تاريخ النشر: الإثنين 12 ديسمبر 2011 - ساعة 19 غرينتش
آخر تحديث: الثلاثاء: 13 ديسمبر 2011- ساعة 9.30 غرينتش

المنصف المرزوقي
تونس: ادى رئيس الجمهورية التونسية الجديد محمد المنصف المرزوقي الثلاثاء اليمين الدستورية امام اعضاء المجلس الوطني التاسيسي بحضور كبار مسؤولي الدولة.

وقال المرزوقي واضعا يده على القرآن الكريم quot;اقسم بالله العظيم ان احفظ المصالح الوطنية ودولة القانون والمؤسسات وان اكون وفيا للشهداء واهداف الثورةquot;.

ووعد المرزوقي الذي وضع برنسا تقليديا تونسيا بلون بني فاتح على سترة زرقاء وقميص ابيض وبدا فخورا وهادئا، بان يكون quot;رئيسا لكل التونسيينquot; وان لا quot;يوفر اي جهدquot; من اجل تحسين مستوى عيش مواطنيه.

كما تعهد بضمان quot;الحق في الصحة والحق في التعليم وحقوق المراةquot;.

كما ترحم المرزوقي في تاثر باد على ارواح quot;شهداء الثورةquot; التي اطاحت بنظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي.

وقال والدمعة في عينيه quot;بدون تضحياتهم ما كنت لاوجد في هذا المكانquot;.

وانتخب المجلس التأسيسي التونسي الاثنين المنصف المرزوقي، المعارض الشرس لزين العابدين بن علي، رئيسًا للجمهورية، كما أفاد صحافيون في وكالة فرانس برس.

وانتخب المرزوقي (66 عامًا) زعيم حزب المؤتمر من اجل الجمهورية (يسار قومي) بغالبية 153 صوتًا، مقابل معارضة ثلاثة اصوات، وامتناع اثنين عن التصويت، و44 بطاقة بيضاء من إجمالي 202 عضو من أعضاء المجلس، البالغ عددهم 217. وستكون مهمته الأولى اختيار رئيس الحكومة، المتوقع أن يكون الإسلامي حمادي الجبالي.

وعزف النشيد الوطني في القاعة التي ترددت فيها هتافات أنصار المرزوقي، تطالب بـquot;الوفاء لشهداء الثورةquot;. وشكر المرزوقي، الذي درس الطب، النواب الذين حضروا، وأعرب عن شعوره بالفخر بتحمل مسؤولية أن يكون حامي quot;الشعب والدولة والثورةquot;.

ومن المقرر أن يقلد المرزوقي الثلاثاء بعد أن يؤدي اليمين في قصر قرطاج الرئاسي. والمرزوقي يشتهر بعناده وبمواهبه الخطابية، لكنه يتعرض للانتقاد بسبب تحالفه مع إسلاميي حزب النهضة، الذين سيشكلون الحكومة.

سيرة ذاتية
المنصف المرزوقي (66 عاما) الذي انتخب الاثنين رئيسا للجمهورية التونسية عرف بدفاعه المستميت عن حقوق الانسان وبمعارضته الشرسة لنظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي الذي اطلق بشأنه عبارته الشهيرة quot;لا يصلح ولا يصلحquot;.

ويرأس المرزوقي المتحدر من الجنوب التونسي، حزب المؤتمر من اجل الجمهورية (يسار قومي) الذي اسسه في 2001. وحقق هذا الحزب بفضل سمعة زعيمه وحنكته بشكل خاص، نتيجة لم يتوقعها المحللون، وفاز بـ29 مقعدا في انتخابات المجلس الوطني التاسيسي، ليحل ثانيًا بعد حزب النهضة الاسلامي (89 مقعدا).

ويشيد الكثيرون بمبدئية المرزوقي وروحه النضالية، لكن بعضهم ينتقد اقترابه في الصيف الماضي من الاسلاميين في حين يرى آخرون في ذلك براعة سياسية كبيرة اتاحت له تحقيق نتيجة جيدة، اذ لم يسع مثل باقي احزاب اليسار التونسي، التي منيت بهزيمة انتخابية، الى استعداء الاسلاميين، مركزًا على ازالة آثار النظام الفاسد السابق.

والمرزوقي بملامحه السمراء ووجهه الذي يعكس وهج الصحراء ونظارتيه اللتين تنشطان خيال رسامي الكاريكاتور، شخصية عنيدة وتملك موهبة مخاطبة الجمهور بجمله الموجزة والمعبرة.

ويشيد به كثيرون باعتباره quot;شخصًا نزيهًاquot; ويملك quot;ماضيًا لا غبار عليهquot;، غير ان البعض، خصوصًا بين اليساريين العلمانيين، ينتقدون اقترابه من الاسلاميين، ويأخذون عليه اعلانه بعد ثلاثة ايام من فرار بن علي في 14 كانون الثاني/يناير انه ينوي الترشح لرئاسة الجمهورية.

