سلطت مجلة نيوزويك الأميركيّة الضوء في عددها الأخير على متابعات جريدة إيلاف الالكترونية لثورتي تونس ومصر في سياق تقرير شامل عن تعامل الصحافة العربيّة مع حمى الديمقراطية التي تجتاح المنطقة، ووصفت المجلة إيلاف بأنها الصحيفة الإلكترونية الأكثر شعبية لدى العرب.


لمتابعة أخبار ثورة مصر: أنقر على الصورة
لمتابعة أخبار ثورة تونس: أنقر على الصورة

واشنطن: في تقرير لها عن تعامل الصحافة العربية مع أحداث تونس ومصر وأجواء السعي إلى الحرية والديمقراطية من الجزائر إلى اليمن، أبرزت مجلة laquo;نيوزويكraquo; متابعات laquo;إيلافraquo; التي وصفتها بأنها laquo;الصحيفة الإلكترونية الأكثر شعبية على الإطلاق في العالم العربيraquo;.

وقالت المجلة الأميركية إن laquo;إيلافraquo; شددت في تغطيتها على أن الأحداث المتلاحقة الأخيرة laquo;أثبتت قدرة الشعوب العربية على كسر حاجز الخوف برغم شراسة الأنظمة الحاكمةraquo;.

وأشارت، على سبيل المثال، إلى إبراز laquo;إيلافraquo; تصريحات برهان غليون، مدير مركز أبحاث الشرق الأوسط، التي عبّر فيها عن دهشته كون التونسيين أحدثوا التغيير المبتغى laquo;بسرعة البرق، وهذا يثبت أن التغيير ليس عسيرا على النحو الذي كنا نتصور من قبلraquo;.

وكانت laquo;نيوزويكraquo; تتناول تغطية laquo;إيلافraquo; في إطار محاولتها الرد على السؤال التالي: إذا كان بالوسع قياس الزلزال العربي الحالي بمقياس ريختر، فهل يكون ثلاث درجات أي ضعيفا عابرا، أم سبع درجات فيقوّض دكتاتوريات المنطقة القمعية؟

وقالت المجلة إن قراءة للتحليلات السياسية الصادرة عن كتاب الرأي العرب لا تأتي بالإجابة الحاسمة على هذا السؤال. ويبدو، تبعا لها، أن laquo;إيلافraquo; والصحافة العربية الحرة laquo;تحتفل بثورة الياسمين التي أسقطت الدكتاتور زين العابدين بن علي، وتهلل للمتظاهرين المطالبين بالحرية في مصر والجزائر واليمن والأردن وبقية بقاع العربيraquo;.

وفي غضون هذا، يحرص حكام المنطقة المعنيين أنفسهم كل الحرص على ألا يبدوا معارضين لإرادة الشعبين التونسي والمصري وفي الوقت نفسه محاولين وقف انتقال laquo;عدوى الديمقراطيةraquo; إلى بلادهم.

ثورة لم تكتمل فصولها

بالطبع فلا أحد يعلم ما ستؤول إليه الأمور في تونس التي تحكمها الآن حكومة انتقالية من بقايا رموز النظام السابق مع مجموعة من المعارضين والمستقلين الذين يحاولون إرضاء الجماهير غير المنظمة والغاضبة حتى الآن. فوعدت هذه الحكومة الانتقالية بالإصلاح السياسي الشامل والانتخابات الديمقراطية العادلة في غضون أشهر قليلة.

ولهذا يمكن القول إن ثورة تونس لم تكمل إلا نصف المشوار فقط. فقد أزاحت رئيسا وهزّت الساحة السياسية، لكنها لم تبلغ مرحلة زلزلة النظام القديم - الذي يتمتع بالسلطة حتى الآن - من أركانه.

ويضم هذا النظام مؤسسة عسكرية - أمنية بوسعها الأخذ بزمام الأمور في أي لحظة تشاء وتشكّل مستقبل البلاد كما حلا لها. وعلى هذا الضوء يصبح من السذاجة السياسية الافتراض أن تونس أنجزت النقلة من الدكتاتورية إلى الديمقراطية.. فهذه عملية قد تستغرق أشهرا عدة وقد تصبح محفوفة بالمخاطر بما فيها إراقة الدم.

