كشفت وثيقة سرية سرّبتها دوائر المعارضة السورية عن صياغة بشار الاسد وجهازه الامني لاستراتيجية قمعية، تحول دون مواجهة النظام في دمشق لمصير يضاهي مصير مبارك وزين العابدين بن علي، واعتمدت الوثيقة المنعوتة بـ quot;البروتوكلات الأمنيةquot; على تصفية المتظاهرين وقطع الكهرباء والانترنت عن مناطق quot;الشغبquot;. إيلاف واذ لم يتسن لها التاكد من صحة وثيقة quot;البروتوكلات الأمنيةquot; تنشرها نقلا عن صفحة على فايسبوك.


بات حلم الرئيس السوري بشار الاسد هو الخلاص من هواجس مصير الرئيس المصري السابق حسني مبارك والتونسي زين العابدين بن علي، وعلى خلفية التخلص من تلك الهواجس، وعقد الاسد اجتماعاً طارئاً لقياداته الامنية والسياسية في دمشق، وهدف الاجتماع بحسب ما نقلته صحيفة يديعوت احرونوت العبرية عن دوائر في المعارضة السورية، صياغة وثيقة يجرى العمل بها مع التظاهرات الشعبية المناوئة للنظام، والتي تجتاح معظم المدن السورية.

نهج أمني لحماية النظام

الوثيقة التي يدور الحديث عنها تتألف من عدة نقاط، وأضحى العمل بها نهجاً امنياً لحماية النظام السوري من السقوط، وجاء في طليعة هذه النقاط: quot;اولاً: الربط بين المتظاهرين السوريين وبين اسرائيل، والترويج لهذا المفهوم في وسائل الاعلام في سوريا، ثانيا: الا يتجاوز عدد قتلى التظاهرات المناوئة للنظام عن 20 شخصاً فقط، للحيلولة دون زيادة لهيب الشعب السوري الثائر ضد الاسد اكثر مما بات عليه الحال، ثالثاً: اطلاق النار الحية على عدد من الجنود السوريين ndash; إذا تطلب الأمر ndash; وإلصاق المسؤولية عن ذلك بالمتظاهرين، لخلق فجوة في العلاقة بين المؤسسة العسكرية والمدنيين في مختلف المدن السورية، رابعاً: تدشين صفحات مجهولة الهوية على موقع التعارف الاجتماعي الـ quot;فايسبوكquot;، للحصول على معلومات تفيد في وضع استراتيجية امنية، لملاحقة العناصر السورية المناوئة لنظام بشار الاسد داخلياً وخارجياًquot;.

وتشير معلومات الصحيفة العبرية الى ان الوثيقة التي يدور الحديث عنها يعود تاريخها الى الثالث والعشرين من آذار/ مارس، وهو التوقيت الذي يتزامن مع بداية انتشار التظاهرات المناوئة لنظام الاسد في مناطق واسعة من المدن السورية، واصبحت الوثيقة بعد إجراء مباحثات موسعة عليها quot;بروتوكولاًquot; معمولاً به لدى لجنة الأمن التابعة للأجهزة الامنية السورية.

وتهدف الوثيقة الى توجيه رسالة خاصة للشعب السوري، يدور مضمونها حول استقاء نظام بشار الاسد العبر والدروس من اخطاء النظامين المصري والسوري السابقين، ومن تجاربه الخاطئة التي خاض فيها حملة قمعية ضد جماعة الاخوان المسلمين في سوريا. ومن بين التوصيات التي تظهر في الوثيقة بحسب يديعوت احرونوت، وما أكدت نقله عن دوائر معارضة في دمشق: quot;ربط التظاهرات والمعارضة السورية بتيارات سياسية وايديولوجية خارجية، تهدف الى اسقاط النظام ومن ثم تردي الاوضاع السياسية والاقتصادية في البلاد، وادعت الوثيقة ان تلك التيارات تنتمي الى دول اقليمية وأخرى خارجية، تتصدرها لبنان والسعودية واسرائيل والولايات المتحدةquot;.

