المصريون سيقترعون لإنهاء الحكم العسكريّ وإعادة الشرعية إلى مؤسسات الدولة

وسط توقعات بفوز كبير قد يحققه الإخوان المسلمون، فتحت صباح الاثنين صناديق الاقتراع أمام المصريين بعد 10 أشهر من الإطاحة بمبارك، لانتخاب نوابهم، وسط اهتمام عربيّ ودولي. ويأتي الاستحقاق المصريّ على وقع مواجهات دامية طغت على الحملة الانتخابية بين قوات الأمن والمتظاهرين المناهضين للعسكر.


القاهرة، وكالات: فتحت في الساعة الثامنة من صباح الاثنين بتوقيت مصر (6:00 تغ) صناديق الاقتراع في أول انتخابات تشريعية منذ إسقاط نظام حسني مبارك إثر ثورة شعبية في 11 شباط/فبراير الماضي.

وأفاد مراسلو فرانس برس أن طوابير من الناخبين كانت تنظر أمام مقار الاقتراع قبل فتح الصناديق.

ويتم تنظيم الانتخابات التشريعية على ثلاث مراحل، تشمل كل منها تسعًا من محافظات مصر الـ27.

وتجري عمليات الاقتراع يومي الاثنين والثلاثاء في كل من محافظات القاهرة والإسكندرية والفيوم وبورسعيد ودمياط وكفر الشيخ وأسيوط والأقصر والبحر الأحمر.

وكان المجلس الأعلى للقوات المسلحة، الممسك بزمام السلطة منذ إسقاط مبارك في 11 شباط/فبراير الماضي، أصدر الجمعة مرسومًا يقضي بتمديد فترة الاقتراع، لتكون يومين بدلاً من يوم واحد في كل مرحلة.

وتجري الانتخابات وفقًا لنظام مختلط يجمع ما بين القائمة النسبية والدوائر الفردية، إذ يتم انتخاب ثلثي الأعضاء بالقوائم، والثلث الأخير بالنظام الفردي.

ويجري الدور الثاني للمرحلة الأولى على المقاعد، التي سيتم انتخابها بنظام الدوائر الفردية في الخامس من كانون الأول المقبل.

وتنظم المرحلة الثانية في الحادي والعشرين من الشهر المقبل. أما المرحلة الثانية فتبدأ في الثالث من كانون الثاني/يناير، وتنتهي الانتخابات التشريعية في الحادي عشر من الشهر نفسه، بعد الدور الثاني لهذه المرحلة الأخيرة.

وربما ستنهي الانتخابات المصيريّة، التي سيعيش على وقعها الشعب المصريّ الاثنين حالة الفلتان وغياب الشرعية وشلل الاقتصاد، بحسب أكثر المراقبين تفاؤلاً، لكنها بحسب المتشائمين، قد تحمل معها نذر مخاطر جديدة، بناء على الانقسام الحاد الذي يشوب الأطراف السياسية والثورية تجاه هذا الاستحقاق والسياق الذي يجري فيه.

40 مليون ناخب من جملة 82 مليونًا هم عدد سكان مصر، سيدلون quot;أخيرًاquot; بأصواتهم في أول انتخابات حرة ونزيهة أو هكذا يراد لها، بعد الإطاحة بالرئيس السابق محمد حسني مبارك في ثورة 25 يناير، التي هزت مصر والعالم، ولاتزال تداعياتها تشغل القريب والبعيد.

أول انتخابات برلمانية بعد الثورة ستكون بإشراف قضائي كامل بحثًا عن (برلمان الثورة) المنشود، وسوف تجرى الجولة الأولى منها على مدى يومين في تسع محافظات، هي القاهرة والإسكندرية وأسيوط والبحر الأحمر والأقصر والفيوم ودمياط وبورسعيد وكفر الشيخ، فى 16 دائرة للقوائم الحزبية، و28 للفردي، ويبلغ عدد مقار المراكز الانتخابية 3294 مركزًا، وعدد المقار الانتخابية 9841 مقرًا، وعدد اللجان الفرعية 18536 لجنة، وقامت اللجنة العليا للانتخابات المصرية بتعليق الكشوف النهائية بأسماء المرشحين في مختلف المحاكم الابتدائية ومحاكم الاستئناف في المحافظات التسع.