سقوط الأصنام والأوهام القديمة

مع كل هذا فإن أحداث تونس ومصر وغيرهما أسقطت عددا من الأصنام والأوهام القديمة، وقدمت بعض الدروس سواء للحكومات أو المراقبين كما تقول الصحافة العربية الحرّة.
وربما كان أهم هذه هو مقولة إن الأنظمة العربية - والعديد منها ظل يسيطر على شعوبه لعقود طويلة - منيعة على التغيير ولا يمكن إسقاطها بأي وسيلة غير غزو من الخارج أو انقلاب عسكري في الداخل.

والشيء الآخر الذي أخضعه الإعلام العربي الحر للشك والتساؤل هو مقولة إن الإسلاميين هم البديل الوحيد لتلك الأنظمة التي ترتدي ثياب العلمانية وهي ليست كذلك.

ففي تونس، مثلا، غاب أي دور ملحوظ للإسلاميين، بينما اختار الإخوان في مصر البعد عن دائرة الضوء في ثورتها الحالية.. ربما لأسباب تكتيكية تتخلى بموجبها عن القيادة للجماهير من مختلف التوجهات السياسية، وربما لسبب آخر، لكن الحقيقة هي أنهم يبقون في خلفية الصورة حتى الآن.

ومن الأصنام التي سقطت laquo;خوف المواطن العربيraquo; بالرغم من شراسة أنظمته وأجهزة استخباراتها وسجونها... على نحو ما سلطت عليه الضوء صحيفة laquo;إيلافraquo;.

الصحافة العربية الرسمية

ربما كان طبيعيا أن الصحافة العربية الرسمية وشبه الرسمية، أقرّت بـlaquo;حق الشعوب في التظاهر السلمي من أحل نبل حرية التعبيرraquo;، مرددة صدى تصريحات العواصم الغربية. لكنها تحرص في الوقت نفسه على التحذير من laquo;الأعمال التي تهدد الأمن والاستقرارraquo;.

ومن جهتهم فقد سارع حكام المنطقة - كما هو متوقع - إلى خفض أسعار السلع الاستهلاكية ووعدوا بالإصلاح السياسي في محاولة لاستباق اندلاع الغضب وسط جماهيرهم - على غرار ما حدث في تونس ومصر - واحتوائه قبل فوات الأوان.

سابقة

للمرة الأولى في تاريخ المنطقة، لم تلق الحكومات العربية باللائمة في ما يحدث على laquo;القوى الأجنبيةraquo; وتحديدا الولايات المتحدة ودول غرب أوروبا وامتنعت حتى عن القول إنها حرّضت عليها وشجعتها.

وصحيح أن النظام التونسي كان مواليا للغرب وأن الغرب كان مواليا له. لكن هذا الأخير، الذي ظل يغض البصر عن تجاوزات بن علي، غض البصر أيضا عندما انطلقت شرارة الثورة عليه ولم يحرك ساكنا لإنقاذه.

وقد يجادل المرء بالقول إن الأحداث الأخيرة في العالم العربي ليست وليدة التدهور المعيشي نتيجة للأزمة المالية العالمية - خارجيا - والفساد وسوء الإدارة- داخليا - وحسب. فهي أيضا نتاج عقود من القهر السياسي والإذلال على أيدي أنظمة صارت تعلم أنها لن تستطيع السير على هذا الطريق بعد الآن.

ولحسن الطالع فإن laquo;وسائل الاتصال الاجتماعيraquo; على الإنترنت وغيره من المنافذ التكنولوجية المتعددة إضافة إلى الصحافة العربية الحرة تجرد هذه الأنظمة من احتكارها قنوات الإعلام.

ولأن laquo;المعرفة قوةraquo;، فإن السلطة تنتقل الآن من القلة الحاكمة إلى الأغلبية المحكومة التي تتحدى الأمر الواقع الآن بطول المنطقة عرضها. لكن هذا بحد ذاته لا يدعو لتناول الأنخاب.. فمازال العالم العربي في مقتبل فجر قد يطول، ويحصي الثواني، الواحدة بعد الأخرى، بانتظار الشروق.