معتقلون عراقيون في سجن الرصافة

أكد نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي وجود آلاف المعتقلين محتجزين منذ سنوات من دون محاكمات، مشددًا على ضرورة حسم قضاياهم بسرعة. بينما أمر رئيس الوزراء نوري المالكي بإغلاق سجن الرصافة في بغداد بعدما شهد أعمال شغب وهروب لمعتقلين مرات عدة، دعت نتيجته القائمة العراقية اليوم إلى تحقيق في أحداث العنف التي شهدها الأسبوع الماضي.


أجرى نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي خلال إجتماع اليوم مع رئيس مجلس القضاء الأعلى مدحت المحمود مناقشة لملف القضاء وعلاقته بحقوق الإنسان، حيث أشار إلى متابعته التقدم الحاصل في حسم ملفات الآلاف من المحتجزين، باعتباره مؤشراً طيباً على تقدم القضاء في العراق، إلا أنه أكد أن quot;آلاف القضايا معلقة وما زالت تنتظر الحسم، وهناك محتجزون مضى على احتجازهم سنوات، لم يقدموا الى المحاكمة حتى الآن، وملفاتهم تستدعي النظر والحسم على جناح السرعةquot;. وأعرب عن أسفه لأوضاع حقوق الإنسان في العراق، مشيراً إلى ان وضعها الحالي لا ينسجم مع المعايير الدولية.

وأوضح الهاشمي ان هناك تقدماً طفيفاً في ملف حسم قضايا السجناء والمعتقلين، وقال quot;ما زلنا قلقين، فالمفاجآت بإكتشاف سجون أو مراكز إحتجاز لا تخضع لوزارة العدل وستبقى قائمة، وأداؤنا في ملف حقوق الانسان مؤسف ولا ينسجم والمعايير الدولية، وهو ما يتطلب مساعدة المنظمات كافة الوطنية والدولية المعنية بحقوق الانسانquot;.

وأشار الى انه لا يزال يتسلم quot;سيلاً لا ينقطع من الرسائل المحزنة التي توحي بمظالم تتطلب التحقيق والمتابعة، وهو ما دفعني الى تنظيم قاعدة معلومات على موقعي على الشبكة العنكبوتية لإستلام ومتابعة هذه القضايا بشكل منهجي، وستكون المعلومات متاحة لكل الناشطين في ملف حقوق الإنسانquot;.

وأكد نائب الرئيس العراقي مسؤولية هيئة الإدعاء العام ودورها في متابعة مراكز وظروف الإحتجاز بالتعاون مع وزارة العدل والعمل على أساس ان quot;السجون وسيلة للإصلاح، وليس للإنتقامquot;، مشيراً إلى أن ما حصل في سجن الرصافة قبل أيام من مواجهات دامية يدعو الى قلق بالغ ينبغي تداركه ومنع حدوثه ومعاقبة المسؤولين عنه بمنتهى الحزم.

من جانبه، شرح رئيس مجلس القضاء الجهود التي يبذلها المجلس للإسراع في حسم قضايا الموقوفين والمحتجزين والحدّ من الآثار السلبية للمخبر السري ومنع أي مراكز احتجاز خارج نطاق سيطرة وزارة العدل.

وكان الهاشمي اعلن الاسبوع الماضي انه سيطلق قاعدة معلومات عن المعتقلين الذين لا يعرف مصيرهم والأبرياء المحتجزين، موضحًا ان هذه ستشكل انطلاقة جديدة لعمل مؤسساتي رصين يوفر الأرضية اللازمة لمعالجة أزمة المعتقلين الأبرياء، quot;حيث سيكون هذا الموقع بداية لجهد وطني مشترك بين رئاسة الجمهورية ومجلس القضاء الأعلى ورئاسة مجلس الوزراء ووزارتي العدل وحقوق الإنسان ولجنة حقوق الإنسان في مجلس النواب ونقابة المحامين واتحاد الحقوقيين العراقيين وغيرها من منظمات المجتمع المدني ذات العلاقة وممثلين عن التظاهرات السلمية التي خرجت يوم الجمعة الماضي، والذي أصطلح على تسميته (يوم المعتقل العراقي)quot;.

من جهته اعتبر مجلس القضاء الأعلى مطلع الاسبوع الحالي ان معالجة أحوال الموقوفين وحسم قضاياهم ورفع معوقات الحسم أثمرت خلال الشهرين الأول والثاني من هذه السنة عن إخلاء سبيل 12877 شخصاً، بينهم من أفرج عنه ومن أخلي سبيله بكفالة من أصل حوالي 30 الف معتقل.