والدكتور المرزوقي طبيب وناشط حقوقي ومفكر وكاتب سياسي ولد في 7 تموز/يوليو 1945 في قرنبالية (30 كلم جنوب شرق العاصمة) لاسرة تتحدر من قبيلة المرازيق في الجنوب التونسي.

وهو حائز دكتوراه في الطب من جامعة ستراسبورغ (1973) الفرنسية اختصاص الطب الباطني والطب الوقائي وطب الأعصاب، وحائز اجازة في علم النفس من كلية العلوم الانسانية في جامعة السوربون، وتولى تدريس الطب في جامعة ستراسبورغ، وهو استاذ سابق في قسم الأعصاب في تونس، واستاذ للطب الحديث في جامعة باريس.

وفي تونس، تولى تدريس الطب في جامعة سوسة (140 كلم جنوب شرق العاصمة) من 1981 الى 2000. وفي 1995 منع من أي بحث علمي وفي العام 2000 طرد من كلية الطب بسوسة.

عرف المرزوقي بنضاله الحقوقي، وانضم في 1980 الى الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان، واصبح رئيسها في 1989. في 1993 احيل على القضاء اثر تأسيسه جمعية الدفاع عن المساجين السياسيين، وفي 1994 خلع من رئاسة الرابطة فرد على ذلك بالترشح لرئاسة الجمهورية.

ووضع في آذار/مارس 1994 في السجن الانفرادي لمدة اربعة اشهر، وحرم من جواز سفره، واطلق سراحه في تموز/يوليو اثر حملة وطنية ودولية وتدخل الزعيم الجنوب افريقي نلسون مانديلا. وفي 1997 اسس مع عدد من المناضلين، بينهم الناشط السوري هيثم مناع، اللجنة العربية لحقوق الانسان، وترأسها حتى العام 2000.

في 2001 اسس مع العديد من المناضلين والقوى السياسية التونسية المجلس الوطني للحريات. وفي 2001 ايضًا أسس حزب المؤتمر من اجل الجمهورية، الذي لم ترخص السلطات له، واعلن المرزوقي انه quot;حزب مقاومة لا حزب معارضةquot;، وطالب من خلاله باسقاط نظام بن علي بدلاً من السعي إلى إصلاحه، وذلك لايمانه بانه نظام فاسد غير قابل للاصلاح، فصدر بحقه حكم بالسجن لمدة عام.

قوبل هذا الحكم بضغوط دولية على الحكومة التونسية، ليرحل المرزوقي بذلك إلى فرنسا، حيث واصل نضاله في المنفى. في العام 2006 عاد إلى تونس من دون موافقة السلطة للدعوة إلى عصيان مدني بهدف إسقاط نظام بن علي، ولكنه رحل إلى فرنسا بعد 5 ايام تعرّض خلالها إلى الترهيب والتضييق الشديد من قبل البوليس السياسي.

واصل المرزوقي رحلة نضاله في المنفى من خلال كتاباته السياسية ونشاطه في المنظمات الحقوقية الدولية وتحريضه المتواصل على العصيان المدني. وعاد الى تونس في كانون الثاني/يناير 2011 بعيد فرار بن علي، ليواصل نضاله من موقعه كرئيس حزب المؤتمر من أجل الجمهورية المحظور سابقا.

اختلف المرزوقي مع رفاق دربه ممن وصفهم بـ quot;اليسار العلماني والفرنكفوني القديم المنقطعين كليًا عن القضايا الحقيقية للشعب التونسيquot; وذلك اعتبارا من 2003 خصوصًا في الموقف من إسلاميي النهضة. ومع انه لم يغير البتة من موقعه اليساري، فإنه اقترب من الإسلاميين، خصوصًا بسبب ايمانه الشديد بضرورة التمسك بالهوية العربية الاسلامية، وهو ما ساعده في حملته الانتخابية الاخيرة.

وقال بعد انتخابات 23 تشرين الاول/اكتوبر quot;النهضة ليست الشيطان (...) ويجب عدم اعتبارهم طالبان تونس، انهم فصيل معتدل من الاسلاميينquot;.
غير ان ذلك لم يمنعه من التأكيد على وجود quot;خطوط حمراءquot; لا جدال فيها، مثل quot;الحريات العامة وحقوق الانسان وحقوق المراة والطفلquot;.

وحصل المرزوقي الأب لطفلين من طليقته الفرنسية، على العديد من الجوائز الحقوقية وكتب العديد المؤلفات في السياسة والادب والطب، منها quot;الانسان الحرامquot; وquot;انها الثورة يا مولايquot; وquot;الرحلةquot; وquot;حتى يكون للامة مكان في هذا الزمانquot; وquot;في سجن العقلquot;.