منصور عرببسيار

لندن: تبدو المؤامرة لاغتيال السفير السعودي في الولايات المتحدة غريبة بقدر ما تتسم به من دم بارد. إذ حاول النظام الإيراني، على ما يُفترض، تجنيد عصابة مخدرات مكسيكية لتنفيذ العملية.

لكن المتهم الرئيس في القضية، وهو أميركي إيراني يدعى منصور عرببسيار (56 عامًا) كان في وضع فريد، يتيح له تدبير مثل هذا المخطط المحكم، كما أفاد مسؤولون اميركيون وكما تكشف وثائق القضية.

فعرببسيار امضى سنوات في الولايات المتحدة، ولكن علاقات كانت تربطه بالجيش الإيراني، بما في ذلك قريب خدم في فيلق القدس، وهو تشكيل نخبوي، تقول وزارة الاميركية إنه ضالع في هجمات ارهابية وعمليات اغتيال في الخارج.

وتكشف وثائق وزارة المالية الاميركية ان هذا القريب هو عبد الرضا شهلاي، الذي عمل في فيلق القدس مع غلام شاكوري، المتهم الآخر في المؤامرة.

وتقول وثيقة لوزارة العدل الاميركية إن عرببسيار كان يعيش في ولاية تكساس، وكانت تجارته تقوده في أحيان كثيرة الى زيارة المكسيك، حيث تعرف على مسافرين آخرين، كان يعتقد أنهم مهرّبو مخدرات، ففكر في إمكانية الاستعانة بخدماتهم لتنفيذ عملية اغتيال.

ويبدو ان عرببسيار كان يملك محال صغيرة لبيع السيارات ومطعمًا. وفي وقت سابق من هذا العام بدأ يجري أحاديث مشفرة مع اشخاص مهمتهم الاتصال به من إيران.

وتنقل صحيفة واشنطن بوست عن مسؤولين اميركيين انه أشار ذات مرة الى المضي قدمًا بالمؤامرة قائلاً للمسؤول عن الاتصال به quot;ان سيارة الشفروليه جاهزة، انها جاهزة، لإنجاز العملquot;.

وقدم جيران عرببسيار انطباعات متضاربة عنه. إذ قالت كاريل لو، التي تعيش بجوار بيته، إن العائلة كانت لا تختلط بأحد. quot;وان هؤلاء الناس لم يكونوا ودودينquot;.

وتتذكر أنيتا ساينز، التي كانت تعيش في مجمع واحد مع عرببسيار قبل ان ينتقل الى منطقة أخرى، محله لبيع السيارات المستعملة، قائلة انه انفصل عن زوجته الأولى. واضافت quot;انه كان دائمًا يضحك، وكان يبدو شخصًا لطيفًاquot;.

واصطدم عرببسيار، الذي كان البعض يعرفه باسم quot;جاكquot;، أكثر من مرة بالقانون. إذا اعتُقل عام 2004 لقيادة السيارة بدون ترخيص، وتبين ملفات الشرطة انه أُدين بتهمة أخف. وفي عام 2001 اتُهم في قضية تزوير صك ولكن التهمة أُسقطت لاحقا.

وفي اواخر الثمانينات، اصدرت محكمة في ولاية تكساس أمرًا قضائيًا يمنع عرببسيار من ممارسة اعمال محددة، مثل العنف المنزلي بطلب من زوجته السابقة ايسبيرانزا، كما يبين ملف قضية طلاقها منه.

لم ينم عن عرببسيار، الذي لديه طفلان على الأقل، ما يشير الى اهتمامه بالتوتر المزمن في العلاقات بين العربية السعودية وإيران. وقال مسؤولون اميركيون ان الاختيار وقع عليه لأنه أساسًا كان فوق الشبهات بنظر السلطات الاميركية.

لكن دعوى القضية في المؤامرة الأخيرة تصوره عنصراً متحمساً للعملية. ونقلت صحيفة واشنطن بوست عن مسؤولين اميركيين إن المؤامرة أُحبطت لأن عرببسيار ظنّ أنه يجند لها عصابة quot;لوس زيتاسquot; سيئة الصيت لتجارة المخدرات، في حين أنه في الواقع كان يتعامل مع مخبر في إدارة مكافحة المخدرات الأميركية.

وفي اجتماع عقده مع المخبر في 17 تموز/يوليو، أوضح عرببسيار أن عملية الاغتيال يجب أن تُنفذ، حتى إذا كانت تعني وقوع ضحايا بالجملة، كما يكشف ملف القضية، الذي أعدته وزارة العدل الاميركية. وبحسب الملف فإن عرببسيار قال ما معناه إن الإيرانيين يريدون قتل السفير حتى quot;إذا قُتل معه مئة آخرونquot; لاعنًا الآخرين بكلمة بذيئة.

ويواجه عرببسيار تهمة القيام برحلات متكررة بين إيران والمكسيك وتدبير تحويلات مالية تبلغ نحو 100 الف دولار من إيران كدفعة على الحساب مقابل عملية اغتيال رُصد لها 1.5 مليون دولار. وحين طلب المخبر الذي تظاهر بأنه أحد أفراد العصابة المكسيكية، مزيدًا من المال، قال عرببسيار إنه مستعد للسفر إلى المكسيك، وعرض نفسه ضمانة للعصابة حتى تنفيذ عملية الاغتيال.

وفي ايلول/سبتمبر، سافر عرببسيار جوًا إلى المكسيك، ولكن السلطات منعته من الدخول وأعادته إلى الولايات المتحدة. وأبقته الأجهزة الأمنية الاميركية تحت المراقبة طوال الرحلة.

وحين هبطت الطائرة في مطار جون كندي في نيويورك أُلقي القبض عليه. وكان في حوزته 3900 دولار نقدًا وعملة إيرانية وجواز سفر إيراني ووثائق تشير إلى أنه كان يعتزم المغادرة إلى المكسيك في تشرين الأول/اكتوبر على quot;ان تكون وجهته النهائية إيرانquot;.