واوضح مجلس القضاء أن quot;المفرج عنه هو متهم اطلق سراحه لعدم كفاية الأدلة والمخلي سبيله هو البريء، وليس عليه شكquot;. وكان رئيس مجلس القضاء الأعلى مدحت المحمود وجّه بأن يكون العمل حتى خارج أوقات الدوام الرسمي لحسم اكبر عدد ممكن من القضاياquot;، ولفت المجلس إلى أن quot;التوجيه ليس فقط لقضاة محاكم الجنايات والجنح والتحقيق، بل حتى لضباط الشرطة والطب العدلي والتحريات وكل الجهات المساندة لغرض إنجاز أكبر عدد من قضايا المحكومين والموقوفينquot;.

وكانت منظمة العفو الدولية أعلنت في تقرير صدر في كانون الثاني - يناير الماضي أن السلطات العراقية تدير سجوناً سرية يتعرض فيها السجناء إلى عمليات تعذيب روتينية لإنتزاع اعترافات يتم استخدامها لإدانتهم، وان قوات الأمن العراقية تستخدم التعذيب وغيره من ضرب وسوء معاملة لإنتزاع الاعترافات من المعتقلين الذين يحتجزون بمعزل عن العالم الخارجي، لا سيما في مرافق الاحتجاز.

وسبق لمنظمة العفو الدولية أن كشفت في تقرير سابق في أيلول - سبتمبر الماضي عن وجود حوالي عن 30 ألف معتقلاً في السجون العراقية لم تصدر في حقهم أحكام قضائية متوقعة تعرضهم للتعذيب وسوء المعاملة، إضافة إلى وفاة عدد من المعتقلين أثناء احتجازهم نتيجة التعذيب أو المعاملة السيئة من قبل المحققين أو حراس السجون، الذين يرفضون الكشف عن أسماء المعتقلين لديهم.

يذكر أن دائرة الإصلاح العراقية التابعة لوزارة العدل العراقية تملك 32 سجناً في مختلف محافظات البلاد وفي إقليم كردستان، من بينها ثلاثة سجون مخصصة للنساء في بغداد وذي قار والمثنى.

دعوات إلى التحقيق في أحداث سجن الرصافة

وفي وقت طالبت فيه القائمة العراقية بزعامة رئيس الوزراء السابق أياد علاوي اليوم بالتحقيق في أحداث العنف التي شهدها سجن الرصافة خلال الأسبوع الماضي، فقد أمر المالكي بإغلاق هذا السجن ونقل محتجزيه الى أماكن أخرى.

وقال أحمد الشيحاني المستشار في رئاسة الوزراء اليوم إن المالكي قد أمر بإغلاق سجن تسفيرات الرصافة. وجاء هذا الإعلان عقب مطالبة القائمة العراقية اليوم بإجراء تحقيق فوري بشأن أحداث سجن تسفيرات الرصافة ومحاسبة المسؤولين عنها.

وقال رئيس كتلة العراقية في مجلس النواب سلمان الجميلي خلال مؤتمر صحافي إن العراقية التي تتابع قضايا انتهاكات حقوق الإنسان بأقصى جدية تطالب بإجراء تحقيق فوري في أحداث تسفيرات الرصافة ومحاسبة المسؤولين عنها بأقصى العقوبات. وشدد على ضرورة تفعيل قانون العفو العام باعتباره جزءاً من اتفاقية تشكيل الحكومة.

وأشار الى ان أن العراقية ستتابع هذا الموضوع بشكل يومي، وستشكل فريق عمل لهذا الغرض حتى إيجاد حلّ عادل لقضايا المعتقلين. وقال إن أحداث سجن الرصافة تشير إلى وجود مشكلة حقيقية في إدارة ملف المعتقلين.

واضاف الجميلي ان هناك تجارة رائجة تقوم على معاناة المعتقلين، مرجحاً وجود تجار يعتاشون على وجود أعداد هائلة من المعتقلين من خلال ما يسمى بعقود التغذية أو من خلال ابتزاز ذوي المعتقلين.

وكان نزلاء سجن تسفيرات الرصافة قد أضرموا النار داخل السجن في الأسبوع الماضي احتجاجاً على سوء المعاملة، بينما دعتهم إدارة السجن إلى التزام الهدوء، كما هرعت سيارات الإطفاء إلى إخماد الحريق. كما نظّم النزلاء في وقت سابق إضراباً مفتوحاً عن الطعام بسبب تردي أوضاعهم الصحية وسوء الخدمات فيه.

وشهد سجن تسفيرات الرصافة الواقع في شرق العاصمة بغداد في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي هروب عشرين معتقلاً بعد الاشتباك مع حراس السجن، وتم القبض على 12 منهم في اليوم نفسه، في حين طوّقت قوة من وزارة الداخلية السجن، وتمكنت من اعتقال عدد آخر من الذين حاولوا الفرار. وقتل سجين في المعتقل في عام 2006، وأصيب 12 من الحراس والسجناء نتيجة أعمال شغب اندلعت فيه.