وافق وزراء خارجية الإتحاد الأوروبي خلال إجتماع في بروكسل على فرض عقوبات مؤلمة على دكتاتور روسيا البيضاء ألكسندر لوكاشينكو، رداً على انقضاضه الشرس على المعارضة في كانون الأول ديسمبر الماضي. وإضافة إلى العقوبات الإقتصادية، حُظر عليه وعلى 150 من رموز نظامه دخول أراضي الإتحاد. وفي المقابل يبدو الإتحاد متردداً إزاء الأحداث الجارية في مصر، وغير قادر على إتخاذ موقف حاسم.


يوم الثلاثاء وافق وزراء خارجية الإتحاد الأوروبي خلال إجتماع خاص في بروكسل على فرض عقوبات مؤلمة على دكتاتور روسيا البيضاء (بيلاروس)، ألكسندر لوكاشينكو، رداً على انقضاضه الشرس على المعارضة في كانون الأول ديسمبر الماضي. وإضافة إلى العقوبات الإقتصادية، حُظر عليه وعلى 150 من رموز نظامه دخول أراضي الإتحاد.

لكن النقّاد يقولون إنه عندما تتعامل أوروبا مع طغاة العالم العربي وإنتهاكاتهم المتصلة لأبسط حقوق الإنسان، فهي لا تضع أكثر من قفّاز المخمل على يدها. ويسوقون مثالاً لهذا ردة فعلها المستكنّة إزاء حكم الرئيس المصري حسني مبارك رغم خروج مئات الآلاف المطالبين برحيله علّهم ينعمون بالخبز وبقدر من الديمقراطية وبقية حرياتهم المشروعة.

ومع ذلك وقف الإتحاد الأوروبي متفرجا ومكتفيا بالقول - بعد تردد - إنه يدعو quot;لإنتخابات حرة وعادلةquot;. وإعترف أحد وزراء الخارجية الأوروبيين لمجلة quot;دير شبيغلquot; الألمانية بأن الإتحاد يقف أمام متاهة بقوله: quot;لا نعلم حتى الآن المنعطفات التي قد يأخذها الوضع في مصر، ولذا فلا نريد تأييد جانب ضد الجانب الاخرquot;. ولا غرو أن المجلة حجبت هوية الوزير المتحدث.

وكان تردد الوزراء في إجتماع الثلاثاء إزاء ما يحدث في مصر واضحاً للعيان. وكان بين الحضور وزير الخارجية الألماني غويدو فيسترفيله الذي دخل الصالة قادماً من إسرائيل حيث إلتقى بنظيره أفيغدور ليبرمان واستقى منه وجهة نظر بلاده في ما يتعلق بالثورة المصرية.

ونقل فيسترفيله إلى الاجتماع أن إسرائيل قلقة إزاء الفوضى على أراضي أهم حليفاتها في المنطقة، وأنها تخشى بشكل خاص أن يستولي الإسلاميون على السلطة فيها. لكن وزير خارجية لوكسمبورغ جان آسلبورن رد على نظيره الألماني قائلا: quot;المخاوف الإسرائيلية مفهومة. لكن كان بوسع إسرائيل المساهمة في إستقرار الشرق الأوسط لولا عنادها في ما يتعلق بالسلام مع الفلسطينيينquot;.

وقال آسلبورن إن الاتحاد الأوروبي quot;أهمل حاجات الشعب المصري وحقوقه ودعم نظام مبارك فقط لسد الطريق أمام الراديكاليينquot;. لكن الوزير لم يصل إلى حد وصف هذا الموقف بأنه quot;خطأquot;، قائلا بدلا عن ذلك: quot;كل ما نريده هو الإستقرار لأنه السبيل الوحيدة الى السلامquot;.

لكن المرء لا يستطيع الحديث عن الإستقرار في المنطقة العربية الآن مثلما أظهرت الأحداث في تونس ومصر واليمن والأردن وغيرها. لهذا فإن الإتحاد الأوروبي يجد نفسه أمام السؤال عما إن كان قد إمتنع حتى الآن عن فعل ما يكفي لصيانة حقوق الإنسان في مختلف بقاع العالم.

والواقع أن الإتحاد سعى لتنظيف داره بصيانة هذه الحقوق في القارة الأوروبية نفسها. لكن الصورة في الخارج تعاني من الوسخ. وخذ مصر نفسها كمثال. فعلى الرغم من أن الإنتخابات فيها ليست حرة أو عادلة، وعلى الرغم من أن نظام مبارك لم يتورع عن الإلقاء بمعارضيه في غياهب السجون وتعذيبهم، فقد تلقى 150 مليون يورو من بروكسل.

والأسبوع الماضي استقبل رئيس اللجنة الأوروبية خوزيه مانويل باروسو رئيس أوزبكستان إسلام كريموف، رغم دكتاتوريته، ما يبدو من أجل المصالح الأوروبية عندما يتعلق الأمر بالإحتياطي الأوزبكي من الغاز الطبيعي. وقال باروسو بعد الإجتماع إنه يفضل الحوار على المواجهة وإنه طلب الى كريموف - بشكل شخصي - صيانة حقوق الإنسان في بلاده.

ويقول مسؤولو السياسة الخارجية في اللجنة الأوروبية إن الحوار بشأن حقوق الإنسان ظل دائرا منذ عدد من السنوات مع مختلف الأنظمة. ويزعمون أن فتح قنوات للإتصال مع أوروبا هو الذي فتح شهية التونسيين للثورة والتغيير. وقال دبلوماسي رفيع المستوى في الإتحاد الأوروبي: quot;إذا كانت انتهاكات حقوق الإنسان هي المعيار الوحيد الذي نتعامل به، لقطعنا علاقاتنا مع نصف دول العالمquot;.

وقد يكون هذا صحيحا في الفترة السابقة للتحركات الأخيرة في العالم العربي. لكن الحقيقة تبقى أنه منذ بدئها والإتحاد الأوروبي يقف حائراً متردداً إزاء ما يمكن له عمله. وعلى سبيل المثال، فهو لم يتحرك لتجميد أرصدة زين العابدين بن علي وأفراد أسرته، خاصة عقيلته ليلي طرابلسي، إلا يوم الإثنين الماضي، بعد قرابة ثلاثة أسابيع على رحيله من تونس... كيف يُسمّى هذا حسما؟