حجبت تداعيات الهجوم البحري الإسرائيلي على quot;قافلة المساعدات الإنسانيةquot; لغزة في المياه الدولية ما عداها من اهتمامات في لبنان وأزاحت الأضواء عن نتائج انتخابات منطقة الشمال التي ختمت الإنتخابات البلدية والإختيارية في لبنان، وكذلك عن بدايات السجال المتجدد حول سلاح quot;حزب اللهquot; ومناقشة مشروع الموازنة في مجلسي الوزراء وزيارتي رئيس الحكومة سعد الحريري لواشنطن ودمشق.

بيروت: قالت أوساط سياسية لـ quot;إيلافquot; إنها لا تزال تتساءل عن هدف إسرائيل، في هذا التوقيت تحديدا، من العمل الهجومي ضد سفن مدنية تحمل مساعدات إنسانية إلى غزة، مضيفة إدعاء الجيش الإسرائيلي بأنه quot;واجه مقاومة مسلحةquot; فاضطر إلى الإشتباك، هو إدعاء لا دليل عليه، ولم تصدقه أية دولة في العالم. لذلك كان الإستنكار الدولي عارما وكاد يكون تاما وشاملا لو لم تتصد له الولايات المتحدة في مجلس الأمن، خصوصا أنه كان في إمكان إسرائيل منع القافلة من بلوغ هدفها من دون أن تستخدم القوة وتطلق النار القاتل في اتجاه المشاركين في هذا التحرك ذي الطابع السلمي ، فتقفل الطريق أمام السفن وتمنعها من التقدم على سبيل المثال .

وأضافت هذه الأوساط التي حرصت على عدم تسميتها لتتفادى إحراجات المزايدات عليها إن ربط السؤال عن هدف إسرائيل من اللجوء إلى القوة بما يسمى quot;الهجوم الأميركي نحو السلامquot;، وبالموقف العربي المتعاون مع إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما لهذه الغاية، لاسيما موقف السلطة الفلسطينية، يتيح القول إن العملية الإسرائيلية تستهدف بالصميم مشروع التسوية في المنطقة، خصوصاً في ضوء quot;الخلاف الفعليquot; بين الإدارة الأميركية والحكومة الإسرائيلية في هذا الصدد، وهو خلاف لا سابق له .

وفي هذا السياق تكون إسرائيل ارتكبت فعلتها لاستهداف الجهود المصرية وجهود السلطة الفلسطينية لمعالجة موضوع غزة تحديداً. وتكون بالتالي قد أدّت خدمة موضوعية إلى موقف quot;حماسquot; المتطرف في غزة. علما أن جزءا رئيسا من المشكلة التي يعانيها القطاع يتعلق بالجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط التي تراوح الجهود لمبادلته مكانها منذ زمن بعيد.

ورجحت الأوساط نفسها أن تتواصل ردود الفعل الغاضبة على الهجوم الإسرائيلي في الأيام المقبلة في بعض العواصم العربية والإسلامية، على غرار ما يحصل في اسطنبول والقاهرة وبيروت ودمشق . لكن ردود الفعل هذه قد لا تؤدي إلى أي نتيجة كالعادة نظرا إلى غياب الرؤية الموحدة لدى العرب وكذلك القدرة على فرض رؤية واحدة للتعامل مع الأحداث بعدما أفلتت الأمور من أيديهم لأسباب عدة موضوعية.

أما القولإن العملية البحرية الإسرائيلية ستحرج حكومة نتنياهو فترد عليه الأوساط نفسها بسؤال quot;هل هناك إحراج أكبر من الذي تسببت به مجزرة صبرا وشاتيلا في الثمانينات من القرن الماضي؟quot;. وتعود إلى التركيز المهم على أن سياسة الحكومة الإسرائيلية الحالية تشكل العقبة الأساسية أمام مشروع السلام في المنطقة، وإنها في الوقت نفسه تشجع الإتجاهات العنفية المتطرفة ولا سيما التطرف الفلسطيني ndash; الإسلامي المتمثل بـ quot;حماسquot;، الأمر يضع جميع الأطراف المعنية بجهود السلام أمام مسؤوليات تتطلّب مزيداً من الحزم .

واستبعدت في الوقت نفسه أن يكون quot;التسخين quot; الإسرائيلي مقدمة لحرب بذريعة أو بأخرى، ملاحظة سحب قضية امتلاك quot;حزب اللهquot; صواريخ سكود من التداول ، وإن موقتا . إلا أن ذلك لا يمنع من تذكير بتلويح الأمين العام لـ quot;حزب اللهquot; السيد حسن نصرالله في خطابه الأخير يوم 25 أيار / مايو الماضي بقدرة حزبه على ضرب السفن الحربية الإسرائيلية التي تحتل واجهة الأحداث في هذه المرحلة، وذلك من خلال توازن جديد للردع. فضلا عن أن ثمة احتمالا مستمرا لدخول المنطقة خط التوتر العالي من باب العقوبات على ايران الحاضرة بقوة على حدود إسرائيل جنوبا من خلال quot;حماسquot; وشمالا من خلال quot;حزب اللهquot;.