احيا ارمن لبنان ذكرى المئات من الأطفال الذين عثر على رفاتهم في مقبرة جماعية في دير مار يوسف في عينطورة.

بيروت: احيا أرمن لبنان ذكرى المئات من الأطفال الأرمن الذين عثر على رفاتهم في مقبرة جماعيّة في دير مار يوسف في عينطورة،فلم يعد 24 نيسان التاريخ الوحيد الذي يستذكر فيه الأرمن في لبنان والعالم ضحايا الإبادة التي طاولت أعداداً كبيرة من شعبهم، بل أنّ تاريخ 22 أيلول سيضاف الى التواريخ السوداء في مسيرة الشعب الأرمني. فبعد أن تمّ اكتشاف مقبرة جماعيّة للأطفال الأرمن خلف كنيسة دير مار يوسف في عينطورة - كسروان، اتّضح أنّها تعود الى بقايا أطفالٍ عاشوا في ميتم أنشأته الدولة العثمانيّة في مدرسة مار يوسف في عينطورة، في إطار حملة التتريك التي أشرف عليها جمال باشا الذي زار المدرسة في حينها، أحيى الأرمن في لبنان هذه المناسبة الأليمة عبر احتفالٍ أقيم في مدرسة مار يوسف في عينطورة بحضور حشدٍ من المواطنين، بدعوة من جوقة وسمفونيّة quot;كوهارquot; الأرمنيّة العالميّة التي حضر أعضاؤها خصّيصاً الى لبنان.

وفي بداية الفعالية،تحدث لسيبوه ميخجيان مشيراًالى quot;أنّ الإبادة الجماعيّة للشعب الأرمني لم تكن الوجه الوحيد لما ارتكبته الدولة العثمانيّة من فظائع في حقّ هذا الشعبquot;، معتبراً أنّ قصّة مدرسة عينطورة ليست سوى عيّنة واحدة من عذابات الشعب الأرمني.

وثمّ تمّ رفع الستار عن الموقع الذي دفنت فيه عظام الأطفال الذين تمّ العثور عليهم أثناء أشغال توسيع المدرسة، فنقلوا الى جوار مدافن الآباء القيّمين في الرهبانيّة اللعازاريّة التي تتولّى إدارة المدرسة، وكتب على لوحة تذكاريّة على المدفن: quot;رفات الأيتام الأرمن 1915 ndash; 1918quot;. كذلك رفع الستار عن نصبٍ تذكاري ضخم نحت عليه علم المملكة الأرمنيّة في كيليكيا، quot;إحياءً لذكرى شهداء الإبادة المرتكبة بحقّ الشعب الأرمني على يد السلطات العثمانيّةquot; كما نُقش على النصب. كذلك خلّد تمثال أنجزه الفنان رافي توكاتليان مأساة أطفال الميتم، حيث نحت طفلاً يحمل في يد الكرة الأرضيّة المذهّبة ويضع الأخرى على رأسه مفكّراً في مصير أطفال العالم.
ثمّ تمّت تلاوة صلاة لراحة نفس الشهداء الأطفال بمشاركة لفيف من الكهنة يمثّلون الطوائف الأرمنيّة الثلاث.

وبعد الصلاة ألقى الأطفال لوري كيليشيان وأليغ كانداهاريان وهايك أرسلانيان والشاب أرمين كيليشيان وشاهيه خاتشادوريان، الذين يمثّلون أكثر من جيل، شهادات باللغات الأرمنيّة والانكليزيّة والفرنسيّة تضمّنت وعداً بعدم نسيان ذكرى الأطفال quot;الذين عاشوا في ذلك الميتم وخضعوا لشتّى أنواع التعذيب وقضى منهم حوالى ثلاثمئة طفلquot;، مؤكّدين الوفاء دوماً لهذه الذكرى الأليمة.

وألقى رئيس دير مار يوسف عينطورة الأب أنطوان نكد كلمة أشاد فيها quot;بإحياء ذكرى أطفالٍ عانوا وماتوا من دون أن يعرفوا كيف ولماذا؟quot;، مشيراً الى الدور الذي لعبه الباحث ميساك كيليشيان في الكشف عن مرحلة مهمّة من تاريخ المدرسة التي خضعت لسلطة الدولة العثمانيّة، والى الجهد الذي بذله القيّمون على الحفل.

وكانت كلمة لقائد جوقة وسمفونيّة كوهار الأرمنيّة العالميّة سيبوه أبكاريان تحدّث فيها عن أهميّة هذه المناسبة وحرص الفرقة التي جالت على الكثير من دول العالم، ومنها تركيا، على المشاركة فيها لما ستشكّله من حضور في الوجدان الأرمني.

وروى الباحث ميساك كيليشيان في كلمته كيفيّة اكتشاف وجود ميتم للأطفال الأرمن في عينطورة، عانى فيه هؤلاء من التعذيب ومن التتريك الإجباري ومن مخالفة الشرعة العالميّة لحقوق الإنسان. وأشار كيليشيان الى أنّ هذه القضيّة رافقته في السنوات الأخيرة وحملها معه الى مختلف أرجاء العالم، لافتاً الى أنّه اصطحب الى هذا الموقع الكثير من الكتّاب والصحافيّين منهم الكاتب البريطاني المعروف روبرت فيسك الذي كتب تحقيقاً مفصلاً عنه في صحيفة quot;الاندبندنتquot; ترجم الى لغاتٍ عدّة، كما كتب عن هذه القضيّة صحافيّون أتراك.

وأكّد أنّ موقع النصب والمقبرة سيكون، منذ الآن، محجّة للأرمن من مختلف أرجاء العالم وشاهداً على ما عاناه هذا الشعب من مآسٍ، خصوصاً الأطفال منه.

وشكر كيليشيان السيّد هاروت خاتشادوريان الذي تكفّل بإحياء هذه المناسبة، والأب أنطوان نكد الذي أبدى تعاوناً منقطع النظير. كما كانت كلمات معبّرة للمونسنيور ناريك أليميزيان والاب ناريك لويسيان والقس هراير شولاكيان. واختتم الحفل بإضاءة شموع عند النصب التذكاري وإطلاق حمام السلام، على وقع أناشيد دينيّة لجوقة كوهار.