في الوقت الذي أعلن فيه كمال الجندوبي رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تونس أنّ نسبة فاقت 80 بالمائة في بعض الدوائر الانتخابية، يؤكد مراقبون أنّ الإقبال الكثيف على التصويت والذي فاق كل التوقعات يعكس مدى وعي وإدراك المواطن لقيمة هذه اللحظة التاريخية التي سعى إليها بعد ثورة 14 يناير.


طوابير طويلة من الناخبين فاقت كلّ التوقّعات

تونس: شهدتغالبية مكاتب الاقتراع في تونس إقبالاً كبيرًا من طرف المواطنين، إذ من المنتظر أن تبلغ نسبة المشاركة في انتخابات المجلس التأسيسي أكثر من 90 بالمائة خلافًا لما كان متوقعًا فيحال تواصل عزوف التونسيين عن الشأن السياسي والتصويت الناجم من انعدام ثقة فيمعظم الفاعلين والأحزاب السياسية.

وبلغت نسبة المشاركة في انتخابات لا تعرف نتائجها سلفًا للمرة الأولى في تاريخ تونس منذ استقلالها في 1956 في بعض المناطق قرابة 96 بالمائة قبل غلق أبواب مكاتب الاقتراع بساعات والمرور لفرز الأصوات.

وقال محسن بن شامخ رئيس أحد مكاتب الاقتراع في العاصمة لـ(إيلاف): quot;منذ فتح أبواب مكتب الاقتراع والناخبون يتوافدون من دون توقف، حيث لم يتسن لنا حتى تناول الغذاء، وأتوقع بلوغ نسبة المشاركة في المكتب الذي أُشرف عليه 100 بالمائةquot;.

من جانبه قال المحلل السياسي الجمعي القاسمي لـ(إيلاف) quot;لوحظ اليوم وخلافًا لما كان متوقعًا إقبال شديد على صناديق الاقتراع، وذلك في تحرك لافت، عكس مدى وعي وإدراك المواطن التونسي لقيمة هذه اللحظة التاريخية التي سعى إليها بعد ثورة 14 يناير/كانون الثاني الماضيquot;.

ويتابع المحلل السياسي قائلاً quot;لقد سبق هذا الإقبال بعض التوقعات التي كانت تشير إلى حالة من الإرباك والتشويش لدى المواطن التونسي، رافقها بعض الإحصائيات والدراسات التي تحدثت عن عزوف لدى المواطنين، وخاصة الشباب، عن العملية السياسية برمتها، لكن جاءت اللحظة، وبدا واضحًا أن المواطن التونسي كذّب كل هذه الاستطلاعات، وأثبت أنه أكثر وعيًا وإدراكًا لأهمية هذه المناسبة التاريخيةquot;.

وعلمت quot;إيلافquot; أنّ نحو 250 مواطنًا احتجّوا سويعات بعد انطلاق عملية الاقتراع اليوم الأحد في دائرة أريانة (إحدى محافظات تونس الكبرى)أمام الهيئة الفرعية المستقلة للانتخابات لعدم تمكنهم من التصويت، بسبب عدم اصطحابهم هوياتهم وعدم وجود أسماء بعضهم في لائحة الناخبين،مما اضطر رئيستها منيرة محفوظ إلى الاستنجاد بعناصر من الجيش الوطني لمنع المحتجين من دخول المقرّ.

وبلغ عدد الناخبين المسجلين إلى حدود تاريخ التسجيل الاستثنائي 4.439.527، من بينهم 4.100.812 ناخب داخل تونس، و338.715 خارج البلاد، فيما يقدر عدد الناخبين، الذين لم يختاروا مكاتب الاقتراع، بحوالى 3.400.000، من بينهم 300.000 في الخارج، ووقع تخصيص 7213 مكتب اقتراع في تونس، و479 مكتب للمقيمين في الخارج، و43750 مشرف على مكاتب الاقتراع، منهم قرابة 9700 رئيس مكتب.

