مشهد يظهر معاناة سكّان الصفيح بدوار النزالة

لن يتمكن عدد من سكّان دوّار النزالة الواقعة في ضواحي مدينة مكناس المغربية، من الإدلاء بأصواتهم في الإنتخابات التشريعية المزمعة يوم الجمعة، لافتقادهم لبطاقة الهوية التي تعتبر الوثيقة الوحيدة المعتمدة للتصويت. وإلى جانب عدم امتلاكهم شهادات سكن، يرزح هؤلاء تحت عبء ظروف صحية وبيئية قاسية.


نزح المواطن المغربي عبد الفتاح النيةالذي ينحدر من مدينة قرية با محمد (شمال المملكة المغربية)، إلى دوار النزالة بضواحي مدينة مكناس (وسط المغرب) هربا من الجفاف وقساوة الطبيعة وشظف العيش بحثا عن العيش الكريم.

واعترف هذا المواطن لـ quot;إيلافquot; أنه اضطر أمام ضعف فرص العمل إلى امتهان التنقيب في مكب للنفايات قريب من مقر سكنه لتأمين لقمة العيش لأبنائه الخمسة. وسألته quot;إيلافquot;عما اذا كان سيشارك في التصويت في الإنتخابات التشريعية المقررة يوم 25 تشرين الثاني (نوفبر) ليكشف بأن بطاقة هويته انتهت صلاحيتها منذ 18 نيسان (أبريل) 2005 ولم يتمكن من تجديدها بسبب رفض السلطات المحلية منحه شهادة تتبث إقامته بدوار النزالة، وهو نفس الوضع الذي تعانيه زوجته التي لا تملك أصلا بطاقة للهوية (الوثيقة الوحيدة المعتمدة للتصويت)، وكذلك ابنته التي بلغت سن التصويت دون أن تتمكن من إنجاز بطاقة للهوية.

وتقترح السلطات المحلية على المقيمين بدوار النزالة الحصول على شهادة للسكن لا تحمل عنوان إقامتهم الحقيقي، وهو الأمر الذي قبله بعض المواطنين بينما تشبث البعض الآخر بحقهم في الحصول على شواهد للسكن تثبت إقامتهم بدوار النزالة وهو ما أدى إلى حرمانهم من بطاقات الهوية وبالتالي إقصائهم من المشاركة في التصويت.

ظروف معيشية متردية...

ومن جهتها، تقول المواطنة رحمة عياشي والتي تنحدر من مدينة تازة (شمال البلاد): quot;أقطن بدوار النزالة منذ سنة 2000 ورغم ذلك لم أتمكن من الحصول على شهادة للسكن تحمل عنوان إقامتي وهو ما أدى إلى حرماني من بطاقة الهوية، أما زوجي الذي يعمل في الحقول فسيذهب للتصويتquot;.

وكشف المواطن الخمار الهمذاني (70 سنة) المنحدر من مدينة قرية با محمد عن عدم تمكن زوجته من الإدلاء بصوتها في الإنتخابات التشريعية بسبب حرمانها من الوثائق الإدارية، فوالدها هو الآخر لا يملك بطاقة للهوية ولا دفترا للحالة المدنية ولا عقدا للزواج.

وأكّد لـ quot;إيلافquot; أنه ذاهب للتصويت يوم الجمعة 25 تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري أملاً في ما قد يحمله الدستور الجديد من إصلاحات وإن كان لم يخفِ ضعف ثقته في المنتخبين والبرلمانيين. ويقول: quot;عمري الآن 70 سنة ولم أتخلف يوما عن موعد التصويت لكن للأسف لم تتحقق أي نتيجة، فوضع دوار النزالة كما ترون لا زال على حاله، نعاني من مشكلة عدم الإمداد بالماء الصالح للشرب، فالدوار لا يتوفر إلا على 3 سقايات وينبغي على المسؤولين إحصاء السكان وتحديد حاجاتهم إلى الماء الصالح للشربquot;.

