يثير إنطلاق المفاوضات المباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين في واشنطن ردود فعل لدى المسؤولين الفلسطينيين الذين أجمعوا على هشاشة تلك المفاوضات وعدم ارتكازها على أرضية صلبة، إضافة إلى التجربة الفلسطينية والمسيرة الطويلة من المفاوضات التي لم يتمخض عنها شيء حتى الآن. وعلى الرغم من الاهتمام الاميركي في المفاوضات، وتصريحات نتانياهو بأنَّه ينوي مفاجأة المشككين، إلا أن فصائل وسياسيين فلسطينيين قللوا من أهميتها، وأصروا على أن ما تقوم به إسرائيل لا يتعدى كونه هروبًا من الحصار والأزمة السياسية التي وقعت بها أخيرًا مع دول أوروبية وعربية متعدّدة.


ملكي سليمان من القدس، وحمزة البحيصي من غزة:
حين أكدت حركة التحرير الوطني الفلسطيني quot;فتحquot; على انها لن تعترف بدولة يهودية، وصف الدكتور مصطفى البرغوثي الامين العام لحركة المبادرة الوطنية الفلسطينية وعضو المجلس التشريعي الفلسطيني مطالب وشروط نتياهو للفلسطييين من اجل التفاوض المباشر والوصول الى حلول وصفها بأنها quot;خطرةquot; وستشكل اساسًا للسلوك الاسرائيلي في المفاوضات, في حين اعتبر محللون بأن نتياهو قادر على فرض الشروط على الفلسطييين وان مطالبه وشروطه هي نبض الشارع الاسرائيلي.

المفاوضات بحاجة إلى موقف دولي وإلا لن تنجح
صالح زيدان عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية يقول في حديثه quot;لإيلافquot; أنه في حال أخفقت المفاوضات فإنه لابد من العمل على توسيع دائرة الاعتراف الدولي بالحقوق الفلسطينية وخصوصًا حق إقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس، وحق اللاجئين بالعودة طبق القرار 194 وذلك من خلال طرح الموضوع الفلسطيني على الأمم المتحدة.
ويضيف: quot;يجب العمل على وضع إسرائيل أمام المسائلة والمحاكمة الدولية من خلال تنفيذ توصيات تقرير جولدستون، ومخالفتها للمعاهدات الدولية، وإنهاء الاحتلال غير الشرعي وكذلك حصار قطاع غزة، وإذا ما فشلت المفاوضات فيجب بناء جبهة مقاومة شعبية تناضل بكل الأشكال ضد الإحتلال، ولا بد من إنهاء الإنقسام وإعادة الإعتبار للبرنامج الوطني الفلسطينيquot;.

ولم يتفاءل زيدان حيال المفاوضات وأنها قد تؤدي إلى نتيجة مرضية وتلبي الحد الأدنى من الحقوق الوطنية الفلسطينة، حيث يشير إلى أنه لن تقوم دولة فلسطينية لأن المفاوضات لن تنجح دون توفر أسس وضمانات سليمة، وعندما تكون الدعوة الأميركية قائمة بأن تقام المفاوضات دون شروط مسبقة، وعندما لا ترتكز هذه المفاوضات على بيان اللجنة الرباعية على الرغم من تراجع هذا البيان عن قرار الشرعية الدوليةquot;.

ويتابع: quot;سيكون لهذه المفاوضات المجال للمس بالحقوق الفلسطينية وستهدد الفلسطينيين بحل جائر إذا لم تستند إلى القرارات الشرعية الدولية، ودون وقف الإستيطانquot;.

وبين أن تكتل اليسار لا يزال يتواصل مع الرئيس محمود عباس ولم يتوقف عن الحوار معه من أجل بلورة موقف موحد تجاه هذه المفاوضات يقوم على الإجماع الفلسطيني الذي أقره المجلس المركزي في ديسمبر الماضي والذي أكد أنه لا مفاوضات دون وقف الإستيطان، ومرجعية دولية وإطار دولي ملزم يضمن الحقوق الفلسطينيةquot;.
ويؤكد زيدان أن هذه المفاوضات هي فرصة لإسرائيل لمواصلة الإستيطان والإفلات من العزلة والمحاكمة الدولية.

