يرى متابعون أن الحكومة البحرينية اتبعت سياسة quot;فرق تسدquot; من أجل قمع الإحتجاجات المطالبة بالإصلاح والتغيير، هذا في وقت تواصل البحرينية زينب الخواجة اضرابها عن الطعام احتجاجاً على اعتقال والدها، الناشط حقوقي معروف.

زينب الخواجة

حذر مراقبون من أن انقساماً طائفياً متفاقمًا ينخر في نسيج البحرين الاجتماعي نتيجة الحملة التي شنتها السلطة ضد المحتجين المناوئين للحكومة. وأن استراتيجية السلطة على قاعدة quot;فرق تسدquot; سعت إلى تقسيم الجزيرة طائفيًا بحيث يصعب على المحتجين أن يبنوا حركة معارضة وطنية ذات مصداقية.

ونقلت مجلة تايم عن الباحثة المختصة بشؤون الشرق الأوسط وشمال افريقيا في المعهد الملكي للشؤون الدولية في لندن جين كيننمونت قولها إن أنجح الثورات التي شهدتها المنطقة كانت في مصر وتونس لأن المحتجين فيهما تمكنوا من توحيد المواطنين على اختلاف انتماءاتهم. واضافت أن زرع الانقسام في غمرة النزاع quot;أداة شديدة الفاعليةquot;.

وتتحدث تقارير عن مقتل 25 شيعيًا حتى الآن واصابة مئات واعتقال مئات أكثر من الناشطين والمدونين المعروفين والقادة السياسيين في مداهمات تنفذها الأجهزة الأمنية ليلا.

وأُضرمت النار في مقار احزاب معارضة فيما كانت قوى الأمن تطلق نيران اسلحتها على المتظاهرين الشيعة عشوائياً، بحسب هذه التقارير. وبعدما كان المتظاهرون من السنة والشيعية موحدين في شباط/فبراير تحت شعار quot;لا سنة ولا شيعةquot; ملوحين باعلام البحرين فان هذه الوحدة تبددت الآن.

وقال مدير الأبحاث في مركز بروكنز دوحة وزميل مركز سابان لسياسة الشرق الأوسط شادي حامد لمجلة تايم quot;إن نظام الحكم اتخذ بصورة متزايدة موقف quot;نحن في مواجهتـهمquot; معتبرا أن الشيعة عازمون على تخريب البلد.

وبتكرار السرد نفسه المرة تلو الأخرى يبدأ مزيد من السنة بتصديقه ويشعر مزيد من الشيعة بتصويرهم اعداءquot;. وأكبر عامل في الانقسام هو الدعاية التي يبثها الإعلام الرسمي وتحديدًا التلفزيون البحريني. كما يواصل النظام اعتقال الصحفيين المعارضين والمدونين المستقلين، وفرض قيوداً على دخول المراسلين الأجانب واغلق جريدة حزب جمعية الوفاق المعارض، بحسب مجلة تايم.

وتقول مصادر المعارضة إن اساليب التلفزيون الرسمي البحريني تشمل وضع أسلحة نارية وسكاكين تحت اقدام المحتجين ظلمًا. ونقلت مجلة تايم عن موظفين صحيين في مستشفى السلمانية سماح السلطات لطبيب بمغادرة المستشفى الذي كان تحت سيطرة الجيش وتصوير مغادرته بسلام ثم تعرضه الى الضرب واعادته الى غرفة الطوارئ.

وقال قيادي في المعارضة طلب عدم ذكر اسمه إن تلفزيون البحرين يلعب بالنار بتصدره التحريض على الفتنة الطائفية. وفي أول تظاهرة نزلت إلى شوارع المنامة بعد إعلان الأحكام العرفية أضاف المحتجون هتافًا جديدًا يطالبون فيه بسقوط تلفزيون البحرين.

وتحدث حسن علي وهو مهندس متقاعد في منطقة جزر امواج الفاخرة التي غالبية سكانها من السنة والمقيمين الأجانب وتعتبر عالماً آخر يختلف عن القرى الشيعية على الجانب الآخر من الماء، بحسب مجلة تايم.

وقال حسن إنه وغيره من السنة توقفوا عن تأييد الاحتجاجات عندما تجاوزت المطالب الأصلية بالاصلاح الديمقراطي وبدأت تدعو إلى اسقاط الملك. ونقلت مجلة تايم عن حسن quot;أننا كنا نؤيد الاحتجاجات عندما كانوا يطالبون بالسكن والتعليم. فالسنة ايضًا يريدون ذلك، ولكننا لا نريد إسقاط الحكمquot;.