حرية اطلاق الذخيرة الحية

كما اوصت الوثيقة بزرع عملاء للنظام السوري في مواقع التعارف الاجتماعي الافتراضية على شبكة الانترنت، ويطلق هؤلاء العملاء - بموجب الوثيقة ndash; بروفايلات لأشخاص غير محددة الهوية، ويقدمون انفسهم على انهم من معارضي النظام السوري، ليتسنى جمع المعلومات الكافية عن العناصر الحقيقية المعارضة لبشار الاسد. وفي بند آخر من وصايا الوثيقة الامنية السورية، رأى فقهاء المؤسسة العسكرية في دمشق وبمصادقة الاسد، ضرورة تسلل عملاء النظام السريين بين المتظاهرين، في محاولة لخلق فجوة بينهم وشق صفوفهم.

بالاضافة الى ذلك الاستعانة بقناصة يتم زرعهم بين جماهير المتظاهرين، بعد حصولهم على حرية التصرف في اطلاق الذخيرة الحية على الجنود، وإلقاء مسؤولية ذلك على المتظاهرين، فضلا عن عزل المناطق التي تدور فيها رُحى التظاهرات المناوئة للنظام بقطع التيار الكهربائي وخدمات الانترنت عنها، وإلقاء القبض على العناصر القيادية في هذه التظاهرات، واذا تطلب الامر تنفيذ حكم الاعدام العسكري بحقهم.

على الرغم من ذلك حذر معدّو الوثيقة من ارتفاع معدل قتل المتظاهرين، وان تكتفي الاجهزة الامنية بقتل عشرين متظاهراً فقط في كل مرة، للحيلولة دون تلقي انتقادات دولية والوصول في نهاية المطاف الى تدخلات خارجية قد يكون لها الخطر الاكبر على نظام بشار الاسد. الى ذلك ادعت المعارضة السورية على لسان الصحيفة العبرية، ان تلك الوثيقة تعد دليلاً دامغاً على سياسة القمع واعمال العنف المبالغ فيها، التي يرتكبها النظام السوري بحق شعبه، ونقلت الصحيفة العبرية عن المعارض السوري والناشط الحقوقي المحاضر في جامعة جورج واشنطن الاميركية، quot;رضوان زيادةquot; قوله: quot;الامر مخيف جداً، هذه الاعمال لا ترتكبها سوى دولة يُديرها عناصر من المافياquot;، واعترف زيادة بأنه حصل على نسخة من الوثيقة التي يدور الحديث عنها من مصادر داخل سوريا.

وفي حديث خاص لصحيفة يديعوت احرونوت قال زيادة: quot;ان اجتماع الجهاز الامني في دمشق لصياغة هذه الوثيقة، وما اشتملت عليه من استراتيجيات امنية، يؤكد حضور محمد ناصف احدى الشخصيات المقربة جداً من الرئيس السوري، ومستشاره الخاص للشؤون الامنية، وكان في ما مضى مبعوثاً عن النظام السوري في ايران، اضافة الى حضور القيادي الامني علي ماموك، احد المستشارين البارزين للرئيس السوري.

وفي وقت أكدت المعارضة السورية صحة ما جاء في الوثيقة، تعكف كوادر امنية متخصصة في الولايات المتحدة على فحصها للتأكد من صحتها، على الرغم من ذلك اشار مسؤول امني في واشنطن خلال حديث مع شبكة NBC الاميركية الى ان هناك بوادر مؤكدة، تثبت ان الوثيقة حقيقية ولا يعتريها التزوير، واضاف: quot;لن نفاجأ إذا تبين ان النظام السوري يلجأ الى اسلوب غير لائق لقمع شعبهquot;. ولم تعقب السفارة السورية في واشنطن على تلك الانباء بحسب الصحيفة العبرية.