عزام: نكاد نقرأ نتائج المفاوضات قبل أن تبدأ
من جانبه يقول نافذ عزام القيادي في حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين quot;لإيلافquot; أن المفاوضات لن تسفر عن شيء حقيقي وجدي، ويضيف: quot;التجربة المُرة التي يعيشها الفلسطينيون تؤكد بأن إسرائيل لا يمكن على الإطلاق أن تعطيهم شيئًا، إضافة إلى تجربة المفاوض الفلسطيني، حيث أن سنوات من التفاوض لم تثمر عن أي شيءquot;.

ويشير عزام إلى تصريحات نتنياهو الأخيرة التي تدلل على إمكانية تقديم شيئ جديد للفلسطينيين، فيقول: quot;الحكومة الحالية في إسرائيل تضم عتاة المتطرفين، ولا تملك أي برنامج يمكن أن يقال أنه يغري الفلسطينيين، وبالتالي لا نظن أن هذه المفاوضات ستختلف عن الجولات السابقة، وهي فقط مضيعة للوقت ومحاولة إسرائيلية لكسر الحصار الذي فرض عليها بسبب سياساتهاquot;.

وقال عزام: quot;يجب أن تكون هناك استراتيجية عربية موحدة في حال فشل المفاوضات لمواجهة العدوان الإسرائيلي واستمرار الإحتلال، وكذلك لا بد أن يكون هناك موقف فلسطيني حازم، حيث لا يمكن الاستمرار في مسيرة التسوية ونحن نعرف النتيجة مسبقاquot;.

ويتحدث عزام عن الحق الفلسطيني في حال فشل المفاوضات، فيقول: quot;نجزم بأن المفاوضات لن تصل إلى نتيجة نظرًا لتعنت إسرائيل ولاستمرار الخلل في موازين القوى، وبالتالي نكاد نقرأ نتائج المفاوضات قبل أن تبدأ، ولذلك أؤكد أن مقاومة الشعب الفلسطيني فهي شيء أساسي وخيار إستراتيجي للدفاع عن النفس ومحاولة استرداد الحق الضائعquot;.

البرغوثي: المفاوضات المباشرة فاشلة
اما الدكتور البرغوثي فأشار الى العالم الذيكان يضغط من اجل الاعتراف باسرائيل كاساس للسلام، فاعترفت منظمة التحرير بذلك، بينما لم تعترف إسرائيل بحق الفلسطينيين باقامة دولة لهم، وقال:quot;اسرائيل تريد الان الاعتراف بيهودية الدولة، هي وسيلة تعجيزية لوضع المفاوضيين الفلسطيييين في حالة من الاحباط والضعف ومحاولة لتصفية الحقوق الفلسطينية التاريخيةquot;.


وقال البرغوثي :quot; ان الحديث عن نهج فضح اسرائيل من خلال الذهاب الى المفاوضات هو نهج لم تثبت الايام صحته حيث قبلت خارطة الطريق بنفس الطريقة وقبلها اوسلو الذي قبله الفلسطينيون على مضض رغم انه كان ظالما لهم ولم تنفذه اسرائيل ولم يؤد ذلك الى تغيير في المواقف الدولية وكذلك واي ريفر وانابوليس الذي قيل في حينه ان المفاوضات ستنتهي بقيام دولة خلال عام متسائلاً البرغوثي انه لا احد يذكر ذلك على الرغم من مرور سنوات عليه. وقال البرغوثي إنّ عملية تفاوض بهذا الشكل ستفضيبفشل محتوم لأنه لا يوجد في حكومة نتنياهو من هو راغب او قادرعلى صنع السلام .

عساف:quot; القيادة مقبلة على معركة سياسية

اما احمد عساف المتحدث باسم حركة فتح، فأشار إلى أن الحركة متمسكة بمبادئها واهدافها وبالثوابت الوطينة وبالحقوق التاريخية والطبيعية للشعب الفلسطيني وباحترام ارادة المجتمع والقانون الدولي وقرارات الامم المتحدة والاتفاقيات الموقعة بين منظمة التحرير وحكومة اسرائيل والاستناد الى مرجعيات عملية السلام،ووصف عساف بأن ما تقوم به القيادة الفلسطينية خلال المرحلة المقبلة بأنها معركة سياسية وستخوضها بشجاعة وايمان بحقوق الشعب الفلسطيني وعدالة قضيته من اجل الاستقلال واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.