وتعتبر انتخابات الاثنين quot;مصيريةquot; وquot;حاسمةquot; لكونها الأولى بعد الإطاحة بنظام الرئيس السابق حسني مبارك، إضافة إلى أنها المرة الأولي التي يمنح فيها المصريون في الخارج حق التصويت في الانتخابات، ورغم قلة عدد من سجلوا بياناتهم، وهم 350 ألفًا فقط، مقارنة بثمانية ملايين مواطن يعيشون خارج مصر، لكنّ الخطوة في مجملها مهمة، وتعكس رغبة المشرفين في عدم منع أي مواطن من ممارسة حقه في اختيار من يمثله في البرلمان المقبل.

تجري الانتخابات وسط إجراءات أمنية غير مسبوقة بتنسيق مشترك بين رجال القوات المسلحة وأجهزة الشرطة في ظل اهتمام مصري وعربي ودولي واسع لما يمثله البرلمان الجديد من أهمية بالغة باعتباره أول برلمان ينتخب في أعقاب quot;ثورة 25 ينايرquot; التي أسقطت نظام حسني مبارك، حيث جاء حل مجلسي الشعب والشورى اللذين سبق انتخابهما في العام 2010 باعتباره مطلبا أساسيا من مطالب الشباب الثائر، وبناء على ما شاب تلك الانتخابات من تلاعب وتزوير لإرادة الناخبين والتي كان سبقها إلغاء الإشراف القضائي على الانتخابات والذي سرعان ما عاد ضمن مواد الإعلان الدستوري الذي تم الإعلان عنه في أعقاب الثورة ليتولى القضاة الإشراف الكامل على العملية الانتخابية.

ومصر هي البلد الثالث بعد تونس والمغرب، الذي يشهد انتخابات بالغة الأهمية في منطقة تعيش quot;الربيع العربيquot; منذ بداية هذا العام.

تابع عبر إيلاف إنتخابات مصر ... لحظة بلحظة

ملف: الإنتخابات المصرية... ولادة متعثرة للديمقراطيّة

ويلحظ النظام الانتخابي المعقد تقسيم البلاد إلى ثلاث مناطق، سيتم فيها الاقتراع على التوالي. وسيخصص اقتراع الاثنين للقاهرة والإسكندرية ثاني مدن البلاد، إضافة إلى محافظات أخرى، مثل الأقصر في صعيد مصر.

وبذلك، ستستمر انتخابات مجلس الشعب حتى 11 كانون الثاني/يناير، على أن تليها انتخابات مجلس الشورى بين 29 كانون الثاني/يناير و11 آذار/مارس.

وحل مجلس الشعب السابق في غمرة تنحّي مبارك في 11 شباط/فبراير تحت وطأة ثورة شعبية. وسيكلف البرلمان المقبل تعيين لجنة مهمتها إعداد دستور جديد، وهي مرحلة حاسمة في انتقال البلاد إلى الديموقراطية الموعودة.

وكان المجلس العسكري، الذي يتولى حكم البلاد، التزم تسليم السلطة لمدنيين بعد إجراء انتخابات رئاسية في موعد أقصاه نهاية حزيران/يونيو 2012.

وقام الإخوان المسلمون، القوة السياسية الأكثر تنظيمًا، بتأسيس حزب quot;الحرية والعدالةquot; لخوض هذه الانتخابات، التي تراهن الجماعة على تحقيق فوز فيها.

وتواجه الجماعة عشرات من الأحزاب السلفية والليبرالية واليسارية، التي أبصرت النور أخيرًا، ولا تزال تفتقر بنية تنظيمية فاعلة.

كذلك، يخوض الانتخابات العديد من الأعضاء السابقين في حزب مبارك، الذي تم حله، وذلك إما كمستقلين أو تحت شعارات سياسية جديدة.

وفي الأيام الأخيرة، طغت على الحملة الانتخابية المواجهات الدامية في ميدان التحرير بين قوات الأمن المصرية والمتظاهرين المناهضين للمجلس العسكري، والتي خلفت 42 قتيلاً وأكثر من ثلاثة آلاف جريح.

