لمتابعة آخرأخبارتونسأنقر على الصورة
فيما شرع محمد الغنوشي في مشاورات تشكيل الحكومة التونسية الجديدة، تركز الانشغال العالمي على ملاحم هذه الحكومة، والمستقبل السياسي لهذا البلد، الذي ما زال غامضا. ويرى خبراء سياسيون مغاربة، استقت آرائهم quot;إيلافquot;، أن هناك مشاكل ما زالت تهدد المستقبل السياسي لتونس، متوقعة أن يكون للجيش الكلمة الأخيرة، إذ وقعت انفلاتات أمنية.


قال ميلود بلقاضي، باحث سياسي وأستاذ القانون الدولي بجامعة محمد الخامس بالرباط، إن quot;تونس الآن تمر من مرحلة دقيقة، بعد رحيل الرئيس السابق زين العابدين بن علي، الذي ترك فراغا مؤسساتيا، ودستوريا، وسياسيا. إذ عقب إعلان الوزير الأول كرئيس مؤقت للجمهورية التونسية وفق الفصل 56، جرى فيما بعد إعلان رئيس مجلس النواب كرئيس مؤقت لتونس وفق الفصل 57quot;.

ويشرح الباحث السياسي، في تصريح لـ quot;إيلافquot;، أن المشكلة تكمن في أن quot;الرئيس المؤقت طلب من الوزير الأول اقتراح مجموعة من الوزراء لتشكيل الحكومة التي تقود البلاد بصفة مؤقتة إلى إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية، بانتخاب الرئيس والمؤسسات التشريعية. غير أن الحكومة التي يجب أن تقود البلاد في هذه الظروف هي حكومة يجب أن تتوفر فيها صفة الانتقالية أو الإجماع الوطني، بمعنى حكومة مكونة من كل القوى الحية في البلادquot;.

وأضاف أستاذ القانون الدولي بجامعة محمد الخامس بالرباط quot;يتبين أن هناك رأين، الأول هو الذي دعا إليه الرئيس المؤقت ثم رئيس الوزراء والمتمثل في تشكيل الحكومة من كل الأطياف السياسية، أما الثاني فيتزعمه مجموعة من الأحزاب التقدمية، والإسلامية، والاشتراكية، التي ترفض أن تشارك في هذه الحكومة ما دام أن الذي يترأسها، والذي سيشكل حكومتها ينتميان إلى العهد البائد، ما يجعل تشكيل الحكومة في هذا الظرف أمرا صعباquot;.

وبالنسبة إلى المعارضة الموجودة في الخارج، يؤكد ميلود بلقاضي، quot;فهي أيضا تريد أن تدخل إلى تونس، وأن تساهم في هذه الحكومة الائتلافية الوطنية، لكنها تضع شروطا، تتجلى في عدم المشاركة في حكومة انتقالية يقودها رئيس ووزير أول ينتميا إلى العهد السابقquot;.

وأعتقد، يوضح الباحث السياسي، أن quot;هذا هو المشكل الذي يهدد مستقبل تونس السياسي، فإذا لم تتمكن كل القوى الحية في تونس، بكل أطيافها وتجلياتها، وإذا لم تتمكن أيضا الأحزاب الفاعلة والزعامات والشخصيات النافذة، من إيجاد إجماع، أو اتفاق، أو ائتلاف وطني لتشكيل حكومة ائتلافية لتقود البلاد في هذا الظرف، فيمكن أن ينقلب الصراع إلى صراع بين طائفتين، الأولى تدعي بأن لها الشرعية مادام أنها منتخبة في استحقاقات سابقة، وأخرى تريد أن تقطع مع جميع الشخصيات والأحزاب أو مع كل من كان مسؤولا في عهد الرئيس السابق، زين العابدين بن عليquot;.

وذكر أن quot;الأبواب حاليا تبقى مفتوحة، إذ أن كل الاقتراحات تبقى مقبولة، لكن الأساسي إيجاد توافق بين نقيضين، الأول يضم رئيس البرلمان الحالي، والرئيس، ومجموعة من الشخصيات، ونقيض آخر ربما يتشكل من المعارضة، والأحزاب السياسية والمحظورة في تونس، وأيضا حتى المعارضة التي تعيش خارج البلادquot;.

