اختار حزب العمال يوم السبت إد ميليباند زعيما له في مؤتمره السنوي بمدينة مانشيستر. وقد نال الزعامة بحصوله على 50.65 في المائة، بينما حصل أخوه ومنافسه ديفيد ميليباند على 49.35 في المائة أي بفارق 1.3 نقطة مئوية فقط.

ويذكر أن خمسة مرشحين خاضوا سباق الزعامة في معركة طويلة بدأت في مايو / آيار الماضي إثر استقالة رئيس الوزراء المهزوم في الانتخابات غوردون بروان. ولكن كان جليا منذ البداية أن المعركة الحقيقية تنحصر بين إد ميليباند وزير الطاقة سابقا وأخيه ديفيد وزير الخارجية السابق. وبينما كانت استطلاعات الرأي تشير منذ البداية ولفترة طويلة الى تقدم ديفيد على إد، فقد عكس هذا الأخير الوضع في الآونة الأخيرة التي سبقت إعلان النتيجة.

من هما الأخوان ميليباند؟

ولد ديفيد وإد لأبيهما رالف ميليباند، وهو مثقف ماركسي برتغالي هاجر الى بريطانيا في العام 1940. ونشآ في شمال لندن وتلقيا تعليمهما بمدرسة هافرستوك اللندنية ثم درسا في أوكسفورد في الكلية نفسها وحصلا على الشهادة نفسها في الفلسفة والعلوم السياسية والاقتصاد.

وكلاهما عمالي خدم في حكومة غوردون براون، لكن ثمة فروقات تميّز بينهما. فديفيد يعتبر في معسكر laquo;البليريينraquo; بينما يعد أخوه إد في معسكر laquo;البراونيينraquo;، وهذا نسبة للمعركة التي استعرت زمنا بين توني بلير وغوردون براون واستقطبا فيها الحزب كل الى معسكره.

ويلقب ديفيد (44 عاما) أحيانا laquo;العقلraquo; بفضل ذكائه الذي أتاح له الوصول الى منصب وزير الخارجية وهو في الحادية والأربعين من عمره. وهو متحدث مفوّه وقيل إن خبرته الحكومية تتيح له التمتع بالفرصة الأكبر في الزعامة. لكن افتقاره لتأييد النقابات هو الذي أتاح لأخيه انتزاع الزعامة منه بفارق 1.3% الضئيل. وعلى العكس يتمتع إد (40 عاما) بشعبية أكبر وسط نقابات العمال وهو ما وفر له المنصب الأعلى في نهاية المطاف.

ويرتبط ديفيد، الذي كان في عهد توني بلير رئيس وحدة صنع القرار في 10 داونينغ ستريت، بوشائج قوية بما يعرف باسم laquo;حزب العمال الجديدraquo; الذي أتى به بلير بعدما وضع له أسسه مع غوردون براون وبيتر ماندلسون. ولهذا فهو يعتبر رمزا لنجاحات العمال الجديد وإخفاقاته.

ويعتقد المراقبون أن ديفيد كان يضع عينا نصب زعامة الحزب منذ زمن، على الرغم من أنه امتنع عن تحدي غوردون براون بعد تنحي بلير في العام 2007 ثم في 2008 عندما كان في أسوأ حالاته وتعرض لمحاولة جادة من معسكر البليريين لإطاحته.

أما إد ميليباند، فهو على العكس من أخيه عندما يتعلق الأمر بحزب العمال الجديد، وأقام حملته الانتخابية على أساس قطعه وشائجه معه ومع كل ما يمثله، ذلك أنه يقف على مسافة بعيدة الى اليسار من أخيه. ومن هذا المنطلق فقد شدد على أهمية عودة الحزب الى آيدلوجيته اليسارية الأساسية، حتى أن البعض حذروه من أن هذا الإغراق في اليسارية قد يقف حائلا دون انتخابه لزعامة الحزب.

الآخرون

صورة جماعية للمرشحين لزعامة العمال

* إد بولز (43 عاما): وزير المدارس والأطفال والأسرة في الحكومة السابقة. يعتبر من غلاة العمّال ومن أقرب الأقربين لغوردون براون رغم أنه هاجمه بعد تنحيه وألمح الى أنه يتحمل شخصيا مسؤولية خسارة الحزب الانتخابات الأخيرة. ورغم أنه يجد تأييدا واسعا وسط نقابات العمّال، فقد أثبتت هذه الأخيرة أن ولاءها الأول لإد ميليباند.

