عقد العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز الذي وصل اليوم إلى دمشق جلسة مباحثات مع الرئيس السوري بشار الأسد،ومن المقرر أن يتوجه الزعيمان يوم الجمعة إلى لبنان في إطار الجهود التي تبذل لاحتواء التوتر بعد إعلان نصر الله عن احتمال توجيه المحكمة الدولية الاتهام إلى حزبه بالوقوف وراء اغتيال الحريري.

دمشق: عقد الرئيس السوريبشار الأسد جلسة مباحثات مع خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز آل سعود وذلك في قصر الشعب في دمشق بعد ظهر اليوم. وأكد الرئيس الأسد وخادم الحرمين الشريفين أن الوضع العربي الراهن والتحديات التي تواجه العرب ولاسيما في فلسطين يتطلب من الجميع مضاعفة الجهود للارتقاء بالعلاقات العربية العربية والبحث عن آليات عمل تعزز التضامن وتدعم العمل العربي المشترك.

وجدد الرئيس الأسد والملك عبد الله التأكيد على ضرورة تحقيق المصالحة الوطنية الفلسطينية كضامن أساسي لحقوق الشعب الفلسطيني وأشادا بالمواقف المشرفة التي اتخذتها تركيا لنصرة الفلسطينيين وكسر الحصار اللاانساني المفروض على قطاع غزة مشددين على اهمية توحيد الجهود لمعاقبة اسرائيل على جريمتها بحق اسطول الحرية وضرورة تحمل المجتمع الدولي لمسؤولياته والضغط على اسرائيل لرفع هذا الحصار فورا ووضع حد لممارساته الاجرامية والاستيطانية في الاراضي العربية المحتلة والتي تؤكد رفض اسرائيل للسلام ومتطلباته.

كما أكد الرئيس الأسد وخادم الحرمين الشريفين حرصهما على دعم مسيرة التوافق التي شهدها لبنان منذ تشكيل حكومة الوحدة الوطنية ودعم كل ما يسهم في تثبيت استقراره ووحدته وتعزيز الثقة بين ابنائه.

وحول العراق اعتبر الرئيس الاسد وخادم الحرمين الشريفين انه من الضروري تشكيل حكومة وطنية عراقية بأسرع وقت ممكن تضمن مشاركة جميع الاطياف السياسية وتحفظ عروبة العراق وأمنه واستقراره.

وكانت مراسم استقبال رسمية أقيمت لخادم الحرمين الشريفين في قصر الشعب حيث عزف النشيدان الوطنيان للمملكة العربية السعودية والجمهورية العربية السورية. ثم استعرض الرئيس الأسد والملك عبد الله حرس الشرف بينما كانت المدفعية تطلق إحدى وعشرين طلقة تحية لضيف سوريا الكبير.

ثم صافح الملك عبد الله كبار مستقبليه من الجانب السوري كما صافح الرئيس الأسد أعضاء الوفد الرسمي المرافق لخادم الحرمين الشريفين. وبدأ خادم الحرمين الشريفين زيارة رسمية إلى سورية تستغرق يومين وكان الرئيس الأسد في استقباله في مطار دمشق الدولي.

وقالت وكالة الانباء السورية الرسمية (سانا) إن الملك عبد الله الذي وصل الى دمشق قادما من مصر، المحطة الاولى من جولته في المنطقة quot;بدأ زيارة رسمية الى سوريا تستغرق يومينquot;. واضافت ان الرئيس السوري بشار الاسد كان في استقباله في مطار دمشق.

بينما يتوجه الرئيس السوري بشار الاسد الى لبنان الجمعة في اول زيارة له منذ 2002، مكرسا بذلك تطبيع العلاقات بين البلدين بعد سنوات من التوتر اثر اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الاسبق رفيق الحريري.

