عاشت وزارة الدفاع والطيران السعودية أوج تميّزها في عهد الراحل سلطان بن عبدالعزيز بشهادة عسكري تحدث لإيلاف عن ذلك، في وقت لا يعلم عن الشخصية التي ستعتلي هرم الوزارة خلفا للأمير سلطان الذي حرّك بوصلة القوات المسلحة نحو التنمية الوطنية في عدد من المناطق، محدثا الفرق الكبير في تعزيز مفهوم الجيوش نحو ذلك.


الرياض: من يتتبّع تاريخ القوات المسلحة السعودية، يعي تماما الدور الكبير الذي قام به ولي العهد الراحل الأمير سلطان بن عبدالعزيز في تطوير وتحديث هذه القوات حتى أصبحت quot;من أفضل الجيوش الدفاعية في المنطقةquot; وفق شهادة عسكري سعودي فتح لـquot;إيلافquot; ملفات عديدة بشأن ذلك.

يقول اللواء المتقاعد فهد الوابل إن الأمير سلطان كان حريصا على أن يمتلك الجيش السعودي بفروعه الأربعة البرية والجوية والبحرية وكذلك الدفاع الجوي؛ أفضل الأسلحة والتقنيات الحربية المضادة خاصة للهجمات العسكرية.

ويحكي الوابل الذي قاد لواء بريا في مهمات عديدة، أن الراحل كان قريبا من الجنود في المعركة، ويحرص كل الحرص على حل كافة قضاياهم وحل مشاكلهم حتى وإن كانت أسرية، مضيفا أن القصص التي تجمعه بوزير الدفاع السعودي كانت ذات صبغة إنسانية حتى في توجيهاته، ممتدحا الوابل طريقة الأمير في التعامل مع المواقف.

يحكي الوابل قصة جمعته مع الراحل ولي العهد ووزير الدفاع قبل أكثر من خمسة عشر عاما، حيث كان الوابل قائدا ميدانيا لأحد العروض العسكرية في منطقة تبوك (شمال غرب المملكة)، وكانت درجة الحرارة تصل إلى مستوى عال تحت شمس حارقة، مفيدا أن العرض العسكري كان مقررا له أن يكون متحركا أمام المنصة.

يضيف الوابل أن الأمير سلطان أصدر أمره في أن يكون العرض العسكري ثابتا وهو من يقوم بالجولة على ظهر سيارة مكشوفة، حتى لا يكلف الجنود أكبر من طاقتهم، ولتكون هذه الطاقة مختزلة في الدفاع عن الوطن ضد الأعداء.

وفي حديث عن حرب الخليج الثانية عام 1991 وأثناء حرب تحرير الكويت، يحكي الوابل أنه حين تواجده مع كتائب القوات السعودية في الجبهة الشمالية على الحدود العراقية، كان الأمير سلطان يقوم بزيارات ميدانية مسائية مع بعض من حراساته الخاصة لتفقد أحوال القوات.

يحكي أنه قدم الراحل على أحد مخيمات الكتائب وخرج منها جندي وشكا للأمير سلطان مشاكله الأسرية ونقص حاجيات أسرته، فما كان من الأمير إلا أن عالج وساعد أسرته في أقل من 24 ساعة، ويقول الوابل في ختام حديثه إن الراحل ربط حكمته وحسن قيادته من خلال تعامله الأخلاقي والإنساني الذي لن يكون له مثيل وفق قوله.

الراحل السعودي الذي مكث لأكثر من خمسين عاما على هرم وزارة الدفاع والطيران، ساهم بشكل ملحوظ في تنمية المناطق السعودية خاصة الأطراف منها، وذلك عبر إنشاء المدن والقواعد العسكرية بكافة ملحقاتها وخدماتها ومرافقها، ذلك الأمر شكلت فيه المدن نواة تنموية لمناطق أصبحت ذات شأن كبير بين المدن السعودية.

الأمير الراحل سلطان بن عبدالعزيز كان صاحب المبادرات التنموية في بلاده، التي تجاوزت حدود الدبابات والطائرات، إذ إن زياراته خلال عيدي الفطر والأضحى للمناطق العسكرية وما جاورها تجاوزت أفق تفقد القوات المسلحة، حيث أصبحت رافدا تنمويا صنعها سلطان منذ أن كان الرجل الثالث في الدولة في العام 1982 حتى 2005.

التميز الذي صنعه الراحل أنه كان متعهدا وعرابا لحل قضايا وخلافات المملكة الحدودية مع عدد من الدول، لعل أبرزها هي إخماد النار التي كانت مشتعلة بين السعودية وقطر على قضايا حدودية انتهت في العام 2001 بعد مداولات عديدة ونقاشات كانت تحتاج لسلطان المعروف عنه خليجيا بتقبله النقاش وسعيه للوصول إلى الحلول الواقعية المرضية.

الأزمة الثانية التي لن تنساها السعودية طوال تاريخها هي قضاء الأمير سلطان على النزاعات الحدودية بين السعودية والجمهورية اليمنية، مضيفا تميزا آخر في تبديل الخلافات إلى بدايات أخوية تعزز التعاون بين دول الإقليم كافة.

وقاد سلطان وزارة الدفاع وهيئاتها العسكرية نحو تميز يضاهي مثيلاتها من القوات العسكرية في الخليج، راسما بريشته الإنسانية بعدا ومفهوما مختلفا عن القوات المسلحة quot;المرعبةquot; في قواميس دولية أخرى، ولعل إشرافه على فتح باب المشاهدة والمعايشة لأدوار وزارته العسكرية ببلاده عبر معارض القوات المسلحة السنوية شاهد على ذلك.

الحقيبة الوزارية الأهم في السعودية هذا اليوم لا يعلم حتى الآن إلى من ستؤول، خاصة وأن العديد من المنتمين إلى السلك الدفاعي والعسكري في السعودية أثبتوا تميزهم خلال الأحداث التي جرت في السعودية داخليا وخارجيا، وكانوا على مقربة من صانع نجاحات القوات المسلحة السعودية الأمير سلطان بن عبدالعزيز.