لمتابعة آخرأخبارتونسأنقر على الصورة
ثارت حالة من الاستياء في فرنسا بسبب موقف الحكومة والإليزيه ما يجري في تونس، ووصف الحزب الاشتراكي الفرنسي موقف الحكومة من حليفها المخلوع زين العابدين بن علي بـquot;الخساسةquot;.


عندما عرضت شاشات التلفزيون مقتل الشابة الإيرانية ندى أغا - سلطان (26 عاما) في شارع في طهران خلال التظاهرات التي اجتاحت بلادها بعيد انتخابات 2009، كان رد الفعل الفرنسي الرسمي غضبا هدّارا أدانت فيه laquo;بربريّة قوات أمن الملالي في تعاملها مع المتظاهرينraquo;.
ومجددا اتخذت فرنسا موقفا قويا عندما فعلت قوات الأمن التونسية الشيء نفسه مع المتظاهرين ضد استبدادية زين العابدين بن علي. لكنه كان مغايرا بالكامل هذه المرة إذ وقفت - وإن كان من دون طبول - خلف الرجل الذي حكم مستعمرتها السابقة بيد من حديد.

ووفقا لصحيفة laquo;لوس انجليس تايمزraquo; فرغم أن حليفها الهارب الآن زين العابدين بن علي أمر قوات أمنه بالانقضاض الشرس على المتظاهرين وقمع احتجاجهم بأكبر قدر من القوة فقتلت العشرات منهم في شوارع المدن التونسية، اقتصرت ردة الفعل الفرنسية الرسمية على الصمت معظم الوقت أو التصريحات الهلامية لوسائل الإعلام.

وعندما انتقدت أحزاب المعارضة الفرنسية في البرلمان موقف حكومتها الخجول من حمامات الدم في الشوارع التونسية، اكتفت وزيرة الخارجية، ميشيل آليو - ماري، بالقول: laquo;اعتقد ان واجبنا هو تحليل الموقف وتقييم سائر أبعاده بدلا من توزيع اللعنات يمنة ويسرةraquo;.

ووفقا لما تناقلته وسائل الإعلام الفرنسية فقد وصل الأمر بآليو - ماري حد تلميحها بـlaquo;تعاون أمنيraquo; بين بلادها ونظام بن علي. وقد أثار تصريحها هذا عاصفة من انتقادات أحزاب المعارضة. وعلى سبيل المثال قال جان - مارك ايرو، عمدة نانت ورئيس المجموعة الاشتراكية في الجمعية الوطنية (البرلمان) يوم الخميس إن تصريحها هذا laquo;يتسم بالخساسةraquo; وتنبأ بأن رحيل بن علي laquo;قريب ولا مناص له منهraquo;.

والواقع ان موقف الحكومة الفرنسية من أحداث تونس أثار قدرا عاليا من الدهشة والاستياء وسط المراقبين خاصة بالنظر الى أنها ظلت سبّاقة الى إدانة كل أنظمة العالم الأخرى التي تمارس القمع والقهر بحق شعوبها. ويذهب العديد من هؤلاء المراقبين الى القول إن سكوت باريس على تجاوزات بن علي وسعيه إلى خنق المتظاهرين بيد نارية يرقى الى وضعها في مقام المتواطئة معه في فعلته هذه.

وكان طبيعيا أن يؤدي موقف الحكومة الفرنسية الى إغضاب العديد من المواطنين الفرنسيين من أصول شمال افريقية عموما وتونسية خصوصا. وقد عبر بعض هؤلاء عن مشاعرهم في تظاهرة كبيرة انتظمت في شوارع مرسيليا، التي تضم عددا كبيرا منهم، تضامنا مع الانتفاضة في تونس وإدانة لكل من بن علي laquo;السفّاحraquo;، كما قالت لافتاتهم، والحكومة الفرنسية laquo;المتواطئة معهraquo;.
والتقت وكالة الانباء الفرنسية قبل تنحي الرئيس التونسي عبد السلام بيّاوي، وهو من أسرة في محافظة سيدي بوزيد التي انطلقت منها شرارة الانتفاضة بعدما أشعل أحد شبابها النار في نفسه احتجاجا على البطالة والفقر. فقال لها: laquo;الرئيس نيكولا ساركوزي يتحدث نيابة عن العالم عادة، لكنه يلزم الصمت الآن إزاء معاناة التونسيينraquo;.

ومع امتداد رقعة الاشتباكات بين المتظاهرين التونسيين وقوات الأمن الى مختلف المدن ووصولها الى العاصمة نفسها، طالبت مارتين اوبري زعيمة الحزب الاشتراكي حكومة بلادها بموقف أكثر حزما إزاء نظام بن علي. ونقلت laquo;لوس انجليس تايمزraquo; قولها: laquo;أقول للشعب التونسي إنه يحصل على دعم الحزب الاشتراكي الفرنسي وتضامنه الكامليْن معه، ونطالب بأن تتخذ فرنسا موقفا يدين بشدة قمع السلطات التونسية الحريات في البلادraquo;.

والواقع ان باريس لم تتحرك على طريق الإدانة الا الخميس الماضي، بعد شهر على بدء الانتفاضة. فقال رئيس الوزراء فرانسوا فيون خلال زيارة له الى لندن إنه يدين استخدام قدر من القوة لا يتناسب مع الاحتجاجات، وطالب الطرفين بضبط النفس. وكانت هذه هي أشد الانتقادات الفرنسية الرسمية لنظام بن علي.

وتبعا للصحيفة الأميركية فقد كانت تونس laquo;إحدى أسوأ الدول البوليسية في المنطقةraquo;. لكن قدرة بن علي على وقف التيار الإسلامي الأصولي هي التي أكسبته ثقة باريس.