تجدر الإشارة إلى أنه تم تداول ما قيل عنه إنه تسريبات لنتائج التصويت في بعض مراكز الاقتراع في الخارج، التي انطلقت منذ 21 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، مما دفع كمال الجندوبي رئيس الهيئة المستقلة للانتخابات إلى تحذير التونسيين من الوثوق بنتائج لم تعلن عنها الهيئة التي يترأسها.

وأعلن كمال الجندوبي أن نسبة المشاركة في انتخابات المجلس الوطني التأسيسي فاقت 80 بالمائة في بعض الدوائر الانتخابية.

ملف: التونسيون يقطفون ثمار ثورتهم

وأكد خلال ندوة صحافية عقدها بعد ظهر اليوم الأحد في قصر المؤتمرات بالعاصمة، أن مكاتب الاقتراع شهدت إقبالاً مكثفًا وقويًا، مبينًا أن نسق الإقبال مازال ثابتًا.

وأضاف أن حوالى 4 آلاف ناخب ممن سجلوا إراديًا لم يتم إدراج أسمائهم في السجل الانتخابي، مشيرًا إلى أن الهيئة في صدد البحث عن حل قانوني لهذا الإشكال.

وأفاد من جهة أخرى أن عملية فرز الأصوات في مكاتب الاقتراع في الخارج ما زالت متواصلة.

وقال كمال الجندوبي إن الإعلان عن نتائج انتخابات المجلس الوطني التأسيسي الجارية اليوم الأحد، قد يكون عشية الثلاثاء المقبل، مؤكدًا أنه quot;من الصعب الإعلان عن هذه النتائج غدًا الاثنينquot;.

وأكد كمال الجندوبي في وقت سابق أنه في حال توجه مابين 60 و70 بالمائة من الناخبين إلى مكاتب الاقتراع والتصويت، تكون الهيئة المستقلة للانتخابات قد قامت بدورها، خصوصًا التحسيسي منه، فيما ستكشف فترة ما بعد الإعلان عن نتائج الانتخابات النهائية مدى نجاح الهيئة على المستوى الإجرائي والتنظيمي.

وحثّ رئيس الوزراء التونسي الباجي قائد السبسي مساء الخميس التونسيين على التوجّه الأحد إلى مكاتب الاقتراع quot;بلا خوفquot; للقيام بواجبهم في أول انتخابات تشهدها تونس بعد تسعة أشهر من الإطاحة بنظام زين العابدين بن علي في كانون الثاني/يناير.

الفرز وإعلان النتائج

تتم عملية الفرز الأولية على مستوى مكاتب الاقتراع فور انتهاء التصويت في حدود السابعة مساء، وبحضور ممثلي القائمات والملاحظين والصحافيين من دون توقف او تأجيل، وتجري عملية الكشف عن الأصوات بصورة علنية، ومن ثم يتم نقلها إلى مركز الاقتراع في الدائرة لاحتساب عدد المقاعد التي تحصلت عليها كل قائمة.

فيما يعلن عن النتائج الأولية لانتخابات المجلس التأسيسي عن طريق المكتب الإعلامي للهيئة المركزية للانتخابات في قصر المؤتمرات في العاصمة في انتظار النتائج النهائية بعد النظر في الطعون التي سيتم تقديمها من طرف المترشحين.

الطعن في نتائج الانتخابات

استنادًا إلى الفصل 72 و 73 من نص مرسوم انتخاب المجلس الوطني التأسيسي المقرر ليوم 23 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، فإنه يمكن الطعن أمام الجلسة العامة للمحكمة الإدارية في النتائج الأولية للانتخابات في أجل لا يتجاوز ثمان وأربعين ساعة من الإعلان عنها، وتبتّ المحكمة في أجل خمسة أيام من يوم تعهّدها بها، ويكون قرارها باتاً، ولا يقبل أي وجه من أوجه الطعن.

تصرّح الهيئة المركزية للهيئة العليا المستقلة للانتخابات بعد البتّ فيكل الطعون المتعلقة بالنتائج أو بعد انقضاء أجل الطعن، إذا لم تقدّم أي طعون، في النتائج النهائية للانتخابات، وذلك بقرار ينشر في الرائد الرسمي للجمهورية التونسية، ويدرج في الموقع الإلكتروني للهيئة العليا المستقلة للانتخابات.