مقر السفارة السعودية في واشنطن

بعد الإعلان عن المخطط الإيراني، الذي كان يستهدف السفير السعودي في الولايات المتحدة، تحدث مراقبون عن إستعداد من يقف خلفه لإشعال الحرب في المنطقة. ورغم أن اكتشاف المخطط تفادى وقوع ذلك، لكن الخبراء يتوقعون تصاعد حدة التوتر الإقليمي.


لندن: في وقت تقف منطقة الشرق الأوسط على حافة نزاع بسبب برنامج إيران النووي، أعلنت السلطات الأميركية عن اكتشاف مخطط لاغتيال السفير السعودي في واشنطن عادل الجبير. وذهب مراقبون إلى حد القول إن مَنْ يقف وراء المؤامرة أياً يكن مستعد لإشعال حرب في المنطقة.

في هذا الإطار يجري استحضار تحذيرات العاهل السعودي الملك عبد الله من الخطر الإيراني، كما كشفت وثائق دبلوماسية أميركية نُشرت على موقع ويكيليكس.

على هذه الخلفية، يرى محللون أن اغتيال السفير السعودي بما يرافقه من قتلى بالجملة بين الأميركيين، وربما اقترانه بهجوم على السفارة الإسرائيلية، كان من المؤكد أنه سيشعل حريقًا في المنطقة.

وتتهم الولايات المتحدة فيلق القدس، الذراع الخارجية للحرس الثوري الإيراني، بالوقوف وراء المؤامرة. وإزاء تراتبية النظام الإيراني، فإن مثل هذا المخطط الكبير كان سيتطلب أمراً مباشراً من المرشد الأعلى علي خامنئي الذي يشرف شخصيًا على فيلق القدس.

وسيكون ضلوع خامنئي مستغربًا على أقل تقدير، لا سيما وأنه أوحى طيلة ولايته منذ وفاة الخميني عام 1989 بأنه رجل حذر، همّه تكريس سلطة الملالي.

في هذا الشأن، تنقل صحيفة الغارديان عن المحلل الإسرائيلي ذي الأصل الإيراني ماير جافنفار quot;أن أولوية خامنئي الأولى هي استقرار النظام، ومن ثم حماية البرامج النووي، التي تأتي ثانية بفارق بعيد وراءهاquot;.

السفير عادل الجبير

ومن التكهنات المتداولة منذ الكشف عن المخطط ليل الثلاثاء أن خامنئي يشعر بتهديد المعارضة الداخلية، فقرر تدبير عملية خارجية تتيح له تعزيز قبضته على البلاد.

ولكن الحركة الخضراء المعارضة تمرّ حاليًا بحالة جمود، والبرنامج النووي متواصل من دون خطر يهدد بعمل دولي منسق، أو تأييد دولي لضربة إسرائيلية تستهدفه.

كما إن المؤامرة لا تنسجم مع أساليب فيلق القدس. فهذا التشكيل يتمتع بتمويل سخي وحرية حركة واسعة في الخارج. واتُهم بالضلوع في تفجير مركز يهودي في بوينس أيريس عام 1994، ويُشتبه بتمويله حزب الله اللبناني وتسليحه، وحتى بدعم طالبان في افغانستان.

وفي عام 2008 بعث قائد فيلق القدس قاسم سليماني برسالة إلى قائد القوات الأميركية في العراق الجنرال ديفيد بترايوس قال فيها، بحسب بترايوس نفسه، إنه مسؤول السياسة الخارجية الإيرانية في المنطقة.

لكن مدّ هذه العمليات إلى داخل الأراضي الأميركية يمثل طفرة كبيرة في نطاق عملياته وطموحاته. كما إن طريقة إعداد المخطط تشير إلى أن فيلق القدس المعروف بإتقان عمله، فقد هذه المهارة، وبلغت به السذاجة الى حد تحويل أموال من حسابات يسيطر عليها مباشرة إلى حسابات في الولايات المتحدة.

وتنقل صحيفة الغارديان عن الضابط السابق في وكالة المخابرات المركزية الأميركية روبرت بير، الذي لديه خبرة واسعة في رصد نشاطات فيلق القدس، ان في الأمر ما يثير الريبة، واصفًا فيلق القدس بأنه quot;يجيد عمله. وهم لا يجلسون مع أشخاص لا يعرفونهم لتدبير مؤامرة. إنهم يستخدمون وكلاء ويؤدون عملهم باحتراف. وإذا استهدفك قاسم سليمان أو استهدفني سنكون أمواتًا. وهذه المؤامرة ليست من طبعهم بالمرةquot;.

من الاحتمالات الأخرى أن هذه عملية مارقة، ربما دبّرتها مجموعة داخل فيلق القدس من دون تزكية من المرشد الأعلى. وثمة وجهة نظر تقول إن المؤامرة تخدم أغراض الرئيس محمود أحمدي نجاد، الذي هُزمأخيرًا في جولة صراع على السلطة مع خامنئي.

ويرى محللون أنه لو نجح الاعتداء على السفير السعودي لأطلق سلسلة من الأحداث الكبيرة تكفيلقلب تراتبية النظام الديني على رأسه، مانحة أحمدي نجاد فرصة سانحة لاستثمار الموقف.

أو لعل المتآمرين زمرة متعصبة في المؤسسة العسكرية، عازمة تصعيد الحرس الثوري إلى قمة هرم السلطة، وإطلاق سباق مفتوح لإنتاج سلاح نووي، وخوض مواجهة مباشرة مع إسرائيل، بحسب الغارديان ناقلة عن الضابط السابق في وكالة المخابرات المركزية روبرت بير quot;إذا كانت هذه شلة من المجانين فإن كل شيء جائزquot;.

تبقىكل هذه الاحتمالات من باب التكهن والتخمين. فهي ستعيد تشكيل الجمهورية الإسلامية من الأساس، ولكن خبراء في الشؤون الإيرانية يرون أنها لا تشتط بعيدًا عن الفكرة القائلة إن النظام الإيراني يقف وراء مؤامرة هوجاء كهذه.

ويكاد يكون من المؤكد أن اكتشاف المؤامرة تفادى وقوع نزاع، ولكن مراقبين يتوقعون تصاعد حدة التوتر الإقليمي رغم ذلك. وأي أمل مهما كان ضئيلاً في استئناف المحادثات بشأن برنامج إيران النووي تبدد الآن. وسيكون المطروح على الطاولة بدلاً منها مزيدًا من العقوبات والقرارات من مجلس الأمن الدولي.

وليس من المستبعد أن يسفر هذا الضغط عن كسر إرادة خامنئي في المضي قدمًا بالبرنامج النووي، والتوصل الى حل وسط، يبطل فتيل النزاع. أو انه، على النقيض من ذلك، قد يدفعه الى تسريع البرنامج نتيجة قناعة بأن الأعداء يضيقون الخناق. وفي هذه الحالة فإن هذه المؤامرة الغريبة يمكن أن تنجح في إشعال نزاع جديد في منطقة متفجّرة أصلاً.