من جهة أخرى، تواصل البحرينية زينب الخواجة اضرابها عن الطعام احتجاجاً على اعتقال والدها، الناشط حقوقي معروف. وكانت زينب حاضرة عندما قام جنود ملثمون باعتقال والدها وضربه حتى فقد الوعي ثم اقتياده الى السجن. وأكدت زينب لصحيفة الغارديان البريطانية أنها مستعدة للموت مضربة عن الطعام حتى الإفراج عنه.

ودخل اضراب زينب (27 عاما) عن الطعام يومه الخامس احتجاجَا على اعتقال والدها المعارض عبد الهادي الخواجة (50 عاما) ثم اختفائه مع زوجها وحميها.

وترفض زينب التي نشأت في الدنمارك تناول اي شيء سوى الماء. وقالت في لقاء مع صحيفة الغارديان إنها تشعر بالضعف وأن إرضاع طفلتها من الثدي استنزف قواها بسرعة أكبر مما كانت تتوقع. واضافت أنها ستترك طفلتها مع اقرباء إذا فارقت الحياة.

وكان نحو 12 جنديًا ملثما ومدججا بالسلاح من القوات البحرينية الخاصة على ما يبدو، اقتحموا شقة زينب في المنامة في الساعة الثانية بعد منتصف ليل السبت الماضي. ونُفذت عملية الدهم بعدما دعا والدها في وقت سابق إلى محاكمة العاهل البحريني الملك حمد بن عيسى آل خليفة بتهمة القتل والتعذيب والفساد.

وباءت محاولات العائلة لمعرفة مصير المعتقلين الثلاثة بالفشل، وهي تخشى أنهم يتعرضون للتعذيب. وقالت زينب التي بدأت اضرابها عن الطعام يوم الاثنين إنها مستعدة للمضي حتى نهاية الشوط وquot;إما يُفرج عنهم أو أنني لن افطر ولا يهمني ما سيحدث في النهايةquot;. واكدت استعدادها للموت قائلة quot;إن الأمر صعب بوجود طفل، ولكني مستعدة لهذه التضحيةquot; مشيرة الى أن اقاربها سيربون ابنتها إذا حدث لها مكروه.

وتابعت زينب في حديثها لصحيفة الغارديان quot;ان لدينا احساسًا بأن التضحيات لأزمة لإحداث تغييرات في بلدنا، ولكن ما يزيد الأمر صعوبة هو رد فعل العالم. فان الإدارة الاميركية ما زالت تقف مع الدكتاتورquot;.

وجاء تهديد زينب بالاضراب عن الطعام حتى الموت وسط إشارات إلى تشدد النظام البحريني في تعامله مع الناشطين المطالبين بالإصلاح الديمقراطي. وشُيع يوم الثلاثاء ثالث محتج يلقى مصرعه أثناء التوقيف في شهر نيسان/ ابريل. وطالبت منظمة مراقبة حقوق الانسان quot;هيومن رايتس ووتشquot; الإدعاء العام البحريني بفتح تحقيق في هذه الوفيات لافتة الى quot;آثار اعتداء فظيعquot; على جسم علي عيسى صقر الذي توفي بعد تسليم نفسه إلى الشرطة التي هددت باعتقال افراد عائلته إذا لم يسلم نفسه، بحسب الغارديان.

كما شجب الحملة الأخيرة للسلطات البحرينية ائتلاف يضم 19 منظمة لحقوق الإنسان في الشرق الأوسط محذرة من أن عبد الهادي الخواجة يواجه خطر تعرضه لمزيد من التعذيب وسوء المعاملة خلال توقيفه دون السماح لأحد بمقابلته.

وما زال موقف الحكومة البحرينية يتسم بالتحدي في مواجهة الإتهامات بانتهاك حقوق الانسان. وكتب وزير الخارجية البحريني الشيخ خالد الخليفة على تويتر إن الخواجة ليس اصلاحياً، بل دعا إلى اسقاط النظام الشرعي وقاوم الاعتقال بعنف فتعين على افراد الأمن تهدئته. ولكن زينب الخواجة وصفت على موقعها الالكتروني كيف امسكوا بخناق بوالدها وجروه الى اسفل الدرج quot;ثم ضربوه حتى فقد وعيه اماميquot;. وكتبت أن والدها لم يرفع يده لمقاومتهم والكلمات الوحيدة التي قالها هي إنه لا يستطيع أن يتنفس.

وتقدر منظمة العفو الدولية أن السلطات البحرينية تحتجز اكثر من 400 ناشط بالارتباط مع الاحتجاجات التي بدأت في 14 شباط/ فبراير. وقال مركز البحرين لحقوق الانسان إن العدد يزيد على 600 معتقل.