شراب: نتنياهو سيضع عباس في مأزق تقديم التنازلات
نتنياهو يملك خيارات توسيع حكومته مع كاديما، ليملك ائتلافا قويا يمينيا متطرفا من الصعب أن يقدم أي تنازلات تذكر، إلا أنه قال بأنه سيفاجئ المشككين بالمفاوضات.
المحلل السياسي وأستاذ العلوم السياسية بجامعة الأزهر الدكتور إبراهيم أبراش يعتقد أن هذه التصريحات التي يطلقها نتنياهو هي من باب العلاقات العامة ولتحسين موقفه وصورته أمام العالم. ويضيف: quot;لابد من التأكيد على أن نتنياهو يسعى من خلال التصريح لتخفيف ضغط أمريكي ينتظره عندما يذهب إلى واشنطن، وهو يريد أن يضع الرئيس محمود عباس في مأزق، بمعنى يريد أن يقول أنه يريد السلام ويسعى إليه ومستعد لتقديم مفاجآت في السلام، أما الرئيس محمود عباس والسلطة الفلسطينية فماذا يمكن أن يقدموا وعن ماذا سيتنازلوا ؟quot;.

وعن تلك المفاجآت التي سيقدمها نتنياهو يقول أبراش: quot;قد تتعلق المفاجآت فقط بموضوع الدولة الفلسطينية، أما غير ذلك فلا يملك نتنياهو أو غيره الحديث عن موضوع اللاجئين والقدس والمستوطنات، فكل الحكومات الإسرائيلية تتفق حول هذه القضايا، لذلك الهامش الذي يمكن أن يتحرك به نتنياهو هو موضوع الدولة الفلسطينية فقطquot;.

وعن توقعاته بشأن ما قد تلجأ إليه حماس لإحباط المفاوضات قال شراب: quot;هذه المرة قد يكون القيام بعمليات تفجيرية فيه محاذير إلى حد كبير لأن حماس موجودة في الحكم بقطاع غزة وبالتالي فهي تتحمل المسؤولية إذا ما تمت مثل هذه العمليات، وفي الوقت ذاته فإن حماس تخشى أن يصل محمود عباس أو السلطة الوطنية إلى نتائج ملموسة وهذا احتمال قائم وكبير أن تنجح المفاوضات خلال عام، وأن يتم التوصل لاتفاق تسوية في ما يتعلق بالدولة الفلسطينية، وفي هذه الحالة لاشك بأن حماس ستكون في موقف صعب، ولكنها قد تؤكد أن أبا مازن لا يملك الشرعية وأنه في حال الوصول إلى أي اتفاق فسيكون اتفاقًا ناقصًا من دون تأييد حماس بشكل أو بآخرquot;.

وعن أسباب عدم مشاركة دول عربية أخرى غير مصر والأردن في المفاوضات يقول شراب: quot;أولا لقاء واشنطن هو لقاء قمة، فإذا زاد عدد الدول عن ذلك فسيأخذ شكل المؤتمر، إضافة إلى أن اللقاء هو مع دولتين عربيتين رئيستين وتربطهما علاقات دبلوماسية ومعاهدات سلام مع إسرائيل، وثانيًا أن وجودهما دعم وتأييد للرئيس محمود عباس لأن السلطة الوطنية في موقف ضعيف لا تحسد عليه، والرئيس عباس بحاجة إلى من يسانده في القمةquot;.

ويرى شراب أن الإستراتيجية الأميركية الجديدة تقوم على محورين أساسيين، أولها التوجه نحو سوريا، بمعنى تفعيل المسار التفاوضي السوري وتنشيطه من خلال قيام الولايات المتحدة الأميركية بدور أكثر مباشرة، لاعتقاد أميركا أن سوريا تؤدي دورًا مؤثرًا على حماس وحركات المقاومة الفلسطينية بشكل عام، أما الثانية فهي استراتيجية الإحتواء أو الخطوة خطوة، وهو التوجه نحو حماس حتى ولو بطريقة غير مباشرة، بمعنى محاولة إحتواء حركة حماس في العملية السياسية بشكل تدريجي، بمعنى عدم التغاضي عن دور حماسquot;.

