مع قرب إنهاء القوات الاميركية مهامها القتالية في العراق نهاية الشهر الحالي وفقا للاتفاقية الأمنية الموقعة بين البلدين أواخر عام 2008 باشر حسن دانائي فر القيادي السابق في الحرس الثوري الايراني اليوم مهامه سفيرا جديدا لبلاده لدى العراق وهو ما يراه مراقبون قد يوفر الأرضية لإيران لتوسيع رقعة نشاطاتها ونفوذها في العراق.

طالباني يتسلم أوراق اعتماد السفير الايراني الجديد حسن دانائي مر

باشر حسن دانائي فر القيادي السابق في الحرس الثوري الايراني اليوم مهامه سفيرا جديدا لبلاده في العراق بعد ان قدم أوراق اعتماده الى الرئيس جلال طالباني. وفي وقت تشهد البلاد أزمة حكومية خانقة تنشط ايران لان تكون الحكومة المنتظرة موالية لها بالترافق مع قرب خلو الساحة العراقية من القوات الاميركية التي ستنهي عملياتها القتالية اخر الشهر الحالي وحيث يتحفز الايرانيون لملء اي فراغ يخلفه هذا الانسحاب الاميركي من العراق .

وقد سلم السفير الايراني الجديد عميد الحرس الثوري quot;حسن دانائي فرquot; أوراق اعتماده الى طالباني في اعلان رسمي لمباشرته بمهامه سفيرا لطهران في بغداد وهو السفير الثاني لايران منذ سقوط النظام العراقي السابق عام 2003 بعد السفير السابق عميد الحرس الثوري حسن كاظمي قمي الذي عمل في العراق على امتداد السنوات الست الماضية.

وعقب مراسم تسلم أوراق الاعتماد أكد الرئيس طالباني quot;عمق الروابط التاريخية بين البلدين الجارين، وضرورة توثيقها وتوسيع العلاقات بينهما بما يخدم تطلعات الشعبين الصديقين في تأمين مستقبل زاهر ومشرقquot;. وأشار إلى أهمية تقوية التعاون الثنائي وتفعيل العمل المشترك على المستويات السياسية والاقتصادية والثقافية من أجل تعضيد العلاقات بين الجانبين العراقي والإيرانيquot; كما نقل عنه بيان رئاسي . واشاد طالباني بدور السفير السابق قمي quot;في تطوير العلاقات بين البلدين متمنياً على السفير الجديد أن يكون خير خلف لخير سلف مبدياً استعداده الكامل لدعم جهود السفير دانائي فرفي ترسيخ أسس العلاقة التاريخية المتينة التي تربط البلدين الصديقينquot;.

بدوره نقل السفير الجديد تحيات الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد إلى quot;طالباني وتمنياته بوافر الصحة والتوفيق مؤكداً رغبة الجمهورية الإسلامية الإيرانية في دعم تطلعات الشعب العراقي في الاستقرار والازدهار والتقدمquot;. وأكد أنه سيبذل قصارى جهده لتقوية العلاقات الثنائية بين بلده والعراق في شتى المجالات مشيداً بقيادة الرئيس طالباني وحكمته في إدارة البلاد من خلال تذليل العقبات التي تقف في طريق المسيرة الديمقراطية والسياسية في العراق فضلاً عن جهده المتميز في لمِّ الشمل العراقي وتوحيد صفوف الفرقاء السياسيينquot; كما قال البيان الرئاسي.

وحضر مراسم تسليم اوراق الاعتماد وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري ورئيس ديوان رئاسة الجمهورية العراقية نصير العاني.

وابلغت مصادر سياسية عراقية quot;ايلافquot; ان السفير الجديد يرتبط بعلاقات وثيقة مع عدد من كبار المسؤولين العراقيين يتقدمهم رئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي حيث عمل مسؤولا عن الملف الاقتصادي الإيراني العراقي في وزارة الخارجية الإيرانية وهو يعرف العراق جيدا حيث عمل قبل تعيينه بمنصبه الجديد مسؤولا عن إعمار العتبات المقدسة في الكاظمية وكربلاء والنجف خلال السنوات القليلة الماضية .

وكانت وزارة الخارجية الإيرانية قد أعلنت منتصف حزيران (يونيو) الماضي عن تعيين حسن دانائي فر سفيراً لها في بغداد خلفاً للسفير قمي وذلك بناء على مقترح منها وبموافقة الرئيس الإيراني محمود احمدي نجاد. والسفير الجديد من مواليد بغداد في الثامن عشر من ايلول (سبتمبر) عام 1962 وقد تعرض وأسرته للتسفير من العراق من قبل النظام العراقي السابق خلال الحرب الإيرانية العراقية (1980 ndash; 1988 ) كونه من أصول إيرانية ثم عمل بعد ذلك مع المعارضة العراقية في منظمة بدر التابعة للمجلس الاعلى الاسلامي العراقي . ولعب فر الذي يتقن اللغة العربية والكردية اضافة الى لغته الفارسية دورا كبيرا في أنشطة فيلق القدس الإيراني فضلاً عن دوره في العمليات العسكرية خارج الأراضي الإيرانية وهو ينتمي إلى تيار المحافظين الجدد في ايران ومتزوج وله أربعة أطفال.

