على غرار انتخابات الداخل، سجّلت انتخابات المجلس التأسيسي التونسي إقبالاً كبيرًا من طرف الجالية التونسية، وتعطي التوقعات فوز قائمة حزب النهضة في فرنسا متبوعاً بحزب المؤتمر من أجل الجمهورية.


تونسية تصوّت في أحد مراكز الاقتراع في باريس

شهدت مكاتب التصويت في فرنسا تدفقًا كبيرًا للناخبين التونسيين، فاق في بعض الحالاتكل التوقعات، حيث أقبل، يقول عماد الدعيمي، ممثل قائمة حزب المؤتمر من أجل الجمهورية، التونسيون المقيمون في فرنسا، quot;بكثافة عليهاquot;.

ووصف الدعيمي الأجواء التي دارت فيها هذه الانتخابات quot;بالاحتفالية والمتميزةquot;، مفسّرًا هذا الإقبال بكونه يعكس quot;اعتزاز التونسيين بما سجلته الثورةquot; من ممارسات ديمقراطية للشعب التونسي.

واستبعد محدثنا أن تكون هناك اعتراضات من الأطراف السياسية، التي شاركت في هذه الانتخابات، موضحًا في هذا الخصوص أنه quot;كان لدينا عدد من المراقبين في مكاتب التصويت، ويمكن أن نؤكد لكم أن الاقتراع مرّ في أجواء من الشفافيةquot;.

إلا أنه يضيف، هذا لا ينفي quot;حصول مخالفات بسيطة، لا تخلو منها أي انتخابات ديمقراطيةquot;، يفيد ممثل قائمة حزب المؤتمر من أجل الجمهورية.

وإن كانت الجالية التونسية صوّتت من أجل بناء مستقبل تونس أو لفائدة من يهتم بمشاكلها وهمومها، يجيب ضيفنا: quot;من خلال ارتباطنا الدائم بالجالية التونسية يمكن أن أقول إنها تهتم بمشاكلها بقدر ما تهتم بمشاكل البلادquot;.

وزاد قائلا quot;الجالية التونسية تهتم بتحقيق أهداف الثورة مثل ما هي معنية بتحسين أوضاعها و ظروفها الاقتصاديةquot;.

وعند اتصال إيلاف بعماد الدعيمي، كانت الأجواء من حوله احتفالية، ولما استفسرنا عن سر ذلك، رد بنوع من الانشراح لكون التقديرات تفيد أن قائمته احتلت المرتبة الثانية بعد قائمة حزب النهضة.

وعن شعوره كناشط سياسي، اكتوى بنار المنفى، وهو يعيش اليوم هذه المحطة السياسية التاريخية في حاضر ومستقبل بلاده، يقول الدعيمي: quot;شعرت بمنتهى السعادة، لأنه للمرة الأولى في حياتي أشارك في انتخابات بلادي، والتي هجرت منها لعشرين سنةquot;.

العملية الانتخابية بالأرقام

يقدر رضا الطرخاني عضو الهيئة العليا المستقلة للانتخابات نسبة المشاركة في كل من فرنسا الشمالية ومرسيليا بين 60 و70 بالمائة، فيما فاقت 60 بالمائة في مجموع الدول العربية. أما في منريال فسجلت نسبة 56 بالمائة.

وقد قسمت الدوائر الانتخابية في الخارج وفقا لانتشار الجالية التونسية، حيث خصت فرنسا وحدها بدائرتين نظراً إلى كثافة عددها في هذا البلد، والذي يتراوح طبقًا لبعض الأرقام بين 500 ألف حتى 600 ألف تونسي، فيما تعدى عدد المسجلين في اللوائح الانتخابية 300 ألف مسجل.

إضافة إلى هذين الدائرتين نجد دائرة واحدة في كل من إيطاليا، وألمانيا، وأميركا الشمالية، والبلدان العربية، وتراقب سير العملية الانتخابية فيها الهيئة الجهوية المستقلة للانتخابات، التي تتفرع عنها هيئات فرعية أنيطت لها المهمة نفسها.

وعلق رئيسها علي بن عامر على هذه اللحظة التاريخية في العمر السياسي لبلده تونس قائلاً: quot;قبل سنة من هذا التاريخ، لم يتخيل أي كان هذا الأمر، حضرنا الانتقال الديمقراطي منذ أشهر عدة، والآن ها هو ينطلق، اليوم هو الفعل الثاني للثورةquot;.

ودارت عملية التصويت خلال ثلاثة أيام، توجّه خلالها الآلاف من التونسيين المقيمين في الخارج نحو ما يزيد عن أربعمائة مكتب للتصويت لاختيار 18 منتخبًا، عشرة منهم سيمثلون الجالية التونسية الموجودة في فرنسا.

صعوبات

وجد المرشحون والفاعلون في هذه العملية الانتخابية صعوبات في التواصل مع الناخبين التونسيين نظرًا إلى انتشارهم عبر نقاط عديدة ومتباعدة في بعض الأحيان، وما زاد من تعقيد هذا التواصل منع الضوابط الانتخابية التعامل مع الإعلام الأجنبي.

في هذا الإطار يقول علي بن عامر، في تصريح له، quot;استعمال وسائل الإعلام الأجنبية ممنوع على القائمات، وإذا أردنا أن نصل إلى الناخب التونسي في الخارج لابد من استعمالهاquot;.

ويرى مراقبون أن الانتخابات أظهرت حسًا وطنيًا كبيرًا لدى التونسيين، ووعيًا بما لهذه اللحظة من قيمة في مستقبل بلادهم، وتحدثت أنباء عن مكوث البعض منهم لأكثر من ثلاث ساعات، ينتظرون دورهم لأداء واجبهم الوطني.