وفي مشهد يذكر بثورة 25 يناير في بداية العام، يحتل ميدان التحرير متظاهرون يطالبون هذه المرة بتنحّي رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة المشير محمد حسين طنطاوي.

وقد أطاحت هذه الأزمة بحكومة عصام شرف، ولم يتمكن خلفه كمال الجنزوري، الذي عيّنه المجلس العسكري من تشكيل حكومته بعد.

وقبل بضع ساعات من بدء الانتخابات، قام مسلحون مجهولون وملثمون بتفجير خط أنابيب يزوّد إسرائيل بالغاز المصري في شمال سيناء، وفق ما أوردت وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية.

النظام الانتخابي والأحزاب السياسية الرئيسة في مصر

تهدف الانتخابات في مصر إلى اختيار أعضاء مجلس الشعب الـ498، فيما يعيّن القائد الأعلى للقوات المسلحة ورئيس الدولة بحكم الأمر الواقع المشير محمد حسين طنطاوي عشرة آخرين.

وسيتم اختبار ثلث مقاعد المجلس من خلال النظام الفردي من دورتين، في حين يتم انتخاب الثلثين الباقيين وفقًا لنظام القوائم الحزبية النسبية.

ومصر مكوّنة من 27 محافظة وزّعت انتخابيًا على ثلاث مجموعات، تجري فيها الانتخابات على التوالي في دورتين.

وتبدأ الاثنين المرحلة الأولى للانتخابات في محافظات عدة، من بينها القاهرة والإسكندرية. وفي 14 كانون الأول/ديسمبر، تبدأ المرحلة الثانية من الانتخابات، ثم المرحلة الثالثة في الثالث من كانون الثاني/يناير.

وفي كل مرحلة، سيتم تنظيم دورة ثانية للانتخابات على المقاعد، التي سيتم انتخاب شاغليها بنظام الدوائر الفردية.

وللمرة الأولى أيضًا أصبح من حق المصريين المقيمين في الخارج المشاركة في الانتخابات. ومن المقرر إعلان النتائج النهائية في 13 كانون الثاني/يناير.

وتستأنف العملية الانتخابية من 29 كانون الثاني/يناير إلى 11 آذار/مارس مع انتخاب مجلس الشورى.

وللمرة الأولى في مصر، يتقدم مرشحو جماعة الإخوان المسلمين تحت لواء حزب قانوني، هو quot;حزب الحرية والعدالةquot; العضو في quot;التحالف الديموقراطيquot;، الذي يضم أحزابًا ليبرالية عدة، أبرزها حزب الوفد.

وجماعة الإخوان، التي تشارك في الحوار مع الجيش منذ رحيل مبارك، هي القوة السياسية الأفضل تنظيمًا في البلاد، وهي تعتبر نفسها الآن في موقع قوة.

وتضم كتلة quot;الثورة مستمرةquot;، التي تشكلت بعد quot;ثورة 25 ينايرquot;، أحزابًا اشتراكية ويسارية صغيرة.

أما quot;الكتلة المصريةquot;، التي ظهرت أيضًا بعد سقوط حسني مبارك، فتمثل القوة الرئيسة للتيار الليبرالي، وتضم نحو 15 حزبًا، أبرزها حزبا quot;المصريين الأحرارquot;، الذي أسسه رجل الأعمال نجيب ساويرس، والحزب المصري الديموقراطي الاجتماعي، الذي أسسه أحمد أبو الغار، وهو أستاذ في كلية الطب في جامعة القاهرة، وأحد مؤسسي حركة استقلال الجامعات quot;9 مارسquot;، وكان من المعارضين الشرسين لنظام الرئيس السابق حسني مبارك.

وفي منتصف تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، سمح القضاء لأعضاء الحزب الوطني الديموقراطي السابق، الذي تم حله بعد سقوط مبارك، بخوض الانتخابات كمستقلين أو تحت راية أحزاب سياسية مختلفة.

إلا أن هذا البرلمان يمكن أن يكون مجلسًا انتقاليًا، تنقضي ولايته، التي تبلغ عادة خمس سنوات بعد اعتماد الدستور الجديد للبلاد.