ويتحدث شراب عن فصائل اليسار الفلسطينية المشاركة في منظمة التحرير الفلسطينية والمعارضة للمفاوضات فيوضح: quot;هناك جمهور واسع وعريض من اليسار يؤيد المفاوضات، ولكن ما ترفضه كتل اليسار هو أن تتم المفاوضات في حالة الضعف وفي ظل الإنقسام الفلسطينيquot;.

سمارة: اليسار موظف لدى اليمين الفلسطيني
وقال المحلل السياسي الدكتور عادل سمارة في لقاء خاص مع ( ايلاف):quot; ان نتياهو تحدث عما يؤمن به كرجل سياسة، مشيرًا الى ان التصريحات الفلسطينية القيادية والحزبية في الحقيقة مجرد خطابات اعلامية، معتبرًا ان الرئيس الفلسطيني كان اكثر جرأة في مواقفه تجاه استئناف المفاوضات المباشرة مع اسرائيل, موضحًا أن هذه المفاوضات المباشرة بحسب رايه ستفضي الى اعادة الانتشار من الاراضي الفلسطينية وازاحة السلطة الفلسطينية والاعلان عن دويلة فلسطينية هزيلة ومحاصرة على ان تحال القضايا الرئيسة الى ما بعد، كما وان الاراضي الفلسطينية سشتهد حالة رخاء اقتصادي مؤقتة بمعنى ان الاغنياء quot;سيزداون انتفاخاquot;.

واضاف د سمارة:quot; ان اسرائيل في نهاية المطاف ستفرض اتفاقيات امنية على السلطة الفلسطينية وستقوم اسرائيل بضم مناطق الاغوار ضمن حزام خاص، وسيتم تجميع المستوطنات الصغيرة في تلك المنطقة في مستوطنات كبيرة.

وقلل الدكتور سمارة من اي دور مهم ومتميز للقوى والاحزاب اليسارية الفلسطينية معتبرها انها اي الاحزاب الفلسطينية اليسارية هي موظفة عند اليمين الفلسطيني منوها الى ان هذا اليسار جزء من يسار اوسلو.

وحذر الدكتور سمارة من قبول الفلسطييين الاعتراف بدولة يهودية مشيرًا الى ان ذلك يعني على طرد الفلسطييين مستقبلاً وسيتم ضم اراضي الضفة الغربية الى اراضي عام 48 اي الى اسرائيل.

وقال سمارة :quot; ان الانظمة العربية لا تجرؤ على القول لأميركا بأنها ستدفع ثمن الخبز للفلسطينيين وان القضية الفلسطينية تتعرض لمؤامرة متكاملة كل طرف يمارس دوره , مشيرًا الى ان السلطة الفلسطينية تتعرض الان لضغوطات اقتصادية وسياسية .

ووصف د سمارة ما يجري الان بانه جزء من الترتيب لضرب المقاومة من لبنان الى مدينة قم في ايران وان هنالك خطة لان يعتمد الفلسطيينون على التمويل الاجنبي المشروط من الدول المانحة، فاليمين الفلسطيني يعتمد على الدول المانحة واليسار الفلسطيني يعتمد في تمويله على المنظمات الاهلية وهكذا هي المعادلة وبالتالي تحولت القضية الفلسطينية من قضية وطن الى انتظار الراتب في اخر الشهر، ولا مجال هنا للتراجع واصبح الشارع الفلسطيني مستسلمًا ولا يوجد في هذه المرحلة اي بدائل او حلول اخر لأنها اي المرحلة لا تحتمل التراجع وان الحد الادنى المطلوب من الفلسطييين الان هو ألا يوافقوا على هذه التسوية او الاعتراف بدولة يهودية،وخلص سمارة الى القول :quot; ان ما يجري الان هو محاولة ترقيع للقضايا السياسية العالقة, معتبرًا ان الانقسام الداخلي الفلسطيني ساهم اصابة المناضلين والمقاومة بالاحباط مشيرًا الى ان الانقسام يجب ان يدفع الناس الى الاستسلام.