تحدث مصريون لـquot;إيلافquot; عن الظروف التي عاشوها خلال الايام الماضية ولحظات الخوف والقلق التي مروا بها بسبب انعدام حالة الأمن في أعقاب انسحاب الشرطة من الشوارع وعودتها إلى مقراتها.



على نفس حدة أجواء القلق والحذر التي لا تزال تنتاب المصريين بعد مرور قرابة الأسبوع على تلك الأحداث العصيبة المتسارعة التي شهدتها البلاد على الأصعدة السياسية والاجتماعية وكذلك الاقتصادية، والتي كانت كافية من الناحية العملية إلى انهيار البلاد، أو بالأحرى دخولها نفقاً مظلماً، كانت مشاعر الخوف والذعر التي اجتاحت الأغلبية الكاسحة للشعب المصري في مختلف المدن والقرى بجميع أنحاء الجمهورية، بعد حالة الانفلات الأمني التي دخلتها البلاد بعد تظاهرات الجمعة الماضية.

لحظات عصيبة ترويها إليكم quot;إيلافquot; عاشتها مئات الآلاف من العائلات بصورة لم يسبق أن شهدتها مصر على صعيد أمنها القومي، في مواجهة أعداد غير معلومة من المجرمين والخارجين عن القانون بعد أن لاذ كثيرون منهم بالفرار من عدد من أقسام الشرطة والسجون داخل القاهرة وخارجها بالاتساق مع الفوضى التي سادت البلاد مؤخراً.

فمنذ دعوة ممن أُطلِق عليهم quot;شباب الخامس والعشرين من كانون الثاني/ ينايرquot; أو quot;معتصمي ميدان التحريرquot; إلى التظاهر يوم الجمعة الفائت، فيما عرف بـ quot;جمعة الغضبquot;، من أجل المناداة بأجندة إصلاحية لتعديل بعض مواد الدستور وتحقيق العدالة الاجتماعية، ومناحي الحياة بمختلف أنماطها في جميع أنحاء مصر قد انقلبت رأساً على عقب، بعد أن أصابت الفوضى مشاعر الطمأنينة لدى المواطنين في مقتل.

الأسر، بصغار أفرادها قبل كبارها، تواكبوا مع انتفاضة ميدان التحرير quot;الإصلاحيةquot;، لكن على المستوى الأمني، حيث انتفض الملايين للدفاع عن أراوحهم وأعراضهم وممتلكاتهم بأنفسهم، إثر الغياب المفاجئ والمثير للجدل لقوات الشرطة من الشارع، عقب تظاهرة جمعة الغضب، ما أدى لانتشار حالة من الفوضى، رافقتها أعمال إجرامية وسلب ونهب وحرق وتدمير لمنشآت عامة وخاصة.

وبما يتواكب مع هذا الانفلات، عاش جموع المصريين ليالي غاية في الصعوبة والقسوة، بعد أن وجدوا أنفسهم ذات فجأة مطالبين بحماية أراوحهم، وسط متابعتهم لما تبثه بعض المحطات العربية من أخبار، صحيحة ومغلوطة على حد سواء، تنذر أو تبشر بقرب انهيار دولتهم، وما عليهم سوى أن ينتظروا ما ستؤول إليه الأحداث.

أحمد، واحد من سكان منطقة عين شمس بالقاهرة، أكد في حديثه لـ quot;إيلافquot; أنه قرر يوم السبت الماضي تكوين لجنة شعبية في الحي التابع له كي يقوموا بحراسة عماراتهم السكنية من البلطجية والخارجين عن القانون. وقال إن أعدادهم وصلت إلى ما يقرب من مئة فرد اتفقوا على التناوب بين الصباح والمساء لحماية منطقتهم بأكملها.

وأضاف :quot;شعرنا بحالة غير مسبوقة من الخوف والقلق، ليس فقط على أوضاعنا ومستقبل عائلاتنا، بل على مستقبل مصر بأسرها، على المستويين السياسي والاقتصادي، بعد أن رأينا كثير من جوانب الحياة تصاب بالشلل والتوقف التام عن العملquot;.

مها، ربة منزل من منطقة شبرا، رأت أن ما حدث أظهر للعالم مدى عظمة الشعب المصري، الذي استطاع أن يتصدى بيقظته ووطنيته لمؤامرة كانت تهدف من ورائها قوى داخلية وخارجية إلى إسقاط مصر. وشددت على أنها قضت لحظات عصيبة ليلة الأحد الماضي، بعد أن ظلت تستمع لدوى طلقات نارية في الشارع الذي تقطن به، وقالت إنها شعرت في تلك اللحظات بأن قلبها كما لو كان قد توقف، بسبب خشيتها على حياتها وحياة أسرتها، بعد علمها بهروب بعض المساجين والبلطجية.

وائل، من مدينة بنها ( شمال القاهرة )، قال إن مدينتهم تحولت بفعل هذه الأحداث إلى ما هو أشبه بالثكنة العسكرية، لكن ليس من قوات الشرطة، بل من جانبهم كسكان ومواطنين، بعد أن وجدوا أنفسهم مضطرين للدفاع عن أنفسهم بـ quot;الشومquot; و quot;العصيquot; و quot;السكاكينquot;. وأشار في السياق ذاته كذلك إلى أنهم شعروا بكل أسف أنهم تحولوا إلى quot;أشباه مجرمينquot; بعد أن اضطروا لحمل أسلحة بيضاء في مواجهة البلطجية.

مصطفى، موظف من إحدى القرى التابعة لمدينة أجا في محافظة الدقهلية ( شمال القاهرة ) قال لـ quot;إيلافquot; إنه تعرض رفقة زوجته لموقف لم يكن ليُحمَد عقباه لولا أن الله سلِّم. حيث كان في طريقه عبر سيارته الخاصة إلى الطبيب من أجل الكشف على زوجته، وقد فوجئا بمجموعة من الأشخاص يقطعون عليهما طريقهما من أجل الاستفسار عن المكان الذي يتوجهان إليه، وبعد أن حُبِست أنفاسهما لبضعة ثوان، بعد أن شاهدا quot;شومquot; وquot;سكاكينquot; بحوزة الأشخاص الذين استوقفوهم، تبين لهما أنهم مجموعة من الأشخاص التابعين لإحدى اللجان الشعبية المنوطة بحراسة المدينة.

وفور المستجدات التي طرأت على المشهد السياسي للبلاد اليوم، بعد خروج العديد من التظاهرات المؤيدة للرئيس مبارك في القاهرة وعدد من المحافظات، ووقوع تصادمات مع المعتصمين المطالبين بتغيير النظام والمرابطين في ميدان التحرير منذ ما يزيد من أسبوع، بدأ يقترح مصريون عدة إجراءات من شأنها أن تحسم وتضع حد فاصلاً للمزايدات التي بدأ يؤجج من خلالها كثيرون الأزمة التي تشهدها البلاد حالياً.

فنجد أن البعض بدأ يقول لما لا تسارع الحكومة بإجراء استفتاء حاسم يتحدد من خلاله نطاق شعبية مبارك بين جموع الشعب المصري، منعاً لحدوث صراعات بين مختلف قوى الشعب والأحزاب والتيارات السياسية والشبابية. في حين بدأ يطالب البعض الآخر بالتحضير لإجراء انتخابات رئاسية تحت رقابة دولية، ضماناً للنزاهة والشفافية.