يجتاز قطاع وكالات الأسفار الفرنسي مرحلة عصيبة جراء الأحداث التي تعيشها مصر منذ اكثر من اسبوع، لأن هذا البلد يعتبر بدوره الوجهة المفضلة للسياح الفرنسيين، إذ يحتل المرتبة الثالثة في إختياراتهم بعد كل من تونس و المغرب.


يتابع المهنيون في قطاع الأسفار باهتمام بالغ تطورات الأحداث في مصر، بأمل أن يظهر في الأفق القريب حل للأزمة السياسية التي تضرب البلاد منذ أيام، والتي تسببت بحسب بعض الأرقام في خسارة مادية قدرت حتى الآن بمليوني يورو.

ولم تعد لغالبية السياح الفرنسيين الذين كانوا متواجدين على الأراضي المصرية بنقاط سياحية مختلفة أي رغبة في البقاء لمدة أطول هناك، نظرا للظروف الخاصة للبلاد، وإن كانت لم تسجل أي اعتداءات ضدهم.

وكانت السلطات الفرنسية دعت مواطنيها إلى الحد من سفرياتهم نحو مصر إلا في الحالات الطارئة، و عاد يوم الثلاثاء الماضي أكثر من 600 سائح إلى باريس، و من المنتظر أن يعود ألف سائح خلال هذا الأسبوع.

وقال مهنيون إنه لم يتبق أي سائح بالمدن الكبرى المصرية أو على ضفتي النيل، و ان العدد المتبقي يتواجد على شواطئ البحر الأحمر، و هؤلاء أغلبهم لا ينوون البقاء لمدة أطول هناك، خصوصا بعد التحذيرات التي وجهتها فرنسا والعديد من الدول الأوروبية لرعاياها.

وسبق أن توجهت، بحسب معلومات تداولتها وسائل الإعلام الفرنسية نقلا عن مهنيي القطاع، 30 طائرة فارغة نحو مصر لنقل زبنائها إلى فرنسا، علما أنه ألغيت كل السفريات حتى يوم الاثنين المقبل.

تخوفات المهنيين من تفاقم الأزمة

يعيش قطاع الأسفار الفرنسي وضعية غير مسبوقة دعته إلى تقديم بدائل للسياح الذين سبقوا أن حجزوا لرحلاتهم تجاه مصر، بتوجيههم إلى مناطق أخرى أو تأجيل سفرياتهم إلى تاريخ آخر حتى تتوضح الرؤية أكثر حول مستقبل الاستقرار في هذا البلد العربي.

ويتخوف مسؤولو قطاع الأسفار أن تطول هذه الأزمة السياسية اياما أخرى، خصوصا مع اقتراب موعد العطلة المدرسية لشهر شباط- فبراير التي تنتعش فيها حركة الرحلات السياحية في فرنسا.

مصر والسياح الفرنسيون

يشار الى ان مصر تستقبل 600 ألف من السياح الفرنسيين سنويا، بحسب معطيات حكومية، وهذا العدد هو ضمن الـ 15 مليون سائح، الذين زاروها السنة الماضية، وضخوا في اقتصاد البلد عشرة ملايين يورو.

يذكر أن مصر معروفة بتنوع تراثها و ثقافتها فضلا عن معالمها التاريخية المعروفة عالميا، كما أن الإنسان المصري معروف، بشهادة سائحين فرنسيين بحفاوة الاستقبال وكرم الضيافة.

لا خوف على السياحة المصرية

يفسر محمد حلوط، وهو مدير فندق في السلسلة الفرنسية المعروفة أكور، كيفية تعاطي قطاع الأسفار مع هذا الوضع بالقول،quot;إن شراء سفرية نحو أي بلد يكون وفق عقد يلتزم فيه الطرفان بمقتضياته، وفي حالة وقوع أحداث من هذا النوع أو كوارث تكون الوكالة ملزمة سواء بتعويض السائح أو تأجيل السفرية إلى تاريخ آخرquot;.

ويقوم المهنيون، بحسب حلوط، بالعودة إلى شركات التأمين لتعويضهم طبقا لنوعية العقد الذي يربطهم بها. و هي، يضيف هذا المسؤول في القطاع الفندقي، وضعية غير سهلة بالنسبة للمهنيين، لأنهم مطالبون quot;ليس فقط بتعويض السياح أو برمجة رحلات أخرى بدل ذلك، وإنما إعادة زبنائهم إلى فرنساquot;.

وقال حلوط quot;السياحة لا تحب المغامرة و تفضل الأماكن التي يتوفر فيها الاستقرار و الأمنquot;، والمناطق التي تشهد أحداث خاصة كما يحدث اليوم في مصر يتجنبها السياح في انتظار أن تعود المياه إلى مجاريهاquot;، مضيفا quot;أن الصناعة السياحية ستعاني في انتظار عودة السياح هناك في غمرة فرح المهنيينquot;.

ولا محالة أن هذه الأحداث، بحسب محمد حلوط، ستضر بقطاع السياحة في مصر، إلا أنه متفائل بخصوصه، على المدى البعيد، مذكرا بالاعتداء الإرهابي بالقصور سنة 2006 والذي سبب في تجنب السياح للوجهة المصرية، إلا أن أي تحول ديمقراطي، يؤكد هذا المهني، quot;سيزيد من استقطاب السياحة بل وتشجيع رؤوس الأموال الأجنبية على الاستثمار في مصرquot;.

ولا يرى حلوط أن مصر ستكون، بعد مرور هذه الأحداث، مجبرة على إعادة النظر في الدعاية لنفسها سياحيا.

وقال في هذا السياق quot;إن مصر لحسن حظها أحبها الإنسان و الألهة، وهي لا تحتاج لدعاية جديدة لتسويقها سياحياquot;، فهذا البلد يعتبر أول وجهة سياحية بالمنطقة، يملك ثروة أركولوجية، إنسانية، ومناخية، وهي عناصر ناذرا ما تجتمع في البلد الواحد...quot;

وكما يقال، مصائب قوم عند قوم فوائد، فالوضعية المصرية، ستستفيد منها بلدان سياحية أخرى منافسة، يحددها حلوط هي quot;المغرب، تونس ويمكن أن نضيف الأردنquot;.

لكن حلوط يوضح انquot;الموقع الجيوسياسي لهذه البلدان لا يشجع، في الوقت الحالي، وان السياح يفضلون وجهات أخرى أكثر أماناquot;.