* آندي بيرنام (40 عاما): سابقا وزير الصحة. اشتهر بأحاديثه البسيطة المستقاة من مفردات رجل الشارع. وهو يعتبر نجما صاعدا في صفوف العمال لكنه يفتقر الى بريق إد ميليباند رغم أنهما في العمر نفسه.

* دايان أبوت (1953): : صنعت التاريخ في بريطانيا مرتين: الأولى في العام 1987 عندما أصبحت أول سوداء تنال مقعدا في مجلس العموم، والثانية عندما صارت أول امرأة وأول سوداء تترشح لزعامة حزب العمّال، واشتهرت بأنها موغلة في يساريتها.

وفي ماعدا أبوت، يلاحظ أن سائر بقية المرشحين بين الأربعين والرابعة والأربعين من العمر، وهو ما يعني أن زعامة العمّال الحالية من الدماء الجديدة التي يحتاج اليها الحزب بشدة بعد هزيمته في الانتخابات الأخيرة.

هكذا يختار الحزب زعيمه

وكانت استقالة غوردون براون من زعامة حزب العمال في مايو / ايار الماضي إثر خسارته الانتخابات العامة الأخيرة، فرضت أيضا معركة ملء مقعده الشاغر.

وبينما تولت نائبته هارييت هارمان الزعامة بالوكالة، خاض تلك المعركة خمسة مرشحين هم الاخوان إد ميليباند، وزير الطاقة، وشقيقه ديفيد، وزير الخارجية، إضافة الى وزير المدارس إد بولز، ووزير الصحة آندي بيرنام، وكان كل هؤلاء وزراء سابقون في حكومة غوردون براون ودايان أبوت أول نائبة برلمانية سوداء في تاريخ بريطانيا.

ولا يحق لأي كان ترشيح نفسه للزعامة فقط لأنه يرغب في ذلك. فقد تعين على كل من اولئك الخمسة الحصول أولا على ترشيح 33 نائبا عماليا قبل دخوله المعترك. ورغم أن الاخوين ميليباند وإد بولز حصلوا على ترشيحاتهم قبل وقت طويل من الموعد الأقصى المحدد لذلك، فقد جاهد آندي بيرنام ودايان أبوت للحصول عليه حتى الساعات الأخيرة قبل إقفال باب الترشح.

واستمرت عملية التصويت لاختيار الزعيم الجديد وسط من يتمتعون بالحق في الاقتراع من منتصف الشهر الماضي حتى منتصف الحالي. وكان هذا الاقتراع - تبعا للمنصوصو عليه في دستور الحزب - يحق لثلاث فئات تسمى laquo;الكلية الانتخابيةraquo; وتقتسم عدد الأصوات بالتساوي، وهي: أولا العماليين من أعضاء برلمان ويسمنستر والبرلمان الأوروبي، وثانيا أعضاء الحزب المسجلين (من الثامن من الشهر الحالي كحد أقصى)، وثالثا أعضاء الهيئات المرتبطة عضويا بالحزب مثل نقابات العمال والجمعيات الاشتراكية.

وفي آخر انتخابات أجراها الحزب لاختيار زعيمه في العام 1994، أدلى قرابة المليون ممن يحق لهم الاقتراع بأصواتهم واختارت أغلبيتهم (57 في المائة) توني بلير. وقد مضى هذا ليصبح أول رئيس وزراء عمالي بعد 18 عاما متتالية من وجود حزبه في المعارضة.و يختار كل عضو في الفئات الثلاث المذكورة مرشحين بترتيب الأول والثاني. وفي التصفية النهائية في هذه الانتخابات يخرج الحاصل على أقل عدد من الأصوات أولا.

وتضاف أصوات المرشح الثاني المختار معه لأصوات هذا المرشح الأخير، وهكذا دواليك حتى يحصل أحد المرشحين على نسبة تفوق الخمسين فيصبح الزعيم المنتخب، كما يصبح صاحب العدد الأكبر من الأصوات بعده نائبا له.