وجدت الحكومة البريطانية نفسها تتصدى لحملة شعبية حولت في غضون ايام مجرم قاتل الى بطل شعبي.

اُجبر ديفيد كامرون رئيس الوزراء البريطاني على التصدي لظاهرة وصفها بأنها laquo;غير مفهومة ومقلقةraquo;، وتتعلق بتحول أحد أشهر المجرمين في الآونة الأخيرة، واسمه راؤول موت، من مجرم قاتل الى بطل شعبي.

كان موت (37 عاما)، وهو من نيوكاسيل، سجينا بعد إدانته بالاعتداء الجسدي. وبعد إطلاق سراحه في الأول من الشهر الحالي شن حربا على الشرطة بسبب ما يعتبره ظلمها له وأيضا لاعتقاده ان شرطيا اختطف منه صديقته أثناء فترة سجنه. وكان أول ما فعله هو أن تتبع أثر هذا الشرطي وأطلق عليه النار فأرده قتيلا في قرية بريتلي بمقاطعة نورثاميريا في أقصى شمال شرق انكلترا.

وبعد قليل أطلق النار مرتين على صديقته نفسها فأصيبها بجراح خطيرة في بطنها في القرية نفسها. وبدأت الشرطة حملة واسعة للقبض على موت. ولاحقا في اليوم نفسه أطلق المجرم الهارب النار على شرطي في غرب نيوكاسيل وأصابه بجراح في وجهه. ثم اتصل بالشرطة عبر رقم الطوارئ 999 معلنا أنه سيتصيّد أفرادها الواحد بعد الآخر.

وخلال حملته المسعورة ضد الشرطة أولا ثم الجمهور العريض ثانيا، شهدت بريطانيا أكبر حملة مطاردة من نوعها بدأت بتدفق قوات الشرطة والقنّاصين على المنطقة من ست مقاطعات. ثم انضمت اليها laquo;وحدة القوات الخاصةraquo; التابعة للجيش إضافة الى العربات المدرعة والمروحيات المزودة بتكنولوجيا السبر الحراري. واستمر البحث عنه سبعة أيام أتت الى ختامها عندما عثرت عليه الشرطة وحاصرته. لكنه انتحر قبل تمكنها من إلقاء القبض عليه حيّا.

ومع أن بريطانيا، التي كانت تحبس أنفاسها طوال تلك الدراما، تنفست الصعداء مع إعلان مقتله، فقد بدأت مواقع الانترنت الاجتماعية مثل laquo;فيس بوكraquo; وlaquo;تويترraquo; تبث رسائل تعاطف مع القاتل خاصة بعدما اتضح أن اثنين من أفراد القوة التي كانت تحاصره أصاباه بصعقتين كهربائيتين من قاذفات laquo;التيزرraquo; لمنعه من إطلاق النار على نفسه لأنه كان يوجه مسدسه الى أعلى عنقه.

وقال شقيقه آنغاس (39 عاما) إن اهتزاز جسده العنيف بفعل الصعقتين هو الذي تسبب في ضغطه على الزناد وقتله بدون نيّة حقيقية منه للانتحار.

بعدها بدأت رسائل التعاطف تجد طريقها الى شبكة الإنترنت حتى صارت تعج بها. وتناست هذه الرسائل أن موت قتل شرطيا وأصاب آخرا إضافة الى صديقته السابقة، التي يعتقد أنها أم ابنته، بجراح خطيرة، وأنه كلّف دافع الضرائب مبالغ خرافية صرفت على أكبر عملية مطاردة جنائية من نوعها في تاريخ البلاد.

وصوره بعض هذه الرسائل على أنه laquo;الضحيةraquo; وبعضها الآخر على أنه laquo;البطل التراجيدي الذي تصدى منفردا لجبروت الشرطة والجيش البريطانيين وأثار الذعر في أوصالها لسبعة ايام وثمانية ليال متصلةraquo;. وأرسل البعض بطاقات التعزية لأهله، وبلغ الأمر ببعض آخر حد ترك باقات الزهور أمام منزله وفي الموضع الذي قضى فيه نحبه.

وقد تعاظمت هذه الظاهرة خلال أيام قليلة مما جعلها موضوعا رئيسا تتداوله وسائل الإعلام بالنقل والتحليل. وإزاء هذا كله اضطر رئيس الوزراء لإلقاء بيان في البرلمان وصف فيه موت بأنه laquo;مجرم متحجر القلب وليس أهلا لمثقال ذرة من هذا التعاطف الشعبي الذي يجب أن يقدم لضحاياه ومن ضمنهم أهل القرى والبلدات التي روّعها في نورثامبرياraquo;.

وأضاف بقوله ان الحكومة ستسعى الآن لدى القائمين على شؤون laquo;فيس بوكraquo; وlaquo;تويترraquo; لإزاحة الصفحات التي خصصت لإبداء التعاطف مع القاتل وللهجوم على الشرطة والجيش البريطانيين باعتبارهما المجرم laquo;لأن هذا الوضع معكوس ويقف رأسا على عقبraquo; على حد قوله.