ولا تملك فاطمة الفقير البالغة من العمر 30 سنة والتي تقطن بدوار النزالة منذ 7 سنوات، بطاقة للهوية، مبديةً حسرتها لعدم تمكنها من المشاركة في الإنتخابات التشريعية والتعبير عن صوتها، واستيائها الشديد من تردّي الأوضاع بالدوار. وتوضح: quot;فنحن نقطن في أكواخ عرضة لتسربات مياه الأمطار وقساوة الحر الشديد في فصل الصيف وأبنائي الآن منقطعون عن الدراسة وهم عرضة للضياع،حسب ما صرّحت لـ quot;إيلافquot;.

نفايات متراكمة تجعل الظروف الصحية أسوأ مما هي عليه

من جانبها قالت الشابة صباح غريب لـ quot; إيلافquot; إنها ذاهبة للتصويت يوم الجمعة 25 تشرين الثاني (نوفمبر) لكن تصويتها لن يذهب لصالح أي مرشح، بل سيكون ضمن الأصوات الملغاة. وعند سؤالها عن سبب إتخاذها هذا الموقف، أجابت بأن:quot;ممثل السكان بالجماعة الحضرية لمكناس لا يبذل أي مجهود لفك العزلة عن الدوار، فنحن نعاني كثيرا بسبب انعدام وسائل النقل، كما أننا محرومون من خدمات النظافة بحيث تراكم النفايات تحيط بنا من كل الجوانب. وقمنا بالعديد من المسيرات الإحتجاجية وقُدمت لنا وعود بتسوية وضعنا السكني لكن لا شيء تحقق على أرض الواقعquot;.

وينضم إلى جملة المحرومين من بطاقات الهوية عامل البناء محمد سلاسي الذي حُرم منها بسبب عدم توفير السلطات المحلية شهادة سكن له، الأمر الذي يحول دون مشاركته في التصويت. وتسائل في تصريحه لـ quot;إيلافquot;: quot;لماذا يتوارى ممثلو السكّان عن الأنظار بمجرد مرور الإستحقاقات؟ quot;

أما أحمد محراش، فأشار إلى أن صلاحية بطاقة هويته انتهت منذ 3 سنوات، معرباً لـquot;إيلافquot; عن فقدانه الثقة في التصويت لكل المرشحين طالما أن quot;ممثلي السكّان غير قادرين على ضمان حقهم في الحصول على الوثائق الإدارية، أو بالأحرى النهوض بأوضاع سكّان المنطقة التي تعاني على المستوى الصحي والبيئي بسبب مكب النفايات القريب من دوار النزالةquot;.

وفي هذا السياق، يوضح الناشط الحقوقي محمد مزيان أن أغلب سكّان الدوار يعانون من مرض الربو، 40 % منهم من فئة الأطفال، مشيرا إلى أنه سبق للمجتمع المدني أن طالب مندوبية وزارة الصحة العمومية وولاية مكناس بإرسال قافلة طبية للمنطقة لكن مطلبهم قوبل بالتجاهل.

من جانبه، أفاد مصدر مسؤول أن ملف دوار النزالة يعد من الملفات المعقدة بسبب هيمنة أطماع سماسرة العقار منذ بداية محاربة السكن العشوائي. أما بخصوص رفض تسليم الوثائق الإدارية فأشار المصدر ذاته إلى أن هناك تواطؤ للقاطنين الأصليين مع قاطني دور الصفيح عبر بيع الأراضي لسكّان دور الصفيح عبر عقود سلف، وهو السبب خلف رفض السلطات تسليم الوثائق الإدارية نظراً لما يحمله البناء العشوائي من مسؤولية جنائية. ولفت الى أن عدد هام من قاطني دور الصفيح بالنزالة يملكون منازل، وبالتالي، الإشكال يقع في كيفية التمييز بين مواطن محتاج وآخر غير محتاج، محمّلاً المسؤولية لكافة المتدخلين وضمنهم وزارة الأوقاف، التي تملك أراضي النزالة، ووزارة الإسكان والتعمير.