نقل الوضع الجديد في مصر المرأة من quot;مواطنة من الدرجة الثانيةquot; إلى quot;مواطنة متساوية الواجبات والحقوقquot;. ولا يمكن تجاهل أن حضور المرأة المصرية في التظاهرات زاد من عدد المحتجين حيث إن العدد كان العامل الحيوي في قياس حجم المعارضة.


امرأة تحمل بوقاً وتقود حشداً متظاهراً أغلبه من الرجال في قلب القاهرة... المنظر غير مألوف في شوارع العالم العربي. وهو يقول الكثير عن أن خط الجبهة في الثورة على نظام الرئيس حسني مبارك يخلق وضعاً جديداً ينقل المرأة المصرية من quot;مواطنة من الدرجة الثانيةquot; إلى quot;مواطنة متساوية الواجبات والحقوقquot;.

ومنذ الوهلة الأولى التي انطلقت فيها الاحتجاجات من ميدان التحرير كان حضور المرأة شيئا لا تخطئه العين.. من الصغيرات والمراهقات إلى الجدّات المشيبات، يزدن الكثير الى عدد المتظاهرين عندما كان العدد هو العامل الحيوي في قياس حجم المعارضة ودرجة الغضب على النظام الحاكم.

وعلى حواشي الميدان، الذي صار اسما على مسمى، آلت النساء على أنفسهن أيضا مهمة حماية المتظاهرين بمراقبة ما يحدث حوله وتفتيش حقائب الداخلين اليه. وقد التقت مراسلة quot;لوس انجليس تايمزquot; عددا من المشاركات في ثورة الغضب هذه.

قالت ريما حاتم (23 عاما)، وهي معلّمة في الثانوية العامة في الجيزة: quot;زرع أهلنا في نفوسنا أننا ضعاف. لكن الواقع مختلف وما يحدث الآن يثبت أننا لسنا كذلك ودورنا لا يقتصر على الجلوس في المنازل والخوف من الأخذ بزمام المبادرة. الثورة تنقل معها رسالة مختلفة الى الرجالquot;.

وعلى عكس ما اشتهرت به شوارع مصر من أنها مسرح للتحرشات الجنسية - المسماة quot;معاكساتquot; - بحيث صارت المرأة تخشى خروجها اليها منفردة، أتت لها الثورة بالاحترام الذي حُرمت منه طويلا إذ تنبه المجتمع الى أنها شريك مهم في السعي الى التغيير والحرية. وقالت مراهقة محجّبة تدعى انجي محمود (16 عاما): quot;هذه هي المرة الأولى التي أشعر فيها بأن الرجال والنساء متساوون في مصر، وإني لسعيدة بأنني لا أحس بالدونيةquot;.

على أن وضع المرأة المصرية - في الظروف العادية - أفضل بكثير منه في بعض المجتمعات العربية والإسلامية الأخرى. فباستطاعتهن شغل المناصب العامة والاختلاط بالرجال وقيادة السيارة واختيار ما يروق لهن من ملبس. لكن هذا نفسه ليس أمرا مطلقا، إذ يعانين، في كثير من الحالات بالجهة المقابلة، العنف الأسري والتمييز الوظيفي ومحدودية الحقوق القانونية وصعوبة الوصول الى المناصب السامية.

لكن يبدو ان المكاسب التي حققتها المرأة عبر ميدان التحرير ستكون هي الأساس الذي تقوم عليه مكانة المرأة الجديدة في المجتمع المصري. وقد جاء الاختبار الكبير يوم الأربعاء عندما اصطدم مناصرو النظام بالأيدي والعصي والحجارة مع جموع المحتجين. فقررت النساء الثبات.. وأكثر من ذلك قضى عدد منهن الليل في الميدان ورجعت اليه من عادت الى منزلها يوم الخميس.

وتقول ريم نجيب (29 عاما) التي تحضّر للدكتوراه في جامعة quot;نورث ويسترنquot; الأميركية وعادت الى بلادها مع بدء الثورة وقضت كل ايامها في الميدان: quot;ثمة تقاليد ثقافية قديمة كنا نظن أنها لن تتغيّر بين عشيّة وضحاها. لكن الأحداث الحالية فرضت واقعا جديدا. كنت قد فقدت الثقة في ما مضى في وضع أفضل للنساء. لكن ما يحدث هو ايضا ثورة على المجتمع الذكوري بكل أشكاله.. ثورة المنتصر الأول فيها المرأة المصرية بغض النظر عما ستفرزهquot;.