محمد البرادعي

محمد البرادعي، الذي أعلن أنه على استعداد لترؤس حكومة انتقالية بعد حسني مبارك إذا طُلب منه ذلك، انتهج خطابا هجوميا غير مألوف عنده عندما وصف رفض الرئيس المصري التنحي قبل سبتمبر / ايلول المقبل بأنه quot;خدعة وإساءةquot;.


صلاح أحمد من لندن: لفترة ما ظل محمد البرادعي، مدير وكالة الطاقة الذرية سابقا وحائز quot;نوبلquot;، الوحيد الذي سُلّط عليه الضوء باعتباره الرئيس المصري المقبل. ولهذا كان طبيعيا ان يلتقي بكبار ممثلي الدول المعنية - بمن فيهم السفيران الأميركي والبريطاني - لبحث السيناريوهات الممكنة والمحتملة في مرحلة ما بعد مبارك.

على أن لاعبا جديدا يتهيأ لدخول الميدان الآن وهو عمرو موسى، أمين عام الجامعة العربية، عبر إعلانه المفاجئ أنه لن يسعى لتجديد ولايته في الجامعة لدى انقضائها في غضون شهرين من الآن. ورغم انه لم يعلن صراحة نيته السعي للجلوس على مقعد مبارك، فهو ليس بحاجة الى هذا لأن تخليه عن منصبه الاقليمي يعني ذلك بالتحديد. وعلى أية حال فقد أعلن أنه سيتدبر أمره وسيعلن في غضون فترة وجيزة ما إن كان سيسعى للمنصب الأعلى.

البرادعي من جهته لا يجد طريقه مفروشا بالورود. فهو مقيم في فيينا ولم يعد الى مصر الا الثلاثاء الماضي. ولهذا فهو يواجه الاتهام بأنه ينوي quot;اختطاف الثورةquot;. وقد خاطبه كاتب مدونات مصري على الإنترنت quot;بلوغرquot; متهكما: quot;هل نتصل بك على هاتفك الجوال بعد أن نكمل الثورة من أجلكquot;؟

لكنه يظل النجم الأسطع في سماء ملبدة بالغيوم. فقد نقلت صحيفة quot;تليغرافquot; البريطانية عن مصادر في القاهرة قولها إنه التقى يوم الاثنين ببعض كبار قادة الجيش وبحث معهم الوضع وآفاق المستقبل من وجهتي النظر المدنية والعسكرية. كما التقى بالسفيرة الأميركية، مارغريت سكوبي، والسفير البريطاني، دومينيك آسكويث، وطرح عليهما عددا من السيناريوهات المتعلقة بالرئاسة.

عمرو موسى

وتبعا للمصادر فإن أحد هذه السيناريوهات أن يتولى عمر سليمان، مدير الاستخبارات سابقا ونائب مبارك الآن، الرئاسة في حكومة انتقالية تمهد لانتخابات عامة حرة. وفي سيناريو آخر تتولاها quot;ترويكاquot; من ممثل للجيش ومدنييْن في الفترة نفسها.

ورغم ان البرادعي وجه مألوف في واشنطن، فإن العلاقات بين الاثنين متوترة لأن هذه الأخيرة تأخذ عليه دفاعه عن الاخوان المسلمين ورفضه إدانة برنامج إيران النووي عندما كان مديرا لوكالة الطاقة الذرية، بينما ينتقدها هو، أولا في حربها على العراق، وثانيا بشأن تعاملها مع برنامج طهران النووي نفسه.

وفي أوروبا فإن ثمة دول تدعم علنا توليه الرئاسة الانتقالية على الأقل. لكن إسرائيل، أهم لاعب إقليمي، ستعارضه قولا - وعملا إذا دعت الظروف - أيضا وعلى الأقل بسبب تقاربه مع الإسلاميين. ومع كل هذا فإن المحللين يقولون إنه الأكثر حظا من موسى وسليمان وإن الغرب إجمالا لا يرى مانعا حقيقيا في توليه الرئاسة في إحدى أهم الدول العربية إن لم تكن الأهم على الإطلاق.

ويقول مارك فيتزباتريك، المسؤول الحكومي الأميركي السابق والباحث حاليا في quot;المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية quot;: quot;لم يكن البرادعي هو quot;نكهة الشهر المفضلةquot; على الدوام في ما مضى. لكنه ينظر الى العديد من الأمور من وجهة نظر غربيةquot;.

ويضيف فيتزباتريك قوله إن سياسته المعادية لإنتاج السلاح النووي لا تتفق مع وجهة نظر الاخوان المسلمين الحريصين على امتلاكه في وجه ما يعتبرونه عداء غربيا للإسلام. وفي الجهة المقابلة فهو يثير ذعر إسرائيل لأنه يدين حصارها غزة، بينما كان مبارك يشاركها فرض هذا الحصار عبر عمليات مشتركة في مجال الاستخبارات ومكافحة الإرهاب.

وإذا كانت علاقات البرادعي بالاخوان المسلمين مصدر قلق في عواصم الغرب، فإن هذه الأخيرة لا تجد ما يقلقها في هذا الصدد عندما يتعلق الأمر بعمرو موسى، وهذا إضافة الى أنه يتمتع بالشعبية وسط المصريين أنفسهم. ومع ذلك فإن العقبة أمامه هائلة، وهي أنه، كأمين عام للجامعة العربية، يعتبر الناطق الرسمي باسم نفس الحكام العرب الذين تسعى شعوبهم لإطاحتهم الآن.

عمر سليمان