فطنت المرأة المصرية لأهمية دورها في أول انتخابات برلمانية بعد ثورة يناير، وجاءت مشاركتها القوية ليكون لها بالغ الأثر في حسم نتائج الاقتراع، وكانت هناك عوامل عدة أدت إلى زيادة نسبة مشاركة المرأة في الانتخاب. أول هذه العوامل هو الوعي السياسي، الذي أحدثته الثورة، ثم ضلوع التيارات السياسية والدينية المختلفة في التأثير على المرأة الريفية والشعبية خاصة.


المرأة المصرية حاضرة بقوة في الانتخابات البرلمانية

حسام المهدي من القاهرة: كانت المرأة المصرية في السابق لا تؤدي دورها في الانتخابات البرلمانية، لأنها كانت لا تهتمّ بالسياسة، ولا تعلم عنها شيئًا، إلا أن الثورة المصرية وما تبعها من أحداث أثقلت من وعيها السياسي، وانعكس ذلك على نسبة المشاركة، التي تقدرها بعض المؤشرات الأولية للمرحلة الأولى بأكثر من 85%، ومن خلال لقاء quot;إيلافquot; بالناخبات المصريات، وقفت على الأسباب والعوامل، التي دفعت المرأة إلى هذه المشاركة الفعالة.

فريدة الصعيدي 50 عامًا ربة منزل، قالت إنها المرة الأولى في حياتها التي تذهب فيها إلى لجان الانتخاب، وتدلي بصوتها، وتعزو ذلك إلى الوعي الذي أحدثته الثورة.

وأضافت أنها في السابق كانت تفضّل البقاء في المنزل أثناء العملية الانتخابية، لأن دائرتها في منطقة الوايلي في القاهرة كانت تشهد أعمال عنف وبلطجة، لكن هذه المرة ترى فريدة أنها مختلفة تمامًا، لأنها تعلم مدى خطورة الفترة الانتقالية، التي تشهدها البلاد، فكان لابد من المشاركة، حتى نصل إلى برّ الأمان، من خلال برلمان حقيقي للمرة الأولى يمثل إرادة الشعب.

عبّرت عن سعادتها بالوضع الأمني والنظام الرائع لسير العملية الانتخابية، وأنهت فريدة حديثها مع إيلاف قائلة: quot;لقد أصبحنا كنساء مصريات على قدر من الوعي السياسي، وأصبحنا نهتم بالأحداث الجارية أكثر من أي وقت سابقquot;.

أما صفاء 27 عامًا، مهندسة ديكور، فتقول لـquot;إيلافquot; إن ما يجري في البلاد الآن ليست مجرد انتخابات برلمانية، وإنما هو حدث تاريخي، سيسجّل المؤرخون كل لحظاته، وهو ما جعل الإقبال بهذا الشكل. وعن دور المرأة تقول صفاء إن هذا هو موقفها على مر العصور في الفترات العصيبة، فهي دائمًا ما تشارك في الأحداث الفاصلة، والتاريخ مليء بالأحداث، التي تثبت صدق كلامي.

وترى صفاء أن هناك موروثًا ثقافيًا مغلوطًا يفيد بأن المرأة المصرية، خاصة الريفية، ليس لديها ما يكفي من الوعي نتيجة للأمّية والعرف الريفي، الذي يجعل منها كائنًا تابعًا للرجل، وهذا في وجهة نظري غير صحيح، وأن تلك النسبة من النساء اللاتي كنّ يخضن لهذا التقويم أصبحن على درجة كبيرة من الإطلاع بعد الثورة الهائلة في عالم الاتصالات وتعدد وسائل الإعلام.

أبدت صفاء استياءها من طريقة بعض المرشحين ومؤيديهم في التأثير على النساء لتوجيه أصواتهن إلى تيار أو حزب بعينه، مستغلين ميولهن الفطرية إلى التدين أو عن طريق الإغراء المادي.

أم الحسن تشعر بأن أخيرًا رأيها أصبحت له قيمة بعد فترة طويلة من القمع والحجر السياسي، وترى أن المرحلة الحالية هي أعتى فترات الحرية في مصر، لأن الشعب يريد وينفذ ما يريد، رغم أن هناك قوى، مهمتها الحيلولة دون ذلك.

وتشير أم الحسن- 40 عامًا مدرسة - إلى الدور النسائي الفاعل، قائلة: لقد صارت المرأة المصرية تتحكم بشكل كبير في رسم الخريطة السياسية، فالنسبة الكبرى من الشعب المصري من النساء، ونتيجة للأحداث الجارية أصبح الجانب السياسي في حياة المرأة المصرية أساسيًا، بعدما كان مقتصرًا على العاملات في المجال أو الناشطات السياسيات.

أبدت أم الحسن تحفظها على النظام الانتخابي الجديد، لأنه لا يضمن مشاركة كبيرة للنساء في البرلمان المقبل، وكانت ترغب في تمثيل أكبر عن طريق وضع نظام الكوتة النسائية في الحسبان، ولكن بعض التكتلات الحزبية وضعت هذا الأمر في عين الاعتبار، وهو يحسب لها، ولكن كان من الضروري أن يضمن المشرع وجود المرأة، لكونها تشكل النسبة الأكبر من قوام الشعب.

وأشارت أم الحسن إلى ضرورة تلافي السلبيات، التي شهدتها المرحلة الأولى من الانتخابات، وطرق التأثير على المرأة البسيطة والريفية، خاصة الأمّيات منهن، حيث صوّر لهن البعض أن هناك حربًا بين الإسلاميين والعلمانيين للاستيلاء على سدة الحكم.

وإن كانت نسبة حضور الناخبات المصرياتتعبّر عن موقف المرأة في رسم ملامح البرلمان المصري، فإن نسبة المرشحات على قوائم الأحزاب شهدت تراجعًا لدور المرأة في أول برلمان بعد ثورة يناير.

في هذا الصدد، قام المجلس القومي للمرأة بتنفيذ دراسة للوقوف على نسبة التمثيل النسائي على قوائم الأحزاب السياسية، وكشف عن أن الأحزاب التي وضعت المرأة على رأس القائمة، هي أحزاب العدل والمحافظين والجبهة الديمقراطية والمساواة والتنمية.

وكما جاء في الدراسة فإن نسبة السيدات المرشحات على القوائم على المقعد الثاني بلغت 7%، والثالث نسبة 14%، بينما كانت أعلى نسبة من نصيب المقعد الرابع بـ 23.8 %،وعلى الخامس بـ 10.3%، فيما جاءت نسبة السيدات على المقعد السادس 12.6 %، وعلى المقعد التاسع 3.7%، وعلى العاشر بنسبة 6%.

تعليقًا على نسبة المشاركة، قالت الدكتورة هدى عبد الظاهر إنها نسبة ليست معبّرة عن الوجود النسائي في الحياة السياسية المصرية، وإن كنا معجبين بوجود كثيف للناخبات المصريات، ولكننا نريد على الجانب الآخر نسبة كبيرة للمشاركات في الحياة البرلمانية والحزبية، فبعد الثورة حررت مصر من القيود والأغلال السياسية، وقد تحدد المرأة المصرية ملامح البرلمان المقبل.