رئيس الوزراء الأردني سمير الرفاعي

واقعية الخطاب السياسي ndash; كما تقول حكومة الأردن- هي وحدها الكفيلة بعدم إنهيار المحادثات السياسية التي تدشنها الحكومة اليوم مع أقطاب الحركة الإسلامية الأردنية، في مسعى لإنهاء مقاطعتهم للإنتخابات البرلمانية المقبلة، والمقررة في التاسع من شهر تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل، علما أن لمحادثات اليوم ما بعدها من حوارات علنية وأخرى سرية.

إستجابة لرغبة العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني فقد بدأ رئيس الوزراء الأردني سمير الرفاعي للتو، وبعد ساعات قليلة على عودته من العاصمة الكازاخستانية منهيا زيارة عمل قصيرة، حوارا هاما جدا مع إقطاب ورموز الحركة الإسلامية الأردنية التي أعلنت على نحو مفاجئ قبل نحو شهر أنها ستقاطع الإنتخابات البرلمانية المقبلة، والمقررة في التاسع من شهر تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل، وهو الأمر الذي تجاهلته الحكومة الأردنية بادئ الأمر، قبل أن يطلب العاهل الأردني من حكومته أن تبحث وتتحاور أولا بأول مع أهم القوى السياسية المقاطعة للإنتخابات، في ظل معلومات بأن الحركة الإسلامية قد إستجابت للحوار مع الحكومة طبقا لرغبة العاهل الأردني الذي أرسل إشارات ناعمة لقادتهم على هامش لقاء محلي مؤخرا.

ووفقا لإنطباعات مرصودة في الداخل الأردني فإن الحكومة الأردنية تعرف سلفا أن لقاءها بالحركة الإسلامية بغية التحاور لن يفضي الى أي نتيجة سياسية إيجابية، لأنها تعرف سلفا على وقع تجارب سابقة بأن الحركة الإسلامية الأردنية، غالبا ما تستغل موسم الإنتخابات البرلمانية، وتلوح بمقاطعتها للحصول على أكبر مكاسب سياسية ممكنة، خصوصا وأن الحركة الإسلامية لها مطالب ذات كلفة مرتفعة جدا بالنسبة الى أي حكومة في الأردن، فهي وفقا لمعلومات quot;إيلافquot; ستطلب من الحكومة الأردنية تغيير قانون الإنتخاب الموقت، وهي كلفة طائلة لاقدرة للحكومة على تلبيتها في هذا الوقت الضيق، وهو أمر يتطلب أيضا تأجيل الإنتخابات، خلافا للدستور الأردني، وتصميم الحكومة على تثبيت موعد الإقتراع.

ومن الملفات التي يمكن أن يعتبر معها لقاء اليوم بين الرفاعي والحركة الإسلامي مضيعة للوقت، هو إصرار الحركة الإسلامية على إستعادة الصلاحيات والقرار في جمعية المركز الإٍسلامي التي تملك نشاطات متعددة خلال السنوات القليلة الماضية، قبل أن تقوم حكومة أردنية سابقة في وضع اليد على هذه الإستثمارات الضخمة عبر لجنة موقتة لتسيير الأعمال، بسبب وجود فساد مالي، وتجاوزات إدارية خلافا للقانون، وسط إنطباعات وقتذاك بأن القصة كلها عبارة عن صناعة حكومية تهدف الى ضرب الحركة الإسلامية التي كانت تحتصم معها تحت لافتات وعناوين داخلية كثيرة.

وتدور التقديرات داخل الدولة الأردنية وحلقاتها السياسية والأمنية الضيقة بأن سعي الدولة لتأمين مشاركة الإسلاميين في الإنتخابات المقبلة، يأتي كنوع من الرغبة في تأمين التوازن السياسي الداخلي، في وجه قوة سياسية يمكن أن تفرض نفوذها وشروطها على الحلبة السياسية الأردنية مستقبلا، بعد إنتخابات البرلمان، وهنا فإن هذه المخاوف تتعلق حصريا برئيس البرلمان السابق عبدالهادي المجالي الذي يملك حزيا سياسيا منظما، من شأنه أن يحصد غالبية مقاعد البرلمان، إذا ما خلت الإنتخابات المقبلة من القوة الإسلامية المنافسة الأبرز.

ووفقا للمساعي الحكومية والإسلامية فإنه ينتظر أن تنتهي جلسة الحوار اليوم، بلا أي تقدم يذكر، على أن تتبع جلسة اليوم بجلسات أخرى بعضها قد يعلن عنه، والبعض الآخر قد يكون سريا لمقتضيات تتعلق بالحوار الهادئ والمستمر، وصولا على الأرجح لقرار مفاجئ ينهي المقاطعة التي جاءت مفاجئة أساسا، ولكل المستويات الأردنية العليا.

وترتكز المقاطعة الإسلامية للإنتخابات المقبلة على مساوئ الإنتخابات البرلمانية الماضية عام 2007، حين بادرت جهات رسمية أردنية الى اعتبار النسخة الأخيرة من الإنتخابات بأنها مزورة بسبب تدخلات مدير جهاز الإستخبارات السابق الجنرال محمد الذهبي، الذي تلقى لاحقا بعد أقل من عامين توبيخا ملكيا نادرا الى درجة الطرد من القصر الملكي، في أعقاب نقاش حضره العاهل الأردني وخصص لأغراض الوضع الداخلي.