وتعتَبر البعثة الدبلوماسية الإيرانية في العراق التي تشمل السفارة وأربع قنصليات جزءاً من نفوذ فيلق القدس في العراق حيث إن الدبلوماسيين العاملين في العراق هم من منتسبي هذا الفيلق .

وأشارت المصادر الى أن السفير الجديد فر عمل في السابق بصفة نائب قائد القوات البحرية في الحرس الثوري عندما كان علي شمخاني يتولى قيادتها وهو أيضاً عضو في فيلق القدس الذي يدير العمليات الإيرانية في الخارج بالتزامن مع توليه مهمة مسؤول اعادة اعمار المراقد والعتبات الدينية في العراق مباشرة بعد الاحتلال الاميركي لهذا البلد اضافة الى توليه مسؤولية متابعة جانب من العلاقات الاقتصادية بين ايران والعراق مستفيدا من علاقاته الوثيقة التي تربطه مع عدد من كبار المسؤولين العراقيين.
وكان حسن دانائي فر عضوا في الوفد الإيراني المفاوضات مع الأميركيين التي جرت في العراق خلال العامين الماضيين وهو على صلة وثيقة بوزارة الأمن والإستخبارات الإيرانية إلى جانب عضويته في الجهاز الإستخباراتي التابع للحرس الثوري الذي تتهمه جهات عراقية وأميركية بالتدخل في الشؤون العراقية.

يذكر ان فر الذي كان نائباً لقائد قوات الحرس البحرية حينما كان الأميرال علي شمخاني قائداً لهذه القوات قد عين مسؤولاً عن دائرة دول الجوار في استخبارات الحرس ثم التحق بعد ذلك بمجمع تشخيص مصلحة النظام برئاسة الرئيس الايراني الاسبق علي اكبر رفسنجاني حيث عمل مستشاراً لرئيس المكتب السياسي وعاد إلى استخبارات الحرس بعد فترة حيث كلّفه قائد استخبارات الحرس الأسبق العميد مرتضى رضائي إعادةَ تنظيم شبكة استخبارات الحرس في العراق بعد الضربات التي تلقتها من جراء اعتقال عدد من أبرز قياداتها في اربيل والسليمانية من قِبل القوات الأميركية.

واوضحت المصادر أن السفير السابق العميد حسن كاظمي قمي الذي لعب دوراً مؤثراً في تعزيز نفوذ إيران في العراق وتوسيع شبكة الأصدقاء والمتعاونين لن يغادر العراق بعد انتهاء مهمته فقد تم تعيينه مسؤولا عن الملف الاقتصادي بين العراق وايران في وزارة الخارجية الايرانية ورئاسة quot;هيئة أعمار العتبات المقدسةquot; التي تعتبر أكبر واجهة للاستخبارات الإيرانية في العراق والتي يعمل تحت مظلتها العشرات من ضباط الحرس ووزارة اطلاعات quot;الاستخباراتquot; .

وعادة ما تعين السلطات الايرانية أعضاء السلك الدبلوماسي في سفاراتها في البلدان التي تحظى بأهمية أمنية من عناصر الاجهزة الامنية العسكرية .

ويعتبر فر السفير الايراني الثاني في العراق الذي يأتي من مؤسسة الحرس الثوري الايراني ومن خارج التسلسل الاداري لوزارة الخارجية الايرانية وسلكها الدبلوماسي . وقمي هو الآخر من ضباط فيلق القدس برتبة عميد وخدم في أفغانستان ولبنان قبل أن يلتحق في بداية عام 2006 بمنصبه سفيرا في بغداد.

ويأتي تعيين السفير الجديد مع قرب انهاء القوات الاميركية لمهامها القتالية في العراق بنهاية الشهر الحالي وفقا للاتفاقية الأمنية الموقعة بين البلدين اواخر عام 2008 بحيث يتبقى حوالى 50 ألف جندي أميركي فقط في مَهماتِ إسنادٍ وتدريب حتى موعد الانسحاب العسكري الشامل من البلاد بنهاية العام المقبل2011 وهو ما يراه مراقبون قد يوفر الأرضية لإيران لتوسيع رقعة نشاطاتها ونفوذها في العراق وهذا ما بدأت ملامحه تظهر عبر المساعي الإيرانية غير المعلنة من أجل تشكيل حكومة عراقية موالية لإيران تكون أكثر ليونة في مسألة ضبط الحدود بين البلدين التي تمتد نحو 1200 كلم من اجل تجاوز العقوبات الجديدة التي فرضها المجتمع الدولي على إيران.