أعطت مجموعة العشرين الأولويَّة للنمو في العالم تاركةً الوسيلة لإحقاقه بيد كل دولة.

تورونتو: أقرت مجموعة العشرين خلال قمتها في تورونتو- كندا بالتباين بين اقتصادات دولها الصناعية والناشئة، داعية الى اتخاذ تدابير تناسب مصالح كل من اعضائها. والبيان الختامي لاعمال قمتها الذي صدر الاحد بتضمن اشارات كثيرة الى هذا التنوع الاقتصادي.

فإن كانت الدول متفقة على ضرورة دعم النمو، إلا انها منقسمة حول سبل تعزيزها، وقد توصل رؤساء الدول والحكومات العشرون الى تسوية حول هذا الملف الذي كان يشكل نقطة الخلاف الرئيسة بين الاوروبيين الحريصين على خفض مستوى ديونهم المرتفع والولايات المتحدة الداعية الى دعم الاستهلاك لتحفيز النمو الاقتصادي.

وكتب العشرون quot;اننا مصممون على اتخاذ تدابير بالتشاور من اجل دعم الانتعاش... وهذه التدابير ستختلف بالنسبة إلى كل دولة وستأخذ في الاعتبار الظروف الوطنيةquot;. اما بالنسبة إلى فرض ضريبة خاصة بالقطاع المصرفي يدعو اليها الاوروبيون وفي طليعتهم فرنسا وبريطانيا والمانيا، فترك القرار لكل دولة وذكر البيان الختامي بهذا الصدد ان quot;بعض الدول تفرض ضريبة مالية فيما اختارت دول اخرى نهجًا مختلفًاquot;.

وسعى المدير العام لصندوق النقد الدولي للطمأنة فاوضح ان كل هذه الاشارات الى quot;الوضع الخاص لكل بلدquot; مبررة. وقال متحدثًا بعد اختتام القمة quot;اننا نرى بوضوح الفوائد التي تنتج عن النمو اذا ما قام كل منا بما يترتب عليهquot;.

وهذا الموقف هو ما حمل مجموعة العشرين على اعتماد صيغة طرحها الاميركيون قبل بضعة اسابيع في ما يتعلق بمسألة العجز في الميزانيات الذي يثير سجالا كبيرا، داعية الى اعتماد quot;خطط تعزيز مؤاتية للنموquot;، وهي صيغة تشمل خطط التقشف الاوروبية كما تعهدات واشنطن الاكثر فتورًا.

وسعيًا لعدم اثارة استياء اي من الاعضاء، لم يذكر البيان اي بلد بالاسم عند قيام اجماع على وجوب ان يتحرك في اتجاه معين. وفي هذا الاطار، اكتفت مجموعة العشرين بالدعوة الى quot;زيادة المرونة في اسعار صرف العملات في بعض الدول الناشئةquot;.

ولم يذكر هذا البند الصين تحديدًا، في حين يعلم الجميع انها المعنية إذ إنها الدولة الوحيدة في مجموعة العشرين التي لا تسمح بتقلب سعر عملتها بحرية، اذا ما استثنينا السعودية التي لا تطرح سياستها بشأن سعر عملتها اي مشكلة مع اي بلد اخر.

وهذه السياسة المرنة المفصلة لتناسب مصالح جميع الاعضاء العشرين، ستسمح لكل من المشاركين في القمة باعلان النصر عند عودته الى بلاده. وقال وزير المالية البرازيلي غيدو مانتيغا الذي رئس وفد بلاده في غياب الرئيس لويس ايناسيو لولا دا سيلفا انه quot;تم الاخذ تمامًا بمواقف الدول الناشئة في البيان، جميع مواقفنا مدرجة فيهquot;.

وقال الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي معلقًا على مشروع فرض الضريبة المصرفية التي كان الاوروبيون يسعون لتعميمها quot;الامر الملفت هو اننا لم نمنع من القيام بذلكquot; متوقعا لهذه الضريبة quot;ان تنتشرquot;. واعلن البيت الابيض مبديًا ارتياحه ان quot;مجموعة العشرين مكون اساسي من مكونات استراتيجية ادارة (الرئيس باراك) اوباما من اجل ضمان الانتعاش العالميquot;.

وكرست قمة تورونتو استثناء يابانيا اذ اقرت لطوكيو بـquot;مرونة اكبرquot; من سواها في ما يتعلق بتحديد اهداف خفض الدين العام التي كانت تفوق قدرة هذا البلد وهو من الاكثر استدانة في العالم. ويبقى ان المضيف الكندي كان الاكثر ارتياحا لمقررات القمة اذ اعتبر انه حصل على كل ما كان يتمناه، وقال رئيس الوزراء ستيفن هاربر مختتما القمة quot;تخطينا هنا مراحل مهمة، مراحل كانت كندا تسعى اليهاquot;. وتعقد مجموعة العشرين قمتها المقبلة بعد اقل من خمسة اشهر في سيول غير ان آلان الكسندروف من جامعة تورونتو حذر من ان quot;الازمة تتبدد وتزداد صعوبة التوصل الى اجماعquot;.