وأشار إلى أن quot;المستقبل التونسي، في كل أحوال، سيكون مغاير للعهد السابق، لكن بأي ثمن وكلفة. الخطير في تونس هو أن تتحول البلاد إلى فضاء غير مضبوط، فضاء تغيب فيه الدولة وهبتها، والمؤسسات، خصوصا المؤستتين العسكرية والأمنية. ويبدو أن المؤسسة العسكرية توجد في وضعية جيدة ومريحة، لأنها تحاول أن تجد توازنا بين الشعب وكل القوىquot;.

وأضاف أستاذ القانون الدولي بجامعة محمد الخامس بالرباط quot;الأيام المقبلة هي التي ستؤكد لنا هل هذه الثورة وهذا الانفجار التونسي، انفجار استراتيجي ومخطط له، أم أنه كان عفويا، وفي هذه الحالة يمكن أن نفكر في آليات الضبط. لأن الشعب قال كلمته، وزين العابدين رحل، لكنه ترك وراءه مجموعة من رموز الفساد، ومجموعة من رموز الحكم في النظام السابق، ومن الصعب جدا أن تخرج تونس في مدة أربعة أو ستة أشهر من نظام سياسي معين، كان فيه الرئيس يحكم بقبضة حديدية، إلى نظام ديمقراطي منفتح، فهذا ليس بالأمر الهينquot;.

وخلص إلى التأكيد على أن quot;الشعب التونسي ربح الرهان الأول للديمقراطية، ألا وهو القضاء على نظام زين العابدين بن علي، لذا فعليه الآن الذهاب إلى الخطوة الثانية المتمثلة في دمقرطة المؤسسات، والمجتمع، وتغيير الدستور، وتنظيم انتخابات نزيهة، وتشكيل مؤسسات ديمقراطية تكون قادرة، على الأقل، أن تفهم الأسباب التي كانت وراء هذه الاحتجاجات الاجتماعية التي تحولت إلى احتجاجات سياسيةquot;.

من جهته، قال عبد العزيز قراقي، أستاذ العلوم السياسية في جامعة الرباط، quot;لا أحد كان يتوقع أن ينهار النظام التونسي بهذه السرعة، وكأنه عرائس من قصب. الآن في تونس هناك عمل لإنقاذ البلاد والاحتكام نوعا ما إلى الدستور، والسعي إلى إعمال كافة مقتضياته من أجل تمكين البلاد من حكم يمكن على الأقل أن يضمن لتونس الاستقرارquot;.

وذكر عبد العزيز قراقي، في تصريح لـ quot;إيلافquot;، أن quot;البلاد تمر من المرحلة الانتقالية التي عادة تمر بها الأنظمة السياسية عندما تتعرض لفراغ كما حدث في تونس. إنما هناك تيار لحد الآن لم يتضح حجمه هو التيار الذي يرفض هذا الحل جملة وتفصيلا، على أساس أن كل من سيفعل المقاربة الدستورية لحد الآن، كانوا جزء من أطراف المعادلة في عهد الرئيس السابق، زين العابدين بن عليquot;.

ولكن كيفما كان الحال، يوضح الأستاذ الجامعي، quot;لا يمكن التكهن بما يمكن أن يحدث في تونس، لأنه لحد اليوم الجيش اتخذ موقفا محايدا، وكأنه يترفع عن العمل السياسي. لكن أظن أنه غير بعيد عنه، لذا فإن من سيحسم فيما سيقع في تونس هو الجيش، سواء كان ذلك بشكل علني، إذا حدثت اختلات أمنية، أو العكس. وأَضاف quot; في جميع الأحوال فإن الكلمة الأولى والأخيرة ستكون للجيشquot;.

من جانبه، أكد محمد الغماري، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الحسن الثاني في الدار البيضاء، أن quot;الحكومة ستكون ائتلافية مؤقتة مكونة من جميع الأطراف، أي أنها ستكون شبيهة بحكومة تيكنوقراطية، لكنها تمثل منظمات وقوى سياسيةquot;.
وأوضح محمد الغماري، في تصريح لـ quot;إيلافquot;، أن quot;هذا أقرب ما يقبل من طرف القوة المتعددة، التي توجد داخل البلاد وتلك التي ستدخل من الخارجquot;، مشيرا إلى أن quot;هذه الحكومة قد تضم أيضا وجوها كانت في الحكومة السابقة، لكنها كانت أقل سوءاquot;.