتقادات من المعهد المستقل للدراسات المالية الثلاثاء.

وقال المعهد ان اقتراحات حزب المحافظين للتخلص من معظم العجز خلال الفترة البرلمانية الثانية سينطوي على اكبر خفض في الانفاق منذ الحرب العالمية الثانية. وفي نقطة اكثر اهمية بالنسبة إلى مناظرة الخميس، قال المعهد المستقل انه لم يقترب اي من الاحزاب من تحديد طرق معالجة المسائل الحساسة بالنسبة إلى الناخبين.

فالمحافظون على سبيل المثال، وعدوا بالتوفير عن طريق quot;وقف الهدرquot; دون ان تحدد كيفية القيام بذلك. وقال فيرنون بوغدانور الاستاذ في جامعة اكسفورد انه يجب عدم الاستهانة بقدرة براون على اثارة اعجاب الناخبين في المناظرة الاخيرة.

وصرح لوكالة الانباء الفرنسية انه في المناظرتين الاولتين quot;بدا غوردن براون بصورة افضل مما كان يعتقد بشكل عام لانه كان اكثر ادراكا لما يقول من الاثنين الباقيينquot;. واشار الى ان المناظرة الاخيرة ستكون quot;الاهم .. نظرًا لأنها تركز على الاقتصاد الذي يعد قضية اساسية بالنسبة إلى معظم الناخبينquot;. وقال ان المناظرة quot;ستكون مهمة للغاية ويمكن ان تغير اراء الناخبينquot;.