وهي الزيارة الاولى للاسد الى لبنان منذ اغتيال رفيق الحريري في 14 شباط/فبراير 2005 في بيروت. وتأتي هذه الزيارة بينما تسعى سوريا التي مارست نفوذا كبيرا على البلد الصغير المجاور لثلاثين عاما، ولبنان الى اقامة علاقات جديدة على اساس الاحترام والسيادة.

وقال دبلوماسي غربي في دمشق طالبا عدم كشف هويته quot;انها زيارة مهمة للتقارب بين دمشق وبيروت وستسمح بتهدئة العلاقات وتغيير نظرة اللبنانيين الى سورياquot;. ومنذ اقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين في 2008، تتقدم العلاقات ببطء. وقد قام رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري، نجل رفيق الحريري، بأربع زيارات الى دمشق منذ كانون الاول/ديسمبر 2009.

وسيتوجه الاسد الى لبنان مع العاهل السعودي الملك عبد الله بن العزيز في اطار الجهود التي تبذل لاحتواء التوتر بعد اعلان الامين العام لحزب الله حسن نصر الله عن احتمال توجيه المحكمة الدولية التي تنظر في اغتيال الحريري، الاتهام الى حزب الله.

واثار هذا الاعلان مخاوف من احتمال مواجهة جديدة بين انصار حزب الله الشيعي المدعوم من سوريا وايران، وانصار سعد الحريري المدعوم من السعودية، تعيد الى الاذهان احداث ايار/مايو 2008 التي قتل خلالها حوالى مئة شخص.

وكان رفيق الحريري اغتيل مع 22 شخصا اخرين في تفجير شاحنة مفخخة في بيروت. واثار اغتياله توترا بين البلدين الجارين وادى الى تسريع انسحاب الجيش السوري الذي كان ينتشر في لبنان منذ 1976. وتوقع انطونيو كاسيزي رئيس المحكمة الخاصة بلبنان التي انشئت بقرار من مجلس الامن الدولي في 2007، صدور القرار الاتهامي بحلول نهاية العام.

وكتبت صحيفة النهار اللبنانية الثلاثاء ان quot;اللبنانيين يطمحون الى ان يسمعوا من الرئيس السوري خطابا مختلفا لعله يقارب ذلك الذي القاه قبل عشر سنين تماما لدى تسلمه السلطةquot;. واضاف ان quot;خطابه كان نوعيا من حيث اثارة آمال كبيرة في إمكان إقامة علاقات مختلفة تكسبه ليس فقط علاقات ودية وثيقة بين البلدين بل ثقة اللبنانيين واطمئنانهم الى سورياquot;.

وقال محللون ان دمشق تمكنت من الاحتفاظ quot;بنفوذ مهمquot; في الشؤون اللبنانية عن طريق حلفائها اللبنانيين حزب الله والعماد ميشال عون وقادة سياسيين مقربين من دمشق. ووقع البلدان اللذان يعملان على مراجعة الاتفاقات بينهما، سلسلة من الاتفاقات الاقتصادية لتعزيز التعاون.

الا انهما لم يبدآ العمل في ملف ترسيم الحدود بينهما ومراقبتها والذي يشكل اشارة مهمة الى السيادة اللبنانية. وسوريا متهمة من معارضيها بالسيطرة ايضا على جيوب في لبنان عن طريق منظمات فلسطينية مسلحة.

وتريد دمشق منع اقامة سلطة مناهضة لمصالحها القومية. وقال الدبلوماسي ان quot;هذه الزيارة تاريخية وستهدئ النفوسquot; لدى الذين يشككون في رغبة دمشق في تطبيع العلاقات مع بيروت.

وزار بشار الاسد بيروت في آذار/مارس 2002 لحضور قمة عربية وكان اول رئيس دولة سوري يتوجه الى العاصمة اللبنانية منذ حوالى نصف قرن. وكان والده الرئيس الراحل حافظ الاسد التقى في 1975 الرئيس اللبناني حينذاك سليمان فرنجية في شتورا في سهل البقاع القريب من سوريا.